«قائمة الكيانات الإرهابية» بمصر في انتظار أعضائها

الإخوان وبيت المقدس وأجناد مصر أبرز التنظيمات المتوقعة

TT

في إطار جهودها لمواجهة الإرهاب، والقضاء على ظاهرة العنف المتنامية في البلاد من خلال تعقب جذورها، تعمل السلطات المصرية حاليا على إعداد قائمة دورية لحصر كافة الجماعات الإرهابية التي تنشط في البلاد، والتي تمت إدانتها قضائيا بارتكاب جرائم عنف وتخريب، وذلك في سياق تشريع قانوني جديد تحت اسم قانون «الكيانات الإرهابية»، بما يمكنها من التغلب على ثغرة قانونية حالت في الفترة السابقة دون تصفية الكثير من تلك الجماعات.

ومن المنتظر أن يُصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال الأيام القليلة المقبلة ذلك القانون الجديد رسميا، بعد أن أقرته الحكومة نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وانتهى قسم التشريع بمجلس الدولة من مراجعته. وتعد جماعات (الإخوان المسلمين، أنصار بيت المقدس، وأجناد مصر)، أبرز تلك الكيانات المتوقع أن تشملها القائمة الإرهابية. ومنذ عزل الرئيس محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، العام الماضي، صعد متشددون من هجمات تستهدف عناصر الشرطة والجيش في عدة محافظات خاصة في سيناء، حيث قتل المئات منهم في تلك الهجمات، فيما تقوم قوات الأمن بحملات أمنية موسعة للقضاء عليهم.

وتتهم الحكومة جماعة الإخوان بالوقوف وراء تلك العمليات، التي عادة ما تستهدف عناصر الشرطة ورجال القوات المسلحة، وإثر ذلك أدرجتها رسميا كتنظيم إرهابي قبل عدة أشهر.

وينص مشروع القانون على اعتبار الكيان الإرهابي هو «كل جمعية أو منظمة أو جماعة أو عصابة، تمارس أو يكون الغرض منها الدعوة بأي وسيلة إلى الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع أو مصالحه أو أمنه للخطر، أو إيذاء الأفراد أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو حقوقهم أو أمنهم للخطر أو الإضرار بالوحدة الوطنية»، إضافة إلى جرائم أخرى نص عليها حصريا وتتعلق بالإضرار بالمؤسسات العامة للدولة والخاصة للأفراد.

ووفقا للقانون، تكلف النيابة العامة بإعداد قائمة تسمى «قائمة الكيانات الإرهابية» تدرج عليها الكيانات التي تصدر في شأنها أحكام جنائية تقضي بثبوت هذا الوصف الجنائي في حقها، كما خصص إحدى دوائر محكمة استئناف القاهرة، بنظر طلبات الإدراج على تلك القائمة التي يقدمها النائب العام.

لكنه حدد مدة لتلك القائمة بالتأكيد على أن الإدراج يكون لمدة لا تجاوز 3 سنوات، فإذا ما انقضت تلك المدة دون صدور حكم نهائي بشأن ثبوت الوصف الجنائي ضد الكيان المدرج، تعين على النيابة العامة إعادة العرض على المحكمة للنظر في استمرار الإدراج لمدة أخرى، وإلا عد هذا الكيان مشطوبا من القائمة بقوة القانون من تاريخ انقضاء تلك المدة.

كما كلف القانون النيابة العامة بإعداد قائمة أخرى تسمى «قائمة الإرهابيين» تدرج عليها أسماء كل من تولى قيادة أو زعامة أو إدارة أو إنشاء أو تأسيس أو اشترك في عضوية أي من الكيانات الإرهابية أو مدها بمعلومات أو دعمها بأي صورة إذا ما صدر في شأنه حكم جنائي يقضي بثبوت هذا الوصف، أو قررت المحكمة إدراجه عليها. ومنح حق الطعن على قرار الإدراج في أي من القائمتين أمام أي من الدوائر الجنائية بمحكمة النقض خلال 60 يوما من تاريخ نشر القرار.

وألزم جميع جهات وأجهزة الدولة بإبلاغ السلطات المعنية عن وجود أو معاملات الأشخاص المدرجين بقائمة الإرهابيين باعتبارهم مطلوبين للعدالة، واتخاذ التدابير اللازمة للقبض عليهم داخليا وخارجيا، وضبطهم وإحضارهم للمثول أمام جهات العدالة المعنية. ويترتب على ذلك حل الكيان الإرهابي ووقف أنشطته، وغلق الأمكنة المخصصة له، وحظر اجتماعاته ومشاركة الأفراد في أي منه بأي وجه من الوجوه، وحظر تمويل أو جمع الأموال أو الأشياء لذلك الكيان سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وتجميد الممتلكات والأصول المملوكة له أو لأعضائه أو التي يساهم بها الأفراد في تمويل أنشطة تلك الكيانات أو مساعدته، وحظر الانضمام له أو الدعوة إلى ذلك أو الترويج له أو رفع شعاراته، فضلا عن فقدان شرط حسن السمعة والسيرة، والحرمان المؤقت من مباشرة الحقوق السياسية.

