التحكيم «النقطة السوداء» في مونديال 2006 حتى الآن

المنتخبات المتأهلة لربع النهائي تعرب عن تخوفها من الحكام.. وبلاتر يعد بمستوى أفضل

TT

مع انطلاق مباريات الدور ربع النهائي لمونديال المانيا اليوم، بدأ الحديث عن مخاوف التحكيم، الذي كان النقطة السوداء في البطولة حتى الان، حيث لا سبيل لتصحيح الاخطاء او تفادي مشكلة بسيطة، كما في الادوار الأولى، لان الغاء هدف او طرد لاعب من دون حق سيتسبب في مشكلة كبرى في جولات الحسم النهائية.

وعمل السويسري جوزيف بلاتر، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم على طمأنة الفرق، التي تأهلت لربع النهائي، وقال إن حكام المباريات المقبلة سيعملون على رفع مستوى أدائهم، بعد حملة الانتقادات التي تعرضوا لها، بسبب العروض التي قدموها حتى الان.

وقال بلاتر معترفا بأن بعض الحكام لم يتحملوا الضغط النفسي الذي وقع عليهم في هذا الحدث الكبير: «إنني متأكد من أننا سنرى مستوى أفضل من الذي شاهدناه في بداية البطولة، لقد تعرض الحكام لضغط نفسي هائل وأحد الاسباب إقامتهم في ما يشبه الثكنات العسكرية في مقرهم الرئيسي بالقرب من فرانكفورت».

واعلنت الفيفا امس تقليص عدد الحكام (26 حكما رئيسيا) الى النصف بداية من مباريات اليوم.

وتعرض الحكمان الانجليزي غراهام بول والروسي فالنتين إيفانوف، تحديدا، لحملة انتقادات لاذعة بسبب سوء أدائهما وكثرة استخدامهما للبطاقات الملونة وطردهما سبعة لاعبين من مباراتين فقط، وقد خرجا من القائمة التي ستدير بقية المباريات.

واشارة الى قلق الفرق التي تأهلت لربع النهائي، أكد ديفيد بيكام قائد المنتخب الانجليزي، أنه يتخوف جيدا من الحكم الارجنتيني الذي سيدير مباراة بلاده مع البرتغال غدا، لانه سبق ان طرده في مباراة ببطولة العالم للاندية قبل ستة أعوام، وانه يتميز بالتسرع في الانذارات.

وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية امس، أن الحكم الارجنتيني هوراسيو إليزوندو، كان قد أخرج البطاقة الحمراء لبيكام خلال المباراة المتوترة التي جمعت بين ناديي مانشستر يونايتد الانجليزي ونيكاخا المكسيكي باستاد ماراكانا البرازيلي، وهناك تخوف من ان يتكرر الامر ذاته في مباراة الغد.

ويرى الفيفا أن إليزوندو، الذي يعمل مدرس تربية رياضية، مؤهل تماما لادارة مباراة دور الثمانية.

وكان الحكم الارجنتيني قد عارض معاون رايته باحتساب هدف المهاجم السويسري ألكسندر فري في مرمى كوريا الجنوبية لتفوز الاولى 2 / صفر في الدور الاول من بطولة كأس العالم الحالية، رغم ما قيل له عن أن اللاعب كان متسللا.

وكان الحكم الالماني المعتزل فولف ديتر آلينفيلدر، قد ألقى باللوم على بلاتر في كثرة أخطاء التحكيم خلال البطولة الحالية.

وأوضح آلينفيلدر «تلقى الحكام أوامر من الفيفا بإشهار البطاقة الصفراء لمجرد طرفة عين من اللاعبين».

وأضاف آلينفيلدر، الذي أدار عددا من المباريات الدولية، التي ينظمها الفيفا خلال عامي 1984 و1985، في تصريح لصحيفة «برلينر تسايتونغ»، قائلا، إن كأس العالم الحالية شهدت تجاوزات كثيرة للتحكيم وأن الخطأ أولا وأخيرا يرجع إلى بلاتر.

وأيد هانز ماير، المدير الفني لفريق نورمبرغ الالماني، رأي وتعليقات آلينفيلدر، وقال «الفيفا يستخدم بطولة كأس العالم الحالية للتجربة، والمباريات غير الحاسمة تحولت إلى لقاءات للبطاقات، لقد حول بلاتر وأعوانه لعبة كرة القدم إلى كرة سلة».

