مولد الاتحاد وشمري القادسية أبرز ضحايا «الانضباط».. والعقوبة الأكبر لمدرب النصر

العقوبات تطل برأسها بقوة في موسم كروي لم ينته بعد.. وخبراء رياضيون يكشفون أسبابها

TT

أثبتت دراسات وإحصائيات أجراها الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) مؤخرا أن معظم إصابات اللاعبين على المستطيل الأخضر تعود أسبابها إلى تعرضهم عادة إلى التدخل المتعمد، أو حتى غير المتعمد، ضدهم من الخلف، من قبل عناصر بعض الفرق المنافسة، وتحديدا في الساق والمفصل، بل إن الدراسات ذاتها أرجعت نسبة 60% من إجمالي الحالات التي شملتها الدراسة إلى التدخل من الخلف، وأوضحت النتائج أن أكثر إصابات الملاعب التي يتعرض لها اللاعبون تتمثل في إصابات المفاصل والكسور، خاصة في الركبة والقدمين والساقين، بسبب الخشونة والتلاحم بين اللاعبين والدخول الخاطئ، وأيضا شد العضلة الضامة الخلفية للفخذ وتمزقها، وسبب ذلك عدم وجود اللياقة الكافية وعدم التهيئة البدنية (الإحماء) الجيد قبل بدء المباريات، وشددت الدراسة على أن الكسارات الواقية للساقين تعد إحدى وسائل الحماية والتقليل من خطورة الإصابة في هذا الجزء من جسم اللاعب.

وفي موسم كروي شارفت مسابقاته على الانتهاء، أصدرت لجنتا الانضباط والفنية في الاتحاد السعودي لكرة القدم عدة قرارات إيقاف في حق لاعبين ارتكبوا الخشونة بطريقة أو بأخرى، وبمقارنة العقوبات الصادرة هذا الموسم، حتى الآن، مع ما سبقها في مواسم مضت، نجد ارتفاعا ملموسا في أرقامها، ورأى عدد من الخبراء الرياضيين أن تلك القرارات من جراء التدخل العنيف والخشونة المتعمدة، كذلك محاولة الاحتكاك بالحكام وشغب الجماهير وغيرها، تزداد عادة في توقيت مصاحب لدخول المنافسات مرحلة حرجة، تتحدد خلالها هوية الفرق المنافسة على المراكز في سلم الترتيب، رغم التتويج المبكر للهلال بلقب دوري زين للمحترفين، مع تباين أهداف تلك المنافسة، فهناك من يسعى لمراكز المقدمة للتأهل للمشاركات الخارجية، بجانب صراع آخر للوصول إلى المواقع المؤهلة لكأس خادم الحرمين الشريفين للأندية الأبطال، وفي الوقت ذاته تشهد المواقع المتأخرة منافسة لا تقل أهمية بين أصحابها للهروب من خطر الهبوط إلى مصاف أندية الدرجة الأولى، بينما شهدت مواجهات خروج المغلوب في الاستحقاقات الأخرى والمتمثلة في كأس ولي العهد وكأس الأمير فيصل بن فهد، الكثير من قرارات الإيقافات للاعبين، بل ومدربين أيضا.

ضحايا العقوبات من اللاعبين:

