خسارة كأسي أمم آسيا والخليج ورحيل الأمير عبد الرحمن أبرز الأحداث الرياضية السعودية لعام 2004

TT

لعل الطريف في عام 2004 الذي يوشك على الانتهاء هو ان الكرة السعودية بدأته بفوز مستحق «بخليجي 16» الذي أقيم في الكويت خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي وأنهته بخسارة مذلة في «خليجي 17»، الذي اختتم بالدوحة قبل يومين. وطوال العام الجاري لم يحقق السعوديون سوى بطولتين الاولى على مستوى المنتخبات وهي بطولة كأس الخليج العربي السادسة عشر لكرة القدم والثانية على مستوى الاندية وهي بطولة دوري أبطال آسيا والتي ظفر بها فريق اتحاد جدة في الأول من الشهر الجاري.

والمتتبع للاستحقاقات الكروية السعودية في عام 2004 يجد ان النتائج السلبية كانت هي العنوان الرئيسي لكل مشاركة سواء كان ذلك على مستوى المنتخبات او على مستوى الأندية، فالمنتخب السعودي أذهل جماهيره بنتائج ضعيفة جدا في منافسات بطولة كاس الأمم الآسيوية التي جرت في الصين خلال شهر اغسطس (آب) الماضي والتي خرج على اثرها من الدور الاول كاسرا القاعدة الرئيسية التي تعودت عليها الجماهير السعودية وهي اللعب على نهائي البطولة طوال خمس نسخ متتالية، وذلك خلال 20 عاما مضت منذ عام 1984 وحتى نسخة 2000 التي جرت في بيروت.

ورغم ان المنتخب السعودي نجح في بلوغ الدور الثاني لتصفيات آسيا المؤهلة لمونديال ألمانيا الا ان النقاد والمتابعين غير مقتنعين بالأداء في ظل انه شكل تراجعا كبيرا والخصوم في تلك المواجهات ليست على المستوى المطلوب والدليل ان تلك المنتخبات اندونيسيا وسري لانكا وتركمانستان التي تعتبر على مستوى الدرجة الثالثة مقارنة بالمنتخب السعودي الحاضر في آخر 3 نهائيات لكأس العالم.

المنتخب السعودي ورغم فوزه بكأس الخليج في الكويت في يناير (كانون الثاني) من عام 2004 الا ان جماهيره ونقاده ومتابعيه غير راضين عن الأداء، فالكأس تحققت بربع مستوى كما يقولون، لذا فما تحقق في الاستحقاقات المتتالية حيث كأس آسيا وتصفيات الدور الأول المؤهلة للمونديال وكأس الخليج الاخيرة أمر طبيعي، لكن المقربين لم يتوقعوا ان تكون النتائج بالشكل السلبي الذي بدا حاضرا في خليجي 17 التي اختتمت قبل يومين في الدوحة. ولم يقتصر الامر على المنتخب الوطني بل شملت خيبة الأمل المنتخب السعودي الاولمبي الذي خسر فرصة بلوغ اولمبياد أثينا التي جرت في الصيف الماضي، حيث كان قاب قوسين او أدنى من التأهل بيد ان هدف قاتلا من المنتخب الكويتي في لقاء جرى بجدة انهي آمال السعوديين وجعل أحلامهم تطير في الهواء لتكون الخسارة بهدف من منتخب منافس عرف كيف يستغل التواضع السعودي في تلك المواجهة.

الإحباطات الكروية السعودية ليست فقط على مستوى المنتخبات، علما ان منتخبي الشباب والناشئين لم يفعلا شيئا في تصفيات آسيا الأولية التي جرت أواخر عام 2003 فكان الخروج مبكرا، علما ان هذين المنتخبين هما من ابطال آسيا على مستوى 20 عاما وكذلك على مستوى 16 عاما، لكن التراجع الكبير في الاهتمام بالفئات السنية او القاعدة كما يطلق عليها جعل النتائج سلبية بكل ما تعنيه هذه الكلمة.

ايضا الامر لا يقتصر على المنتخبات السعودية بفئاتها المختلفة بل امتد الى الأندية السعودية في استحقاقاتها الاقليمية والقارية، فالهلال مثلا خرج من الدور الاول لدوري ابطال آسيا في نسخته الثانية وكان خروجه مذلا، اذ تفوق عليه فريق الشارقة الإماراتي وبخمسة اهداف مقابل هدفين وسط دهشة جماهيرية هلالية فريدة من نوعها، اذ لم يسبق لهذا الفريق ان تلقى خسارة بهذا الحجم.

وأكمل الهلال الخروج المر من دور النصف النهائي لدوري ابطال العرب وسبقه الى الخروج فريقا الاهلي والاتحاد من دور الربع النهائي، مؤكدين ان مشكلة ما تعاني منها الكرة السعودية. ولولا الدعم الكبير الذي يجده فريق اتحاد جدة من أعضاء شرفه ورئيس ناديه منصور البلوي لكان هذا الفريق في عداد الخارجين من دوري أبطال آسيا ومن الدور الاول كما فعل الهلال، بيد ان ملايين الدولارات التي دفعت لأجل تجهيز فريق قوي على مستوى القارة الآسيوية كانت سببا في تواصل النتائج الايجابية لفريق اتحاد جدة، فكانت الثمرة لقب دوري أبطال آسيا للمرة الأولى في تاريخ الكرة السعودية بعد دمج بطولات الاتحاد القاري من 3 الى واحدة.

