«الربيع العربي» في أعين الصحافة البريطانية

مصر تعيش شتاء روسيا.. وفي انتظار سقوط الأسد

مواجهات بين محتجين ضد الحكومة المصرية والأمن الذي أطلق الغاز المسيل للدموع في شوارع مصر في 28 يناير (كانون الثاني) 2011 (أ.ب)
TT

رغم أن الوقت كان «شتاء» فإن صور «الربيع» تصدرت الشاشات، وأخبار ثورات شهدت تفتح الياسمين وإشراقة الشمس و«استفاقة العرب» ملأت الصحف. واهتم الإعلام الغربي ولأول مرة منذ سنوات بالعالم العربي بطريقة «مختلفة» اختلطت فيها الإثارة التي ما تزال متواصلة بالإعجاب وكشف الكثير مما لا يعرفون عن شعب ظنوا أنه يغط في نومه منذ سنين وهذا ما جعلهم يختارون «استفاقة العرب» كتسمية رسمية للثورات في المنطقة.

«الشرق الأوسط» اختارت مجموعة صحافيان بريطانيان كانا غطيا وتابعا الثورات العربية وتحدثت معهما حول تغطياتهما وآرائهما. وقال مايكل بنيان الصحافي المختص في شؤون الشرق الأوسط بصحيفة «التايمز» البريطانية إن صحيفته تعتمد على مراسلة من الحدود اللبنانية السورية بعد أن أوقفت الحكومة السورية ثم رحلت مراسلهم الذي دخل البلاد على أنه سائح. وفي حديثه عن الوضع في سوريا قال إن الكثير من الأبرياء سيقتلون في سوريا، وإن الأمر كان أسهل في ليبيا،وصرح لـ«الشرق الأوسط» بأنه حاور بشار الأسد سنة 2005، ورأى وقتها أنه شخص جيد لكن في نفس الوقت «لا يتمتع بالقوة لاتخاذ القرارات بنفسه.. أو ليفعل ما يشاء»، معتبرا أن بشار الأسد سجين النظام ولا يمكنه الهروب، وهو المتهم الآن ومن يتحمل المسؤولية، وأوضح أنه في سوريا إذا ما تم استثناء القيادات الكبيرة فإن «أغلب عناصر الجيش ليست راضية عن مواجهة وقتل المحتجين». وقال إن الأقليات المسيحية في سوريا خائفة وهذا ما يجعلها تبدي موالاتها للأسد.. وإن «هذه فرصة الإخوان الذين لن يفوتوا الانتقام لما وقع في حماه».

وعن الثورة المصرية قال بنيان إنه «ورغم الهدوء النسبي الذي ساد مصر بعد الثورة بقيت لدينا شكوك. مبارك ذهب لكن هل ذهب معه الفقر؟ هل ذهب الفساد؟ لذلك قلنا إن الربيع العربي سيتبعه شتاء شبيه بـ(الشتاء الروسي)». وعن راشد الغنوشي قال الصحافي في «التايمز»: «هو رجل عصري ومنفتح، وكلنا رأينا تونس تنجح»، واعتبر أن التجربة الانتخابية فيها كانت «رائعة». وأكد بنيان أن «التايمز» كانت مع تدخل الناتو في ليبيا «وعكسنا هذا من خلال مقالاتنا لأنه لولا التدخل في الوقت المناسب لوقعت مذبحة في بنغازي».

وعن مشاركة القوات البريطانية في الثورة الليبية قال «خلال تقدم الثوار القوات البريطانية كانت تعمل بسرية، وكانت أدوارها خاصة لوجيستية».

من جهته قال اين بلاك وهو الصحافي المختص في شؤون الشرق الأوسط بصحيفة «الغارديان» البريطانية إنه و«عند بداية الثورة في مصر ميدان التحرير.. بدأنا نفهم أن هناك ظاهرة بأكملها تتحرك». وإنه وخلال تغطيته للثورة الليبية من هناك كان يشعر وهو في فندقه أنه أسير في سجن بدرجة خمسة نجوم، وبأن المخاوف الأمنية كانت موجودة خاصة في بني وليد وسرت خاصة مع نظرة الليبيين في تلك المناطق ضد الأشخاص الذين ينتمون لدول من الناتو، وقال بلاك في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن الليبيين (من مناصري القذافي) أرادوا نقل جرائم الحلف لكن طريقتهم لم تكن مقنعة»، وأضاف «دعينا لحضور جنائز ضحايا الناتو في ليبيا لكن لم نكن نشعر أن الأمر حقيقي فلم يكن الناس متأثرين». وعن النظام السوري قال اين بلاك «حديث الأسد عن إصلاحات وإمكانية إقناع الناس بذلك أصبح أمرا متأخرا الآن».