وانتقد بلاتر عدم اتباع الحكام للتعليمات على مستوى واحد، وتباين أحكامهم من مباراة إلى أخرى، وتساءل «عندما يبلغني مدرب ما أن لاعبا من فريقه نال إنذارا لانه جذب منافسا من قميصه في مباراة ما، وأن لاعبا آخر في فريق يلعب في المجموعة ذاتها قام بنفس الشيء في مباراة أخرى بدون أن يعاقب فكيف يمكنني أن أجيبه؟».

وأضاف «ثم هناك الانقضاض على الخصم من الخلف وبعض الاحتكاكات العنيفة، حيث رأيت كثيرا من هذه الاخطاء تمر بدون عقاب... الخطأ الاكبر يكمن في كيفية تطبيق القواعد».

وأوضح «إذا ما أردنا مباريات أفضل فإننا نحتاج إلى حكام أفضل أيضا، ولذا علينا أن نعمل على تطبيق الاحتراف في مجال التحكيم وسأعمل على الاهتمام بهذا الامر بعد انتهاء نهائيات كأس العالم».

كما وصف رئيس لجنة الحكام بالاتحاد الفرنسي التحكيم في نهائيات كأس العالم الحالية بأنه «كارثة حقيقية».

وقال بيرنار ساولييه: «لقد تم اختيار أفضل فرق من كل قارة لكن لم يتم اختيار أفضل الحكام.. لقد كانت كارثة حقيقية منذ البداية».

واتهم ساولييه الاتحاد الدولي ورئيسه بلاتر باستخدام «أساليب معسولة ذات طابع سياسي في اختيارهما للحكام من أجل إرضاء دولة أو أخرى». وقال إن «عدد أخطاء التحكيم يفوق الخيال».

وذكر أن إعادة اللقطات من خلال الفيديو يمكن أن تساعد الحكام، لكنه أعرب عن شكوكه في إمكانية لجوء الاتحاد الدولي إلى مثل هذا الاجراء في أي وقت من الاوقات.

وقال: «يجب أن نكف عن النفاق وأن نكف عن الخوف من الاستخدام الحكيم للفيديو في هذه البطولة». وأضاف «يجب أن يتوقف احتساب ركلات الجزاء غير المعقولة واستخدام البطاقات بداع وبدون داع».

كما انتقد فرانز بيكنباور رئيس اللجنة المنظمة حكام البطولة واتهمهم بعدم إحكام السيطرة على المباريات بشكل تام.

وركز بيكنباور حديثه على أخطاء الحكم الروسي فالنتين ايفانوف، الذي أدار لقاء هولندا والبرتغال وحقق رقما قياسيا جديدا في عدد البطاقات الصفراء والحمراء في بطولات كأس العالم.

وانتقد بيكنباور احتساب الحكم الاسباني لويس ميدينا كانتليجو ضربة جزاء مشكوك في صحتها في الثواني الاخيرة من مباراة إيطاليا أمام استراليا أنهت بها إيطاليا المباراة لصالحها وصعدت بها لدور الثمانية.

وكان بلاتر نفسه قد أعرب عن أسفه الشديد للخطأ الفادح الذي وقع فيه الحكم الانجليزي جراهام بول، خلال مباراة كرواتيا وأستراليا بالجولة الاخيرة من منافسات المجموعة السادسة بالدور الاول.

وقام بول برفع بطاقته الصفراء مرتين في وجه المدافع الصربي جوزيب سيمونيتش في المباراة التي انتهت بالتعادل 2/2 بدون أن يطرده، لكنه تدارك الموقف بعد نهاية المباراة وأخرج له البطاقة الصفراء للمرة الثالثة قبل أن يرفع البطاقة الحمراء في وجهه.

ولام بلاتر طاقم التحكيم بأكمله وأعرب عن دهشته لعدم تدخل الحكمين المساعدين أو الحكم الرابع لتنبيه بول لحظة وقوع الخطأ، على الرغم من سهولة الاتصال بينهم وبينه عبر الموجات اللاسلكية، من خلال الميكروفونات والسماعات التي يحملونها أثناء المباراة.

وساعد بول في تلك المباراة مواطنيه فيليب شارب وغلين تيرنر، في حين كان الحكم الرابع هو الأميركي كيفين ستوت. وقال بلاتر «ما كان يجب أن يقع مثل هذا الخطأ في الاصل، لدينا أربعة حكام في الملعب والواضح ألا أحد تدخل لتصحيح الخطأ».

