الشيخ محمد بن حمد آل ثاني: تنظيم المونديال ليس نزهة وتجربتنا ستكون غير مسبوقة

قائد ملف قطر 2022 لـ «الشرق الأوسط»: حين تحضر التقنية العالية.. فعلى مشكلة الطقس أن تتوارى

TT

«توقعه مذهلا» شعار يزين أعلى التصميم الخاص بملف قطر 2022.. عنوان يحمل في طياته الكثير من التفاؤل بأن هناك شأنا سيكون لمنطقة الخليج العربي فيما يذهب إلى تنظيم التظاهرة الكروية الكبرى، «كأس العالم». لكن وسط تضاربات الحديث.. وتوقعات الفرقاء حول المرشح الخليجي الممسك بالتقنية والتنمية بيد.. والقدرة العالية أمنيا وصحيا باليد الأخرى، يظهر عرّاب الملف ومحركه رئيس مجلس إدارة ملف قطر 2022، الشيخ محمد بن حمد آل ثاني نجل أمير قطر كرجل رياضي كونه فارسا حصد جوائز عدة في مجاله.. تسلم عمل الملف الصعب بثقة متناهية، وهو يؤكد أن لا أحد يملك الصفات والمميزات التي سيقدمونها للعالم خلال المونديال المذكور. «الشرق الأوسط» التقت الشيخ الشاب في دبي، الذي أكد على أن قطر ستقدم شأنا تنظيميا غير مسبوق سيبهر العالم.. وأشار إلى ماهية التنظيم وكيفيته والجوانب التي تتعلق بانطلاقته من المنطقة الساخنة، أجواء وتفاعلا، وسألناه عن علاقة الملف بأصحاب القرار الكروي عالميا وعن كثير من الجوانب العالقة التي احتاجت إلى إيضاحات عن هذا الملف.. فكان الحوار التالي:

* أهمية ملف قطر.. المعنى الحقيقي لهذا الملف؟

- أحب كثيرا أن أتحدث عن هذا الملف في أي مكان وفي كل وقت، ويشرفنا أن نكون ممثلين لمنطقة الشرق الأوسط في هذا السباق مع أسماء كبيرة ذات أوزان ثقيلة.. دخلنا بآمال كبيرة وبعمل جاد وتصميم لا حدود له، وبدعم من كل الاتحادات الكروية العربية.

وعليه، فإن الأمر بات لا يخصنا وحدنا، بل إن التنظيم يشمل العرب كلهم، والمنتمين الآخرين إلى منطقة الشرق الأوسط. هي احتفالية شاملة، تجعلنا أكثر سعادة وحبورا، كوننا نمثل هذا الجمع الرائع.. ونريد أن نحضر العالم إليهم هنا. هذا العالم الذي تناوب على تنظيم التظاهرة الكروية الأكبر في العالم.. ونحن مثلهم نحب كرة القدم، فعشق القطريين والخليجيين لكرة القدم ليس وليد اللحظة، ولا هي نزوة عابرة. وما زلنا نحلم بأن يكون لنا شأن في النتائج التنافسية. ولا بد أن يكون لنا شأن في عمل كرة القدم، غير ذلك فإن منطقة الشرق الأوسط تحتاج إلى دفعة قوية كي تكون أكثر تألقا في كرة القدم، وهي بصراحة غير مستغلة في ذلك، فكان لزاما أن يطالنا تنظيم هذا التجمع الكبير، لأنه سيسعدنا جدا وسيفيد منطقتنا.

* تنظيم كأس العالم يستلزم عملا جبارا، ولا بد من تجاوز مواجهات وتحديات، هل أنتم مستعدون لذلك؟

- عرفنا منذ البداية أن هناك تحديات كبيرة ومتطلبات عالية الدقة، وشروط واجبة التنفيذ.. قرأنا الموضوع برمته وتدارسناه.. خرجنا بتصور كامل عنه، ثم خبرنا قدراتنا، والكيفية التي سنصل إليها لتنفيذ هذا العمل، وقسنا كل الجوانب بما نستطيع عمله وإنجازه، ووجدنا أننا قادرون على ذلك.. إمكاناتنا حاضرة، وتنظيماتنا لها سابق نجاح تجربة وقدرة.

ما أود تأكيده أننا ندرك تماما أن الأمر ليس نزهة وليس عملا يقبل التأجيل أو التضعضع والراحة.. هو عمل لا بد أن يكون متواصلا مثمرا فاعلا، ولذلك بات ملفنا متكامل الأضلاع وجديرا بأن يؤخذ به، وفوق كل ذلك يعلم العالم أجمع بأن بلدنا يتنعم بالأمن والاستقرار وفي إطار أولويات على مستوى العالم في هذا الشأن.

* لكن ما زال التحدي الأكبر يتمثل في الطقس؟

- حينما أقدمنا على طلب التنظيم، كنا ندرك جميع المعوقات التي تحتاج إلى تذليها وإخضاعها.. والطقس كان جانب التحدي الأكبر.. لكن حين تحضر التقنية العالية، فقد آن الأوان لهذه المعضلة أن تتوارى.. في ملفنا قدمنا كل الحلول الناجعة لتجاوز هذه الإشكالية، لا سيما وأن هذه التقنية باتت تسمح لنا ولكل العالم أن يلعب كرة قدم في أي يوم من أيام السنة.. تقنية حديثة جبارة قادرة على جعل أجواء ممارسة كرة القدم ضمن الإطار الطبيعي المثالي، والأمر ينطبق أيضا على الحاضرين، حيث إن تكييف الملاعب بات عملا حاضرا، ونحن في قطر لنا سابق تجربة ناجحة فيه من خلال ملعب نادي السد، ناهيك عن التقدم التقني الحالي الذي أعطانا أفضليات كثيرة لتجاوز هذه العقبة. أصدقك القول بأننا قدمنا حلولا في هذا الجانب قد أبهرت العالم، والمعنيون بكرة القدم يعلمون ذلك.

