نواف التمياط لـ «الشرق الأوسط»: شموخ والدي سيمنعني من البكاء أمام الجماهير اليوم

قال: تقليدي للفيلسوف الثنيان ليس سرا.. وشعرت بالغبن عندما أبعدتني الكرة عن بناتي

TT

نواف بن بندر التمياط الشمري، هكذا طلب مني أن أقدمه. سألته لماذا؟ فباغتني قائلا «لأنني لم أكن أهتم يوما بالعناوين الكبيرة ولا يهمني إلى أين سيتم تصنيفي، وما قدمته لم يكن ليسمح لي بأن أمني نفسي باحتفاء بالغ السخاء، ولكنه كرم الفضلاء حين غمرني كل من عرفني بكرم مبهج».

لم أمنح ابن التمياط فرصة الاسترسال في حديثه المتدثر بالحسن، لسببين: الأول هو ضيق مساحة هذه الصفحة.. والثاني تمثل في رغبتي الملحة في تصويب سهام أسئلتي بدقة نحو صدره المتسع. ولكن ابن التمياط قام بكل تواضع لينزل الهدف، مشيرا إلى أن السهام تصيب فتقتل، في حين أن الوعي يقتل فيصيب.. لن أطيل عليكم، وهذا هو نص الحوار.

> بينك وبين الهلال قصة عشق قديمة ومعلنة.. ما الذي وجدته في الهلال مما لا يتوافر لدى غيره؟

- سؤال ثقيل لم أتوقع أن تبدأ به، ولكن ما وجدته في الهلال هو الأراضي الصالحة لزراعة الحب والانتصار، والحمد لله وجدت ثمار هذا الحب من كرم بالغ السخاء يحيطني به كل منتم للأزرق، وذكرى هذا الحب الذي سيحيلني كل لحظة إلى سعادة شهية ستبقى معي ما بقيت في هذه الحياة.

> تطور الفكر التقني لصناعة المد الهجومي للهلال، هل يمكن أن نقول إنك كنت الطباخ الأكبر في طهي تفاصيله؟

- لا.. لا.. هذه مبالغة كبيرة لا أقبلها يا رجل، الطهاة كثر في الهلال ولكن سر الطبخة ومذاقها الطاغي في اللذة هو جمهور نادي الهلال.

> تواضع مفضوح! - لا بل هي حقيقة محضة فرضها كون الإنسان ضعيفا مهما بلغ من قوة.

> حدثنا عن مشوارك مع المنتخب؟

- قاطعني، ليجيب: مشواري مع المنتخب أخضر، وهذا يغني عن الدخول في أي سؤال يتعلق بالمنتخب.

> من كان يملك القدرة على رمي الحجارة في مياه مخيلتك الإبداعية كلاعب في حال ركدت؟

- لا أعرف، فهذا السؤال أحيله لتلك اللحظات التي كنت فيها خاضعا لمزاج كروي رائق، أو إلى صرخة مشجع في الدرجة الثانية يصرخ بصوته قائلا «افعلها يا نواف»، أو ربما تحفيز مدرب، أو مجاراة لعبقري كروي كيوسف الثنيان، هل يكفي هذا للإجابة عن سؤالك الملغوم.

> إسقاطك لمنافسيك بمراوغة بهية، أو لعبة كعب فاتنة، أو حتى تمرير الكرة بين أقدامهم بشكل جميل، هل كنت تتعمد ذلك حرصا على تصفيق منافسيك، قبل أنصارك، أم تقليدا لأستاذك يوسف الثنيان، أم كان ذلك فكرا كرويا لا يتوافر إلا لدى عباقرة كرة القدم، أم ماذا؟

- هل هذا السؤال موجه لي.. هل تقصدني أنا نواف التمياط؟

> نعم..

- فاجأتني حقيقة بهذا السؤال البالغ المشاغبة، ولكن المحرض فيما ذكرت مجهول ولا أعرفه، كل ما أعلمه أن ما يحصل حينها هو أنني أسير طبقا لمخيلتي، وأعرف أنني حينها كنت قد دربت نفسي على متابعة يوسف الثنيان بجانبي يفعل ذلك، وحرصت على تقليده وهذا ليس سرا.

> من هو اللاعب الذي يستفز نواف ويحرضه على التصفيق سواء سابقا أو حاليا، اختر اسما واحدا فقط؟

- هما اثنان: يوسف الثنيان، وزين الدين زيدان.

