بصمات الإمبراطور الفيلسوف ماركوس اوريليوس على العديد من الآثار الرومانية في العالم العربي

TT

عثر في جنوب الاردن أخيراً على رأس تمثال رخامي عائد للأمبراطور الروماني الفيلسوف ماركوس اوريليوس. وأوضح كريستيان اوجي رئيس بعثة التنقيب الفرنسية التي عثرت على الرأس في «تيمينوس»، وهو الفناء المقدّس حول موقع قصر البنت أحد المعابد الرئيسية بمدينة البتراء الأثرية الشهيرة، عاصمة الأنباط، ان الرأس في «حالة ممتازة». اوجي شرح ان الرأس كان على الأرجح جزءا من نصب تذكاري من الرخام الأبيض، وقد سقط من التمثال ابان الزلزال الذي ضرب البتراء، الشهيرة بتحفها المعمارية المنحوتة في الصخر الاحمر، خلال القرن الميلادي الرابع. وأردف ان طول الرأس يبلغ نحو 50 سم وعرضه 35 سم، اي انه بمقاييس ضعفي رأس الانسان العادي. وتجدر الاشارة الى ان فريق عمل فرنسياً يضم 6 علماء آثار يعمل في موقع قصر البنت في البتراء منذ عام 1999، وفي العام الماضي استخرج الفريق قدماً من التمثال. وتموّل وزارة الخارجية الفرنسية والمجلس الوطني الفرنسي للبحث العلمي مهمة علماء الآثار الفرنسيين الجارية بالتعاون مع الحكومة الاردنية.

* ماركوس اوريليوس

* ولكن من هو ماركوس اوريليوس؟ وما هي أشهر الآثار التي تركها في العالم العربي؟

ولد ماركوس آنيوس فيروس، وهذا هو اسمه الأصلي، في روما يوم 20 ابريل (نيسان) عام 121 وهو ينتسب الى القربى (ابن اخت) الى الأمبراطور لاحقاً انطونيوس بيوس. وبعد تنسم انطونيوس بيوس منصب الامبراطورية، فإنه تبنى ماركوس الذي بات يعرف بماركوس ايليوس اوريليوس انطونيوس وزوّجه من ابنته عام 145. وعام 161 أصبح ماركوس امبراطوراً، وظل في الحكم حتى وفاته بداء الطاعون في فيينا (التي كانت تعرف يومذاك بـ«فيندوبونا») عام 180، بعد حملة عسكرية قادها في شمال وسط اوروبا. طوال هذه الفترة كان على ماركوس اوريليوس خوض حروب دفاعية عن ارجاء امبراطوريته الضخمة على الجبهتين الشمالية والشرقية، منها نجاح قواته في رد هجمات البارثيين الايرانيين على اراضي سورية عام 166. ولكن حتى في خضم همومه السلطوية والاستراتيجية كان مهتماً بالتشريع والقوانين واصول الادارة.

من ناحية ثانية، برغم حرصه على الصالح العام الذي تجسد في اقدامه على بيع ممتلكاته الخاصة لتخفيف محنة مواطنيه من المجاعة والأوبئة وحدبه على الفقراء وتشييده المستشفيات والمياتم، فإنه ناهض المسيحية واعتبرها مصدر تهديد للامبراطورية.

الا ان ماركوس اوريليوس خلّد اسمه بين الاباطرة العظام لسبب لا صالة مباشرة له بالسلطة. اذ انه اشتهر بطول باعه في مضمار الفلسفة اليونانية، ووضع مؤلفاً ضخماً باللغة اليونانية من 12 كتاباً بالمفاهيم الاخلاقية عرف بـ«التأملات»، يعد من ابرز آثار الفكر الفلسفي الرواقي، ويعرض ايمانه بأن الحياة الخلوقة السوية تفضي الى السكينة والطمأنينة، ويشدد على فضائل الحكمة والعدالة والاعتدال والصلابة في المواقف.

* بين آثاره في العالم العربي

* من اشهر ما بني في المشرق العربي في عهد ماركوس اوريليوس معبد هرقل، القائم في قلعة مشيدة على احدى التلال السبع التي تمتد فوقها مدينة عمّان عاصمة الاردن. وقد شيد المعبد هذا بين عامي 161و 169.

وفي العاصمة الليبية طرابلس، التي عرفت إبان الحقبة الرومانية باسم «ويات»، وتحديداً في حي باب البحر ينتصب قوس ماركوس اوريليوس الذي يعد واحداً من الآثار الرومانية العديدة التي تزخر بها ليبيا شرقاً وغرباً، ولا سيما في شحات ولبدة (لابتيس ماغنا) وصبراته. ويرى الباحثون في التاريخ الفينيقي لليبيا أن اتجاهات أبواب قوس ماركوس اوريليوس تمثل اتجاهات المدينة الفينيقية القديمة التي اقيمت عليها مدينة رومانية في طرابلس.