المدرب الخليجي رجل المهمات الأخيرة والصعبة... بلا مميزات

المدرب الكويتي صالح زكريا: دائما ما يطلق على الأجنبي الخبير الكروي بينما المحلي «منقذ» اللحظات الحرجة

TT

في الوقت الذي تستقطب فيه الاندية الخليجية أسماء كبيرة في عالم التدريب لقيادة فرقها نحو البطولات المحلية والخليجية والقارية، فإن الكوادر المحلية في هذا الصعيد لا تعد ولا تحصى، خاصة تلك الاسماء التي لها باع طويل في عالم التدريب، واثبتت كفاءتها ليس على الصعيد المحلي بل القاري والدولي، والامثلة كثيرة، ونحتاج الى وقفات كثيرة لحصد تلك الانجازات التي قام بها المدرب الخليجي سواء عن طريق قيادته للاندية المحلية او المنتخبات الوطنية بجميع المراحل.

بل اثبت المدرب المواطن، انه يتميز عن الاجنبي الآخر بأنه قريب من اللاعبين، فهو يفهم نفسياتهم، بل يغوص في ما يفكرون فيه، ويجد الحلول لكل معضلة تواجه اللعب ايا كانت، حتى على الصعيد النفسي، فكيف لا وهو قريب جدا من اللغة التي يتخاطب بها ويفكر ويحلم بها.

لقد اثبتت الأيام والتجارب ان المدرب المواطن، لم يكن يوما مدربا محليا كما يطلق عليه البعض ويؤطره في حدود ضيقة على صعيد اللعب المحلي، بل انه يمتلك طموحات وأحلاما توازي اي مدرب عالمي، وهو ما يجعله حزينا إذا ما سمع ان النادي الفلاني او المنتخب العلاني تعاقد مع اسم كبير جدا، في عالم التدريب بآلاف الدولارات، مع المميزات التي لا تعد ولا تحصى، في ما هو يأتي في المؤخرة، حتى حينما يطرد هذا الاسم الاجنبي الكبير من منصبه بسبب سوء النتائج، وجلب المدرب المحلي لانقاذ ما يمكن انقاذه فانه لا يحصل على نفس الاجر، فقط لانه محلي وابن الوطن، فلماذا ابن الوطن يعمل بالمجال وابن الاجانب يأخذ كل شيء ويعود مكللا بآلاف الدولارات.

* المهمات الصعبة يقول صالح زكريا وهو عميد المدربين في الكويت، إن المدرب المحلي بات هو المنقذ للمهمات الاخيرة والعاجلة، وانقاذ ماء الوجه من سلسلة الهزائم التي يورثها المدرب الاجنبي، ومع ذلك تجد ان هذا المدرب يقبل ان يقود الفريق لمباراة واحدة، فقط لانه يريد ان يثبت للجميع بانه قادر على قيادة الفريق والاحق في تمثيل بلاده ومنتخباتها وانديتها.

ويتابع قائلا: وعلى الرغم من ان الكثير من المدربين المحليين اذا جاز التعبير يأتون في اللحظات الاخيرة وينجحون ويدفعون بفرقهم سواء المنتخبات او الاندية الى بر الامان، او الى الانجازات، فإن اتحاد الكرة والمسؤولين، لا يثبتون هذا النجاح، ففي الوقت الذي يعيش نشوة الانتصار مع لاعبيه، يصرح المسؤول انه يبحث عن مدرب اجنبي لقيادة الفريق، وكأن المدرب المحلي لا اساس له، فهو فقط لفترة قصيرة ولملء الفراغ الذي خلفه المدرب الاجنبي الذي قبله.

ونذكر هنا ان صالح زكريا له ايضا تجربة مع منتخب الكويت في كأس الخليج الثامنة، فقد كان المنتخب الكويتي بلا مدرب رغم ان الدورة لم يتبق لها سوى ايام قليلة بعد اقالة المدرب الاجنبي، ومع ذلك فقد وافق صالح زكريا على هذه المهمة، وحين خاض مباريات الدورة خرج بجميعها رابحا إلا واحدة متعادلا مع صاحب الضيافة البحرين، لكنه حصد الكأس الخليجية ثماني مرات، ومع ذلك فقد بحث اتحاد الكرة عن مدرب اجنبي. ومثل هذه الحوادث كثيرة في انديتنا ومنتخباتها، ففي السعودية والمشاركة في مونديال 1998، حين قاد كارلوس البرتو باريرا المنتخب السعودي الى هزيمتين، ثم اقيل وافق محمد الخراشي لقيادة المنتخب، وخرج بتعادل وحيد، لكنه على الاقل قدم صورة مشرفة ومغايرة عما كانت عليه في اللقائين السابقين، ومع ذلك كانت مهمته محددة لمباراة واحدة، ولو تأملنا في جميع المدربين المحليين لوجدنا فقط ناصر الجوهر الوحيد الذي حصل على فرصته، لكنه جاء ايضا بعد اقالة مدرب، وقدم نتائج جيدة، ومع ذلك فهو لم يأت كأساس بل كبديل.

