استشاري الإصابات خالد نعمان: أوهام أطباء الأندية السعودية وراء مآسي اللاعبين

طالب بمعاقبة غير المنضبطين في برنامج التأهيل العلاجي

TT

يحظى أخصائي واستشاري الإصابات الرياضية الدكتور خالد نعمان بحضور لافت للأنظار بين الرياضيين بصفة عامة واللاعبين بصفة خاصة، وبات اسمه يتردد على ألسنتهم كلما تعرض لاعب إلى إصابة على المستطيل الأخضر، وكانت نجاحاته السابقة سببا رئيسيا في تفضيل الكثيرين إجراء عملياتهم الجراحية علي يديه، وكان مدافع النصر محمد عيد آخر هؤلاء عندما تعرض لإصابة قطع كامل في الرباط الداخلي المفصلي لكاحل قدمه اليسرى، بالإضافة إلى كسر خارجي في عظمته المركبة مع قطع في الأربطة.. وتميز الدكتور نعمان بإجادة مشرطه في التعامل مع إصابات اللاعبين بجانب روحه المرحة، وهو ما دفع «الشرق الأوسط» للالتقاء به لمعرفة أسرار الطب الرياضي.

* كيف ترى توافد نجوم الرياضة السعودية للعلاج على يديك؟

- يشرفني ذلك ويشعرني بسعادة كبيرة وأنا أرسم بمشرطي لوحة علاج لاعب مصاب، ليعود مجددا ويرسم لوحة فنية إبداعية داخل الملاعب الرياضية، ومعالجة اللاعبين السعوديين والحمد لله دائما تأتي بالنتائج الطيبة المرجوة، والمتابعة الدائمة والاتزان من الطبيب واللاعب المصاب تعطي نتائج سارة ومبشرة بالخير، وهذا توفيق من الله رب العالمين.

* مع تعدد استشاريي الطب الرياضي هنا في السعودية، وأنت أحدهم، إلا أن لاعبين آخرين فضلوا العلاج في الخارج.

- أنا أفضل أن تتم معالجة اللاعب في السعودية، خصوصا في ظل وجود أمهر الأطباء والمستشفيات المؤهلة لذلك، إلى جانب أمر آخر مهم جدا لما بعد العملية، ويتمثل ذلك في المتابعة المستمرة لدى الطبيب المعالج، على عكس اللاعب الذي يجري العملية خارج السعودية فلو لا قدر الله حدثت مضاعفات أو أي شيء آخر فإنه يضطر إلى الحجز والسفر مرة أخرى إلى بلد الطبيب المعالج وفي ذلك مشقة وتعب وتكبد خسائر لا طائل من ورائها، خصوصا وأن معظم الأطباء هنا لا يحبذون متابعة عملية جراحية أجراها طبيب آخر وفي بلد آخر.

* آخر العمليات الرياضية التي أجريتها كانت لمدافع النصر محمد عيد، صف لنا ذلك؟

- بداية أنا سعيد لاختيار اللاعب إجراء العملية عندي وهذه الثقة أحد أهم مراحل العلاج بالنسبة للاعب، وعن تشخيص إصابة عيد هي قطع كامل في الرباط الداخلي المفصلي لكاحل القدم الأيسر، بالإضافة إلى كسر خارجي في عظمته المركبة مع قطع في الأربطة.

* أليست هذه إحدى إصابات الملاعب القوية؟

- الإصابة التي تعرض لها اللاعب ليست بسيطة وهي قوية جدا، وقمت من خلال العملية بعلاج الأربطة وتثبيت الكسر ووضعت جبيرة على موضع الإصابة، وسنتركها بعد ذلك لمدة 6 أسابيع دون أي علاج مميز لوجود الجبيرة والجبس، والآن تتبقى له من تلك الأسابيع أربعة تقريبا، وبنهايتها سيتم إجراء عملية خفيفة وصغيرة تحت بنج موضعي بهدف سحب المسمار الموجود الآن في موضع الإصابة على أن يبدأ مرحلة العلاج الطبيعي والتقوية والتمارين بعد ذلك.

* هذا يعني أن أمام اللاعب فترة طويلة جدا قبل عودته؟

- لضمان سلامته وشفائه تماما من الإصابة أستطيع القول نعم، وبالتالي فإن عيد يحتاج إلى أربعة أو خمسة أشهر حتى يعود وهذا يعني أنه لن يتمكن من المشاركة هذا الموسم مع فريقه الحالي.

