تخفيض عدد اللاعبين الأجانب في الأندية.. وإعلان الروزنامة الدولية في مؤتمر الفيفا بمراكش اليوم

المغرب يقبل «مرق» الفيفا بعدما ضاع منه «لحم» المونديال

TT

تستضيف مدينة مراكش المغربية اليوم وغدا أشغال المؤتمر العادي للاتحاد الدولي لكرة القدم الخامس والخمسين (فيفا) بمشاركة ممثلين عن 205 اتحادات وطنية وذلك للمرة الاولى في القارة الافريقية. وتحتضن مراكش هذا اللقاء بعد أزيد من عام على خسارة المغرب المنافسة على احتضان نهائيات كأس العالم لسنة 2010، التي آلت إلى جنوب أفريقيا حيث تنظم هذه النهائيات لأول مرة في القارة السمراء.

ويأتي هذا اللقاء، كمصالحة بين المغرب والاتحاد الدولي لكرة القدم بعد الاتهامات التي كيلت له، وخصوصا إلى رئيسه جوزيف بلاتر من قبل الصحافة المغربية بعد فوز جنوب أفريقيا بتنظيم النهائيات. وكانت الصحافة المغربية بمختلف اتجاهاتها، قد شنت هجوما لاذعا على الاتحاد الدولي لكرة القدم ورئيسه بلاتر بعد خروج المغرب خاسرا بفارق نقطة واحدة عن جنوب أفريقيا، وهو ما دفع جزءا كبيرا من الرأي العام في المغرب إلى تبني وتصديق نظرية المؤامرة التي تقول إن الفيفا حرمت المغرب من حقه في تنظيم كأس العالم على الرغم من توفره على ملف قوي، وهو الاعتقاد الذي صار إلى زوال شيئا فشيئا بعد ذلك. غير أن المسؤولين السياسيين المغاربة تعاملوا مع تلك الخسارة بروح رياضية حين بعث العاهل المغربي برسالة تهنئة إلى جنوب أفريقيا بعد قرار الفيفا.

وبدأت بوادر المصالحة الشعبية والرسمية بين الفيفا والمغرب قبيل مؤتمر مراكش حين أدلى بلاتر بتصريحات تحمل الكثير من عبارات الود والمجاملة في حق المغرب حين قال إن «المغرب أمة عظيمة في كرة القدم». ولم ينس بلاتر التنويه بالتقدم الكبير الذي تشهده كرة القدم المغربية» حسب قوله. غير أن هذا التنويه هو نفسه الذي سمعه المغاربة على لسان بلاتر نفسه خلال صراعهم من أجل تنظيم المونديال، لكنه مديح لم يمنع بلاتر منح ثقته الذهبية لجنوب أفريقيا وهو الذي كان يقول منذ وصوله إلى رئاسة الاتحاد الدولي خلفا للبرازيلي جواو هافيلانج، إنه تحمل تحديا شخصيا على عاتقه، وهو منح القارة الأفريقية أحقية تنظيم المونديال لأول مرة في التاريخ. المغاربة من جهتهم يبدو أنهم نسوا، أو تناسوا، ذلك الغبن الذي ملأ حلوقهم بالمرارة بعد خسارتهم ذلك الصراع الرياضي والاقتصادي الكبير، وخصصوا استقبالا مهيبا لبلاتر الذي عادة ما يحظى باستقبالات تكون في كثير من الأحيان مشابهة للاستقبالات التي يحظى بها رؤساء الدول، وأحيانا أكثر من ذلك.

تنظيم مؤتمر للفيفا في مراكش يشبه توزيع صحن من الأكل بين المغرب وجنوب أفريقيا، وهو توزيع غير عادل بالمرة حيث أعطي اللحم لجنوب أفريقيا الغنية، بينما أخذ المغرب المرق المتبقي في الصحن. ففي الوقت الذي كان يطمح فيه المغرب إلى تنظيم المونديال من أجل تحقيق قفزة اقتصادية ورياضية في البلاد، فإن حرمانه من ذلك ومنح الامتياز لجنوب أفريقيا، يشبهان في رأي الكثير من المغاربة، نزع لقمة من فم بلد محتاج ومنحها لبلد غني بالمقاييس الأوروبية. وربما تصور الكثير من المغاربة أن الفيفا كان سيعيد المثال الإسباني مع المغرب حيث منحت إسبانيا حق تنظيم المونديال سبع سنوات فقط بعد خروجها من العزلة الدولية بعد موت الجنرال فرانسيسكو فرانكو، الذي حكم البلاد قرابة أربعين عاما، وترك لها اقتصادا هشا كان يحتاج إلى الكثير من الإصلاحات.

غير أن هذه المقارنات العاطفية تجد لها نقائض على أرض الواقع، حيث قدمت جنوب أفريقيا ملفا اعتبر قويا ومتكاملا من جميع جوانبه بملاعب جاهزة وممتازة، وبنية تحتية على النمط الأوروبي، بينما وجد المغرب نفسه في كل مرة يقدم لأعضاء لجنة التفتيش بالفيفا ملاعب على الورق كما في المرتين السابقتين اللتين ترشح فيهما لاحتضان منافسات المونديال.