كل النقاد السعوديين والجماهير التي عرفت بعشق اللعبة الشعبية الاولى في البلاد، تؤكد ان الكرة السعودية تعاني بيد ان العلاج لم يبدأ حتى الان، فالمسؤولون يحومون حوله كيف لا وأسباب الإخفاق في كل بطولة وبعد كل استحقاق دولي او قاري او إقليمي او حتى محلي يعاد على اللاعب او المدرب فتجد الاخير مطرودا من عمله كمدير الجهاز الفني فيما مصير اللاعب الإيقاف لانه اخطأ في تنفيذ ركلة جزاء او طرد في مباراتين متتاليتين.

خبراء الكرة السعودية يشددون على ان علاج الكرة لن يكون الا بإعادة الهيكلة الادارية واختيار المتخصصين في تنفيذ البرامج وإلغاء منافسات كانت سببا في ما وصلت اليها الكرة السعودية، فالإرهاق اصبح مرضا لا يطاق في المنافسات السعودية والسبب ان اللاعب لاسيما الدولي يخوض في العام الواحد اكثر من 80 مباراة وهو عدد كبير يرفضه الفيفا لمعرفته ان اللاعب لن يقدم الأداء المطلوب منه في ظل عدم وجود الفترة الكافية للراحة وغيرها. عام 2004 الذي اقترب من عده التنازلي لندخل في عام جديد كان اسودا على السعوديين، كيف لا ورمز الرياضة السعودية الامير عبد الرحمن بن سعود رحل خلاله وبالتحديد في 29 من شهر يوليو (تموز) الماضي اثر أزمة قلبية تعرض لها وهو في منزله، هذا الرئيس يرحمه الله اعتبر من أقدم رؤساء الأندية في العالم، اذ كان موجودا في سدة الرئاسة منذ عام 1962 وحتى عام 2004 وغاب لأربعة اعوام فقط عن الرئاسة وتولى نجله الامير فيصل بن عبد الرحمن الرئاسة خلال الفترة ما بين 1996 وحتى الربع الاول من 2000 . ليست وفاة الامير عبد الرحمن بن سعود هي الخسارة الوحيدة للرياضة السعودية بل امتدت الى استقالة تاريخية للأمير تركي بن خالد عضو مجلس ادارة الاتحاد السعودي لكرة القدم الذي فضل الرحيل لخلافات كبرى مع المسؤولين عن الاتحاد المحلي بخصوص برامج المنتخب السعودي الاول ومديره الفني آنذاك الهولندي فان دير ليم.

وربما يكون الامير تركي بن خالد اول من استقال في تاريخ الاتحاد السعودي لكرة القدم، لكن الغريب ان رحيله وتركه المجال الرياضي جاء دون ان يضع هو أي اسباب تاركا علامات الاستفهام امام اتحاد الكرة، علما ان الامير تركي بن خالد نجح كمشرف عام على المنتخب السعودي في بلوغ الاخير لمونديال 2002 وكذلك ظفر معه بكأس العرب التي جرت في الكويت في ديسمبر من عام 2002 وكذلك ظفر معه بكأس الخليج مرتين متتاليتين 2002 و2003 فضلا عن الخطة المستقبلية التي وضعها للمنتخب السعودي وهي الاولى من نوعها في تاريخ الكرة السعودية، علما ان المنتخب الوطني بلغ المرتبة 21 في تصنيف الفيفا وهو افضل مركز حصل عليه المنتخب السعودي في تاريخه منذ نشوء هذا التصنيف عام 1993 .

عام 2004 شهد استقالات رؤساء أندية كبرى، فالهلال مثلا لم ينجح مع رئيسه الأمير عبد الله بن مساعد وتلقى الفريق الكروي الأول في حياة الرئيس المذكور اكبر خسارتين في تاريخه وبخماسيتين متتاليتين الاولى كانت على يد فريق الشارقة الإماراتي وكانت في اطار منافسات الدور الاول لدوري ابطال آسيا والثانية على يد فريق الأهلي السعودي في دور ما قبل نهائي الدوري السعودي.

الهلاليون طالبوا الأمير بالاستقالة ففعل ذلك تاركا المنصب للأمير محمد بن فيصل بن سعود الذي لم يختم العام الجاري الا ببطولة محلية اولمبية هي بطولة الامير فيصل بن فهد تحت سن 23 عاما عندما تجاوز الاتفاق في نهائي الكأس بهدفين لهدف.

وامتدت موجة الاستقالات الى نادي الشباب حيث الأمير خالد بن سعد الذي فضل الابتعاد بعد لقب كبير حققه فريقه عندما فاز على اتحاد جدة في نهائي الدوري السعودي بهدف دون مقابل وحل مكانه طلال آل الشيخ الذي وجد معارضة كبيرة من بعض اعضاء الشرف، بيد ان المتنفذين في النادي كان قرارهم هو الأقوى وما كان للمعارضين سوى الصمت.