مجزرة بيشاور..«11 سبتمبر» الباكستاني

الحكومة الباكستانية ترفع التجميد عن عقوبة الإعدام ضد الإرهابيين

TT

بعد يومين، من قتل أكثر من 150 طالبا في هجوم إرهابي على مدرسة عسكرية في بيشاور، أمر قائد الجيش الباكستاني الجنرال رحيل شريف بإعدام 6 إرهابيين كانوا قد أدينوا أمام محاكم عسكرية بتهمة مهاجمة منشآت عسكرية بمختلف أرجاء باكستان. وقبل ذلك بيوم واحد، رفع رئيس الوزراء نواز شريف التجميد الذي كان مفروضا على عقوبة الإعدام من قبل الحكومة السابقة التابعة لحزب الشعب الباكستاني.

وجاء ذلك في إطار رد الفعل الفوري من قبل الحكومة الباكستانية تجاه الهجوم الإرهابي المروع ضد مدرسة عسكرية في بيشاور. من جهته، راجع قائد الجيش الباكستاني التطورات الأخيرة في العملية العسكرية الحالية شمال وزيرستان، ووجه قواته لتعقب الإرهابيين بأقصى قوة.

في الوقت ذاته، أشارت إدارة العلاقات العامة للجيش الباكستاني إلى أن 5 مسلحين، بما في ذلك قائد رفيع المستوى، قتلوا، السبت، خلال تبادل إطلاق النار بين قوات الأمن ومسلحين بمنطقة «بازارغاري» التي تقع على التخوم الحدودية في بيشاور.

وتبعا للعلاقات العامة العسكرية، فإن الصدام وقع قرب مدينة دارا آدم خيل، مما أسفر عن مقتل 5 مسلحين، بينهم قائد بارز يدعى مصطفى، ينتمون لطالبان لقوا حتفهم. وأشارت تقارير إلى أن مصطفى شقيق عمر منصور - العقل المدبر لمذبحة مدرسة بيشاور.

وقد أثار الهجوم الذي تعرضت له مدرسة بيشاور صدمة عارمة في مختلف جنبات المجتمع الباكستاني، بل ولن يكون من قبيل المبالغة القول إنه أحدث هزة في الأساس الذي تقوم عليه السياسة الاستراتيجية الباكستانية تجاه التعامل مع الحركات المسلحة والمتطرفة.

في هذا الصدد، أكد سارتاج عزيز، مستشار رئيس الوزراء لشؤون الأمن الوطني والشؤون الخارجية، أن «المذبحة التي اقترفتها طالبان في مدرسة عامة ببيشاور تعد بمثابة هجمات 11 سبتمبر الباكستانية. هذا الهجوم الذي خلف على الأقل 148 طالبا ومدرسا قتلى سيغير توجه باكستان حيال محاربة الإرهاب».

جدير بالذكر أنه منذ أسابيع قليلة فقط، صرح المسؤول ذاته بأنه لا ينبغي أن تهاجم باكستان الجماعات المسلحة التي لا تهاجم الدولة والحكومة الباكستانية، مما أثار انتقادات واسعة داخل وخارج البلاد.

الآن بعد الهجوم، أخبر عزيز وسائل الإعلام أن الهجوم الإرهابي الأخير يعد الأكثر دموية في تاريخ البلاد وسيغير قواعد اللعبة.

وأضاف: «لقد زلزل المجتمع الباكستاني بأكمله، ويعد في الكثير من جوانبه بداية لاستراتيجية جديدة للتصدي للإرهاب. ومثلما بدلت هجمات 11 سبتمبر الولايات المتحدة والعالم للأبد، فإن هذا الهجوم يعد بمثابة النموذج الباكستاني من تلك الهجمات».

وبدأت استجابة الحكومة الباكستانية لهذا الهجوم الدموي، الجمعة 19 ديسمبر (كانون الأول) ، عندما تم شنق إرهابيين مدانين بسجن ضاحية فيصل آباد في المساء. والإرهابيان هما محمد عقيل، العضو السابق بالفيالق الطبية بالجيش الباكستاني الذي اشتهر باسم دكتور عثمان. وكان من بين 7 أدينوا بمهاجمة مقر قيادة الجيش في روالبيندي. أما الثاني، فهو أرشاد مهربان الذي أدين بالتورط في هجوم ضد الرئيس السابق بيرفيز مشرف. وفي اليوم ذاته، قتلت الطائرات العسكرية والقوات البرية الباكستانية 67 مسلحا بمنطقة قبلية تقع شمال غربي البلاد قرب الحدود الأفغانية، حسبما أفاد مسؤولون الجمعة. ومع ذلك، تبقى الحقيقة أن الهجوم الذي تعرضت له المدرسة ترك جرحا غائرا بقلب المجتمع الباكستاني. وقد سارعت الحكومة بإغلاق المدارس العامة والخاصة بمختلف أرجاء البلاد مع استشعارها خطر إمكانية تعرض مزيد من المدارس لهجمات من طالبان.

جدير بالذكر أن 16 ديسمبر، يوم مذبحة المدرسة الباكستانية، يحمل أهمية تاريخية للشعب الباكستاني باعتباره يوم انفصال الجناح الشرقي عام 1971 عن البلاد.

كان 7 أعضاء من جماعة «تحريك طالبان» باكستان قد نفذوا هجوما إرهابيا ضد مدرسة عامة تتبع الجيش في بيشاور. وقد دخل الـ7 المدرسة وفتحوا النار، مما أسفر عن سقوط أكثر من 100 قتيل بينهم 132 طفلا على الأقل، تتراوح أعمارهم بين 8 و18 عاما. وبدأ الهجوم في قرابة الـ10 صباحا، عندما اقتحم المهاجمون الـ7 المدرسة من الخلف عبر مقبرة مجاورة مرتدين زيا عسكريا. وتحركوا باتجاه بهو المدرسة وفتحوا أسلحتهم النارية الأوتوماتيكية على الأطفال دون تمييز.

من جهته، قال المدير العام للعلاقات العامة العسكرية ميجور جنرال عاصم باجاوا: إن «الإرهابيين لم يكن في نيتهم احتجاز رهائن، وإنما رغبوا في قتل أكبر عدد ممكن من الطلاب. ومع فتح الإرهابيين النار، فر الكثير من الطلاب باتجاه مخرجين للبهو على الجانب الآخر، لكن الكثير منهم سقطوا تحت وابل الرصاص».

وذكرت تقارير أن الطلاب أجبروا على مشاهدة إشعال النار في مدرسيهم، بينهم الناظرة طاهرة كازي، حتى الموت. وفي غضون ما بين 5 و7 دقائق، اقتحمت فرق من القوات الباكستانية المدرسة داخل عربات مصفحة، واشتبكوا مع الإرهابيين على الفور مما منعهم من قتل باقي المدرسين والطلاب. وانتقل الإرهابيون لمبنى الإدارة وأخذوا معهم رهائن، بينما تمكنت القوات العسكرية من قتل أحد المهاجمين قرب بهو المدرسة، بينما نجح الـ6 الآخرون في الوصول للمبنى الإداري.

من جهتهم، يرى خبراء أمنيون أن باكستان لن تعود قط كما كانت، وأنه سيتحتم عليها الآن التخلي عن سياستها المزدوجة القائمة على فكرة حماية طالبان الطيبة.