موقع تل بيدر اكتشفت فيه أقدم الوثائق الأثرية المكتوبة في سورية

TT

سبق لـ«الشرق الأوسط» ان اشارت في حينه الى احتفال المفوضية الاوروبية في دمشق والمديرية العامة للآثار والمتاحف السورية اخيرا في موقع تل بيدر الاثري في محافظة الحسكة بمنطقة الجزيرة (شمال شرق سورية) بإكمال احدى مراحل اعمال التأهيل والترميم التي تضطلع بها البعثة الاثرية السورية ـ الاوروبية المشتركة وذلك منذ عام 1992.

وبهذه المناسبة تحدث رئيسا الجانبين السوري والأوروبي في البعثة الاثرية، الدكتور انطوان سليمان والدكتور مارك لوبو رئيس دائرة آثار الحسكة عن أهم المكتشفات في الموقع المذكور وأعمال الترميم فيه، فذكرا انه ظهرت في تل بيدر منذ عام 1993 اقدم الوثائق المكتوبة والمكتشفة في سورية ويعود تاريخها الى حوالي عام 2425 ق.م ويقدر عدد اللوحات الاثرية المكتشفة في هذا الموقع بأكثر من مائتي لوحة مسمارية واختام منقوشة بالاضافة الى وثائق أخرى.

ومن أهم المكتشفات المعمارية التي عثرت عليها البعثة خلال مواسم التنقيب، أبنية رسمية مشيدة على مصاطب مستوية في قلب المدينة العليا، وقصر وبناءان اداريان وأربعة معابد وبناءان لهما مهمات اقتصادية ويتألفان من مستودع وورشة عمل. ويعود تاريخ هذه الابنية الى عصر الجزيرة القديم اي حوالي 2400 ـ 2450 ق. م. كما تفيد المكتشفات الاثرية ان المعابد الاربعة في المواقع مميزة جدا وتحقق رموزا جديدة، والعامل اللافت فيها وجود مساحة مركزية في المعابد الاربعة مغطاة ومزخرفة بكوات تؤكد قدسية هذه الابنية. وفي ما يتعلق بأعمال الترميم أوضح المتحدثون جوانب العمل في القطاعات التي انجز العمل فيها خلال فترة الترميمات، سواء الاعمال التي شملت المحيط الخارجي لمدينة التاج أم الجزء المركزي المحصن أم ما يتعلق بسور الطرقات المكتشفة. وأكد المتحدثون ان التنقيبات الاثرية المشتركة بدأت في هذا الموقع منذ عام 1992 لاستكشاف موقع تل بيدر القديم وهو ما يسمى بـ«مدينة التاج» التي اسست في بداية الالف الثالث قبل الميلاد وهجرت حوالي عام 2150 ق.م ثم سكنت مرة ثانية في الفترة الهلنستية (اليونانية) بين 175 و 50 ق.م وقالوا ان نشوء المدينة يعود الى الالف الثالث قبل الميلاد، أما المدينة العليا فيعود تاريخها الى الفترة الهلنستية.

وشاركت في أعمال التنقيب عدة جامعات أوروبية بارزة هي جامعات بروكسل ولوفان (بلجيكا) ومونستر وميونيخ (المانيا) ومدريد ومرسية (اسبانيا) وليل (فرنسا) وذلك بالتعاون مع المركز الاوروبي لدراسات بلاد ما بين النهرين العليا في العاصمة البلجيكية بروكسل.

وكان قد تحدث بهذه المناسبة مدير عام الآثار السورية الدكتور تمام فاكوش مبينا ان هناك 16 مشروعا يمولها راهنا الاتحاد الاوروبي لترميم واعادة تأهيل المواقع الاثرية، ويعتبر تل بيدر واحدا من أهمها كونه يمثل المدينة المملكة. وقد بذلت كوادر البعثة المشتركة السورية ـ الاوروبية جهودا كبيرة لإعادة بناء القصر والمعابد لتعطي فكرة واضحة عن هذا الموقع الاثري المهم كما كان، وذلك باستخدام نفس المواد المستخدمة في البناء الاصلي، وهي الطين واللبن وتقنية عالية يستفيد منها السياح والباحثون.