امكي هنكل مراسلة مجلة «فوكس» الإخبارية الألمانية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الثورات قدمت الشعوب العربية لنا»، وإنها من خلال حواراتها مع إسلاميين غيرت رأيها تجاههم وجعلتها ترى أنهم أكثر انفتاحا مما توقعت، وأضافت أنها وجدت ما حدث في المنطقة العربية «مثيرا جدا وذكرني بما حدث في 1989 في ألمانيا».

وقد التقت «الشرق الأوسط» كلا من مايكل بنيان من «التايمز» واين بلاك من «الغارديان» وامكي هنكل من «فوكس» الإخبارية الألمانية في مقرات عملهم في لندن وتحدثت معهم حول تغطياتهم وآرائهم حول الثورات العربية.

قال بنيان إنهم في «التايمز» اعتبروا الاحتجاجات في الدول العربية عند بدايتها مجرد حركات احتجاجية فقط ، ومرحلة تعبير عن الغضب، لكنهم تفاجأوا بعد ذلك بأن الناس تجاوبوا عبر وسائل الإعلام مثل قناة «الجزيرة».

وذكر مايكل بأنه كان ومن خلال كتاباته قد توقع أن تحدث مثل هذه الثورة منذ عدة سنوات وأن تبدأ من مصر مثلا، ولم يتوقع قط انطلاقها من تونس لأن تونس «بمظهرها الأوروبي» كانت توحي بانفتاح كبير، وكان مستقبلها مرتبطا بالسياحة خاصة، و«التونسيون لم يكن لهم دخل كبير ولم يهتموا في السابق بالقضايا الكبيرة في الشرق الأوسط مثل القضية الفلسطينية مثلا» وحسب بنيان لم تكن دوافعهم توحي بإمكانية القيام بثورة. و«هذا الأمر مختلف بالنسبة لسوريا ولبنان».

وأضاف الصحافي المختص بشؤون الشرق الأوسط في «التايمز» البريطانية أن صحيفته بدأت بنقل ما يحدث في تونس ، وأضاف «وتفاجأنا بسرعة هروب بن علي وقد توقعت سقوطه وكتبت مقالا عن ذلك في نفس اليوم الذي هرب فيه بن علي ثم اضطررت لتغيير المقال الذي تحول من توقع إلى خبر».

وعن الثورة المصرية قال بنيان «غطينا الثورة المصرية بشكل أكبر لأن مصر معروفة أكثر هنا، وهي في قلب العالم العربي وذات أهمية استراتيجية. وزاد الاهتمام بعد مواقف أوباما وكلينتون، وطرحنا عبر تغطياتنا العديد من التساؤلات أهمها «هل الجيش سيتورط أم لا؟ محاولين الإجابة اعتمادا على العديد من المقالات التحليلية».

وأضاف: «لكن ورغم الهدوء النسبي الذي ساد مصر بعد الثورة بقيت لدينا شكوك. مبارك ذهب لكن هل ذهب معه الفقر؟ هل ذهب الفساد؟ لذلك قلنا إن الربيع العربي سيتبعه شتاء».

وشرح الصحافي قائلا «أحسن مثال على الثورة المصرية هو تشبيهها بالشتاء الروسي ففي شهر أبريل (نيسان) من كل عام تشرق الشمس في روسيا ويفرح الروسيون بالربيع وينظفون بقايا الثلج المتجمدة والشوارع لكن ما إن ينتهوا من أعمالهم حتى يسقط الثلج من جديد وهكذا هي الثورة المصرية». وقال مايكل بنيان «حقيقة لم نتوقع الكثير من الثورات».

وأضاف: «في تونس أقصى ما يمكن تحقيقه هو الديمقراطية، والى حد الآن نرى أنها وصلت إلى نتائج رائعة»، وأكد أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار أن بن علي ورغم كل ما تورط فيه من أعمال فقد حرص على أهمية تعليم الشعب التونسي، وهذا ما يجعل الناس في تونس «مثقفين ودارسين ويهتمون كثيرا بالتعليم». كما أن زعيم الحزب الإسلامي (النهضة) راشد الغنوشي هو رجل عصري ومنفتح، وكلنا رأينا تونس تنجح. واعتبر أن التجربة الانتخابية فيها كانت «رائعة».

