توكل كرمان.. الصحافية اليمنية التي اقتنصت جائزة نوبل للسلام

أول من دعت لإسقاط نظام صالح في صنعاء

توكل كرمان
TT

مع اقتراب نهاية شهر يناير (كانون الثاني) لعام 2011، اعتقلت توكل كرمان الناشطة اليمنية من قبل القوات الأمنية، بتهمة إقامة تجمعات ومسيرات غير مرخصة لها قانونا والتحريض على ارتكاب أعمال فوضى وشغب وتقويض السلم الاجتماعي العام، لكن اعتقالها أثار موجة احتجاجات واسعة في العاصمة اليمنية صنعاء، ما جعل السلطات اليمنية ترضخ وتفرج عنها.

وتعد توكل كرمان من أبرز وجوه الربيع العربي لسنة 2011 فهي قيادية بارزة في الثورة الشبابية الشعبية، وترأس منظمة «صحافيات بلا قيود»، شاركت في الكثير من البرامج والمؤتمرات المهمة خارج اليمن حول حوار الأديان، والإصلاحات السياسية في العالم العربي، وحرية التعبير، ومكافحة الفساد. وهي عضو فاعلة في كثير من النقابات والمنظمات الحقوقية والصحافية داخل اليمن وخارجه.

وكرمان هي كاتبة صحافية وقبل كل هذا هي أديبة وشاعرة، وهي أبرز المدافعات عن حرية الصحافة وحقوق المرأة وحقوق الإنسان في اليمن. وهي عضو مجلس شورى «اللجنة المركزية» لحزب التجمع اليمني للإصلاح، اللقاء المشترك، الذي يمثل تيار «المعارضة» ويمثل الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين باليمن.

تتحدر كرمان من أسرة ريفية في محافظة تعز، جاءت أسرتها مبكرا إلى العاصمة صنعاء مهاجرة من محافظة تعز، تبعا لعمل والدها القانوني والسياسي المعروف عبد السلام كرمان. تخرجت في جامعة العلوم والتكنولوجيا في صنعاء، بكالوريوس تجارة عام 1999، وبعدها حصلت على الماجستير في العلوم السياسية ونالت دبلوم عام تربية من جامعة صنعاء، ودبلوم صحافة استقصائية من الولايات المتحدة الأميركية.

وقامت كرمان بإخراج الكثير من الأفلام الوثائقية حول حقوق الإنسان والحكم الرشيد في اليمن منها فيلم «دعوة للحياة» حول ظاهرة الانتحار في اليمن، وفيلم «المشاركة السياسية» للمرأة في اليمن، وفيلم «تهريب الأطفال» في اليمن.

كتبت مئات المقالات الصحافية في كثير من الصحف اليمنية والعربية والدولية، كان أهمها ما كتبته في عامي 2006 و2007، من دعوة مبكرة لإسقاط نظام صالح، ودعوتها لصالح صراحة للخروج من السلطة.

قادت كرمان الكثير من الاعتصامات والمظاهرات السلمية التي تنظمها أسبوعيا في ساحة أطلقت عليها مع مجموعة من نشطاء حقوق الإنسان في اليمن اسم «ساحة التغيير»، وأضحت الساحة مكانا يجتمع فيه كثير من الصحافيين ونشطاء المجتمع المدني والسياسيين وكثير ممن لديهم مطالب وقضايا حقوقية بشكل أسبوعي. فشاركت في قيادة أكثر من 80 اعتصاما في 2009 و2010 للمطالبة بإيقاف المحكمة الاستثنائية المتخصصة بالصحافيين، وضد إيقاف الصحف، وضد إيقاف صحيفة «الأيام»، و5 اعتصامات في 2008 ضد إيقاف صحيفة «الوسط»، و26 اعتصاما في عام 2007 للمطالبة بإطلاق تراخيص الصحف وإعادة خدمات الجوال الإخبارية.

ومع بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) فازت توكل بجائزة نوبل للسلام لعام 2011 مشاركة مع رئيسة ليبريا إلين جونسون سيرليف والناشطة الليبيرية ليما غبوي وذلك تقديرا لنضالهن السلمي من أجل سلامة وحقوق النساء ولمشاركتهن في جهود بناء وتحقيق السلام. وتعقيبا على خبر حصولها على الجائزة قالت «استقبلت خبر نوبل وأنا في خيمتي في ساحة التغيير في صنعاء كواحدة من ملايين شباب الثورة، لا نأمن على أنفسنا من بطش صالح ونظامه، قد تأملت وقتها في المفارقة بين معاني السلام المحتفى به من قبل نوبل ومأساة العدوان الذي يشنه صالح ضد قوى التغيير السلمي بلا هوادة، ولم يخفف من وقع المفارقة الفادحة إلا فرحنا بأننا في الجانب الصحيح من التاريخ».

وأهدت كرمان الجائزة إلى الشعب اليمني والثورة اليمنية وثورات الربيع العربي، مؤكدة من خلال الكلمة التي ألقتها في أوسلو بعد تسلمها الجائزة والتي ألقتها باللغة العربية في اعتزاز منها بهويتها العربية «أن نوبل للسلام تعد اعترافا بالثورة اليمنية وتقديرا لتضحيات شعبه المسالم».

وأكدت كرمان أهمية السلام داخل الدول، الذي لا يقل أهمية عن السلام بين الدول، وأن الحرب ليست فقط بين الدول، فهناك حرب القادة الذين خانوا الأمانة ووجهوا سلاحهم إلى صدور شعوبهم، إنها الحرب التي تواجهها الشعوب العربية اليوم، لأن السلام لا يعني فقط توقف الحرب بل توقف القمع، قمع القادة والحكومات لشعوبها لشباب تحصده آلة الموت والقتل التي أشهرها في وجه الطغاة.

* وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»