وأضاف «لا أفهم هذا الموقف هناك مسؤولون آخرون غير بول كان يمكن لاي فرد منهم أن ينبه الحكم ويطالبه بإيقاف المباراة وطرد اللاعب فورا». لكنه عاد ودافع عن الحكم قائلا «علينا ألا ننسى أن غراهام بول قدم أداء رائعا في المباريات التي خاضها سابقا.. لا يمكن طبعا أن نتجاهل ما حدث، لكن علينا أن نتفهم الاخطاء التي يرتكبونها لان الكمال في التحكيم لا وجود له».

وكان يحق لاستراليا اذا خسرت هذه المباراة، أن تطالب بإعادتها الامر الذي كان سيربك برنامج البطولة بالكامل.

كما اعرب بلاتر عن استيائه من الحكم الروسي ايفانوف، الذي ضرب الرقم القياسي في حالات الطرد والانذارات بلقاء البرتغال وهولندا، وقال انه كان يستحق بطاقة انذار اخرى.

وتطرق بلاتر ايضا الى الحكم الذي لم يحتسب هدفا لمصلحة فرنسا في مرمى كوريا الجنوبية، عندما كان الاول متقدما 1 ـ صفر وقال «لا شك في ان الكرة اجتازت خط المرمى، لكن الحكم لم يحتسب الهدف». واضاف «يجب ان نستعين بالتكنولوجيا الحديثة التي تسمح بمراقبة خط المرمى، وهناك دراسة اولى تقول باعتماد الكرة الذكية المزودة بعين إلكترونية تستطيع تحديد ما اذا كانت الكرة اجتازت الخط ام لا، والاخرى تقدم بها الاتحاد الايطالي وتعتمد على كاميرات تستطيع مراقبة الخط بفعالية». واضاف «تمت تجربة الكرة الذكية في بطولة العالم للناشئين في البيرو، لكن هناك الكثير من الاشياء لتحسينها، في ما يتعلق بتكنولوجيا الكاميرا وهنا اريد ان اشدد بان المقصود ليس كاميرا التلفزيون العادية، فيجب ضخ مبالغ كبيرة من المال والقيام بالكثير من الابحاث قبل ان يتم اتباعها». وعلى المستوى العربي أكد جمال الغندور رئيس لجنة الحكام بالاتحاد المصري لكرة القدم، أن ظاهرة إفراط حكام المونديال الحالي في إشهار البطاقات الحمراء والصفراء للاعبين، هي امتداد لنتيجة عدم الخبرة الكافية، خاصة أن عددا كبيرا منها غير مستحق، وإذا كانت البطاقات الصفراء غير مؤثرة في حينها فإن حالات الطرد يكون تأثيرها سلبيا على معنويات اللاعبين، وبالتالي تنعكس على نتيجة المباراة بشكل عام.

وضرب مثالا بالإنذارات غير المستحقة في مباراة تونس واوكرانيا، حيث وجه الحكم انذارين للاعبي المنتخب التونسي غير مستحقين.

* رقم قياسي في حالات الطرد

* ويبدو ان ارتفاع حالات الطرد التي وصلت رقما قياسيا في مونديال 2006 (24 بطاقة في 53 مباراة) اصبحت هاجس كل المنتخبات، مما اضطر العديد من مديري الفرق الى استدعاء خبراء في التحكيم لالقاء محاضرات على اللاعبين في كيفية تفادي الاخطاء، رغم علمهم بعدم جدية ذلك، لان كرة القدم لعبة التحامات، وتقدير الحكام شخصي واحيانا لا يخضع لقواعد.

وكان الرقم القياسي السابق لحالات الطرد قد سجل في مونديال فرنسا عام 1998 عندما طرد 22 لاعبا في 64 مباراة.

ولا تزال مباراة هولندا والبرتغال، التي ادارها الروسي ايفانوف هي حديث المونديال، حيث شهدت رقمين قياسيين في عدد البطاقات الملونة، الاول في العدد الاجمالي للبطاقات (20 بطاقة، منها 16 صفراء و4 حمراء)، والثاني لانها شهدت طرد اربعة لاعبين للمرة الاولى في تاريخ نهائيات كأس العالم التي انطلقت عام 1930 في الاوروغواي.

