فرنسا والربيع العربي: قصة تحولات الدبلوماسية الفرنسية

ساركوزي أراد التوفيق بين «الواقع» و«القيم».. فلجأ إلى «كافة الوسائل»

الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون يتوسطهما رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل أثناء الزيارة التي أدياها إلى ليبيا في سبتمبر الماضي (أ.ب)
TT

في الخطاب الذي ألقاه في قصر الإليزيه بداية سبتمبر (أيلول) الماضي أمام سفراء فرنسا في العالم بمناسبة مؤتمرهم السنوي الذي هيمن عليه «الربيع العربي»، قال الرئيس نيكولا ساركوزي ما يلي: «خلال سنوات، كان المحور الذي دارت حوله دبلوماسيتنا - وأنا أتحمل جانبا من المسؤولية - هو مبدأ الاستقرار. وبسببه، كانت لفرنسا علاقات مع أنظمة لم تكن مثالا في الديمقراطية. غير أن نهضة الشعوب العربية وتوقها للحرية يسمحان لنا بالتوكؤ عليهما لوضع حد نهائي لمبدأ الاستقرار الذي كان يجعلنا في حالة تناقض دائمة بين القيم التي كان علينا الدفاع عنها وحقيقة الواقع الذي كنا نعيشه». وأضاف ساركوزي: «اليوم، ثمة فرصة للتوفيق بين الواقع والقيم». وفي كلمة ألقاها في المناسبة نفسها، أعلن وزير الخارجية ألان جوبيه أن «الثورات الحاصلة جنوب المتوسط تدفعنا لتغيير نظرتنا إلى تلك المنطقة وإلى ابتداع طريقة جديدة في ممارسة الدبلوماسية» مشددا على «الاعتبارات» الجديدة ومنها احترام حقوق الإنسان ودعم الإصلاحات الديمقراطية والاقتصادية وحقوق المرأة.

تلخص هذه الفقرات «التحولات» التي طرأت على سياسة فرنسا الخارجية ودبلوماسيتها ما بين نهاية العام الماضي ونهاية العام الجاري إذ أنها تختصر المسافة التي قطعتها باريس بين سياسة سابقة سارت عليها لعقود أي منذ أن حصلت دول الغرب العربي على استقلالها وتوجهات حالية تجعل التمسك بأهداب الديمقراطية والدفاع عنها المعلم الأساسي لتحركها. ووصل الأمر بباريس في الحالة الليبية إلى الخيار العسكري متسلحة بالقرار 1973 الصادر عن مجلس الأمن في شهر مارس (آذار) الذي أفسح المجال أمام حماية المدنيين الليبيين باللجوء إلى «كافة الوسائل» ما يعني في اللغة الدبلوماسية إعطاء الضوء الأخضر لاستخدام السلاح. وتبين لاحقا أن هذه الفقرة صيغت بشكل يتيح كافة التفسيرات، ولذا فقد استخدمت لإسقاط نظام العقيد الليبي معمر القذافي.

ولكن عندما انطلقت شرارة «ثورة الياسمين» يوم أحرق الشاب التونسي محمد بوعزيزي نفسه في سيدي بوزيد صبيحة 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لم يكن أحد يتوقع، لا شرقا ولا غربا، «التسونامي» السياسي الذي سيجتاح المنطقة. وما بين التاريخ المذكور واليوم، هبت الرياح تحت مسميات كثيرة على 8 بلدان عربية وأطاحت بـ4 من قادتها، الأول هرب (الرئيس التونسي زين العابدين بن علي) والثاني تنازل ثم اعتقل (الرئيس المصري حسني مبارك) والثالث قتل (معمر القذافي) والرابع تنحى (الرئيس اليمني علي عبد الله صالح). أما الخامس (الرئيس السوري بشار الأسد) فإن مصيره في مهب الرياح. وفرنسا كغيرها من الدول، لم تكن تنتظر ما جرى على ضفتي المتوسط الجنوبية والشرقية، خصوصا يوم انطلاقة «الربيع العربي».

