البطل المغربي الكروج يكتب التاريخ الأولمبي بذهبيتين نادرتين

حقق على مدى خمسة أيام ما فشل في تحقيقه في ثماني سنوات في الألعاب الأولمبية

TT

كانت الولادة الاولى للعداء المغربي الفذ والاسطورة هشام الكروج في اثينا عندما توج بطلا للعالم على الملعب الاولمبي في سباق 1500 م عام 1997 ليضع حدا لسيطرة عداء لا يقل عنه شأنا هو الجزائري نور الدين مرسلي، وبعد سبع سنوات ونيف كان الملعب ذاته مسرحا لانجاز جديد للكروج ادخله تاريخ العاب القوى والالعاب الاولمبية من الباب الواسع. لقد حقق الكروج في مدى خمسة ايام ما فشل في تحقيقه في ثماني سنوات في الالعاب الاولمبية عندما توج اول من امس بطلا لسباق 5 الاف م في مواجهة عملاقين هما حامل الرقم القياسي العالمي الاثيوبي كينينيسا بيكيلي، وبطل العالم الكيني ايليود كيبتشوغ اللذان حلا في المركز الثاني والثالث على التوالي، ليطوق العداء المغربي عنقه بالمعدن الاصفر بعد ان احرز ذهبية سباق 1500 م الثلاثاء الماضي.

ويزيد من انجاز الكروج انه كان يخوض هذا السباق للمرة الاولى هذا الموسم كما انه لم يتسن له الخلود الى الراحة كما يجب بعد فوزه بذهبية السباق الاول، فخاض في اليوم التالي تصفيات 5 الاف م وحجز مقعده في النهائي بسهولة، قبل ان يضرب بقوة اول من امس ليجمع المجد من طرفيه.

وبات الكروج اول رياضي عربي يتمكن من الفوز بميداليتين في دورة اولمبية واحدة، وليس اية ميداليتين لان الحديث هنا هو عن ميداليتين من الذهب الخالص.

وبفضل هذا الانجاز دخل الكروج التاريخ الاولمبي من بابه الواسع بعد ان اصبح ثاني عداء فقط في التاريخ يحقق منذ الفنلندي الشهير بافو نورمي عام 1924 في باريس الذي فاز بالسباقين ايضا. كما حرم بيكيلي صاحب ذهبية سباق 10 الاف م في الدورة ايضا، من دخول المجد الاولمبي ايضا وهو الذي كان يسعى بدوره الى تدوين اسمه باحرف من ذهب من خلال معادلة انجاز مواطنه الشهير ميروس يفتر الفائز بالسباقين في اولمبياد موسكو عام 1980 لكنه حل ثانيا.

وكانت محاولة الكروج الاولى في احراز الثنائية النادرة لم تنجح عندما فاز بذهبية سباق 1500 م في بطولة العالم في باريس العام الماضي واكتفى بفضية سباق 5 الاف م، وقال عشية سباق الامس «في باريس خسرت اللقب العالمي في الامتار الاخيرة لكني استفدت كثيرا واستخلصت العبر وبالتالي ستكون المشاركة في السباق الاولمبي مغايرة تماما».

واوضح «أعددت خطة جيدة لهزم الكينيين والاثيوبي كينينيسا بيكيلي، ستكون المفاجأة، ليس لدي ما أخسره الان وسأخوض السباق بطريقتي الخاصة»، وقال الكروج «حلمي منذ الصغر ان احرز لقبا في سباق 5 الاف م لانها المسافة التي بدأت فيها مسيرتي، والان بعدما حلت العقدة الاولمبية في سباق 1500 م سأركز كل جهدي على تحقيق هذا الحلم وستكون الانطلاقة من أثينا».

ووفى الكروج بوعده بخوضه سباقا تكتيكيا رائعا قلب فيه جميع الموازين ليخطف الذهب من بيكيلي وكيبتشوغ، وخاض الكروج السباق مرتاحا جدا من الناحية النفسية، فاللقب الذي عانده كثيرا في سباق 1500 م في النسختين السابقتين خلال دورة اتلانتا عام 1996 عندما سقط على الارض اثر ارتطامه بمرسلي، وسيدني 2000 عندما حل ثانيا وشكل له عقدة قد اصبح في حوزته.

وشكلت نكستا اتلانتا وسيدني صدمتين كبيرتين للكروج حتى انه كان يفكر بالاعتزال لانه لم يكن يملك الرغبة في الركض وراء حلم ضاع منه مرتين، لكنه في احد الايام توجه الى مدربه عبد القادر قادة وقال له بالحرف الواحد: «اريد ان احقق الثنائية في اثينا».

ويقول قادة في هذا الصدد: «كنت ضد الفكرة بشكل صارم لان خوض سباقين مختلفين تمام الاختلاف صعب للغاية، لكنني رضخت امام اصراره»، ويضيف قادة «لم يكن هشام غريبا عن سباق 5 الاف م فهو شهد انطلاق مسيرته في ام الالعاب وكان قويا وبارعا فيه حتى انه هزم الاثيوبي هايله جبريسيلاسي في بطولة العالم للشباب في سيول عام 1992».

وجاء سباق اول من امس بطيئا ما صب في مصلحة الكروج تماما وطوال السباق ظل المغربي متربصا ببيكيلي الذي انطلق بسرعة في الامتار الـ200 الاخيرة، لكن الكروج الذي حافظ على مخزون كبير فلحق به واجتازه قبل نحو 50 مترا ليدخل فائزا محققا انجازا تاريخيا، ولم يصدق الكروج نفسه واهمية الانجاز الذي حققه عندما اجتاز خط النهاية وبدا مذهولا. ويقول الكروج: «قبل خوضي سباق 5 الاف م خطر ببالي العداء الشهير بافو نورمي»، وقلت في نفسي: « اذا كنت تريد ان تدخل الاسطورة يجب ان تفوز بسباق 5 الاف م».