التقرير الطبي ينهي الجدل حول أسباب وفاة أيداهور ويؤكد إصابته بسكتة قلبية.. وليس بسبب العنف

انتحار مشجع.. وحالات إغماء بين مشجعي المريخ السوداني.. بعد وفاة لاعبه النيجيري خلال مباراة

TT

حسم التقرير الطبي تضارب الأقوال حول موت هداف فريق المريخ لكرة القدم السوداني النيجيري أندراوس أيداهور أثناء مباراة بين فريقه وفريق سوداني آخر في استاد المريخ. وقال التقرير الطبي الصادر من مستشفى أم درمان إن اللاعب أيداهور (26 عاما) مات بـ«هبوط حاد في الدورة الدموية»، أي بالسكتة القلبية، وقال مصدر طبي لـ«الشرق الأوسط» أمس إن وفاة اللاعب النيجيري «طبيعية»، ولم يتعرض لأي إصابة في المباراة. وتأتي وفاة المحترف النيجيري بعد أيام من إصابة بالغة تعرض لها حارس فريق المريخ حافظ أحمد محمد، حيث تعرض إلى كسر في أنفه في مباراة بين فريقه وفريق سان جورج الإثيوبي ضمن منافسات دوري الأبطال الأفريقي. وتعد حادثة وفاة اللاعب أيداهور داخل الملعب الأولى من نوعها في الملاعب السودانية.

وتسببت وفاة اللاعب أيداهور في انتحار صبي في الحادية عشرة من عمره حزنا على اللاعب المتوفى، كما تسببت وفاته في حدوث حالات إغماء وسط مشجعي المريخ الذين كانوا داخل الاستاد أو المشجعين الذين تابعوا سقوطه في المباراة عبر شاشات القناة الفضائية السودانية التي نقلت المباراة ضمن منافسات بطولة الدوري الممتاز السوداني، في أسبوعها الثالث.

وكان أيداهور سقط على الأرض أثناء مباراة بين فريق المريخ وفريق الأمل عطبرة (أحد الفرق الأساسية في مدينة عطبرة شمال الخرطوم)، ونقل بإسعاف خاص إلى مستشفى أم درمان المجاور لاستاد المريخ، ليلفظ هناك أنفاسه الأخيرة، ولم تفلح محاولات الأطباء إنقاذ حياته، وخلفت الواقعة، التي حضرها عشرات الآلاف من مشجعي الفريقين، ردود فعل قوية لدى المشجعين. وقال مصدر في فريق المريخ لـ«الشرق الأوسط»: «إن إدارة فريق المريخ خصصت طائرة خاصة لنقل جثمان هداف المريخ وأسرته التي وصلت أمس (زوجته وابنته وابنه من دبي وشقيقاه من نيجيريا) إلى نيجيريا لتشييعه في مسقط رأسه. وقال مصدر في فريق المريخ إن الجثمان سيرافقه طاقم إدارة المريخ الفني والإداري وممثلون من الفرق السودانية الأخرى وإداراتهم.

وتضاربت في الخرطوم الأقوال حول أسباب وفاة اللاعب النيجيري، حيث قالت تقارير إن أيداهور توفي بضربة من لاعب من فريق الأمل عطبرة، فيما ذكرت تقارير أخرى أنه في الأصل مصاب في مباراة سابقة، ونسب إلى لاعبين في المباراة أن أيداهور كان يبدو عليه الإعياء أثناء المباراة، وأنه قبيل سقوطه بلحظات انحنى أكثر من مرة، وأصدر تأوهات قبل أن يسقط أرضا.

وكشف مقربون من اللاعب المتوفى أنه قبل المباراة بدقائق سأل عن القناة التي تنقل المباراة مباشرة، وعندما عرف أن القناة الفضائية السودانية هي التي ستنقل المباراة اتصل بزوجته التي تقيم في دبي مع بنته وابنه حيث تعمل هناك، ودعاها إلى متابعة المباراة مباشرة على الفضائية السودانية، وحسب مقربين من اللاعب أن زوجته شاهدت سقوطه في الملعب واتصلت بعد لحظات وعندما انقطع النقل المباشر للمباراة بسبب الأحداث التي رافقتها، اتصلت بمسؤول في نادي المريخ حول ما حدث لزوجها الذي رأته على الأرض، فأبلغوها بأنه قد فارق الحياة.

