لندن تفوز بشرف استضافة أولمبياد 2012 بعد منافسة درامية مع باريس

الاحتفالات تنتطلق في العاصمة البريطانية .. وحزن ودموع للفرنسيين

TT

فازت لندن بشرف تنظيم الألعاب الاولمبية الصيفية عام 2012 بعد منافسة درامية وشرسة مع باريس في الجولة الاخيرة من تصويت اللجنة الاولمبية الدولية امس في سنغافورة.

وبمجرد ان اعلن رئيس اللجنة الاولمبية الدولية البلجيكي جاك روغ فوز لندن ب 54 صوتا مقابل 50 لباريس، انفجرت الاحتفالات في وسط العاصمة البريطانية، حيث احتشدت جماهير كبيرة منذ الصباح الباكر لمتابعة عملية التصويت.

وفي المقابل عم حزن على الجماهير الفرنسية التي كانت كل المؤشرات تصب في صالح مدينتهم باريس قبل عملية الاقتراع، وكان البكاء هو العزاء الوحيد لهم.

وباتت لندن اول دولة تنال شرف تنظيم هذا الحدث الرياضي الضخم الذي يقام كل اربع سنوات، للمرة الثالثة بعد عامي 1908 و1948 .

وتفوقت لندن على اربع مدن اخرى هي باريس ومدريد ونيويورك وموسكو. وخرجت موسكو من الدور الاول ثم نيويورك من الثاني فمدريد من الثالث وانحصرت المنافسة بين لندن وباريس في الجولة الاخيرة قبل ان تحسم الاولى السباق في مصلحتها. وكانت اثينا نظمت النسخة الاخيرة عام 2004 في حين تنظم بكين النسخة المقبلة عام 2008 .

وسينظر للفوز على أنه انتصار شخصي لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير، الذي أمضى يومين في سنغافورة لخطب ود أعضاء اللجنة الأولمبية، ونجح في قلب التوقعات بعد ان كانت المؤشرات الأولية في صالح باريس.

وتوجه بلير الى بريطانيا لاستضافة قمة الدول الصناعية الثماني الكبرى في اسكوتلندا بعد حضور الافتتاح الرسمي لجلسة اللجنة الأولمبية الدولية.

ووصف بلير فوز لندن بأنه يوم تاريخي، وقال «انه أمر رائع وأنا مغتبط»، واعدا بأن تنظم لندن ألعابا «رائعة».

واستبعد بلير ان يؤدي فوز لندن على باريس الى تعقيد العلاقات مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك، وقال «نحن نعمل معاً على ملفات قمة الثماني أي مساعدة القارة الأفريقية ومسألة ارتفاع حرارة الأرض».

اما الرئيس شيراك فقد حضر بنفسه عرض فرنسا، وألقى كلمة حماسية ومؤثرة أمام اللجنة حتى تختار باريس، ولكن من دون جدوى، وسافر لحضور قمة الدول الصناعية الثماني الكبرى قبل إعلان قرار المدينة الفائزة بحق استضافة الالعاب. وبعد ان علم بالنتيجة قدم التهنئة للندن، مشيدا بلباقة الوفد الفرنسي.

وأبدى كيث ميلز المدير التنفيذي لعرض لندن سعادته بنتيجة التصويت، انتظرت بلهفة نتيجة الجولة الاخيرة..عملنا بجد حتى نصل الى هنا، كنا نشعر أننا سنبقى للنهاية مع باريس ومن ثم نحن في غاية السعادة لفوزنا. واضاف: «سيكون لهذا الفوز أثر كبير على لندن وسيضع الرياضة على الجدول السياسي». اما وزيرة الثقافة والاعلام والرياضة البريطانية تيسا جويل فقالت «لم أشعر بمثل هذا التوتر طول حياتي.. انها لحظات رائعة». وأعلن جاك روج رئيس اللجنة الاولمبية الدولية ان موسكو حصلت على المركز الاخير في التصويت الذي أجراه أعضاء اللجنة الاولمبية الدولية من دون أن يوضح عدد الاصوات.

كما استبعدت اللجنة نيويورك من الجولة الثانية للتصويت تلاها استبعاد مدريد من الجولة الثالثة، ليبقى الحسم بين لندن وباريس.