وكان الرقم القياسي السابق طرد ثلاثة لاعبين في مباراة واحدة، حصل اربع مرات في تاريخ النهائيات، بينها مباراة ايطاليا والولايات المتحدة في البطولة الحالية (الاميركيان بابلو ماستريوني وادي بوب والايطالي دانييلي دي روسي). اما الحالات الثلاث الاولى، فكانت المرة الاولى عام 1938 في المباراة بين البرازيل وتشيكوسلوفاكيا (البرازيليان بروكوبيو وماشادو، والتشيكي ريها)، ثم تكرر الامر ذاته في مباراة البرازيل والمجر، التي اطلق عليها لقب «معركة برن» عام 1954 (البرازيليان سانتوس وهامبرتو، والمجري بوشيك)، في حين كانت المرة الاخيرة في مونديال عام 1998 في المباراة بين الدنمارك وجنوب افريقيا (الدنماركيان مولنار وفايغهورست، والجنوب افريقي فيري).

ودافع الروسي إيفانوف عن قراراته في المباراة التي ادارها بين البرتغال وهولندا قائلا: «لقد كانت مباراة وحشية والأصعب في مسيرته». وسئل عما اذا كان فقد السيطرة على المباراة فأجاب «لست ادري، لقد قمت بادارتها كما ارى الاشياء، وحكمت على التجاوزات كما افعل عادة».

واظهر استفتاء لجريدة روسية أن 61 في المائة من مواطني ايفانوف وافقوا على قراراته، وأن اللاعبين يستحقون ما نالوه من جزاء. واعتبر 23 في المائة منهم أن ايفانوف اراد ان يثبت «بان روسيا التي لم تتأهل الى النهائيات موجودة فيها وسيتذكرها الجميع طويلا»، في حين اعتبر 10 في المائة أن ايفانوف «كان يثأر من البرتغال التي ألحقت هزيمة كبيرة بروسيا 7 ـ 1 في تصفيات المونديال».

اما حادثة الحكم الانجليزي غراهام بول فقد اكدت انه لم يكن ومساعدوه مركزين في احداث اللقاء، فكيف لهم ان يرفعوا 3 بطاقات انذار للاعب في مباراة واحدة واين كانوا بعد الانذار الثاني. واعلن اندرياس فيرتس، متحدث باسم لجنة الحكام المكلفة الاشراف على المباريات، ان الحكم الانجليزي غراهام بول، الذي نسي ان يطرد الكرواتي يوزيب سيمونيتش بعد ان وجه له البطاقة الصفراء مرتين في المباراة ضد استراليا (2-2) لن يقود مباريات اخرى. واوضح فيرتس «غراهام بول يعرف ان المونديال انتهى بالنسبة اليه حتى لو لم يتخذ اي قرار رسمي، انه اصيب بخيبة كبيرة، ويرد خطأه الى عدم التركيز». وقام بول، 42 عاما، بطرد سيمونيتش بعد ان وجه له الانذار الثالث في الدقيقة الثالثة من الوقت بدل الضائع.

لكن لجنة الحكام اعربت عن تضامنها مع الحكم الانجليزي الدولي منذ 1997، الذي عزا سبب الخطأ الى انه «سجل اسم الاسترالي كريغ مور الذي يحمل نفس الرقم (3) على دفتره عندما رفع البطاقة الصفراء الثانية في وجه سيمونيتش من دون ان ينتبه الى هذا الخطأ في حينه». واوضحت اللجنة في بيان «خلال مسيرة طويلة مستمرة منذ 26 عاما، لم يجد هذا الحكم الخبير نفسه في موقف كهذا ولم يرتكب ابدا خطأ من هذا القبيل». يذكر ان بول قاد مباريات دولية مهمة، 3 منها في مونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان. اما بلاتر فعلق قائلا «فوجئت بما حصل، الحكم ومساعدوه الثلاثة يتصلون ببعضهم عبر جهاز لاسلكي في الاذن ولم يتدخل أي منهم، هذا امر غير مفهوم، لا أفهم لماذا عندما ارتكب حكم المباراة خطأ لم يتدخل مساعدوه لتصحيحه، وكذلك باقي المسؤولين خارج الملعب».

واعتبر بلاتر ان المثالية في التحكيم غير موجودة، لكن عليهم ان يصححوا من انفسهم.

وقال «منذ مونديال 2002 وملف التحكيم يأخذ الكثير من اهتماماتي، انهم بشر ويرتكبون الاخطاء، ويجب العمل على تقليص هذه الاخطاء، لكن المثالية في التحكيم غير موجودة».