«الائتلاف السوري المعارض» تراجع على الأرض.. ووافق بشروط على «جنيف 2»

ضم مكونات جديدة إلى عضويته وشكل حكومة انتقالية لإدارة «المناطق المحررة»

أب سوري يصرخ بعد مقتل طفليه في قصف لقوات النظام السوري في منطقة الأنصاري بحلب يوم 3 يناير(كانون الثاني) (رويترز)
TT

مني «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» بنكسات عدة خلال عام 2013، أبرزها تلك التي تتعلق بسحب فصائل عسكرية معارضة الاعتراف به، بسبب فشله في تمثيل «أهداف الثورة»، على حد تعبيرها. ورغم انتخاب أحمد الجربا رئيسا له خلفا للرئيس المستقيل معاذ الخطيب وإدخال مكونات جديدة إلى عضويته وتشكيل حكومة انتقالية برئاسة أحمد طعمة، بقي «الائتلاف المعارض» في حالة من التخبط السياسي جعلته يتردد طويلا قبل إعلان موافقته المشروطة على المشاركة في مؤتمر «جنيف2» المزمع عقده في 22 يناير (كانون الثاني) المقبل.

واشترط الائتلاف عدم وجود أي دور للرئيس السوري بشار الأسد في المرحلة الانتقالية التي سيقرها مؤتمر «جنيف 2»، بحسب ما أكد رئيسه أحمد الجربا، مشيرا إلى «ضرورة فتح ممرات إنسانية وآمنة ودائمة في مناطق محاصرة في سوريا وانسحاب المقاتلين التابعين لـ«حزب الله» وعناصر الحرس الثوري الإيراني من الأراضي السورية». وكان الجربا قد فاز برئاسة «الائتلاف المعارض» في أواخر شهر أغسطس (آب) الماضي خلفا لرئيسه المستقيل الشيخ معاذ الخطيب، بعد جولات ماراثونية من الخلافات والمناقشات الصاخبة التي سبقت عملية الانتخابات، في حين حاز ممثل «الإخوان المسلمين» فاروق طيفور على أحد منصبي نواب الرئيس، وفازت سهير الأتاسي بالمنصب الثاني. وشكل قبول «الائتلاف المعارض» المشاركة في مؤتمر «جنيف 2» أول صدام سياسي بينه وبين الكتلة العسكرية التي تقاتل على الأرض، إذ أعلن رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر، اللواء سليم إدريس، أن «مقاتليه لن يشاركوا في محادثات جنيف وسيواصلون القتال للإطاحة بالأسد». سبق ذلك انضمام 15 عضوا من هيئة الأركان إلى «الائتلاف المعارض» ضمن توسعة شملت 43 عضوا جديدا، بينهم ممثلون عن «الحراك الثوري في الداخل» و«المجلس الوطني الكردي» و«اتحاد الديمقراطيين السوريين» الذي يقوده المعارض ميشيل كيلو.

وتوسع الشرخ بين «الائتلاف المعارض» والمقاتلين على الأرض إثر إعلان 70 مجموعة مقاتلة سحبها الاعتراف به في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مبررة ذلك بـ«فشل الائتلاف في تمثيل المعارضة السورية وإسقاط نظام بشار الأسد». وأتت هذه الخطوة بعد قيام 13 مجموعة أخرى في شمال البلاد بخطوة مماثلة نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، ودعت فيها إلى تشكيل تحالف إسلامي يضم جبهة «النصرة» المرتبطة بـ«القاعدة».

في المقابل، حاز «الائتلاف المعارض» على اعتراف دبلوماسي عربي ودولي واسع، إذ اعترفت دول مجلس التعاون الخليجي التي تضم المملكة العربية السعودية وقطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة والكويت وعمان بالائتلاف كممثل شرعي للشعب السوري، وسحبت اعترافها بحكومة الرئيس بشار الأسد. وبعد بضع ساعات قليلة، اعترفت جامعة الدول العربية باستثناء الجزائر والعراق ولبنان بالائتلاف كممثل شرعي للشعب السوري. هذا الاعتراف العربي والدولي الواسع دفع الائتلاف إلى تأسيس مكاتب دبلوماسية له في تركيا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا ودول مجلس التعاون الخليجي وأميركا وهنغاريا وتعيين ممثلين عنه. كما لقي الائتلاف دعما من تركيا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وفرنسا، والدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، وأصدرت الولايات المتحدة بيانا صحافيا في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) تهنئ فيه الممثلين عن الشعب السوري على تشكيل الائتلاف، جاء فيه: «إننا نتطلع إلى دعم الائتلاف الوطني في خط طريقه نحو نهاية حكم الأسد الدموي، وبداية مستقبل سالم وعادل وديمقراطي الذي يستحقه كل السوريين». كما جدد البيان التزام الولايات المتحدة بالمساعدات الإنسانية وغير القتالية. وتوصل «الائتلاف الوطني المعارض» في 11 نوفمبر الماضي إلى اتفاق على تشكيل حكومة انتقالية يرأسها أحمد طعمة، بعد ثلاثة أيام من المحادثات في مدينة إسطنبول التركية. وضمت الحكومة اتخذت في مدنية غازي عنتاب مقرا لها ثمانية وزراء إلى جانب نائب رئيس الوزراء. لكن عملها الذي كان من المفترض أن يشمل ضبط الأمن في «المناطق المحررة» وإدارة المعابر الحدودية ومتابعة شؤون النازحين، لم تتبلور إنجازات ميدانية، لا سيما أن وزراءها يقطن معظمهم خارج سوريا، إضافة إلى أن «المناطق المحررة» باتت أجزاء كبيرة منها تخضع للقوى الإسلامية المتشددة.