كانت لجنتا الانضباط والفنية بالاتحاد السعودي قد أصدرتا قرارات كثيرة منذ انطلاق منافسات هذا الموسم، وتمثلت في عقوبات مختلفة للاعبين خرجوا عن الروح الرياضية أو تعمدوا الخشونة، كما تم تغريمهم ماليا، واختلف مضمون تلك العقوبات من حيث مدة الإيقاف وحجم الغرامة المالية، وكانت العقوبة الأولى صدرت بحق مدافع نجران علي الصقور خلال لقاء فريقه أمام الهلال في الرياض وأوقف أربع مباريات، ولحق به حارس الشباب وليد عبد الله لمحاولة التهجم على الحكم المساعد في لقاء الفتح وأوقف ثلاث مباريات، وتبعه قائد الاتحاد محمد نور أمام الاتفاق، وأوقف مباراتين لاحتكاكه بالحكم المساعد، والرقم ذاته للاعب وسط الحزم أحمد مناور بعد تلفظه على حكم مباراتهم مع النصر، والمحترف الروماني بالهلال رادوي، بعد تدخلاته العنيفة في لقاء فريقه بالنصر، كما أوقف مدافع الاتحاد أسامه المولد أربع مباريات بعد خشونته المتعمدة ضد مهاجم النصر محمد السهلاوي، وأوقف حارس القادسية فهد الشمري أربع مباريات أيضا بعد مباراة فريقه أمام الفتح، وأوقف محترف نجران ديبا مباراتين لضربه مدافع الأهلي من دون كرة، بينما أوقف لمباراة واحدة كل من لاعب وسط الأهلي عبد الرحيم جيزاوي بعد مباراة القادسية، ومهاجم الهلال أحمد الصويلح بعد لقاء الأهلي في مسابقة كأس الأمير فيصل بن فهد، ولحق بهم المغربي هشام بوشروان بعد مباراة فريقه الاتحاد أمام الوحدة، وأوقف محترف النصر حسام غالي مباراة واحدة إثر تدخله من دون كرة على وجه مهاجم الهلال ياسر القحطاني في مباراة الفريقين في ربع نهائي كأس ولي العهد، وفي المسابقة ذاتها تعرض لاعب الشباب عبد الملك الخيبري للإيقاف مباراتين بعد تدخل عنيف بالمرفق ضد لاعب وسط الأهلي عبد الرحيم جيزاوي، وأوقف من الشباب ولمباراتين أيضا، مدافعه ماجد المرحوم بعد تلفظه على حكم مباراة فريقه أمام الوطني في كأس الأمير فيصل بن فهد، وبالعودة إلى مضمون تلك القرارات الصادرة بحق اللاعبين نجد أن العقوبة الأكبر ضد لاعب كانت لحارس القادسية فهد الشمري ومدافع الاتحاد أسامة المولد (4 مباريات). المدربون وشغب الجماهير لم تقتصر عقوبات الإيقاف على اللاعبين، بل شملت بعض المدربين ولأسباب مختلفة، فجاء قرار اللجنة الفنية بإيقاف وتغريم المدرب الأورغواني للنصر خورخي داسيلفا ثماني مباريات، على خلفية إشارته غير الرياضية تجاه الحكم اليوناني المساعد في مباراة فريقه مع الهلال في ربع نهائي كأس ولي العهد، في عقوبة تعد الأكبر حتى الآن، وفي المسابقة ذاتها أوقف المدرب البرازيلي لفريق الأهلي سيرجيو فارياس مباراة واحدة مع تغريمه، بسبب عدم صعوده للمنصة مع فريقه لتسلم ميداليته المخصصة بعد المباراة النهائية مع الهلال، وتعرض مدرب الحراس بفريق الاتحاد البرازيلي ماريو إلى الإيقاف ست مباريات على خلفية تهجمه ومن ثم البصق تجاه حكم مباراة الاتحاد والاتفاق الدولي سعد الكثيري، والتي أقيمت بجدة ضمن دوري زين للمحترفين، كما تم نقل مباريات عدة لفرق الهلال والنصر والأهلي بسبب حالات شغب جماهيري شهدتها بعض مبارياتهم، وقررت الجنة الفنية أيضا تطبيق قرار العقوبة المالية تجاه الأندية في حال وصول عدد البطاقات الصفراء للاعبي فريق واحد إلى الرقم 6 في المباراة الواحدة، للحد من كثرة المخالفات ومواصلة التشجيع على اللعب النظيف.

