الأمير عبد الله بن عبد العزيز يختم القرآن الكريم

سليمان الحديثي

TT

من المعلوم لدينا جميعا مدى عناية المسلمين بالقرآن الكريم من جميع النواحي، ولا غرو في ذلك، فهو الكتاب الكريم وكلام الله جل وعلا الذي نزل به الروح الأمين على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن جوانب هذا الاهتمام: الاحتفال بمن يختم القرآن من الأطفال إما قراءة أو حفظا. وهذه العادة متبعة عند كثير من السعوديين وغيرهم من المسلمين، والغرض منها تشجيع الأطفال على قراءة القرآن ودراسته وحفظه. وكان الملك عبد العزيز - رحمه الله - شديد العناية بهذه العادة الطيبة، ويحرص عليها أشد الحرص، ويُحضر لأولاده منذ طفولتهم المبكرة الشيوخ والمقرئين والأساتذة كي يحفظوهم ويدرسوهم القرآن الكريم، كما يدرسونهم علوما أخرى. وكانوا - أي أولاده - يختمون القرآن الكريم قراءة وهم دون العاشرة من العمر، ويحفظون بعض أجزائه.

وكلما ختم أحد أولاده القرآن الكريم أقام له حفل تكريم، تقام خلاله العرضة النجدية، كما يجري استعراض الجند، وعرض الخيل، وتوزع الهدايا والمكافآت. وغالبا ما كان الملك عبد العزيز يحضر بنفسه هذه الاحتفالات، ولا يتغيب عنها إلا للضرورة، كما يحضر الحفل كبار الأمراء ورجال الدولة وجمع غفير من المواطنين.

وقد ختم الأمير عبد الله بن عبد العزيز (الملك حفظه الله) القرآن الكريم قراءة وهو في التاسعة من العمر، وحفظ بعض أجزائه وسوره، وذلك عام 1353هـ. وكان الطفل عبد الله حينها مع والده الملك عبد العزيز في الطائف، وحين علم الملك بختم ابنه الأمير عبد الله القرآن مع أخويه الأميرين مساعد وعبد المحسن، أمر بأن يقام لهم حفل الختمة في الطائف، فكان ذلك في يوم الاثنين 9 جمادى الأولى 1353هـ، وحضر الملك بنفسه هذا الاحتفال الذي كان حفلا باهرا كبيرا.

نشرت جريدة «أم القرى» خبر ختم الأمير عبد الله وأخويه الأميرين مساعد وعبد المحسن القرآن الكريم في الصفحة الثانية من العدد 506 الصادر يوم الجمعة 13 جمادى الأولى 1353هـ/ 24 أغسطس (آب) 1934م، تحت عنوان «احتفاء بختم كتاب الله». وجاء في الخبر ما نصه:

«من العادات المحبوبة في نجد تعظيم دراسة القرآن الكريم وتنشيط حفاظه، وإذا أتم القرآن أحد فتيانهم احتفلوا به وساروا في الأسواق مشاة وركبانا يحملون سيوفهم وينادون (سامعين لامعين) يريدون بذلك أنهم سمعوا كلام الله، مطيعين لأوامره، ولامعين بسيوفهم لحماية دعوته. والأسبوع المنصرم ختم كتاب الله من أنجال جلالة الملك الأمراء عبد الله ومساعد وعبد المحسن، وقد احتفل بهم احتفالا جميلا، وأمر جلالة الملك بعمل استعراض للجند النجدي الموجود في الطائف، وكان الاستعراض أمام القصر الملكي صباح يوم الاثنين الماضي، وقد اشترك فيه جميع الأمراء وجميع الجند من خيالة ومشاة، فكان منظرا مهيبا يثير الحماس في النفوس ويأخذ بمجامع القلوب. فنقدم تهانينا لجلالة الملك المعظم ولأصحاب السمو الأمراء الكرام، ونسأله تعالى أن يطيل عمر جلالته، قائما على العمل بما جاء في كتاب الله، ناشرا الدعوة الإسلامية، عاملا على إحياء الشريعة الأحمدية».

وقد اعتنت جريدة «أم القرى» بذكر العرضات والاحتفالات التي تقام بمناسبة ختم أبناء الملك عبد العزيز وغيرهم قراءة القرآن الكريم، كما نجد بعض ذلك مذكورا في مذكرات الشيخ عبد الله خياط، إمام الحرم، ومذكرات الأستاذ أحمد علي بن أسد الله الكاظمي - رحمهما الله - وكانا من أبرز أساتذة أبناء الملك عبد العزيز في مدرسة الأمراء. وفي مذكرات أحمد علي بعض أخبار الملك عبد الله بن عبد العزيز النادرة في طفولته وبداية شبابه.

* كاتب سعودي