تحويل أكبر لوحة فسيفساء سورية إلى متحف.. في مكان اكتشافها

TT

قررت الادارة العامة للآثار والمتاحف في سورية تحويل فسيفساء حي المدينة في حماه (200 كلم شمال العاصمة السورية) الى متحف خاص بها، حيث اكتشفت قبل 20 سنة، وبعد مراحل ترميم استغرقت عدة سنين.

راضي عقدة مدير آثار حماه، أوضح ان مشروع المتحف الجديد انطلق هذا الشهر بكلفة تصل الى نحو 13 مليون ليرة سورية (نحو 270 الف دولار أميركي). وأشار الى ان هذا المتحف هو الأول من نوعه في سورية من حيث انه يؤسس في أرض اكتشاف اللقى الأثرية. وشرح انه سيصار الى تغطية اللوحة الفسيفسائية الضخمة وهي الأكبر في سورية، اذ تبلغ مساحتها حوالي 2500 متر مربع. وسيفتح المتحف للزوار بعد اكتمال الاعمال فيه خلال الأشهر القليلة المقبلة.

أما الباحث الأثري عبد الرزاق زقزوق فأوضح ان فسيفساء حي المدينة التي تعود الى عام 415 م اكتشفت عام 1983، وأجرت مديرية الآثار في حماه حفريات في موقعها لعدة سنوات دلت على ان الموقع يضم في ثناياه بقايا كنيسة ضخمة من طراز البازيليك ترقى الى النصف الأول من القرن الميلادي الخامس، بجانب مبان وممرات ملحقة بها تقع في جهتها الجنوبية. كذلك دلت الحفريات واعمال التنقيب أيضاً على وجود طبقتين رئيسيتين في هذه الكنيسة:

ـ الطبقة الأولى تعود الى العصر البيزنطي، وهي على عمق اربعة أمتار من سطح الأرض الحالية، تضم الكنيسة وملحقاتها، أرضها مرصوفة بفسيفساء ملونة ذات أشكال هندسية منوعة، وعثر في هذه الفسيفساء على ثلاثة أسطر باللغة اليونانية تؤرخها في عام 727 سلوقية (التي تعادل 415 م) ـ الطبقة الثانية ترقى الى العصر العربي الاسلامي، كل أرضياتها مرصوفة بالبلاط الحجري الكلسي والبازلتي، وعثر فيها على آنية خزفية رائعة الجمال. ولعل هذه الطبقة كانت بدورها لكنيسة ثانية بنيت فوق الكنيسة الأولى التي دمرها الزلزال القوي الذي ضرب حماه عام 1157 م. وتتميز لوحة الفسيفساء الضخمة بزخارفها الهندسية والنباتية والحيوانية البديعة.

* تحف أخرى

* على صعيد ثان، في أماكن أخرى من سورية، ذكرت مديرية الآثار السورية انه عثر على لوحة فسيفساء نادرة في مدينة تدمر الأثرية، تبلغ مساحتها حوالي 70 مترا مربعاً، مثبتة في أرض قاعة أحد القصور التدمرية على عمق مترين تقريباً من سطح الأرض. وأفيد ان اللوحة تضم مجموعة من الرسوم النباتية والحيوانية الأسطورية مرصوفة بأحجار المكعبات الطبيعية، وفي وسطها مشهد معركة بين انسان وحيوان خرافي مجنح، تحيط به رسوم هندسية ومربعات ومستطيلات وخطوط متناظرة بالألوان الطبيعية تمثل فاكهة كالتين والرمان والعنب وحيوانات كالغزال والحصان والماعز، وكذلك وجوهاً انسانية جميلة ترمز الى الروح والنفس الانسانية. وثمة أطار للوحة فيه مزيد من الرسوم والخطوط الرائعة. هذا، ويقدر ان هذه اللوحة تعود الى منتصف القرن الثالث الميلادي، ولقد أنجزت البعثة البولندية ـ السورية المشتركة التي اكتشفتها أعمال ترميم لها، تمهيداً لتحويلها الى متحف صغير.

من جهة أخرى، جار العمل ايضاً بتنفيذ مشروع لترميم وتوثيق فسيفساء افاميا (60 كلم شمال غرب حماه) التي تحتوي على بعض أجمل لوحات الفسيفساء في العالم وتأمينها في متحف خاص بها. وكذلك ترميم وتوثيق لوحات فسيفساء مدينة شهبا بمحافظة السويداء (100 كلم جنوب دمشق). وتشرف على هذا المشروع بعثة عربية ايطالية مشتركة، وجرى تقسيم العمل الى ثلاث مراحل، هي:

1 ـ العمل على الارضيات الفسيفسائية في متحف شهبا، وهي ست لوحات جرى توثيق ارضياتها بالصور الرقمية (الديجيتال) والحصول على صورة واحدة لارضية كاملة بنفس الابعاد. وسيصار الى اجراء رسوم يدوية (اسكتشات) للارضيات.

2 ـ العمل على أرضية من أفاميا كانت مخزونة في مستودع متحف دمشق على شكل لفائف وجرى نقلها الى شهبا لترميمها. وانجز بالفعل توثيقها وتنظيفها من بقايا الملاط القديم والاتربة وبوشر بتقسيمها تمهيداً للبدء بأعمال الترميم.

3 ـ توثيق كل أرضيات فسيفساء شهبا الموجودة حالياً في متحفي شهبا والسويداء.