2013.. عام تدوير الأزمات في العراق

بدأ وانتهى بغياب طالباني وأزمة مظاهرات المحافظات الغربية

عراقيون يتجمعون حول سيارة تحترق بعد هجوم في منطقة الأمين ببغداد في 8 ديسمبر 2013 (أ.ف.ب)
TT

كان عام 2013 قد بدأ في العراق على وقع أزمتين تمثلان في النهاية أهم حدثين فيه. الأزمتان اللتان تلازمتا مع بعضهما هما مرض الرئيس جلال طالباني الذي فاق كل التوقعات في طبيعته والكيفية التي تدار بها الدولة في غيابه بين المنطقين القانوني والسياسي، وكذلك الحراك الشعبي في المحافظات الغربية من البلاد. وفي حين كان المتوقع أن تنتهي أزمة مرض طالباني في وقت قصير ويعود إلى ممارسة مهامه الرئاسية، وكذلك أزمة المظاهرات بعد أسابيع من قيامها، ينتهي عام 2013 وكلتاهما لا تزال قائمة ومرشحة للبقاء حتى عام 2014.

وحسب تقديرات الخبراء والسياسيين فإن عام 2013 سيمتد حتى الانتخابات البرلمانية المقبلة في أبريل (نيسان) 2014 لأن في العراق لا تقاس الأشياء بالمنطق. غياب الرئيس طالباني شكل أزمة لكل الأطراف سواء في بغداد أو في أربيل في إقليم كردستان. القيادي الكردي المعروف فؤاد معصوم رئيس كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي، ورفيق درب الرئيس جلال طالباني، يقول لـ«الشرق الأوسط» بأن «غياب الرئيس مام جلال كل هذه الفترة كان أمرا مفاجئا للجميع ولكن تولد شعور لدى الجميع بأن الرئيس، بما يمثله من ثقل سياسي ونضالي وتاريخي، لا يمكن بحث ما يمكن أن يترتب على غيابه من التزامات دستورية أو سياسية». ويضيف قائلا إن «الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه طالباني كان هو الخاسر الأكبر من هذا الغياب وقد تجلى ذلك في الانتخابات الأخيرة في الإقليم» حيث رأى أن «التفسير القانوني هو أن منصب الرئاسة ليس في حالة خلو بل شغور وأن هناك نائب الرئيس يتولى الأمر لأن طالباني على قيد الحياة ولم يصدر تقرير طبي يحدد وضعه الصحي بشكل نهائي».

أما على صعيد أزمة الحراك الشعبي في المحافظات الغربية وما ترتب عليه من مشاكل وأزمات كان أبرزها مجزرة الحويجة في 22 أبريل الماضي، فإن البعد الأهم فيها هو ارتباطها بالانتخابات. ففي حين تأجلت انتخابات مجالس المحافظات في كل من محافظتي نينوى والأنبار لأسباب سياسية واضحة بهدف التأثير على نتائجها الكلية حتى لا تحسب على أهل الحراك الشعبي، فإن التوقعات تشير الآن إلى أن جزءا كبيرا من رهان الكتل السنية في المحافظات الغربية يتمحور حول كسب ود المتظاهرين. غير أن عضو لجان التنسيق الشعبية الشيخ نواف المرعاوي يقول لـ«الشرق الأوسط» بأن «ساحات الاعتصام أوضحت موقفها سواء لجهة استمرارها وعدم تعليقها مهما كانت الأسباب أو لجهة عدم دعمها أي سياسي أو كتلة أو حزب»، مشيرا إلى أن «الاعتصامات ليست موضع مزايدة بين السياسيين مثلما أن الانتخابات مسألة شخصية فإنه لا يوجد توجيه لدى الساحة لأحد بأن ينتخب فلانا أو لا ينتخب علانا».