وبينما اعتبر قانونيون أن مشروع القانون لم يأت بجديد، خاصة أن المادة (86) في قانون العقوبات تحدد هذه الجرائم والعقوبات، أوضحت المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون أن قانون العقوبات تكفل بمواجهة الأعمال والكيانات الإرهابية، لكن لا بد من تنظيم آلية لإعداد قوائم لما يعتبر كيانا إرهابيا أو شخصا إرهابيا، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها تفعيل أحكام الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، وتجفيف منابع التمويل للأشخاص والكيانات الإرهابية.

ووفقا للمذكرة فإن فكرة مشروع القانون ظهرت لمواجهة موجة جرائم العنف والإرهاب التي تمارسها جماعات ومنظمات إرهابية، والتي تهدف إلى تدمير كيان المجتمع وتعصف بأمنه واستقراره، وتعوق مسيرته نحو التقدم والازدهار، مما يتناقض مع الطبيعة السمحة التي لازمت الشعب المصري.

وقال رئيس قسم التشريع بمجلس الدولة المستشار مجدي العجاتي إن «مشروع القانون يأتي استكمالا لما نص عليه قانون العقوبات وتفعيلا للاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب»، موضحا أنه يسد الفجوة التشريعية الموجودة في عدم وجود تنظيم قانوني لإدراج الكيانات الإرهابية، سواء من حيث الكيانات، أو من حيث الأفراد، كما يتضمن ضمانات واسعة تحيط عملية الإدراج.

ومن جانبه، أكد المستشار محمد أحمد عطية، وزير الدولة للشؤون البرلمانية الأسبق، أن مصر في حاجه ماسة منذ فترة إلى قانون مستقل للإرهاب يحدد المقصود بالأعمال الإرهابية، ومن ينطبق عليه لفظ الإرهاب، باعتبارها مسألة تعاني فجوة تشريعية لا تتناسب مع ما تتطلبه المرحلة الراهنة بما تشهده من أحداث لتشريع يضع عقوبات مشددة على الأعمال الإرهابية.

وأضاف أن هذا المشروع سيقنن طريقة التعاطي الحكومي مع كافة الجماعات الإرهابية الموجودة على الساحة وسيمثل أداة تشريعية أعلى من قرارات الحكومة، ومن ثم سيساهم في تدارك بعض الأخطاء التي شابت قرار الحكومة باعتبار جماعة الإخوان المسلمين إرهابية، العام الماضي، لكن ترتب عليه إبطال القضاء لقرارات التحفظ على أموال أعضائها.

وأشار الوزير الأسبق إلى أنه من أهم الميزات التي تحسب للمشروع، أنه سيقضي بشكل نهائي على النزاع القضائي الدائر حاليا بين محكمتي القضاء الإداري ومحكمة القاهرة للأمور المستعجلة، بشأن التنازع على اختصاص نظر طلبات التحفظ، وصدور أحكام قضائية متباينة بشأنها، لأنه منح اختصاص نظر كل ما يتعلق بالكيانات الإرهابية وإدراجها على قوائم الإرهاب لمحكمة استئناف القاهرة.

ووفقا للقانون فإنه من المتوقع أن تدرج جماعة الإخوان المسلمين، وكذلك الجماعات المسلحة التي تعمل في سيناء مثل (أنصار بيت المقدس، وأجناد مصر، وأكناف بيت المقدس)، على تلك القوائم، في ظل صدور أحكام سابقة من محكمة الأمور المستعجلة باعتبارها جماعات إرهابية.

لكن في المقابل، اعتبر قانونيون أن تعريف الكيانات الإرهابية في القانون واسع وقد يشمل تنظيمات حقوقية ومدنية. يقول محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، إن مشروع القانون يتضمن العديد من التعبيرات الغامضة، مثل النظام العام، وتهديد الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي، وهو ما يمكن على أساسه اعتبار الدعوة للتظاهر انتهاكا للسلم الاجتماعي، بالإضافة إلى أنه قد يتم اعتبار منظمات المجتمع المدني والحركات السياسية كيانات إرهابية. كما أصدر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بيانا رفض فيه القانون، قال فيه إنه «استخدم عبارات غامضة، ممّا يفتح الباب ليكون وسيلة لقمع المعارضة والمجتمع المدنيّ».