الاقتصاد السعودي في 2011.. نمو وصمود وسط أمواج الأزمات السياسية والاقتصادية العالمية

الرياض واصلت الإنفاق لتحفيز الاقتصاد وتؤكد امتلاكها الحلول المناسبة لمواجهة أي أزمة

سجل عام 2011 نموا في الاقتصاد السعودي بحدود 5% مواصلا أداءه الجيد خلال هذه الفترة (تصوير: خالد الخميس)
TT

استطاع الاقتصاد السعودي أن يواصل قدرته على امتصاص الأزمات العالمية، مواصلا نموه بثبات وفقا لسياسة مالية بعيدة المدى، في الوقت الذي شهد فيه العالم أزمات تسببت في تساقط دول اقتصادية عظمى وترنحها أمام الديون تسببت في خلخلة كبيرة للاقتصاد العالمي، وذلك خلال العام الماضي 2011.

السياسة المالية والنقدية التي أدار بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز البلاد منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية عام 2008 ساهمت وبشكل كبير في الحفاظ على المملكة من تداعيات الأزمة، وذلك من خلال تحفيز حكومي بإنفاق ما يقارب 400 مليار دولار على مشاريع البنى التحتية، في الوقت الذي دعم فيه ذلك الإنفاق ما قدمه خادم الحرمين الشريفين من تحفيز آخر بدعم صندوق التنمية العقارية والإعلان عن خطة للإسكان بمبالغ تصل إلى 250 مليار ريال (66.6 مليار دولار) كانت كفيلة بتعزيز وضع الاقتصاد السعودي.

وعطفا على السياسة السابقة للاحتياطيات، استطاعت المملكة أن تكون بمنأى عن تلك التداعيات التي تشهدها أوروبا، خاصة أن درجات التأثير على دول العالم متفاوتة وتكون الأقل على المملكة، وفقا لما ذكره وزير المالية السعودي الدكتور إبراهيم العساف خلال اجتماع مجموعة العشرين الأخير.

وقال العساف إن المملكة تملك الوسائل المناسبة للحد من أي تأثير سلبي على اقتصاد المملكة وذلك من خلال الاحتياطيات والإمكانات الكبيرة التي يمنحها الاقتصاد السعودي، وأضاف: «لو حدثت انتكاسة كبيرة في الأوضاع الاقتصادية الأوروبية، مع الأخذ في الاعتبار أهمية أوروبا، فسيؤثر على دول العالم بما في ذلك المملكة بدرجة أو بأخرى، لكني أؤكد أن التأثير سيكون محدودا جدا، والسبب أن لدينا الوسائل المناسبة كما حدث في عام 2009 للحد من التأثير السلبي على اقتصاد المملكة»، معربا عن أمله في أن لا تحدث أي انتكاسة مهما كان حجمها.

وتابع الوزير العساف أن السياسات المالية والاقتصادية التي تتبعها الحكومة عززت قدرة الاقتصاد السعودي على تجاوز آثار الأزمة المالية العالمية، وأسفرت عن آثار إيجابية لم يقتصر أثرها الإيجابي على الاقتصاد المحلي فحسب؛ بل استفادت منها الاقتصادات الإقليمية والعالمية.

وأشار إلى الدور المهم للمملكة في استقرار السوق النفطية بما يحقق مصلحة المنتجين والمستهلكين ودعم نمو الاقتصاد العالمي.

وأوضح، على صعيد سياسة المالية العامة، أنه تم تعزيز البرنامج الاستثماري للحكومة الذي أسفر عن زيادة كبيرة في الإنفاق على القطاعات الاجتماعية والبنية التحتية، تمشيا مع أهداف خطة التنمية التاسعة، علاوة على أن الأوامر الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين أوائل هذا العام تهدف إلى تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي وتوفير المزيد من الفرص الوظيفية للشباب السعودي ومواجهة الطلب على الإسكان.

وفي مجال السياسة النقدية والمصرفية، أفاد بمتانة وسلامة القطاع المصرفي، الذي يتمتع بملاءة مالية وسيولة عالية فضلا عن اختبارات التحصيل التي أجراها خبراء البنك وصندوق النقد الدوليين التي أكدت قدرة القطاع المصرفي على مواجهة الصدمات، وأشار إلى ارتفاع معدلات نمو الائتمان المقدم للقطاع الخاص.

القادم إلى المملكة يلاحظ حجم حركة الإنشاء والتشييد من خلال مشاريع مختلفة، من مشاريع بنية تحتية أو مشاريع القطاع الخاص، مما يساعد على تنشيط الحركة الاستثمارية والاقتصادية، في الوقت الذي تتطلع فيه المملكة لأن تكون في طليعة دول المنطقة في القطاع المالي من خلال الاستمرار في بناء مركز الملك عبد الله المالي، كما سجلت الاحتياطات فوائض قياسية خلال العام الحالي.

الاقتصاد السعودي أظهر تماسكا قويا خلال أحداث الربيع العربي الذي شهد مظاهرات شعبية في دول المنطقة، وعلى الرغم من ذلك، أظهر الاقتصاد السعودي قدرته على تجاوز تأثيرات تلك الأزمة؛ بل وتمكن من تغطية نقص النفط الليبي الذي توقف إبان حرب الثوار مع النظام الليبي السابق، مما مكن المملكة لدور قيادي في تغطية ذلك النقص.

وكان صندوق النقد قد ذكر في وقت سابق أن إنتاج النفط في السعودية يواصل الارتفاع لتعويض انخفاض في الإنتاج في أماكن أخرى بالمنطقة، مضيفا أنه من المرجح أن تسجل الميزانية وميزان المعاملات الخارجية في السعودية فائضا قويا وسط زيادة في إنتاج النفط.

الاقتصاد السعودي يتمتع بعوامل أساسية جيدة تجعله في وضع قوي؛ من بينها انخفاض مستويات الديون، والتوقعات بتحقيق فائض في الموازنة، والمكاسب الناجمة عن ارتفاع سعر النفط، مما جعلها تسجل نموا في الناتج المحلي بنسبة 5.1 في المائة خلال العام الماضي.

وقال تقرير صادر من البنك الأهلي السعودي: «حققت السعودية نموا في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3.8 في المائة في 2010 ارتفاعا من 0.6 في المائة في 2009».

وكان خادم الحرمين الشريفين أعلن في مارس (آذار) الماضي عن منح قيمتها 93 مليار دولار علاوة على 37 مليار دولار أعلن عنها في وقت سابق شملت زيادة في الرواتب وقروضا سكنية واجتماعية.