وحول رؤية الصحيفة البريطانية للثورة في ليبيا قال بنيان «منذ البداية بهرتنا شجاعة الثوار، وكان موقف (التايمز) منذ البداية أن يبدأ القذافي الإصلاحات، لكننا توصلنا إلى استنتاج أهم هو أن هناك خلافات في ليبيا بين الشعب نفسه.. الناس لم يكونوا ضد النظام أساسا بل ضد جماعة القذافي. ولم يقم الناس في ليبيا بنفس الطريقة في تونس أو في مصر بل الكثيرون بقوا أوفياء للقذافي إلى آخر وقت». وأضاف «كانت (التايمز) مع تدخل الناتو في ليبيا وعكسنا هذا من خلال مقالاتنا لأنه لولا التدخل في الوقت المناسب لوقعت المذبحة في بنغازي. وكنا متفائلين بأن الصراع لن يطول وكنا مع تدخل جوي وليس على الأرض لأن التخوفات كانت من أن يتكرر ما حدث في العراق».

وعند سؤاله عن الدور البريطاني الذي كانت قد تحدثت عنه «التايمز» وصحف أخرى في مساعدة المقاتلين، وعن رسمهم لخريطة دخول طرابلس ودعمهم على الأرض للثوار. قال بنيان «قلنا إنهم كانوا موجودين (يعني القوات البريطانية)، فقط لعبوا أدوار مفاتيح ولكن يعملون بسرية، وكانت أدوارهم خاصة لوجستية».

وعن مواقفه مما يقع في سوريا قال بنيان إنه شخصيا حاور بشار الأسد سنة 2005، ورأى وقتها أنه شخص جيد لكن في نفس الوقت «لا يتمتع بالقوة لاتخاذ القرارات بنفسه.. أو ليفعل ما يشاء». وقال بنيان أيضا إنه أثار هذا الموضوع مع الملك الأردني عبد الله الذي قال له أيضا إن الأسد ليس متعطشا للدماء لكن للمحيطين به دور كبير في قراراته. وأوضح بنيان «المخابرات، الحاشية القديمة التي كانت تعمل مع والده، أخوه» وأكد «هو سجين النظام ولا يمكنه الهروب» وهو المتهم الآن ومن يتحمل المسؤولية.

وأضاف بنيان أنه حينها وعند التقائه به سنة 2005 وهي مقابلة سبقت زيارة الأسد لبريطانيا حينها، سأله عن الإصلاحات الاقتصادية وأجابه بشار «يجب أن نبدأ» هذا ما جعل بنيان يستنتج أن الأسد كان على علم بأنه لم يفعل شيئا.

وعن تغطية «التايمز» للثورة السورية قال بنيان إنهم في البداية أرسلوا مراسلة على أنها سائحة وإنها تمكنت من البقاء في سوريا ثم خرجت بعد أحداث درعا وكتبت عن الموضوع بعد أن عادت إلى لندن. ثم وبعد تصاعد الأحداث بعثوا مراسلا آخر على أنه سائح لكن اكتشف أمره وتم توقيفه «ليومين، أو ثلاثة» ثم رحل إلى لندن من قبل السلطات السورية. والآن تعتمد «التايمز» على مراسلة تغطي الشأن السوري من الحدود اللبنانية.

وعن السيناريوهات المحتملة في سوريا مستقبلا قال مايكل بنيان إن السيناريو الأول بالنسبة له هو أن يقع تدخل عسكري تركي ، وقال إنه ليست هناك أي دولة عربية في وضع يسمح لها بالتدخل العسكري والمباشر في سوريا لحساسية المسألة الطائفية، وما قد يثير أي تدخل من نتائج، وقال إنه يتوقع أن الكثير من الأبرياء سيقتلون في سوريا، معتبرا أن الأمر كان أسهل في ليبيا.

وشرح رؤيته بأنه يرى أن القوة التي وصلت إليها تركيا الآن وما تحققه من تقدم واضح اقتصاديا جعلها تحن إلى تاريخها وعهد الإمبراطورية العثمانية، ولأن تلعب دورا أكبر في المنطقة، خاصة أن المعارضة الإسلامية السورية ترى في تركيا «جنة». وقال بنيان إنه يتوقع التدخل التركي خاصة إذا ما حاولت سوريا إثارة قلق لتركيا عبر استعمال مسألة حزب العمال السوري.

