عام الأعاصير السياسية العربية وفضائح التجسس الدولية

TT

مر عام 2013 على المنطقة عاصفا كسابقيه، مليئا بالتقلبات الناجمة عن استمرار الإعصار السياسي الذي ضربها في عام 2011، ما جعل البعض يستبدل تعبير «الخريف العربي» بتعبير «الربيع العربي»، الذي انتشر في بداية هذا الإعصار بعد أن رافقته أحداث أكثر عنفا ودموية.

استمرت المنطقة في فرض نفسها وأحداثها على أجندة عالم يلهث وراء تطوراتها المفاجئة في كثير من الأحيان. وقد تواصلت المراحل الانتقالية في الدول العربية التي تعرضت لتغييرات في عام 2011. وارتفعت معدلات العنف إلى مستوى غير مسبوق في الأزمة السورية، مع مقتل الآلاف ونزوح الملايين. وبعد أن كان النظام السوري على وشك تلقي ضربة عسكرية في أعقاب استخدامه السلاح الكيماوي ضد المعارضة في ريف دمشق، نجا بإعلانه قبول تسليم أسلحته الكيماوية، وإفصاحه لأول مرة عنها، في وقت واجه المسار السياسي تعنتا، وتراجعت إمكانية تحقيق اختراق في مؤتمر جنيف 2 المقرر في يناير (كانون الثاني) المقبل، بل لم يعد انعقاده مؤكدا.

تونس ما تزال تسعى من جانبها، إلى تجاوز المرحلة الانتقالية فيها بصعوبة شديدة وسط عنف متزايد. أما ليبيا، فقد غرقت في وحل العنف وسطوة الميليشيات المسلحة، والصراع على النفط. بينما شهدت مصر سقوط حكم الإخوان، وإعداد خريطة طريق جديدة، ما تزال تحاول شق طريقها بصعوبة وسط أعمال عنف متصاعدة أيضا. أما اليمن، فيجتاز المرحلة الانتقالية فيه برعاية خليجية، بصعوبة شديدة أيضا، في ظل عنف مندفع ودعوات انفصال في الجنوب وحروب مع الحوثيين في الشمال.

الملفان الوحيدان اللذان تحركا وسط هذا الخراب والفوضى المصاحبة له، تاركين علامة تعجب، هما مفاوضات السلام الفلسطينية - الإسرائيلية والملف النووي الإيراني الذي راوح مكانه طيلة عشر سنوات، بعد صعود حسن روحاني إلى سدة الرئاسة، ما أسفر عن اتفاق أولي بين القوى الكبرى وطهران، يتعرض إلى اختبار يمتد لستة أشهر من توقيعه.

وفي تركيا ازدادت الأوضاع الداخلية سخونة مع اندلاع المظاهرات، ثم الصراع الذي تفجّر في نهاية العام، وهز حكومة إردوغان، بعد تحقيقات الفساد التي طالت أبناء وزراء، وأسفر ذلك عن استقالات انتهت بتسمية إردوغان وزراء حكومة جديدة.

دوليا، هو عام فضائح التنصت التي فجرها الأميركي سنودن، المحلل السابق في وكالة التنصت الأميركية. فضائح قادت إلى توتير علاقات واشنطن بحلفائها الغربيين بعد انكشاف تنصتها عليهم. وفي جنوب شرقي آسيا، فتحت الخلافات بين العملاقين الصيني والياباني بؤرة توتر دولية جديدة، ستكون لها تداعيات كبيرة ما لم يجر احتواؤها.