وتتطابق الروايات أن اللاعب أيداهور سقط أرضا مغمى عليه في الدقيقة 30 من الشوط الأول من المباراة، في تزامن مع قيام اللاعب التونسي عبد الكريم النفطي المحترف في المريخ لتنفيذ ضربة ثابتة لصالح فريقه في الجانب الشمالي الشرقي من الاستاد، قرب ركن الاستاد من الناحية ذاتها، وتجمع أغلب اللاعبين في منطقة جزاء أمام مرمى فريق الأمل، فأوقف حكم المباراة اللعب واستدعى رجال الإسعاف، الذين استدعوا بدورهم عربة إسعاف إلى داخل الملعب في حالة نادرة، وحملت أيداهور إلى مستشفى أم درمان المجاور لاستاد المريخ، وحاول الأطباء هناك إنقاذ حياته إلا أنه لفظ أنفاسه الأخيرة. ويقول شهود العيان إن الأطباء دخلوا في سباق مع الزمن داخل غرفة الإنعاش لكن الأقدار كانت سباقة ليتم إعلان مصرع اللاعب بعد مرور أقل من عشرين دقيقة.

وخلف إعلان موت المحترف النيجيري أحداث شغب أوقفت المباراة لنحو 13 دقيقة ليستأنف الحكم الشوط بوقت إضافي، غير أنه قبل نهاية الزمن الإضافي للشوط الأول، تسرب إلى المسؤولين في فريق المريخ نبأ موت اللاعب في المستشفى، ليشير مراقب المباراة إلى الحكم بإيقاف اللعب، ليعلن الحكم وقف المباراة. وسادت موجة من الفوضى والبكاء الهستيري داخل الاستاد، وحصب المشجعون الميدان بالحجارة. وتدفق الآلاف من المشجعين صوب المستشفى التي نقل إليها اللاعب واضطرت الشرطة لإغلاق الطريق المؤدي إليها بعد ظهور علامات الغضب الهستيري على المشجعين، حيث اشتبك بعضهم مع الطاقم الفني ولاعبي فريق الأمل داخل الملعب، وردد بعضهم أمام بوابة المشرحة هتافات مناوئة لشداد وطالبوه بالاستقالة، فيما ندد آخرون بالحادث وطالبوا بالثأر للاعب. وسيطرت أجواء الكآبة وخيم الحزن على الملايين من عشاق المستديرة داخل وخارج السودان بصفة عامة وعلى جماهير الأحمر بعد تناقل نبأ مصرع نجمها المحبوب الذي فارق الحياة على أرض النجيل الأخضر.

وحزنا على وفاة أيداهور شنق صبي في الحادية عشرة من عمره نفسه داخل منزله، وقال متابعون لمجريات الحادث لـ«الشرق الأوسط» إن الصبي، وهو طالب في المرحلة الابتدائية يسكن ضاحية أم القرى شمال مربع 45، دخل في حالة بكاء هستيري عندما شاهد سقوط اللاعب أيداهور في الملعب، ونقل خبر وفاته فيما بعد، ولم يذهب صباح أمس إلى مدرسته على الرغم من إصرار أسرته على ذلك، وقالوا إنه جلب في التاسعة صباحا الخبز للأسرة من مخبز مجاور، وعندما أعدت والدته وجبة الإفطار وطلبت من شقيقته مناداته لتناول الإفطار مع الأسرة، عثرت عليه مشنوقا داخل حمام المنزل بحبل.

وتعد الحادثة الأولى من نوعها في الملاعب السودانية، وحصل اللاعب أيداهور على الجنسية السودانية العام الماضي، جاء للمريخ مع زميله إيفوسا من نادي دولفين في 17 يناير (كانون الثاني) 2006 بعقد لمدة ثلاث سنوات ليتألق في صفوف المريخ كأبرز نجوم خط هجومه، وفي يناير 2008 تمت إعارته لنادي النصر الإماراتي وعاد في أغسطس (آب) من العام نفسه ليقود ناديه لنهائي الكونفيدرالية أمام الصفاقسي التونسي واحتل المركز الثاني في هدافي البطولة بـ6 أهداف. وكان المريخ أعاد تسجيل اللاعب نظير مليون دولار وأعاره إلى نادي النصر الإماراتي لسبعة أشهر تقريبا في الفترة من يناير 2008 إلى أغسطس من العام نفسه قبل أن يستعيده إلى صفوفه مرة أخرى.

وكانت جماهير المريخ حاولت الدخول عنوة إلى المشرحة من أجل إلقاء النظرة الأخيرة على محبوبها أيداهور مما دفع الشرطة للالتحام بالجمهور ومحاولة تفريقه بالقوة، وقد استنجدت الشرطة بقوات إضافية ترابط داخل المشرحة لمنع دخول الجماهير التي كانت تبكي في حالة هستيرية. ويذكر أن جمال الوالي رئيس نادي المريخ هو من اتصل هاتفيا بزوجة الفقيد التي تقيم في دبي وأشقائه في نيجيريا لإبلاغهم نبأ وفاة زوجها في المباراة. ووصف المعلق الرياضي السوداني الرشيد البدوي عبيد أيداهور بأنه «لاعب يجمع بين الموهبة والأخلاق الرفيعة».