أما السيناريو الثاني الذي يراه بنيان هو إمكانية ثورة داخل الجيش السوري فمن الممكن أن يقرر التراجع يوما والتخلي عن بشار أو ماهر خاصة، وكما قال «إذا ما تم استثناء القيادات الكبيرة فإن أغلب عناصر الجيش ليست براضية عن مواجهة وقتل المحتجين».

وأشار بنيان إلى أن الأقليات المسيحية في سوريا خائفة وهذا ما يجعلهم يبدون موالاتهم للأسد.

وعن «الإخوان» قال بنيان إن هذه فرصة لهم وإنهم لن يفوتوا الانتقام لما وقع في حماه.

أما الصحافي اين بلاك المتخصص في شؤون الشرق الأوسط من صحيفة «الغارديان» فقال عن رد فعل صحيفته في بداية الثورات العربية «كنا بطيئين فعند بداية الثورات، كان أغلب الناس هنا يستعدون لعطل نهاية العام.. خاصة أن تونس لم تكن تجذب انتباهنا»، وأضاف «أنا منذ 5 سنوات مختص في تغطية أخبار الشرق الأوسط وما كتبناه عن تونس يعد على الأصابع.. فهي بلد صغير مستقر قريب من فرنسا متعود على الأوروبيين»، وقال «أتذكر أن من الروايات التي تحدثنا عنها حول تونس ما نشر في ويكيليكس خاصة ما صدر حول السفير الأميركي في تونس وفضائحها، وكانت من أندر الروايات عن تونس.. لكن عندما بدأت الاحتجاجات لم نهتم جديا بالموضوع إلا مع بداية يناير وأرسلنا مراسلتنا من فرنسا لتغطية الأحداث حينها». وواصل «مع يناير أصبحنا ننقل ما وقع في تونس ومع هروب بن علي أصبحت القصة مهمة.. وأتذكر أننا قبلها كنا مشغولين أكثر بويكيليكس، وبالشأن الفلسطيني وتفاصيل التحاور بين الإسرائيليين والفلسطينيين». وأضاف بلاك أن الأمر أصبح أكثر أهمية «عند بداية الثورة في مصر بميدان التحرير، بدأنا نفهم أن الأمر جدي وأن شيئا كبيرا يحدث، بدأنا نفهم أن هناك ظاهرة بأكملها تتحرك، ثم البحرين في فبراير ، ثم ليبيا في نفس الوقت». وعن تغطية صحيفته لما يحدث قال بلاك إنهم اعتمدوا على مراسلهم جاك شنكر وقال عنه اين «هو مراسل شاب ممتاز، وربما بسبب سنه استطاع أن يفهم الشباب المصريين وما يفعلونه، وكان لديه ما يقوله، وجعل تغطيتنا ممتازة في مختلف الأحداث».

وعن كيفية عملهم أثناء الثورة في ليبيا قال اين بلاك إنها «تعتبر معقدة مقارنة بتونس ومصر» وأضاف «في ليبيا بدأت الثورة في بنغازي، وبعثنا مراسلين لبنغازي ولطرابلس.. ومن بنغازي كان مراسلنا مبهورا بالتزام الثوار، وبالثورة التي نجحت مبدئيا وأصبحت مختلفة عن بداية الصدام، ومن جهة أخرى في طرابلس كانت التجربة مختلفة »، وقال بلاك إنه كان شخصيا هناك منذ منتصف مارس قبل قصف الناتو، وقال إنه كان يشعر أنه كان أسيرا للنظام وأضاف «كنا بنزل 5 نجوم ولكن تشعر وكأنك في سجن، كنت انزل في فندق كرنثيا قرب المدينة، وعندما بدأ قصف الناتو شعرنا بالخطر، وكان من الصعب العمل وأن تعلم حقيقة ما يحدث وكنا نشعر أن القذافي كان يريد فعل أي شيء ما». وتحدث اين بلاك عن أنه و«في 17 أو 18 من مارس (آذار) الماضي وعند بداية القصف تمت دعوتنا (الصحافيين الأجانب) لحضور جنائز ضحايا الناتو كنا في الحافلات مع المرافقين، وكان من الصعب أن نشعر أن الأمر حقيقي فلم يكن الناس ممن حضروا مراسم الدفن متأثرين، وأصبح ذلك واضحا للعديد من الصحافيين ولكن لم نتمكن من التأكد من الشكوك التي اعترتنا». وأضاف «أخذونا لرحلة لمكان قرب تاجورة غرب ليبيا أرونا ما قالوا إنه بقايا لقصف الناتو، وما قالوا إنه قصف بصاروخ، ولكن لا يمكن أن تفهم ما حصل ففي المكان لم يكن يظهر بشكل واضح أنه تعرض لقصف صاروخي، الليبيون (مناصري القذافي) أرادوا نقل جرائم الحلف لكن طريقتهم لم تكن مقنعة».