سياسيا أيضا، كان عام 2013 هو أحد أهم الأعوام في مرحلة ما بعد التغيير على صعيد تحشيد الرأي العام الجماهيري ضد الفساد. فقد خرجت مظاهرات جماهيرية في بغداد وعدد من المحافظات الوسطى والجنوبية من أجل توفير رأي ضاغط باتجاه تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث وإلغاء رواتب أعضاء البرلمان وهو ما صدر على شكل حكم من المحكمة الاتحادية بهذا الشأن.

في السياق نفسه وفي سياق ما ترتب على انتخابات مجالس المحافظات التي جرت في أبريل الماضي وأدت إلى تغييرات ملحوظة في الخارطة السياسية في البلاد، وهو ما سينعكس بشكل واضح على الانتخابات البرلمانية المقبلة، فإن هذه الجزئية في الوضع السياسي العراقي ستجعل أحداث عام 2013 السياسية مرهونة إلى حد كبير بما سيحصل بعد انتخابات أبريل 2014.

ولا تقل عما سبق أهمية قصة أخرى من قصص التسلية السياسية في العراق وهي ما بات يعرف في الخطاب السياسي العراقي بـ«الولاية الثالثة» والمقصود بها إصرار رئيس الوزراء نوري المالكي وائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه على ولاية ثالثة له. زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر كان هو الأكثر وضوحا في رفض تولية المالكي ومن ثم تبعه المجلس الأعلى الإسلامي الذي يتزعمه عمار الحكيم وزعيم ائتلاف العراقية إياد علاوي بينما تبدو مواقف الكتل الأخرى ومنها كتلة التحالف الكردستاني وقائمة متحدون بزعامة أسامة النجيفي غير حاسمة بما فيه الكفاية. القيادي في التيار الصدري عضو البرلمان، محمد رضا الخفاجي، يقول لـ«الشرق الأوسط» بأن «الهدف من موقفنا بشأن رفض الولاية الثالثة للمالكي هو عدم تكريس الديكتاتورية في البلاد ولا معارضتنا لا تعبر عن موقف شخصي منه». ويضيف الخفاجي أن «المسألة الهامة هنا هي سلسلة الفشل الأمني والسياسي والخدمي والذي ظهر واضحا على أصعدة كثيرة من أبرزها الخروقات الأمنية التي بلغت حدا لا يمكن السكوت عليه عندما تمكن تنظيم القاعدة الإرهابي من تهريب أكثر من 1000 سجين من سجني الحوت وأبو غريب في بغداد».

ما أعلنه القيادي الصدري يكشف جانبا مهما آخر من جوانب المأساة العراقية يتمثل بزيادة معدلات العنف في البلاد بشكل غير مسبوق فضلا عن عودة عمليات الاغتيالات والتهجير الطائفي في مناطق مختلفة من البلاد وهو ما ضاعف معدلات الهجرة إلى الخارج بالإضافة إلى استمرار اختيار العراق في المراتب ما قبل الأخيرة على صعيد الفساد.

وفي حينما حصلت بغداد على لقب «عاصمة الثقافة العربية لعام 2013» جرى الاحتفال به بالكثير من الفعاليات في مجالات المسرح والشعر والموسيقى والسينما والفنون التشكيلية فإنه ما أن أوشك هذا العام أن ينتهي حتى تم اختيار أربيل عاصمة للسياحة العربية لعام 2014. ومن أربيل أيضا فإن عام 2013 شهد المزيد من الخلافات على الصعيد النفطي مع بغداد بدأت أوائل العام بعدم دفع الحكومة الاتحادية مستحقات الشركات النفطية التي عملت على حفر الآبار النفطية في إقليم كردستان، والبالغة نحو أربعة مليارات دولار، وانتهت الآن على وقع خلاف لا أحد يتوقع كيف يمكن أن تكون نهايته وهو الاتفاق النفطي بين إقليم كردستان وتركيا الذي لا يزال غير مدعوم من بغداد. حصل هذا في وقت كانت قد شهدت العلاقات بين أربيل وبغداد قد شهدت نوعا من تطبيع العلاقات تمثل بزيارة المالكي إلى أربيل ومجيء رئيس إقليم كردستان إلى بغداد.