لم يكن أحد يتوقع أن يتحول الرئيس ساركوزي إلى رمز لتحرر الشعوب العربية أو يرتدي بزة القائد العسكري الذي أخذ على عاتقه حشد كل الطاقات السياسية والدبلوماسية والعسكرية للإطاحة بهذا الديكتاتور العربي أو ذلك الطاغية. فالأقرب إلى الحقيقة هو القول إن ساركوزي ومعه الدبلوماسية الفرنسية سعيا إلى إغلاق فصل في علاقات بلاده مع العرب وبدء فصل جديد ينسي الأول وما رافقه من علاقات وتورطات وينسجم مع «روح العصر».

ونهاية هذا العام تختلف عن نهاية العام الماضي، حينما اندلعت في فرنسا فضيحة ذهبت ضحيتها وزيرة الخارجية وقتها ميشال أليو ماري، أحد أعمدة الحكومة الفرنسية. وذنب أليو ماري مزدوج: فهي من جهة قبلت الاستفادة من تسهيلات «صديق» تونسي قريب من النظام ومن عائلة طرابلسي خلال إقامتها مع عائلتها في منتجع تونسي، نهاية عام 2010 بينما الشعب التونسي كان في الشوارع، ومن جهة ثانية أعلنت أمام البرلمان، في عز الاحتجاجات الشعبية في المدن التونسية وما رافقها من قمع، أن باريس مستعدة لوضع «خبرتها» في تصرف السلطات الأمنية التونسية لاحتواء المتظاهرين، بينما كان قتلى القمع يقعون بالعشرات. ورغم كل المحاولات اليائسة، فإن أليو ماري لم تنجح في إنقاذ نفسها ولا منصبها الوزاري الذي «طارت» منه بمناسبة تعديل وزاري لتفتح الباب أمام انتقال ألان جوبيه من وزارة الدفاع إلى الخارجية. وفي الفترة عينها، كان رئيس الحكومة الفرنسية فرنسوا فيون يمضي عطلة الميلاد في مصر، في ضيافة الحكومة المصرية والرئيس مبارك تحديدا. أما هنري غينو، مستشار الرئيس الخاص، فإنه كان يمضي عطلته في ليبيا بدعوة من السفير الفرنسي وقتها فرنسوا غوييت. وسعى غينو الذي يتمتع بموقع خاص ضمن الفريق الذي يحيط بساركوزي منذ نحو 5 سنوات في قصر الإليزيه إلى «النأي» بنفسه عن الحالتين الأوليين إذ سارع إلى التأكيد أن إقامته في ليبيا ذات طابع خاص وأنه «دفع» ثمن بطاقة السفر من جيبه.

غير أن هذه العناصر ليست سوى الوجه «الاجتماعي» لعلاقات وثيقة بين فرنسا والبلدان الثلاثة الأولى التي أطاح التسونامي العربي بأنظمتها. فبين تونس وباريس كانت تقوم علاقات «خاصة» حيث كانت تونس التي زارها الرئيس ساركوزي رسميا «نموذج» النجاح الاقتصادي والاجتماعي رغم بعض النغمات «الشاذة» التي كانت تسمع في باريس بين الفينة والأخرى بسبب وضع حقوق الإنسان أو حرية الصحافة. وما يصح عن تونس يصح بدرجة أكبر على مصر التي جعلها ساركوزي شريكه الأول في الاتحاد من أجل المتوسط الذي أطلق في شهر يوليو (تموز) من عام 2008. فالرئيس السابق مبارك كان يحط ترحاله دوريا في باريس كما كان (مع ساركوزي) أحد رئيسي الاتحاد من أجل المتوسط وشريك فرنسا في كل المبادرات السياسية والدبلوماسية في المنطقة. وباسم الاستقرار والاستمرار، لم تكن باريس، يمينا أو يسارا، تجد سببا لانتقاد مبارك بسبب استمراره في السلطة، من غير انقطاع، منذ عام 1981 ولا بسبب استمرار نظام حال الطوارئ أو الفساد المستشري معطوفا على هيمنة الطبقة المحيطة به على مفاصل الاقتصاد. وفي تونس كما في مصر، كانت الشركات الفرنسية تعمل بكل ارتياح استثمارا وشراكة وتجارة.