وقبل اعلان النتيجة تكلمت باريس عن القيم الاولمبية ونيويورك عن المردود المالي ولندن عن سحر الالعاب وموسكو عن جهوزيتها ومدريد على وحدة الشعوب خلال تقديم هذه المدن ملفاتها شفهيا للمرة الاخيرة امام اعضاء اللجنة الاولمبية الدولية. وقال الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي قدم الى سنغافورة للدفاع عن ملف بلاده متوجها بكلامه الى اعضاء اللجنة الاولمبية: «فرنسا التي تعتبر مسقط رأس البارون بيار دو كوبرتان (مؤسس الالعاب الاولمبية الحديثة) جاهزة لحمل المشعل الاولمبي». وأضاف «فرنسا متعلقة كثيرا بالقيم الاولمبية، هذه القيم التي تمثل السلام والاحترام والصداقة والحوار بين مختلف شعوب الارض وبين مختلف الحضارات». وكانت باريس اول الدول التي استهلت تقديم ملفها اليوم الاربعاء تلتها نيويورك ثم موسكو فلندن ومدريد.

واستمرت تقديم الملف الفرنسي نحو 50 دقيقة وقد صفق له اعضاء اللجنة الاولمبية طويلا. ثم جاء دور نيويورك التي وعدت بتنظيم ألعاب تعود بإيرادات ضخمة لا سابق لها في تاريخ الالعاب الاولمبية وسيتم تقاسمها مع الحركة الاولمبية والاتحادات الاولمبية الوطنية.

وقال رئيس اللجنة الاولمبية الاميركية بيتر اوبيروث: «تنظيم الالعاب في نيويورك سيدر اموالا طائلة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الالعاب الاولمبية وهذا ما سيسمح بتنمية مصادر الحركة الاولمبية واتحادات الالعاب الـ28 المعتمدة رسميا في هذه الالعاب». واضاف «نيويورك هي العاصمة العالمية للتلفزيون والتسويق الرياضي».

وأوضح اوبيروث بان نيويورك تريد خلق شراكات مع كل لجنة اولمبية وطنية، مشيرا الى ان مدينته ستبادر الى حل اي مشكلة تواجهها هذه اللجنة او تلك. اما السناتور الاميركية هيلاري كلينتون زوجة الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون فاعتبرت ان «عام 2012 هو الوقت المناسب لنيويورك وللعالم اجمع ونستطيع ان نضمن بنسبة مائة في المائة ألعابا استعراضية»، في حين اعتبر عمدة مدينة نيويورك مايكل بلومبرغ بان الالعاب ستترك اثرا ابديا للمدينة.

في المقابل ركزت موسكو على الميزانية المحدودة في عاصمة تملك فائضا كبيرا من الملاعب والمنشآت الرياضية وقال عمدة المدينة يوري لوجككوف: «سننظم ألعابا من دون اي اعباء مالية ضخمة» مشيرا الى ان «23 منشأة رياضية من اصل 34 موجودة حاليا او سبق لها ان استضافت احداثا رياضية عالمية». وفي سؤال حول المسألة الأمنية اجاب المسؤولون عن ملف موسكو انه منذ ان نظمت موسكو الالعاب الاولمبية عام 1980 فانها استضافت اكثر من 100 حدث رياضي او بطولات عالمية ولم يتخللها اي خلل أمني، مؤكدين أن المدينة ستجند 50 الف شرطي لحماية الأمن في حال نالت شرف تنظيم الالعاب مجددا. اما لندن فاعتبرت على لسان رئيس ملفها العداء السابق سيباستيان كو بان «لندن هي المدينة حيث يتم التخاطب بنحو 200 لغة مختلفة».

وشدد كو على «التجربة الساحرة والفعالة والملهبة لشباب العالم باجمعه التي تجسدها الالعاب الاولمبية»، مشيرا الى ان لندن في طريقها الى بناء منشآت عصرية بالتشاور والتعاون مع لجنة الرياضيين التابعة للجنة الاولمبية الدولية.

وختم «في حال اخترتم لندن فانكم توجهون رسالة واضحة الى الشباب بان الالعاب موجودة من اجلكم وهذا يجعلهم يفهمون اهمية الرياضة للجيل الجديد في عالم حيث الاغراءات كثيرة ومتنوعة».

وتكلم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير وفاجأ الجميع وهو يتوجه اليهم باللغة الفرنسية في كلمة مسجلة، معتبرا أن لندن ستشعر بفخر كبير في حال اختيار عاصمة بريطانيا لاستضافة الالعاب.

من جهته، ركز رئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس ثاباتيرو بان مدريد «تريد توحيد العالم عام 2012». واضاف «ان الحركة الاولمبية تستطيع ان تجدد الثقة في صيرورة الشعوب. الالعاب الاولمبية تجمع وتحفز».

اما عمدة مدريد البرتو رويز غالاردون فذكر بان مدريد احدى اكبر المدن الاوروبية التي لم تنل شرف تنظيم الالعاب». وتابع «نريد ان نستضيف هذه الألعاب».