الخبراء يكشفون الأسباب أرجع الخبراء الرياضيون أسباب معظم تلك الحالات إلى وقوع بعض اللاعبين تحت ضغط نفسي كبير من جراء شدة المنافسات، وهو ما أثبتته الدراسات النفسية للاعبين، الذين يحرصون على عدم تعرض أنديتهم للخسارة، مما يؤدي إلى حدوث خشونة متعمدة أو تداخل عنيف، كما أن التهيئة الإدارية لها دور كبير في مثل هذه الحالات بإبعاد اللاعبين عن هذه الممارسات، وراح ضحيتها أكثر من لاعب ونجم، حتى إن كثيرا منهم أجبرتهم تلك الإصابات على الرحيل عن ملاعب الكرة، مع عدم تجاهل سبب آخر لا يقل أهمية، وهو نهج معظم مدربي تلك الفرق، حيث يطالبون لاعبيهم بإيقاف لاعبي الفرق المنافسة، بأي طريقة سواء مشروعة أو غير مشروعة، وطالب الخبراء أيضا بأن تمتد فترة عقوبة الإيقاف للاعب المرتكب للخشونة وتعمد إيذاء المنافس إلى فترة بقاء اللاعب المصاب نفسه بعيدا عن الكرة لتلقي العلاج والتأهيل البدني، وليس كما هو حادث الآن بإيقافه مباراة أو مباراتين فقط.

فمن جهته، أكد اختصاصي علم النفس الرياضي الدكتور صلاح السقا، أن أسباب ظهور حالات الخشونة تكمن في حرص اللاعبين على تجنب الخسارة، وأثبتت دراسات أن حدة المنافسة تؤدي إلى زيادة توتر اللاعبين، مما يتولد عنه خروجهم عن الروح الرياضية، ومنه الخشونة المتعمدة والتدخلات العنيفة، وعادة ما تكثر هذه الحالات عند دخول المسابقات مراحلها الحاسمة.

وقدم المعلق الكروي ناصر الأحمد مقترحا للمسؤولين في لجنتي الانضباط الفنية بالاتحاد السعودي لكرة القدم، مشيرا إلى أنه «في حال تعمد لاعب ما الخشونة ضد لاعب آخر وتسبب في إيذائه وابتعاده عن اللعب لفترة طويلة، يتم إيقاف الأول للفترة نفسها التي قضاها اللاعب المصاب بعيدا عن الكرة، فمثلا إن وصلت فترة علاج اللاعب إلى ثلاثة أشهر يتم إيقاف اللاعب المتسبب فيها للفترة ذاتها»، وأضاف «ليتخيل اللاعب المرتكب للخشونة أو العنف أنه في مكان زميله المصاب.. المؤسف أن الأخير سيتضرر ماديا ونفسيا من جراء إصابته أو في حال ابتعاده عن مهنته كرة القدم إن اضطر للاعتزال بسبب هذه الإصابة من جراء إيذاء الخصم، خصوصا أن مجال كرة القدم أصبح مجالا اقتصاديا، واللاعب هو أساس اللعبة». واتهم اللاعب الدولي الشبابي السابق والمحلل الفضائي في القناة الرياضية السعودية حاليا فؤاد أنور، بعض المدربين في ظاهرة العنف والخشونة المتعمدة في دوري زين والمسابقات الأخرى، وقال «ما يحدث حاليا وأيضا في السابق، هو أن معظم المدربين يوعزون للاعبيهم بإيقاف أبرز نجوم الخصم باللجوء إلى أساليب رياضية وغير رياضية، وهذا واقع عايشه معظم اللاعبين، كما أن الأجهزة الإدارية لها دور كبير في ذلك، خصوصا فشلها في تهيئة اللاعبين وإبعادهم عن الضغوطات، والتي تفرز حالات الخشونة المتعمدة، مع العلم بأن الفريق سيفقد خدمات لاعبه الموقوف من الناحية الفنية، بجانب ابتعاد زميله في الفريق الآخر عن الكرة بعد تعرضه للإصابة».