احتفالات في الجزائر.. واحتجاجات في مصر.. واستياء في السودان

انتهت المباراة ولم تنته تداعيات حجز البطاقة العربية الوحيدة لنهائيات كأس العالم

TT

وصلت بعثة المنتخب الجزائري لكرة القدم مساء أمس إلى مطار هواري بومدين الدولي قادمة من الخرطوم متأخرة بحوالي 3 ساعات عن الموعد المقرر. وكان في استقبال بعثة المنتخب عبد العزيز بلخادم وزير الدولة والممثل الشخصي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة ورابح لطرش وكيل وزارة الشباب والرياضة وعدد آخر من الشخصيات السياسية والفنية.

ونقلت حافلة مكشوفة اللاعبين من المطار باتجاه أهم شوارع العاصمة الجزائر حيث كان ينتظرهم عشرات الآلاف من المشجعين لتحيتهم على إنجازهم التاريخي.

ومن المقرر أن يستقبل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لاحقا أعضاء بعثة المنتخب بقصر الشعب. وكانت الجزائر نجحت في بلوغ كأس العالم بجنوب أفريقيا 2010 إثر تغلبها على مصر 1/صفر في المباراة الفاصلة التي جمعت بينهما أول من أمس بملعب أم درمان بالسودان.

وإذا كانت المباراة قد انتهت بحجز المنتخب الجزائري للبطاقة العربية الوحيدة إلى نهائيات المونديال، فإن تداعيات هذا الحدث، وما سبقه من أحداث لم ينته بعد، فقد أعلنت مصر الخميس أنها قررت «استدعاء سفيرها لدى الجزائر للتشاور» على خلفية أحداث العنف التي صاحبت مباراة منتخبي البلدين لكرة القدم المؤهلة لنهائيات مونديال 2010. وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية حسام زكي أن مصر «قررت استدعاء سفيرها في الجزائر للتشاور». ويأتي هذا القرار عقب احتجاج شديد اللهجة سلمته وزارة الخارجية المصرية بعد ظهر أمس إلى السفير الجزائري في مصر عبد القادر حجار وصفت فيه «الاعتداءات» على المشجعين المصريين في السودان وعلى المصالح المصرية في الجزائر بـ«الوحشية». وأبلغت الخارجية المصرية السفير الجزائري كذلك، حسب بيان أصدره المتحدث الرسمي باسمها، بأن مصر تعتبر أن السلطات الجزائرية «سعت لإبقاء الفتنة مشتعلة» خلال الأيام الأخيرة.

من جانبه أعلن وزير الصحة المصري حاتم الجبلي أمس، في تصريح للتلفزيون المصري أن «21 مشجعا مصريا أصيبوا حتى بعد ظهر أمس بجراح بسيطة من بينهم 12 خرجوا من المستشفيات بعد تلقي الإسعافات اللازمة وما زال الباقون يتلقون الرعاية الطبية». وكانت رئاسة الجمهورية المصرية أصدرت بعد ظهر أمس بيانا أكدت فيه أن «الرئيس حسني مبارك كلف وزير الخارجية أحمد أبو الغيط باستدعاء سفير الجزائر بالقاهرة لكي ينقل له مطالبة مصر للجزائر بأن تتحمل مسؤولياتها في حماية المواطنين المصريين الموجودين على أراضيها ومختلف المنشآت والمصالح المصرية بالجزائر».

وفي تطور لاحق استدعت وزارة الخارجية السودانية أمس سفير مصر بالخرطوم عفيفي عبد الوهاب، وأبلغته احتجاج السودان ورفضه للنهج الذي اتبعه عدد من أجهزة الإعلام المصرية في الإساءة للسودان والنيل منه بطريقة غير مقبولة عقب المباراة التي جمعت منتخبي مصر والجزائر على أرض السودان. وأبلغ علي أحمد كرتي وزير الدولة بوزارة الخارجية السفير المصري رفض السودان القاطع لهذا المسلك، وقال: «بدلا من أن يحمد الإعلام المصري للسودان التجهيزات الكبيرة التي قام بها والخطة الأمنية التي نفذتها الحكومة التي قادت الحدث الرياضي إلى نهاية سليمة وآمنة اتخذت أجهزة الإعلام المصرية من حادثة فردية ومعزولة ذريعة للإساءة للسودان وشعبه». وطالب وزير الدولة للخارجية السفير المصري بتصحيح هذا الوضع.

وكان مجلس الوزراء السوداني قد عقد في وقت سابق من أمس جلسة برئاسة الرئيس عمر حسن البشير أشاد خلالها بأجهزة الحكومة القومية وولاية الخرطوم والأجهزة الأمنية التي نفذت خطة ممتازة لاستضافة مباراة منتخبي مصر والجزائر باستاد المريخ أمس. وقال المتحدث باسم المجلس عمر محمد صالح إن كل التصريحات التي أدلى بها المسؤولون المصريون حتى لحظة مغادرتهم البلاد فجر أمس كانت إيجابية وأشادت بالحكومة وجدية الأجهزة الأمنية في أداء عملها فضلا عن برامج التفويج التي اكتملت بصورة حضارية.

