عندما يصبح حب إنترناسيونالي جنونا .. يكثر المشجعون

ماسيمو يسمي التخلي عن أدريانو جريمة

TT

قمت بالسير لمسافة 50 متراً في بيرا، من منطقة لارجو تريفس وحتى المطعم، مع ماسيمو موراتي وصديقين سويسريين (أب وابنه) ذوي ميل لفريق انترناسيونالي، وقد مكثنا طويلا أمام المطعم، حيث ان المتعلقين بتلك التي دعاها جاني بريرا بالمحبوبة الغالية، كانوا يخرجون، وكأنهم متآمرون، من المحلات والبوابات.

وكانوا يقتربون من الفريسة بخطواتٍ بطيئة وهادئة. هكذا كان كأس إيطاليا يخرج من نمطه المتواضع، ويأخذ بالتضخم بسلسلة من الفقاعات (أي مساء جميل هذا يا دكتور، ما زالت الرعشة تنتابني).

أسئلة والتماسات ونداءات. منهم من يطلب التوقيع، ومنهم من يسأل عن التحصيل المقبل، ومنهم لمجرد التصافح باليد، ومنهم من يُقسم أنه لن يتخلى عن أدريانو، «هل رأيت أي هدف جميل سجله في مرمى اليونان؟ ليس له مثيل في العالم كله» وكأن العمر الصغير قد عاد لـِ ماسيمو. من الهرطقة الاعتقاد أنه يتضايق أمام هذا الاهتمام الكبير. فهو لم يشعر بذلك حتى بعد التعادل الـ 18، فلن يكون كذلك الآن، وقبل الدخول من باب المطعم، يظهر أمامنا رجل في منتصف العمر ويقول: «أنا من مشجعي يوفنتوس، ولكنكم استحققتم كأس إيطاليا». أكان يسخر؟ أم أنه مجرد خطأ؟ موراتي ينظر إليه ببعض الاستغراب وينطلق قائلا له: «أشكرك كثيراً». إنه مثال بطولي للسيطرة على الذات. من منا لم يفهم ما هي النسبية التي يتحدث عنها المشجعون الاغراب، فليتأمل أيام المرح التي يعيشها انترناسيونالي، أو ببساطة أكثر، ليسأل أحداً لم يأكل منذ أسبوع ما هو طعم قطعة من خبز القمح. انقطاع فريق انترناسيونالي الطويل، حوّل كأس إيطاليا إلى كأس الكواكب. في سان سيرو، مساء ذلك الأربعاء كانت تخيم أجواء فيينا 1964. بإمكانكم أن تسألوا فاكيتي وماتسولا وسواريتز وكورسو، أكان الانقطاع مجرد عمل استثنائي؟ وموراتي يجيب محيداً: «أنا أعتقد أنه فعل محبة». بالنسبة له ليس للانترناسيونالي مشجعون وإنما محبون. والمحبة، حسب الفلسفة الموراتينية، لا تُقاس فقط بالفوز، وإنما بمعايير أخرى، يستعملها انترناسيونالي للزخرفة بسعة ويسار، فعلى سبيل المثال يجمّل (عدم الفوز) بالتعاطف. ويعود ماسيمو ويضع أقدامه على الأرض: «بعد كأس إيطاليا هذه سوف نجعلهم يحبوننا أيضا ونحن منتصرون». الأب السويسري لفريق انترناسيونالي، والجالس معنا على الطاولة، هو باولو ميتيل، رجل مغامرة ومثقف، من الممكن أن تجده يوما في لندن، ويوما آخر في سنغافورة، أمام طبق من المعكرونة. توضح نتائج استطلاعٍ أجري في عام 2003، وبثه التلفاز الصيني المركزي، وكانت نتيجته أن انترناسيونالي في شانجهاي هو الفريق الأكثر شعبية، بنسبة 45% من الأصوات، ريال مدريد وميلان حصلا على 10%، ومانشستر على 9%، ويوفنتوس على 7%. لا أدري إلى أين يصل علم الإحصاء، ومن أين يبدأ علم دراسة الأحاسيس والمشاعر. على كل حال، المهم أن تسبب المعطيات رعشة تليق بالأولمبياد، بعد هدف أدريانو. وبمناسبة الحديث عن أدريانو، يوجد هنا ميلودراما كوكبية، لأنه وبمناسبة الحديث عن الصين، وعن كرة القدم التي لا يمكن معالجتها، وعن الرئيس المحبوب فاكيتي، وعن استحقاقات منشيني بعد نتائج التعادل الكثيرة، وعن القضاء الرياضي المُهان من عجرفة بعض الأندية من ذوي السطوة، يظهر من جديد عرض خيالي للمهاجم البرازيلي. تجرأت وقلت «مائة مليون؟». وكان الجواب: «وأكثر».

وبينما كانوا يُحضرون لنا القهوة، يتشخّص أمامنا التحدي الوحيد الممكن: تشيلسي وريال مدريد. الضيف باولو يُظهِر فجأة ثقافته السويسرية قائلاً: «أنا مستعد للقيام بالعمل»، إلا أن موراتي يوقفه قائلاً: «وأنا أيضا، أمام تلك الكمية من النقود، كنت سأقوم ببعض المحاولات، ولكن هدفَي أدريانو في الأوليمباد أدهشاني، ومن المستحيل بيع اللاعب الذي يقوم بتلك الحركات الفنية وذات القوة، اذا قمت ببيعه سأكون مجرما، لنقم بتوفير النقود لأمور أخرى، ولنمنع التراكمات المكلفة»، وعلى سبيل المثال: مانشيني معجب بـِ بيتسارو: «ماذا نفعل به إذا ما وُجد فيرون؟» فوق كل حكمة، ترتفع اليوم ودائماً، صورة مألوفة: «ماسيمو، الولهان بالسيدة انترناسيونالي».