أما حالة ليبيا، فتشابكت الملفات. فرنسا تصالحت مع العقيد القذافي منذ أيام الرئيس السابق جاك شيراك بعد تسوية (مالية) لملف تفجير طائرة يوتا الفرنسية فوق صحراء تينيريه في النيجر في شهر سبتمبر (أيلول) الذي أوقع 170 قتيلا بينهم 54 فرنسيا. وأثبت التحقيق ثم المحاكمة الغيابية التي تلته تورط عبد الله السنوسي، مسؤول المخابرات ونسيب العقيد القذافي وعبد الله الأزرق المستشار الأول في السفارة الليبية في الكونغو التي انطلقت منها الرحلة. وسريعا جدا، طبعت العلاقات الثنائية، إذ أن باريس كانت مهتمة بالسوق الليبية الواعدة والتي تحتاج لكل شيء بعد سنوات الحظر. وتوج التطبيع بزيارة رسمية قام بها شيراك إلى طرابلس في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2004. وأبدت فرنسا استعدادها لبيع القذافي السلاح الذي يطلبه والتعاون معه في الملفات الأفريقية وحول الإرهاب والهجرة غير المشروعة.

ما قام به شيراك أكمله ساركوزي، بل أضاف عليه أنه استقبل العقيد الليبي في باريس في إطار زيارة رسمية دامت 5 أيام في شهر ديسمبر 2007. العقيد نصب خيمته في حديقة قصر الضيافة المعروف بقصر مارينيي وفرش له السجاد الأحمر في قصر الإليزيه وأقام ساركوزي على شرفه عشاء رسميا. وقبل ذلك، أرسل ساركوزي للعقيد زوجته سيسيليا في مهمة وساطة لإطلاق سراح الممرضات البلغاريات ثم ذهب هو بدوره إلى طرابلس في عام 2008 وتوثقت العلاقات بين الطرفين وازدهرت المشاريع المشتركة وعادت شركة «توتال» الفرنسية إلى قطاع النفط الليبي وعرض على القذافي بيعه طائرات رافال وأسلحة أخرى منها معدات تنصت إلكترونية وبرامج لمراقبة ما يجري على شبكة الإنترنت.

لم يكن كل ذلك كافيا لحماية القذافي عندما اندلعت المظاهرات المناهضة له في مدينة بنغازي. ذلك أن الدبلوماسية الفرنسية تعثرت كثيرا في الحالتين التونسية والمصرية، ولذا سعت لأن تكون سباقة في الموضوع الليبي. ففي الأولى، وقفت باريس حتى آخر يوم إلى جانب نظام الرئيس بن علي بحجة أنه لا يجوز لفرنسا أن تتدخل في الشؤون الداخلية لمحمية سابقة وأن ما يحصل في تونس شأن التونسيين. وفي افتتاحية لاذعة، كتبت صحيفة «لوموند»، بعد يومين من هروب بن علي ما يلي: «إن تلاحق الأحداث (في تونس) تخطى الدبلوماسية الفرنسية التي بدت حائرة» في كيفية التعاطي معها. وأضافت الصحيفة واسعة الانتشار: «لقد انتظرت باريس حتى الساعة الثانية بعد الظهر من يوم 15 يناير (كانون الثاني) أي يوما كاملا بعد رحيل بن علي لتعلن أنها تقف إلى جانب المطالبين بالديمقراطية». وبحسب «لوموند»، فإن كافة الرؤساء الذين سبقوا ساركوزي إما بدوا «متواطئين أو كانوا بالغي الحذر في التعاطي» مع هذا البلد.