وبالنسبة لتغطية «الغارديان» للثورة السورية قال بلاك «غطينا الثورة بصعوبة كبيرة ولم يسمح لنا بدخول البلد، ولم تمنح تأشيرات للصحافيين لكن نأمل أن يتغير هذا الموقف، وإذا كانت سوريا متخوفة يجب أن تعطي فرصة للصحافيين». ويرى اين بلاك أن حديث الأسد عن إصلاحات وإمكانية إقناع الناس بذلك أصبح أمرا متأخرا الآن.

وعن الدروس المستفادة قال اين إن التغطية الميدانية تحتاج الكثير من النفقات لتغطية تكاليف التنقل والإقامة في البلدان التي يهتمون بها، وهذا ما لا تسمح به الحالة الاقتصادية في الوضع الحالي خاصة أن مؤسستهم وكبقية المؤسسات تمر بمرحلة صعبة ماليا، وهذا ما رأى اين بلاك أنه يحد من قدرة العمل المباشر.

وأضاف «نحاول في تغطيتنا أن نكون مجددين، والغارديان مشهورة بموقعها على شبكة الإنترنت المستعمل من طرف 50 مليونا في الشهر، ومن أحسن ما قمنا به فكرة (اللايف بلوغ) ، ويتحدث الناس فيه بحرية حول الثورة في سوريا مثلا، مع استعمال كل شيء رقميا مع الصوت والأفلام والصورة ويضع الناس آراءهم وحاول البعض تقليد تجربتنا ونقل ذلك. وكان لدينا قسم بالعربي أثناء فترة الثورات ونقوم بذلك مع أي أحداث كبيرة ونؤمن أن الغارديان اسم كبير وله تقدير كبير». ومن أهم التحديات التي واجهت العمل الصحافي لـ«الغارديان» هي الخطر الذي هدد المراسلين حسب بلاك الذي قال «وخاصة في ليبيا حيث مراسلنا غيث عبد الأحد الذي أدخل للسجن هناك وقمنا بمجهودات كبيرة لتحريره».

وبين اين بلاك أن المخاوف الأمنية كانت موجودة خاصة في بني وليد وسرت ونظرة الليبيين في تلك المناطق التي أحس أنها ضد الأشخاص الذين ينتمون لدول من الناتو. والصعوبة المهنية التي رأى اين بلاك أنها موجودة في سوريا هي أن القصة موجودة ومهمة وقال «هذا ما رأيناه في اليوتيوب، ومن خلال ما يبعثه الناس» لكن الأشياء نفسها تتكرر بشكل يومي وكأن الثورة تسير بنفس النسق رغم أهمية القصة تفقد الأخبار أهميتها.

وعن تقييمه للثورات العربية ومستقبل المنطقة قال اين بلاك «شوان لاي الوزير الصيني السابق الذي حكم في فترة السبعينات قال إنه من المبكر الحكم على الثورة الفرنسية ويجب الانتظار، وأنا اليوم أكرر رأيه وأقول من المبكر الحكم على مدى نجاح الثورات العربية ومعرفة ما تغير وما سيتغير في المستقبل»، وأضاف «مثلا في مصر، نعرف أن مبارك قد انتهى، لكن ما سيحدث للنظام لا ندري بعد، ونعلم أن تونس تبدو مثالا للنجاح خاصة مع الانتخابات التي مرت في أجواء من الأمن ،ومع النهضة نرى قيام الإسلاميين، ونعلم أن الفزاعة الإسلامية قد انتهت».

كما أشار المختص في شؤون الشرق الأوسط بصحيفة «الغارديان» البريطانية إلى أنهم لاحظوا أن الممالك مثل المملكة العربية السعودية والأردن لم تظهر بها بوادر كبيرة للثورات خاصة أنها أثبتت أنها أكثر قدرة على الاستجابات لطلبات شعوبها بالتغيير، وقال «وقد سخروا لذلك الأموال الطائلة». واعتبر اين بلاك أن 2011 كان عاما رائعا، وأضاف أنه «من المبكر القول إن العام المقبل هو عام سقوط النظام السوري، لكن وحسب حكم أصدقائه وجيرانه فإن البوادر تدل على أنه لن يصمد طويلا لكن تبقى مسألة كيف ومتى سيسقط؟».