صراعات الماضي والحاضر والمستقبل في مباراة ألمانيا والأرجنتين

TT

لا يختلف اثنان على ان عنوان اولى مباريات الدور ربع النهائي لنهائيات كأس العالم 2006 بين المانيا المضيفة والارجنتين، يحمل معاني عدة تضاف الى الابعاد المعروفة التي جعلت تسمية اللقاء تفوق الوصف، كونه من العيار الثقيل الذي يصعب التكهن بنتيجته النهائية بشكل او بآخر.

الا ان الامر الاكيد هو بروز مشاهد مختلفة قد تضيف الى المواجهة اثارة لا مثيل لها، وهذا الامر يجمع عليه عشاق المستديرة، خصوصا الذين يدركون التاريخ الكروي على اكمل وجه.

وتفوح رائحة العراقة الكروية من المواجهة الالمانية ـ الارجنتينية، فلا حاجة للتذكير انهما جمعا خمسة القاب في المونديال (المانيا اعوام 1954 و1974 و1990، والارجنتين عامي 1978 و1986)، ونصبا في فترة من الفترات نفسيهما قطبي الكرة العالمية بعدما سيطرا على الالقاب على الصعيدين القاري والعالمي. واذ تقاسمت المانيا والارجنتين اللقبين اواخر سبعينات القرن الماضي، اخترقت ايطاليا عرينهما في مونديال 1982، قبل ان يستعيدا زمام المبادرة منذ منتصف الثمانينات وحتى اوائل التسعينات، علما بان الالمان والارجنتينيين كانوا الابرز على الصعيدين الاوروبي واللاتيني على التوالي، في الفترة المذكورة حتى منتصف التسعينات، اذ بلغت المانيا بعد مونديال 1990 المباراة النهائية لامم اوروبا عام 1992 وخسرتها امام الدنمارك (صفر-2)، قبل ان تحرز اللقب في 1996 على حساب تشيكيا (2-1)، بينما فازت الارجنتين بـ«كوبا اميركا» عام 1993. من هنا، تطل الامجاد الكروية برأسها على التحدي الجديد معيدة الى الذاكرة مشاهد الماضي الغابر والمقابلات النارية بين الغريمين اللذين احتضن ملعب ازتيكا في العاصمة المكسيكية اولى مواجهاتهما الكبرى في المباراة النهائية لمونديال 1986. وتقدم دييغو مارادونا ورفاقه بالحماسة الارجنتينية المعتادة (خوسيه براون وخورخي فالدانو)، قبل ان يرد الالمان على الطريقة الالمانية الصرفة (كارل هاينز رومينيغه ورودي فولر) مدركين التعادل حتى قضى خورخي بوروتشاغا على آمالهما بهدف ثالث حمل «بلاد التانغو» الى قمة المجد.

ولم ينم الالمان على حرير منذ تلك الخسارة المرة، وكانت المناسبة للثأر واذاقة مارادونا الطعم عينه، بعد اربع سنوات في مونديال ايطاليا 1990 وفي المباراة النهائية التي احتضنها ملعب اولمبيكو في العاصمة روما. «الليلة التي بكى فيها مارادونا»، و«لوثار ماتيوس العملاق اعاد القزم الارجنتيني الى حجمه الطبيعي» و«انتهى زمن مارادونا لتأخذ المانيا مكانها الطبيعي في التاريخ»، «انه مونديال المانيا وليس ايطاليا او مارادونا». هذه كانت ابرز عناوين الصحف الالمانية والاوروبية صبيحة اليوم التالي للانتصار الالماني بهدف وحيد سجله اندرياس بريمه من نقطة الجزاء، في نهائي جمع العالم كله ضد المانيا او على الاقل الطليان، الذين تعاطفوا مع نجم نابولي مارادونا الذي اسر قلوبهم بسحره الكروي الراقي. لم يكن الفوز الالماني في ايطاليا سوى خاتمة الافراح الالمانية على الارجنتينيين، اذ فشل «المانشافت» منذ النهائي المذكور في الفوز على «راقصي التانغو»، بينما تنعم هؤلاء بفوزين حتى مباراتيهما العام الماضي، الاولى ودية وانتهت بالتعادل 2-2 والثانية ضمن كأس القارات وانتهت بالنتيجة عينها. لكن هذه المرة لا بد من وجود فريق فائز وآخر مهزوم، لذا ستنغمس المواجهة المنتظرة في الحاضر بالخلفية التاريخية للماضي، حيث يأمل المدرب الالماني يورغن كلينزمان، الذي كان عنصرا اساسيا في التشكيلة الذهبية عام 1990 في كسر حاجز النحس الذي فشل عبره الالمان في الفوز على احد منتخبات النخبة منذ اكتوبر (تشرين الاول) عام 2000 على حساب انجلترا (1- صفر) في المباراة الاخيرة على ملعب ويمبلي الشهير في لندن. وفي الوقت عينه يعود الالمان بالذاكرة الى الوراء ويتطلعون الى تاريخ يوم المباراة كفأل حسن، على الرغم من خسارتهم نهائي مونديال 2002 في 30 يونيو (حزيران) عامذاك، الا انه سبق لالمانيا الفوز في اربع مباريات من اصل سبع خاضتها في التاريخ عينه، اذ احرزت في 30 يونيو لقبها الكبير الاخير في امم اوروبا (1996)، وفازت في الدور نصف النهائي لمونديال 1954 على النمسا وفي الدور الثاني لمونديال 1974 على السويد.