وائل غنيم.. الشاب الذي حرك مصر عبر «فيس بوك»

دعا المصريين للتظاهر واكتسب تأييدهم بالبكاء على الشهداء

وائل غنيم
TT

* من خلف شاشة حاسوبه، دأب الشاب الثلاثيني على شحذ همم شباب المصريين عبر صفحة «كلنا خالد سعيد» التي يديرها على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، وعندما نجحت الثورة التونسية في الإطاحة بالديكتاتور بن علي، تسلح الشاب بحماس أكبر، ناقرا كلمات أكثر وقعا وتأثيرا عبر «الكيبورد» الخاص به داعيا إلى مظاهرات يوم 25 يناير (كانون الثاني) للمناداة بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، لكن الأمن المصري قمع المظاهرات بعنف، ليدعو الشاب المصريين إلى مواصلة احتجاجهم فيما سماه «جمعة الغضب» (28 يناير) التي انتهت بإسقاط مبارك... إنه وائل غنيم، «مناضل الكيبورد» ملهم ثورة الشباب في مصر.

وعبر مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر»، ظهرت شخصية وائل غنيم دون اسم محدد ليشارك في التخطيط للمظاهرات، ونقل آخر الأخبار والتطورات، ومن شدة تفاعله الإلكتروني مع الشباب أطلق غنيم على نفسه لقب «مناضل الكيبورد» محاولا إبعاد الأضواء عنه، حيث إنه لم يشارك في المظاهرات بكثرة كباقي المتظاهرين والذين ضحوا بأرواحهم في سبيل وطنهم.

وقبل يوم واحد من نزول المصريين بكثافة للشوارع يوم 28 يناير (جمعة الغضب) بناء على دعوته، تم اعتقال غنيم ليلا حيث تم اقتياده إلى أحد مقرات جهاز أمن الدولة (المنحل) حيث بقي معتقلا معصوب العينين لمدة 12 يوما، وحتى الإفراج عنه عصر الاثنين 7 فبراير (شباط).

لكن اللحظة الأكثر دراماتيكية في مسيرة غنيم، جاءت عشية استضافة الإعلامية منى الشاذلي له على فضائية «دريم» مساء يوم الإفراج عنه، فغنيم الذي لم يكن يعرفه أحد على الإطلاق، استحوذ على تعاطف ملايين المصريين حين انفجر باكيا لحظة حديثه عن شهداء الثورة، وما لبث أن غادر الاستوديو غير قادر على استكمال الحلقة، مكتسبا تأييد ملايين المشاهدين، ما حدا بالبعض لإنشاء صفحة إلكترونية باسم «أفوض وائل غنيم للتحدث باسم ثوار مصر».

ولد وائل غنيم عام 1980 في القاهرة، وحصل على شهادة البكالوريوس في هندسة الحاسبات من كلية الهندسة بجامعة القاهرة عام 2004، ثم حصل على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال بامتياز من الجامعة الأميركية بالقاهرة عام 2007. وعمل غنيم في الفترة بين عامي 2002 و2005 في شركة «جواب» لخدمات البريد الإلكتروني، ثم قام في الفترة من 2005 إلى 2008 بتكوين وإدارة الفريق الذي قام بإنشاء بوابة «معلومات مباشر»، وهي أكبر بوابة معلوماتية باللغة العربية متخصصة في مجال أسواق المال إلى أن انتقل إلى دبي في يناير 2010، ليشغل منصب مدير تسويق «غوغل» في الشرق الأوسط، ومشرف على تعريب وتطوير منتجات الشركة، ودعم المحتوى العربي لمنتجات الشركة على الإنترنت.

ويعتبر الكثيرون وائل غنيم رمزا لثورة «25 يناير» في مصر، ما ساعده على حصد الكثير من الجوائز، والتكريم عبر العالم، أبرزها حصوله على المركز الأول في قائمة مجلة «التايم» للـ100 شخصية الأكثر تأثيرا في العالم، ثم حصوله على جائزة «جون كيندي» للشجاعة التي تمنحها مؤسسة «جون كيندي»، كما حاز «الجائزة السنوية لحرية الصحافة» لعام 2011 والمقدمة من القسم السويدي في منظمة «مراسلون بلاد حدود». وفيما ينتقد البعض غنيم بسبب اختفائه عن المشهد السياسي في مصر، ألا أن غنيم نجح في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي في جمع ستة من مرشحي الرئاسة المحتملين في مصر حول مائدة واحدة للتباحث حول مستقبل البلاد، كما قام بالتعاون مع بعض الشخصيات المهتمة بالعمل الخيري في مصر، بالعمل على إنشاء جمعية أهلية تهتم بمحاربة الفقر ونشر العلم في مصر باستخدام التكنولوجيا.

وفي لقطة معبرة، أعلن غنيم عن تبرعه بعائد تعاقده مع إحدى ديار النشر الأميركية من أجل إصدار كتابه عن الثورة المصرية والبالغ 14 مليون جنيه مصري (نحو 32 مليون دولار أميركي) لصالح الأعمال الخيرية في مصر وأسر الشهداء والمصابين في ثورة 25 يناير.

* وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»