* وكيف كان رد فعل اللاعب؟

- تحدثت معه حول ذلك وأوضحت له الفكرة وتقبلها مني بصدر رحب رغم حرصه على المشاركة والعودة السريعة لكن الهدف الأساسي من هذا المنع وتأجيل عودته للملاعب هو ضمان سلامته، ومن الواجب طبيا أن نمنح فرصة كافية للأربطة للالتحام ليعود اللاعب بشكل جيد ولا يتعرض لمشاكل مضاعفة فيما بعد، حينها لا قدر الله سيتعرض لمشاكل نفسية أكثر تعقيدا، لكن الجميل أن عيد كان متفهما لوضع إصابته ومستجيبا للطبيب وسيعود إن شاء الله إلى الملاعب وهو في صحة تامة.

* كثرة إصابات اللاعبين، هل وراءها أرضية الملاعب أم ثقافة اللاعب؟

- كثرة الإصابات لها أسباب عدة منها اللاعب نفسه ومدى إدراكه للوعي الرياضي، ثم وعيه الاحترافي، إلى جانب عدم جاهزيته خصوصا المصاب في العظام، وبالتالي تكون العظمة المصابة لم تشفى تماما ولا تزال ضعيفة، كما أن السهر ضرره بالغ، إلى جانب أننا نجد بعض هؤلاء اللاعبين يلعبون في الحواري، وكل ذلك يصب في ثقافة اللاعب الاحترافية، ناهيك أن أرضية الملاعب في بعض الأندية ليست على ما يرام، وكثير من اللاعبين يتأثرون بها وتداهمهم إصابات كثيرة بسببها، ويظل الأهم موضوع متابعة الكادر الطبي في الأندية، مثل أخصائي العلاج الطبيعي، والطبيب المسؤول عن النادي.

* بعض الأندية تعاني من كادر طبي غير مؤهل لعدم توفر المعرفة الكافية لدى من تعاقد معه.

- فعلا هناك خلل في عمل الكادر الطبي في بعض الأندية، خصوصا طبيب العلاج الطبيعي، وللأسف يتضح ذلك فيما بعد، والمشكلة أن بعض إدارات الأندية تعتقد أن أخصائي العلاج الطبيعي طبيب وبإمكانه تشخيص حالة الإصابة التي يتعرض لها اللاعب وعلاجها وهذا كلام غير صحيح.

* بعض اللاعبين أجروا عمليات جراحية وصفتها الأندية بالناجحة لكن بعد فترة نجد تعثر العلاج التأهيلي، أو أن اللاعب عاد قبل أن يشفى تماما من الإصابة، فهل هذا يعني أن هناك خللا في الكادر الطبي في الأندية، وهل هناك تواصل بين هذا الكادر والاستشاري؟

- نعم وللأسف هناك لاعبون كثر تأثروا وتضاعفت إصاباتهم بسبب الكادر الطبي الموجود في الأندية ولا بد أن يكون هناك اتصال بين هذا الكادر أو قسم العلاج الطبيعي مع الطبيب المختص والاستشاري في الطب الرياضي، وهما معا بإمكانهما الوصول إلى نتيجة إيجابية مع اللاعب المصاب.

* ولكن هناك كادرا طبيا في الأندية يمتلك صلاحيات واسعة وأكبر من دوره ويقوم بتشخيص الإصابة.

- النماذج على تشخيص الكادر الطبي مع اللاعبين كثيرة ومنتشرة للأسف وهذا أمر غير منطقي ويتسبب في زرع القلق لدى اللاعبين وهز ثقتهم، ولعل ما حدث مع محترف الاتحاد السابق المصري عماد متعب خير دليل بسبب سوء تشخيص طبيب العلاج الطبيعي وطبيب الأشعة ولم يتم عرضه على أي طبيب سعودي استشاري في الطب الرياضي، على الرغم من أن التلفزيون المصري اتهم عشرة أطباء بأنهم كشفوا عليه وقالوا إنه يعاني من إصابة وهذا الكلام غير صحيح، وقد شاهدت أشعة اللاعب المصاب فيما بعد، فكان تشخيصي مختلفا عن تشخيص طبيب العلاج الطبيعي في نادي الاتحاد، وهذا ما أردت قوله وهو أن لكل طبيب تخصصه.

* ما رأيك في فرض عقوبات مالية على اللاعب غير المنضبط علاجيا؟

- أؤيده بقوة، هناك لاعبون محترفون سعوديون جيدون وبإمكانهم الوصول إلى العالمية ولكن على كثير منهم أن يهتموا بعلاجهم إلى جانب اهتمام الكادر الطبي بهم، وأطالب بضرورة فرض عقوبات على اللاعبين إذا لم يستمروا بالعلاج الطبيعي أو أبدوا عدم انضباطهم، ولم يلتزموا بالبرنامج الطبي، هنا يجب أن ينال اللاعب عقابه، وأن لا يتم التغاضي أو غض الطرف عن عقوبته حتى ولو كان لاعبا مهما ويشكل ثقلا في صفوف الفريق، والعقوبة من أجل صحته ومصلحته.