ما بين 14 يناير تاريخ هرب بن علي و11 فبراير (شباط)، تاريخ تنازل مبارك، لم يتوافر للدبلوماسية الفرنسية الوقت الكافي لإعادة النظر في المفاهيم المتحكمة بالعلاقات التي تربطها بالضفتين الجنوبية والشرقية للمتوسط. والدليل على ذلك أنها ارتكبت الأخطاء نفسها في الحالة المصرية حيث كانت تنظر إلى مبارك على أنه قطب «اعتدال واستقرار» إن في المحافظة على علاقاته مع إسرائيل ومعاهدة السلام أو في تشدده مع حماس ودعمه لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أو وقوفه في وجه الحركات الأصولية والإسلامية. ولذا، بقي موقف باريس «مائعا» في الأيام التاريخية الـ17 التي نزل خلالها المصريون إلى الشوارع مطالبين بسقوط النظام، فضلا عن كونه شريكا لفرنسا في دبلوماسيتها المتوسطية والشرق أوسطية. وفي الأيام الأخيرة من حكم مبارك، أخذت باريس تتحدث عن «انتقال سلمي للسلطة» من غير أن تدعو صراحة لتنحي مبارك كما فعل الأميركيون مثلا.

كان واضحا أن باريس لم تكن تلتزم نفس السياسة تجاه كل الدول العربية. ففي المغرب، أعلنت دعمها للخطوات الإصلاحية التي أقرها ملك المغرب محمد السادس بعد أن بدأت الاحتجاجات في بلاده وروجت لها على أنها «نموذج يمكن الاحتذاء به»، والتزمت موقفا مشابها من الأردن ومن سياسة الملك عبد الله الثاني. لكن الأمور انقلبت رأسا على عقب في الملف الليبي حيث شهدت الدبلوماسية الفرنسية تحولا جذريا ترافق مع وصول ألان جوبيه إلى وزارة الخارجية في 27 فبراير 2011 خلفا لأليو ماري.

ليس جوبيه جديدا على الدبلوماسية، إذ شغل منصب وزير الخارجية بين عامي 1995 و1997. وبدأ تأثير جوبيه منذ الأيام الأولى في منصبه الجديد من خلال «فبركة» مفهوم جديد للدبلوماسية الفرنسية يقوم على اعتبار أنه يتعين على فرنسا أن تتعامل مع قوى الأمر الواقع السياسية والاجتماعية في البلدان العربية وأن «ترافق» التطلعات الديمقراطية وأن تكون على استعداد للتحاور مع الإسلاميين، سواء أكانوا في تونس أم مصر أم أي مكان آخر. وتمت ترجمة التوجهات الجديدة في مؤتمر دعت إليه الخارجية في معهد العالم العربي في شهر أبريل (نيسان) الماضي حيث ألقى جوبيه كلمة مطولة شرح فيها التوجهات الجديدة. وعليه، لم يعد مفهوم «الاستقرار» هو سيد الموقف. والشرط الأبرز الذي وضعه جوبيه هو احترام اللعبة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة وحقوق الإنسان.

وتناغمت مواقف ساركوزي وجوبيه بشأن ليبيا والهدف كان مزدوجا: إعطاء وجه جديد للدبلوماسية الفرنسية والاضطلاع بدور ريادي في دول الجوار المتوسطي ينسي عثراتها السابقة. ووفر النظام الليبي الفرصة لساركوزي وجوبيه لوضع هذه التوجهات موضع التنفيذ منذ بداية التمرد في بنغازي في 15 فبراير والرد الدموي للسلطات الليبية عليها، وتحولت باريس سريعا إلى رأس الحربة في الملف الليبي حيث عجلت في اعتبار أن القذافي فقد شرعيته بسبب قمعه لشعبه وعليه بالتالي التنحي. وكانت باريس أول من اعترف بالمجلس الوطني المؤقت ممثلا لليبيا وأول من دعا إلى نقل الملف بكليته إلى مجلس الأمن الدولي وأول من دافع عن الحاجة للتدخل «بكل الوسائل» لحماية المدنيين. وبعد صدور القرار الشهير رقم 1973 عن مجلس الأمن، سارع ساركوزي إلى الدعوة لقمة في قصر الإليزيه لبلورة خطة التدخل في ليبيا. وقبل انتهاء أعمالها بعد ظهر الـ19 من مارس، كانت الطائرات المقاتلة الفرنسية تقوم بأول عملية عسكرية في محيط بنغازي. وأصبح ساركوزي أول رئيس غربي يزور ليبيا ويخصص له في بنغازي استقبال حاشد للدور الذي لعبه في إسقاط القذافي في كل مراحل الثورة الليبية.