من جهتها أكدت الشرطة السودانية نجاح خطتها الأمنية لمباراة مصر والجزائر التي جرت أمس الأول دون خسائر في الأرواح أو بلاغات أذى جسيم عدا بعض بلاغات الأذى البسيط، وأبدت أسفها للتصريحات السالبة في بعض القنوات المصرية التي اتهمت الشرطة السودانية بعدم المقدرة على توفير الحماية لهم. وأشاد الفريق محمد عبد المجيد الطيب الناطق الرسمي باسم الشرطة في مؤتمر صحافي أمس بشرطة الولاية بالجهود الأمنية التي بذلت، وأكد أن تأمين الفريقين على الرغم من قصر الفترة الزمنية وجد اهتماما كبيرا من المسؤولين بالدولة، وأشار إلى أن الخطة نالت حظها من النقاش في اجتماعات متواصلة شاركت فيها كل الجهات ذات الصلة، وأضاف: «نجحنا في إنجاز المهمة، مما يؤكد قدرة وقوة الشرطة السودانية العالية في التخطيط والتنفيذ بمعاونة أجهزة الأمن والمخابرات والقوات المسلحة»، وأوضح أن الخطة تضمنت ثلاثة محاور للتأمين، قبل وأثناء وبعد المباراة تم تنفيذها كلها وفقا للخطة الموضوعة دون حدوث احتكاك بين جماهير الفريقين رغم الحشود الكبيرة. واستطرد الطيب بأن الشرطة وضعت خطة لسير كل فريق بطريق يختلف عن الآخر، وقال: «بدأنا منذ نهاية المباراة في تنفيذ الخطة الأمنية لعودة مشجعي الفريقين».

ومن جانبه أكد الفريق محمد الحافظ حسن عطية جاهزية وخبرة الشرطة السودانية في إنجاح أي مهمة توكل إليها، وأثبتت ذلك عبر تأمينها للقمم التي عقدت بالخرطوم مما جعلها تنجح في تأمين أكثر من 40 ألف متفرج شهدوا مباراة أول من أمس، وأشار إلى الإشادات التي وصلت من داخل وخارج السودان بنجاح الخطة الأمنية، وأكد عدم تسجيل أي بلاغات قتل أو أذى جسيم عدا أربعة بلاغات أذى بسيط اثنان منها وقعا لمشجعين مصريين، وتم القبض على المتهمين الجزائريين واتخذت ضدهم الإجراءات القانونية. وقال الحافظ إن خطة العودة لمشجعي الفريقين تسير بصورة جيدة حسب ما وضعت له، وأشار إلى أن عدد المشجعين المصريين وصل 3626 عبر 14 طائرة والجزائريين 9626 مشجعا عبر 48 طائرة.

وفي السياق أشاد عبد الدافع الخطيب الأمين العام لوزارة الإعلام والاتصالات بالخطة الأمنية المحكمة التي وضعتها الشرطة، وقال إن ذلك سمة من سمات الشعب السوداني، وعبر عن أسفه العميق لتصريحات المشجعين المصريين في الأجهزة الإعلامية بادعاء اتهامات لا أساس لها من الصحة خاصة وأن المباراة شاهدها 40 ألف متفرج.

وفي تطور آخر قالت السلطات الإدارية لمطار الخرطوم الدولي إن بعض صالات المطار من بينها الحج والعمرة تعرضت إلى تلف كامل إثر تعدي بعثات ومشجعي فريقي الجزائر ومصر، أثناء رحلات عودتهما إلى بلديهما. ونفت السلطات بالمطار ما أشيع بوسائل الإعلام المصرية كون السودانيين أصابوهم بسوء.

وأكد الفريق يوسف إبراهيم مدير الإدارة العامة لمطار الخرطوم الدولي في تصريحات صحافية أمس أن صالة الحج والعمرة تم إتلافها تماما، وزاد: جميع الأجهزة العاملة بالصالة تمت إبادتها تماما وصولا لجماهير الفريق الجزائري إلى مدرج الطيران الرئيسي عبرها، وأشار إلى أن جماهير الجزائر معظمهم مخمورون مما أدى إلى حالات اشتباك مع الجماهير المصرية وعمال النظافة بالمطار، وقال إبراهيم للصحافيين أمس إن خطة العودة كانت بالاتفاق مع بعثة مصر بأن يتم نقل مشجعيهم من الاستاد إلى الطائرة مباشرة دون أي عراقيل، وأضاف: تفاديا لأي حوادث استثنينا الجميع من أي إجراءات رسمية في الدخول والخروج لتصل إلى أن ضابط الجوازات يختم الجوازات على سلم الطائرة، ومضى: «وفي بعض الأحايين نتجاوز ذلك».

وأشار إبراهيم إلى أن هنالك العديد من الرحلات الدولية، اضطررنا إلى تأجيلها والبعض الآخر بتوجيهها إلى الهبوط في مطارات أخرى مثل «جدة» تفاديا للزحام والمشاكل.

وأكد إبراهيم عودة البعثة المصرية إلى بلادها ما عدا وفد الحزب الوطني، وأن البعثة الجزائرية غادر أكثر من نصفها وما زال البعض بأرض المعسكرات ومعرض الخرطوم وفي المطار في انتظار طيران الجزائر، وشكا إبراهيم من عدم مساعدة البعثة الجزائرية لهم، وقال إنها إلى الآن لم تشارك في حل الأزمة ولم تلتق بمنسوبيها ولا سلطات المطار.