* هناك من يقول إن بعض اللاعبين يعانون من هشاشة العظام، فما صحة ذلك؟

- لا هذا غير صحيح، فهشاشة العظام مرض آخر يختلف عن إصابات اللاعبين وغالبا ما ارتبطت هشاشة العظام بالنساء، ولكن للأسف هذا التشخيص الخاطئ يصدر من بعض الزملاء في الكادر الطبي في الأندية، وعندما يصاب اللاعب مرتين أو ثلاثا يخبرونه بأن لديه هشاشة عظام! وهذا أحد أخطاء التشخيص التي تحدثت عنها سابقا، وبالتالي فإن هشاشة العظام مرض آخر.

* ما مدى التزام ناصر الشمراني بالعلاج والمتابعة الطبية عندك؟

- ناصر ملتزم جدا ببرنامجه وكان قد تعرض لإصابة في الركبة اليمنى قبل 8 سنوات، وحاليا إصابته في اليسرى وهو يراجع المركز يوميا ويعمل علاجا طبيعيا وقريبا سيعود للملاعب.

* لاعبون كثر زاروك في العيادة وأجروا عمليات إصاباتهم لديك، هل لك أن تذكر لنا أبرزهم؟

- كثيرون.. منهم حسين عبد الغني، مناف أبو شقير، صالح الصقري، ناصر الشمراني، حاتم خيمي، مسفر الجاسم، محمد مسعد، تيسير آل نتيف.

* بصراحة من أكثرهم إصابة والتزاما بالعلاج والتأهيل؟

- لعل الثلاثي مناف أبو شقير وصالح الصقري وحسين عبد الغني كانوا مميزين في حضورهم ومتابعتهم اليومية وخرجوا من عندي إلى الملعب.

* ما النصيحة التي تقدمها لأطباء الأندية؟

- عليهم قبل كل شيء تطوير أداوتهم الطبية والمهارية في تخصصهم، إذ على طبيب العلاج الطبيعي أن يلتزم فقط باختصاصه ويهتم به، ولا يتجاوزه إلى شيء أكثر من مستواه، ذلك سينعكس على اللاعب وعليه شخصيا بالسلب، وبالتالي عليه أن يركز على الشيء الذي تعاقد النادي معه من أجله وأن لا يتصور أطباء العلاج الطبيعي أنهم وصلوا لمرحلة الأطباء، وللأسف بعضهم بات يشخص حالة الإصابة التي يتعرض لها اللاعب وينصحه بأن يذهب لأي طبيب وبعضهم يؤكد للاعب نوعية عمليته، وهذا كله خطأ فلكل شخص تخصصه ويجب أن يعمل وفقه.

* هل أنت مع تدريبات اللاعبين في الصباح والمساء؟

- عضلات اللاعبين تتحكم في ذلك، وهو أمر للمدرب وطبيب اللاعبين وعلى ضوئه يتم تقرير ذلك وليس الأمر عشوائيا، فالمختص بطب اللاعبين واللياقة هو من يقرر ذلك وليس المدرب وحده أو الإداري، ومن أخطاء المدربين في هذا المضمار جعل اللاعبين يمارسون تمارين الحديد قبل المباراة بنصف ساعة، وأنا أرى أنه يفترض تدريبهم على إرخاء العضلات والإطالة والتسخين لكن الحديد صعب جدا والمختص هنا هو العلاج الطبيعي التأهيلي.

* هل هناك تواصل بين الكادر الطبي داخل الأندية وبين الاستشاري في إصابات الملاعب؟

- نعم هناك تواصل مع البعض، ولكن للأسف بعضهم يصدر أحكامه بطريقة غير ممكنة في التشخيص.

* بعض اللاعبين المصابين ليست لديهم ثقة في استشاري الملاعب الرياضية ونجدهم يسافرون للخارج من أجل العلاج، برأيك هل هي أزمة ثقة؟

- يعتمد ذلك أولا على الكادر الطبي في النادي، وهناك أحيانا من لديه علاقة ومصالح شخصية تحكم المسألة، وثانيا لا أعتقد أن السفر للخارج ضروري كون كل شيء بات متوافرا للاعب هنا، ولكن عندما يحصل اللاعب على 50 ألف دولار، مثلا، ويقال له أجر عمليتك في بلد معين، طبعا اللاعب سيسافر إلى هناك وسيستغل ذلك في رحلة علاجية ورحلة استجمام في الوقت نفسه.. وعليكم أن تحددوا بالأرقام اللاعبين المصابين الذين عادوا للملاعب، ممن أجروا عملياتهم خارج السعودية أو داخلها، ونسبة عودتهم للعب وبمستوياتهم الفنية المعهودة.