فتحي تربل.. المحامي الذي أسقط ملك ملوك أفريقيا

تسبب اعتقاله في انتفاضة شعبية أطاحت بنظام القذافي

فتحي تربل
TT

ربما لا يعرف الكثيرون أن ثورة 17 فبراير (شباط) في ليبيا، لها بوعزيزي كنظيرتها في تونس، ربما لم يحرق نفسه، لكن اعتقاله سار كالنار في الهشيم ليثير الليبيين لإحراق نظام القذافي، إنه فتحي تربل، المحامي والناشط الحقوقي ووزير الشباب الحالي في الحكومة الليبية، الذي يعد بحق شرارة ثورة 17 فبراير.

فبعد أيام قليلة من نجاح ثورة المصريين، ومن قبلها الثورة التونسية التي كان وقودها الأساسي إحراق الشاب التونسي محمد البوعزيزي لنفسه، ظهر فتحي تربل، ليوقد شرارة الثورة في نفوس الليبيين، وبخاصة بعد اعتقاله في 15 فبراير الماضي على يد أجهزة الأمن الليبية التي اقتحمت منزله واعتقلت شقيقه وحطمت منزله في غيابه، وبعيد اعتقاله خرج سكان بنغازي في مظاهرات، نادرة الحدوث أساسا، تندد باعتقاله وتطالب بالإفراج عنه، لتطلق السلطات الليبية سراحه بعدها بيوم واحد فقط لكن إفراجها عنه لم يسكت الجموع التي ظلت غاضبة لأربعين عاما في ظل الحكم الديكتاتوري للقذافي، لتتصاعد وتيرة الاحتجاجات وتتحول لثورة تنتقل شراراتها، «بيت بيت، دار دار، زنقة زنقة» عبر ليبيا، لتسقط نظام القذافي في أغسطس (آب) وتقتله في أكتوبر (تشرين الأول).

وذاع صيت تربل في الأوساط الليبية بعد توليه الدفاع عن قضية مجزرة سجن بوسليم التي ارتكبتها أجهزة الأمن الليبية بحق سجناء سجن بوسليم عام 1996 وراح ضحيتها 1200 سجين وكان من بينهم أحد أشقاء تربل وابن عمه وزوج شقيقته، كما عرف عنه تاريخه السياسي المعارض لنظام العقيد، حيث تعرض للاعتقال عام 1989 بصحبة شقيقيه وصهره وابن عمه، وتم اعتقاله 7 مرات منذ كان طالبا جامعيا، نتيجة معارضته الشديدة للنظام ومطالبته بالكشف عن الكثير من الحقائق لعل أبرزها حادثة سجن بوسليم، كما ترأس رابطة أهالي ضحايا سجن بوسليم منذ عام 1996.

وحظي تربل بتقدير عالمي واسع، إذ تم تصنيفه كأحد 100 شخصية مؤثرة في العالم عن مجلة «فورين بوليسي»، كما حظي أيضا بجائزة «لودفيك تريو» الدولية من مدينة بروكسل في بلجيكا، كما أنه تسلم الكثير من الجوائز المتعلقة بحقوق الإنسان.

وتقلد تربل الذي ولد عام 1972 بعد 3 سنوات من استيلاء معمر القذافي على الحكم، منصب وزير للشباب والرياضة في الحكومة الليبية الحالية التي يترأسها رئيس الوزراء الليبي الدكتور عبد الرحيم الكيب، كما أنه وقت الثورة تم اختياره عضوا في المجلس الوطني الانتقالي الليبي، ومتحدثا باسم الشباب في المجلس الوطني الانتقالي.

ولعل من مواقف تربل النبيلة التي تدل على سمو أخلاقه، هو عفوه عن شخص جنده نظام القذافي ليقتله بواسطة ساطور، لكن الرجل المأجور فشل في قتله وأحدث جرحا في رأسه، وعندما اختير تربل مسؤولا لقطاع الشباب ومؤسسات المجتمع المدني في المجلس البلدي لمدينة بنغازي إثر سقوط كتائب القذافي هناك، أعلن عدم ملاحقة الشخص الذي أقدم على ضربه، رافضا أن تتحول الثورة إلى انتقام وتصفية حسابات شخصية.

وروى تربل حادثة اعتقاله الأخيرة، قائلا «في 15 فبراير جاء عشرون من عناصر قوات الأمن مدججون بالسلاح إلى منزلي لتوقيفي، فانتشر الخبر بين عائلات الضحايا التي قررت التظاهر للمطالبة بالإفراج عني، اقتادوني إلى عبد الله السنوسي مسؤول الأمن الشخصي لمعمر القذافي والذي كان في بنغازي وقتها، كان عصبيا جدا وسألني ما هو هدفنا، أجبته (الحقيقة حول حادثة بوسليم وإنزال العدالة بالمجرمين) وكان هدف السنوسي منع قيام الثورة الليبية، وعرضت عليه أن يخرجني لأتكلم للناس، فقال السنوسي (لا أريد أن أجعل منك بطلا)»، لكن السنوسي بعناده جعل من تربل بطلا متوجا في قلوب الليبيين بينما هو الآن معتقل في أيدي الثوار الليبيين.

* وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»