جدل وخلافات بشأن ترميم المساجد التاريخية في اليمن

TT

تثير اعمال الترميم والصيانة الجارية حالياً في مسجد الأبهر بصنعاء القديمة، الذي يعود تاريخه للعام 776 هـ جدلاً واسعاً فى اوساط المختصين والمهتمين بالتراث والاثار في اليمن.

فاعمال الترميم التي يشهدها هذا المسجد التاريخي اتت على الكثير من معالمه ومميزاته الأثرية بشهادة عدد من الأثريين المتخصصين، وبخاصة زخارف القبة الضريحية التابعة للمسجد، التي كان قد أمر بانشائها الامام المنصور بالله الحسين بن المتوكل عام 1145 هـ، واستمر العمل في بنائها وتزيينها سنة كاملة.

والواقع ان قضية ترميم مسجد الأبهر في العاصمة اليمنية صنعاء تعيد الى السطح الخلافات الدائرة منذ عدة سنوات بين وزارة الأوقاف والارشاد اليمنية من جهة والهيئة العامة للاثار والمتاحف والمخطوطات من جهة ثانية. اذ ترى وزارة الاوقاف انها الجهة المعنية بترميم وصيانة المساجد وتهيئتها كدور للعبادة بصرف النظر عن مميزاتها التاريخية والأثرية، في حين ترى الهيئة العامة للاثار انها هي الجهة المختصة بأعمال ترميم وصيانة المباني الاثرية والتاريخية بما فيها المساجد، ووفقاً للاساليب العلمية الحديثة المتبعة في هذا المجال التي تحافظ على الخصائص الاثرية والتاريخية للمساجد باعتبارها جزءاً من تاريخ اليمن وتراثه. ومن هذه المساجد بالذات ما يعرف بالمساجد الالفية، أي تلك التي يزيد عمرها عن الف سنة. وفي ظل تنازع الاختصاصات هذا تتعرض الكثير من المساجد لعمليات طمس وتخريب لمعالمها ومميزاتها.

* مسجد الأبهر

* ويوضح الدكتور علي سعيد سيف، استاذ الآثار الاسلامية المساعد بجامعة صنعاء الأبعاد التاريخية والاثرية للقبة الضريحية بمسجد الأبهر، الجارية عملية ترميمها حالياً، فيشير الى «الزخارف النباتية والهندسية والكتابات من آيات قرانية واحاديث وادعية دوّنت بمختلف انواع الخطوط العربية وزخرفت باساليب تنم عن حس فني وذوق رفيع جار طمسها حالياً بحجة الترميم». ومما يقوله سيف «ان المسجد الواقع فى الجهة الجنوبية من مدينة صنعاء القديمة عرف قديماً بمسجد الأمير وامرت بعمارته السيدة فاطمة بنت الامير الأسد ابراهيم بن حسين بن ابي الهيجاء السروري عام 776 هـ، وهي زوج الامام الناصر صلاح الدين محمد بن المهدي المتوفى عام 793 هـ، ولقد زار الامام المنصور بالله الحسين بن الامام المتوكل بن المهدي المسجد عام 1161هـ وامر بتوسيع عمارته ومساحة صحنه، وشمل ذلك بناء القبة الضريحية التي تثير عملية ترميمها الجدل والخلافات حالياً.

ويؤكد الدكتور سيف ان اعمال الترميم الحالية في المسجد «اتت على معظم الكتابات والزخارف والابعاد الهندسية والمعمارية للقبة بدعوى ان الكتابات والزخارف تضرّرت وتآكلت بفعل عوامل الزمن». ويقول ان «هذه الحجة مردودة لانه كان بالامكان ترميم وصيانة هذه النقوش والزخارف فى اماكنها من دون ازالتها كلياً، خاصة ان لليمن تجارب بالتعاون مع بعثات أثرية اجنبية في هذا المجال تيسر في اطارها ترميم عدد من المساجد والمدارس الاسلامية التاريخية وفقاً لاساليب علمية حفظت لها خصائصها التاريخية وابعادها الأثرية».

هذا، ويطالب عدد من المتخصصين الأثريين اليمنيين وزارة الثقافة والسياحة والهيئة العامة للاثار والهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية، كجهات متخصصة، بسرعة التدخل لحماية مسجد الأبهر ووقف ما يتعرض له من طمس وتخريب وانقاذ ما يمكن انقاذه، لا سيما انه هذه ليست المرة الاولى التي يرمم فيها مسجد تاريخي دون مراعاة مميزاته الأثرية والفنية. ذلك انه يوجد فى اليمن اكثر من الف مسجد تاريخي يزيد عمر كل منها عن الف سنة، وتعتبر جزءا من المعالم الأثرية والتاريخية للبلاد.