تبدو نقاط الشبه في علاقات فرنسا مع سوريا وليبيا كثيرة. ساركوزي كان مهندس التقارب بين باريس ودمشق بعد القطيعة التي أعقبت اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في 14 فبراير 2005. ساركوزي أعاد وصل الحوار مع الأسد لحمله على الاعتدال في التعاطي مع الأزمة اللبنانية وللعب دور في المفاوضات المتوقفة مع إسرائيل ولإطلاق الاتحاد من أجل المتوسط. ولم يتردد في دعوته رسميا إلى باريس صيف عام 2008 وفي زيارة دمشق لاحقا وفي توفير الأرضية لإعطاء زخم للعلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية بين البلدين حتى الوصول إلى الحديث عن «علاقات استراتيجية».

في 15 مارس بدأت الحركة الاحتجاجية في سوريا انطلاقا من درعا. ولم يكن القمع السوري أقل دموية من القمع الليبي. ولذا، فإن كثيرين توقعوا أن تكرر فرنسا في سوريا ما قامت به في ليبيا. لكن باريس التي كانت أول من اعتبر أن الرئيس الأسد قد فقد شرعيته بسبب استخدامه القمع الأعمى ضد شعبه، وبالتالي يتعين عليه الرحيل سارعت إلى القول إن الوضعين مختلفان وأن «لا تفكير» بعملية عسكرية في سوريا وفي أي حال فإن فرنسا «لن تتحرك إلا بموجب قرار من مجلس الأمن الدولي».

الواقع أن باريس عملت على كل المستويات لتضييق الخناق على النظام السوري. ففي إطار الاتحاد الأوروبي دفعت لاتخاذ إجراءات عقابية سياسية واقتصادية لفرض العزلة الدولية على نظام الأسد ولتجفيف موارده المالية. وفي مجلس الأمن، لم تتوقف عن الدفع باتجاه تبني قرار يدين قمع السلطات ويفرض عليها عقوبات وقدمت لذلك المشروع تلو الآخر. غير أنها اصطدمت حتى الآن بالرفض الروسي والصيني وبعض الدول الناشئة ما دفعها إلى التوجه إلى الجمعية العامة وإلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف حيث أدينت سوريا بقوة، فضلا عن ذلك، احتضنت باريس المجلس الوطني السوري وحثته على تنظيم صفوفه وبلورة برنامج سياسي لمرحلة ما بعد الأسد ودعت جامعة الدول العربية لاتخاذ موقف صارم مما يحصل في سوريا. ولم يتوقف جوبيه عن التنقل من عاصمة إلى أخرى لحشد الدعم الدبلوماسي والسياسي للضغط على دمشق فيما دعمت باريس خطة الجامعة العربية رغم أن تشكيكها برغبة النظام السوري بالالتزام بها. واقترحت فرنسا إقامة «مناطق آمنة» و«ممرات إنسانية». لكن حتى الآن لم يتحقق أي منها.

ترى فرنسا أن سقوط النظام السوري قادم لا محالة رغم أنه «سيأخذ بعض الوقت» وفق تعبير الوزير جوبيه نفسه. وترى باريس أن الأمور لن تتوقف عند هذا الحد في العالم العربي بل إن تحولات أخرى قادمة وهي تجهد للتأقلم معها ساعية إلى انتهاج «دبلوماسية استباقية» بالتشديد على جملة مبادئ تدور كلها حول احترام الحقوق الأساسية والحوار مع المجتمع المدني ومؤسساته مع فتح الباب لتقبل قوى سياسية كان التحاور معها مرفوضا في السابق.