وعلى الرغم من تضييع المغرب تلك الفرصة النادرة، إلا أنه خرج بربح ميداني على الأرض، حيث يتم تشييد عدد من الملاعب الكبيرة أو المتوسطة في عدة مدن مغربية. وكان مسؤولون مغاربة قد أعلنوا حتى قبل الإعلان عن اسم البلد المرشح لاحتضان نهائيات مونديال 2010، أن عملية بناء الملاعب لن تتوقف في حال خسارة المغرب لذلك الرهان.

ويشهد المؤتمر الخامس والخمسون لـ(فيفا) اليوم مناقشة فكرة تقليص عدد اللاعبين الاجانب في الاندية حيث يرغب رئيس الفيفا بلاتر في تخفيض عدد اللاعبين الاجانب في الفرق الى خمسة فقط مقابل ستة محليين.

لكن رغبة بلاتر تصطدم بقوانين السوق الاوروبية المشتركة التي ترفض هذا المبدأ وربما تضع فيتو عليه. واعتبر بلاتر أن الامر سيصب في مصلحة الاندية لانه بحسب قوله من شأن هذه الخطوة ان «تكون كلفتها اقل بالنسبة للاندية التي سترى ان مدفوعاتها انخفضت». واعترف بلاتر بان الاندية الغنية على الخصوص ستعارض الفكرة في تحديد عدد اللاعبين وقال: «يفوق عدد اللاعبين الذين هم على مقاعد الاحتياط في هذه الاندية عدد اللاعبين الذين هم على ارض الملعب، وبكل بساطة، لكي لا يتمكنوا من اللعب مع اندية منافسة».

يذكر ان بعض الاندية لعبت مباريات عدة في الاونة الاخيرة وكانت غير ممثلة باي لاعب محلي، وقد اعتبر النقاد ان هذه الظاهرة تؤثر سلبا على المنتخبات الوطنية لان اللاعب المحلي لا يتقدم اذا بقي اسير مقاعد اللاعبين الاحتياطيين. ولقيت فكرة بلاتر تجاوبا كبيرا من القيصر الالماني فرانز بكنباور رئيس اللجنة المنظمة لمونديال 2006 الذي قال: «انا مع الفكرة مائة في المائة، اذ ان الامر ليس جيدا عندما يكون الفريق يضم 90 في المائة من اللاعبين الاجانب». وعلى هامش المؤتمر سيتم الاعتراف رسميا بعضوين جديدين سينضمان الى عائلة الفيفا وهما تيمور الشرقية من القارة الاسيوية وجزر القمر من القارة الافريقية حيث سيرتفع عدد الاتحادات المنضوية تحت لواء الفيفا الى 207 اي اكثر من الامم المتحدة. ومن ابرز النقاط الساخنة التي سيتناولها المؤتمر ايضا علاقاته المتوترة مع اللجنة الدولية لمكافحة المنشطات، خصوصا بعد التصريحات التي ادلى بها رئيس هذه اللجنة الكندي ديك باوند، وهدد على اثرها بالغاء المونديال في حال رفض الفيفا تطبيق العقوبات المنصوص عليها في القانون العالمي لمكافحة المنشطات. وتنص قوانين لجنة مكافحة المنشطات على وقف اي تلاعب يثبت تناوله منشطات لمدة سنتين، في حين ان العقوبة القصوى التي ينزلها الاتحاد الدولي باللاعب المخالف هي ستة اشهر، كما انه لا يعتمد عقوبة الايقاف مدى الحياة خلافا للجنة المنشطات. وسيتم التطرق ايضا الى فكرة اقامة المباريات الدولية ايام الثلاثاء بدلا من الاربعاء وذلك افساحا في المجال امام اللاعبين ليوم اضافي من الراحة قبل ان يخوضوا مبارياتهم في صفوف انديتهم. وسيضع الفيفا الروزنامة الجديدة لاقامة المباريات الدولية للفترة من 2008 الى 2014. وقد عمد الاتحاد الدولي الى استخلاص العبر من الروزنامة الدولية التي وضعت حيز التنفيذ للمرة الاولى عام 2000 ولغاية 2007 ليجري بعض التعديلات الطفيفة عليها بحيث تتساوى مصالح المنتخبات مع مصالح الاندية. ومن بين النقاط التي سيتم التطرق اليها بطولة العالم للاندية المقررة باليابان في ديسمبر المقبل والاستعداد لكأسي العالم عام 2006 في المانيا وعام 2010 في جنوب افريقيا. كما يبحث الفيفا ايضا وضعية اتحادي اليمن وباربادوس الموقوفين. وتعقد الاتحادات القارية (الاسيوي والاوروبي والافريقي والاوقياني) على هامش المؤتمر اجتماعات لجانها التنفيذية ايضا.