> مشوارك في نادي الهلال ألا يستحق رواية توضح فيها كل من وقف بجانبك، وكل من خذلك؟

- لا كلمة خذلان صعبة، ولكن ربما أنك تود القول بدلا عنها من لم يقف مع نواف، وهنا أجيبك بأن من وقف بجانبي يستحق الشكر، ومن لم يقف معي فهو يستحق الشكر أيضا.

> لعبك لكرة القدم أفقدك حضورك العائلي، وبالأخص مع ابنتيك منيفة ونوف، ألا تشعر بالغبن حيال ذلك؟

- نعم الغبن تعبير مناسب، فأنا أشعر بالتقصير حيالهما، ولن تكفي محاولاتي اليائسة حاليا لأن أبدو طفلا كبيرا معهما لأشاركهما همومهما البريئة التي لا تتجاوز شراء دمية.

> ما سأقوله الآن ليس سؤالا ولكنه طلب ساقه أحد المجهولين يقول فيه «ليتك تمتنع عن الكلام عن الشلهوب لأنه صار صديقا للجميع أكثر من صداقته لك».. ما تعليقك؟

- سلم عليه وأخبره بأن يتوقف عن بث هكذا طيبة خرافية، وصدقني لن أتحدث عنه بعد ذلك، وهو لن يفعلها، وأنا متأكد من ذلك.

> في حديث مع صالح النعيمة قال «نواف يتحدث بالإنجازات، فهي المدفع الوحيد الذي يجيد إشعال فتيله بإتقان»، هل هذا المدفع هو الذي اغتال نواف اللاعب وليس الإنسان؟

- أبو فهد قامة وقيمة وليس بعد حديثه حديث، وأنا أثق بأنه من أكثر الناس حبا لنواف، ولكن ربما أفهم من حديثه أن لهثي الحثيث خلف المنجزات أجبرني على الدخول بجسارة في صراعات كروية على أرض الميدان مع المنافسين، وهو ما أسهم في تعاقب تلك الإصابات الموجعة لجسدي والمثخنة لقلوب من يحبني.

> كم مرة تنهدت وقلت لكرة القدم «بس كفاية تعبت»؟

- «يوووه» كثير يا صاحبي.

> لديك محبون يحتفون بما قدمته، وكذلك الحال لمنافسيك الذين بات لديهم التوجه نفسه. كيف استطعت أن تجمع بين النقيضين ليكونوا من أنصارك؟

- أتمنى أن أصدق أنني أحظى بقبول جارف، وربما أن السر يعود إلى حرصي على الالتزام بمهمة تقديم عمل مسؤول وجيد يغلب فيه تعاملي مع المنتمي لكرة القدم كإنسان بغض النظر عن ميوله وتوجهاته.

> تفاصيل عشقك للهلال ستكون حاضرة مساء اليوم.. فكيف تتخيلها، وهل يمكن أن تطلق رهانك الخاص على جمهور الهلال من أجل أن يكونوا سادة المشهد في هذا المساء؟

- الله «سادة المشهد» تعبير راق يستحقه هذا الجمهور الفاخر، والذي أثق أنه سيحول عشب ملعب الملك فهد مساء اليوم من الاخضرار إلى الزرقة المستحيلة، فهم في ذمتي وفي ذمة من يستنشق وفاءهم الوحيدون القادرون على نشر البهاء في المدرجات وإعادة ترتيبه.

> لديك أرق مستفز لا يفارقك هذه الأيام، وهو ما يدفعني لسؤالك هنا: هل ستبكي في يوم الاعتزال، أم ستتمكن من الصمود؟

- لا لن أفعلها ولن تسقط دموعي، فشموخ والدي بندر التمياط سيكون حاضرا ليمنعني من فعل ذلك، وحضور شموخ الهلال «جمهوره» سيجبرني على إطلاق الابتسامات، وأعدك بأن تراني مبتسما، ولن أبكي حينها.

> لديك اسم واحد يستفزك لتذكر له ما تشاء عبر نافذة هذا الحوار؟

- إلى الشيخ بندر التمياط أقول له رحمك الله يا والدي، وربما أطمع في أن تتسع النافذة لأطل من خلالها بشكري العاجز عن بلوغ تمامه لأمي أولا وإخوتي وزوجتي والصغيرتين منيفة ونوف.