* البديل وكذا الحال مع الاندية، فصالح العصفور وهو واحد من المدربين الجيدين، يقود حاليا نادي الساحل الكويتي نحو البطولات المقبلة لكنه جاء بعد اقالة المدرب البوسني السابق، والحكاية ذاتها مع المدرب الإماراتي جمعة سعيد الذي قاد الشارقة قبل ايام الى انجاز جديد وهو حصد لقب كأس الإمارات، وهو الذي كان دوما امام اعين الادارة لانه ابن هذا النادي، لكنه ايضا جاء بعد اقالة المدرب الاجنبي، وهو اليوم يعيش افضل ايامه، فهل سيكون هو مدرب الفريق في الموسم المقبل، ام ستبحث الادارة عن مدرب اجنبي خبير آخر، ويعود هو الى المراحل السنية التي كان يشرف عليها سابقا، ام يمنح الثقة كمدرب مميز، عرف كيف يتعامل مع الفريق، رغم انه كان قاب قوسين أو ادنى من الهبوط الى مصاف الدرجة الثانية رغم انه كان في مواسم ماضية ينافس على اللقب، فجاء جمعة سعيد فأعاد الفريق الى سابق تألقه بعد ان وضع اصبعه على جرح اللعبين، وخرج بهم من الدائرة التي كانوا يعيشونها.

* عطاء اللاعب مع المواطن من خلال التجربة كما يقول المدرب الكويتي محمد ابراهيم ان اللاعب المحلي في الاندية الخليجية، يعطي داخل المستطيل الاخضر اكثر ان كان مدربه مواطنا، بينما تجده يتراخى قليلا لو كان المدرب أجنبيا وبعيدا كليا عن اللغة التي يتكلم بها مع اللاعبين، فيجد هؤلاء انفسهم خارج حدود عقلية ومتطلبات المدرب الاجنبي، لكنهم مع المدرب المحلي، يعطون اكثر ويستطيعون ان يقولوا ما يريدونه بدون الشعور بالخوف او الصد من اي فكرة يطرحونها، ويستطرد: فأحيانا نجد بعض اللاعبين لا يرتاحون في مركز معين، ومع ذلك الفريق بحاجة اليه في هذا المكان الجديد، فتجده مع المدرب الاجنبي يحاول التملص من المهمة الملقاة على عاتقه، لكن مع المدرب المحلي القريب منه، يلعب بثقة، فهو يعلم ان هذه المهمة ما وضعه المدرب فيها الا انه يثق بقدراته ويعتمد عليه في المهمات الصعبة.

لكن مع ذلك فإن المدرب المحلي لا يزال يعاني من فقدان الثقة من قبل المسؤولين تجاهه ونظرتهم القاصرة، وعلى الرغم من ان النظرة العامة بدأت تتغير بعض الشيء لكنها تظل قاصرة على صعيد العائد المادي، فهو هاجس كل المدربين المحليين، خاصة اذا ما استقطب ناد خليجي مدربا اجنبيا بمبالغ خيالية ويكون المدرب المحلي افضل منه ومع ذلك فإن هذا الاخير لا يحصل حتى على ربع قيمة عقد وامتيازات الاجنبي.

ويبقى القول..

إن المدرب الاجنبي لم يولد خبيرا بل نحن من رسخنا هذه النظرة، ولا اعرف لماذا يطلق عليه خبيرا، فإذا كانت تخص هذه المفردة علم المدرب بكل امور كرة القدم، فلا شك ان المدرب المحلي ايضا خبير في هذا المجال فهو لا يقل مقدرة وكفاءة من نظيره الاجنبي، اما اذا كان هذا الاجنبي يمتلك الخبرة الطويلة في الملاعب فإن المحلي ايضا له تلك التجارب العميقة والطويلة، ولا نعتقد انه يقل عنه بأي شيء، لكنها على اية حال حالة عامة تعيشها الاندية الخليجية ومنتخباتنا، فهم يرون اطمئنانا مع الاجنبي بينما اللاعب يجد نفسه مطمئنا مع المدرب المواطن، لكن في النهاية يتغلب رأي المسؤولين على رأي اللاعبين واحتياجاتهم.