اشارت اعمال التنقيب، التي تقوم بها بعثة أثرية اميركية ـ يمنية مشتركة، في معبد بلقيس، ملكة سبأ اليمنية القديمة، بمحافظة مأرب (140 كيلومترا شرق صنعاء)، الى ان المعبد ينطوي على قيم وابعاد اثرية، تدرجه في اطار «عجائب الدنيا السبع» القديمة، بما يجعل منه اعجوبة ثامنة، بالمفهوم المتعارف لتلك العجائب.
وقال البروفسور الاميركي بيل جلانزمان المدير الحقلي لاعمال التنقيب التي تشرف عليها المؤسسة الاميركية لدراسات الانسان، ان معبد اوام محرم بلقيس الذي يعرف ايضا بمعبد القمر «يعد اثرا تاريخيا له اهميته، باعتباره اكبر معبد تاريخي قديم في شبه الجزيرة العربية، ظل يؤدي دوره التعبدي كمكان لاداء الشعائر السبئية، منذ اوائل الالف الاول قبل الميلاد، وحتى القرن الميلادي الرابع». واضاف «ان المعبد الذي ما زال نصفه مدفونا تحت الرمال، قد يصبح اعجوبة ثامنة، تجتذب حركة السياحة من كل حدب وصوب وان الاكتشافات التي تحققت حتى الان، تشير الى ان هذا الموقع ينطوي على امكانيات سياحية عالمية، لا تقل في اهميتها عن القيمة الاثرية لاهرام الجيزة في مصر، واطلال بومبي الايطالية او الاكروبوليس في اليونان».
وذكر جلانزمان ايضا ان موقع المعبد زاخر بالقطع الفنية واللقى والفخاريات والنقوش، التي يمكن ان تزيل الكثير من الغوامض، وتلقي اضواء جديدة على الحضارة القديمة في جنوب شبه الجزيرة العربية. في حين اوضح الدكتور يوسف محمد عبد الله، رئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف والمخططات، ان عمليات التنقيب التي اجريت في الموسمين السابقين من اعمال البعثة، خرجت بنتائج مهمة حول تاريخ بناء المعبد الذي يرجح انه يعود الى العصر البرونزي المتأخر، ويقدر عمره بما بين 1300 الى 1500 سنة. واردف «ان اعمال التنقيب لم تستكمل وستتواصل، اذ ما زال الغموض يكتنف الكثير من الحقائق المتعلقة بتشييد المعبد لكون نصف اجزائه مدفون تحت الرمال، الامر الذي يتطلب مزيدا من العمل لمعرفة نتائج اخرى اضافية». وذكر ان البعثة الاميركية استخدمت في عملها وللمرة الاولى اجهزة متطورة للكشف عن اساسات هذا المعبد، منها اجهزة الكومبيوتر ورادارات تحت الارض ترسل خطوطا وموجات تتيح دراسة وتحليل المادة الاثرية المكتشفة».
واشار الى ان المسوحات المغناطيسية خلال الموسم السابق شملت المنطقة داخل المعبد وخارجه، ومجسات حفرية في الجزء الجنوبي الذي كان مطمورا تحت الرمال بصورة كاملة، وكشف خلال هذه المرحلة عن وجود خمسة صفوف من الاعمدة بامتداد 36 مترا اضافة لعشرات الصفوف الاخرى التي ما زالت باقية بحالة جيدة. وقال رئيس الهيئة العامة للآثار في اليمن ان اعمال التنقيب في معبد اوام بلقيس تحظى بدعم عدد من الدول والمنظمات ذات العلاقة، ومنها الحكومة الهولندية التي ينتظر ان تقدم منحة مالية لمواصلة العمل في هذا الموقع، كما تواصل المؤسسة الاميركية لدراسات الانسان من جانبها البحث عن التمويل اللازم لمواصلة اعمال التنقيب، ومن المنتظر ان تستأنف اعمال موسمها الثالث في فبراير (شباط) المقبل.