ما أود أن أشير إليه أن لا أحد يستطيع أن يقول الآن إن الطقس سيمنع التنظيم.. ومن خلال عرضنا للملاعب والتقنيات التي تحتويها، باتت الأجوبة عن أسئلتهم موجودة عمليا.. وليس شفهيا.

* لنذهب إلى تحد آخر يخص المنطقة التي تنتمي إليها قطر.. الشرق الأوسط.. كيف ستكون الدعوة في ظل هذه المنطقة الساخنة حراكيا؟

- حينما طلبت قطر تنظيم البطولة، كانت تدرك تماما أنها تنطلق من الشرق الأوسط وتمثله.. وتدرك أيضا أنها تحمل شعار البطولة لكل المنطقة.. ممسكة بيد كل خليجي وعربي لتقول له: أنت شريك في هذه البطولة.. هي بطولتك نظير ما بيننا من محبة وإخاء وروابط وعلاقات كبيرة.. وحين ننظم، فلن يكون تنظيمنا لقطر والقطريين.. بل للشرق الأوسط بصفة عامة.

* لكن مقاييس الشرق الأوسط مختلفة.. هل هناك صورة أردتم أن توصلوها عن هذا الجزء من الشرق؟

- بكل أسف، لدينا مشكلة مع الإعلام الغربي، وبخاصة فيما يذهب إلى تحسين صورة الشرق الأوسط. وإذا قدر لنا أن ننظم البطولة في قطر، فإننا سنشرع أبوابنا للإعلام الغربي لكي يشاهد ويرى هذا الجزء المهم من الشرق الأوسط.. يرى بلداننا العاشقة للرياضة.. الباحثة عن إقامة علاقات محبة وسلام مع العالم.

وأؤكد هنا، أننا نحمد الله أن بلدنا قادرة على أن تنظمينا للمونديال «إذا ما تسنى» سيكون وفق أرقى المواصفات والمقاييس من الناحيتين الأمنية والصحية.

ثمة أمر مهم، وهو أن منطقتنا الخليجية متلاقية متعاونة وهم شركاء لنا في كل شيء.. وحين ننظم سندعو الكل لمشاركتنا وبلا شك أن الأقربين هم الأولى ونتمنى أن نشرفهم.

* أشرت سابقا أن تجربتكم في التنظيم ستكون غير مسبوقة.. ما الذي ترمي إليه، لا سيما أن متطلبات المونديال متشابهة في كل مكان؟

- لنا عمل كبير في تسخير الطقس لخدمة الرياضة، وفق الحلول التقنية، وقطعنا أشواطا كبيرة في ذلك وتجربتنا مضرب مثل.. وهو ما يجعل هذه المنطقة مهيأة لأي استحقاق، وهي تجربة يسعدنا أن نسهم بنقلها لجيراننا.

وهنا أحدد الشأن، فالطاقة التي ستستخدم في التبريد هي طاقة شمسية، ونجحت تجربتنا بمثالية في نادي السد.. ومع ذلك، نطمح إلى شأن أكبر وأفضل في هذا المجال. وحتى موعد التنظيم ستكون سبلنا أكثر تقنية وفاعلية.. ولأول مرة ووفق توجه غير مسبوق، نبني ملعبا لكرة القدم مبرد من دون أي ضرر، ووفق المواصفات العالمية وما يحدده «فيفا».. ودرجة الحرارة لن تتجاوز 27 درجة مئوية.

* هي فقط أسبقية خاصة بالطقس وتطويعه؟

- لا ليس ذلك فقط.. فإن مشروعنا لتنظيم كأس العالم 2022 ضمن أهم أساسياته أن يكون هناك توفير للمال والجهد، سواء للاعبين وأجهزتهم وللجماهير.. وحتى لـ«فيفا» من خلال أن البطولة متقاربة الأماكن.. في حيز مترابط جدا من حيث المواصلات والنقل والاتصالات وحضور المباريات.. وقبل كل ذلك، من خلال تذكرة سفر واحدة للدوحة، وليس لعدة مدن، من دون تنقلات مرهقة ماديا وبدنيا. لن يكون هناك تغيير حجوزات ومعاناة سفر، بل يستطيع القادم لكأس العالم أن يشاهد كل المباريات إذا أراد ذلك، لا سيما أن هناك شبكة انتقالات ومواصلات على أعلى مستوى، حيث سيتم الربط بين الملاعب بشبكة من المترو، بحيث يتاح للجماهير مشاهدة أكثر من مباراة خلال اليوم الواحد، ناهيك أنه قد تم الإعلان رسميا عن مطار الدوحة الدولي، وهو واحد من أكبر مطارات العالم وأفضلها على الإطلاق، وسيتم افتتاحه عام 2012. وعليه، فإن الدخول والخروج من قطر سيكون غاية في السهولة عبر هذا المطار.

ومن كل ذلك، هو فعل لن يسبق أحد قطر إليه.. لن يكون هناك تغيير حجوزات فنادق وانتظار في المطارات، بل تفرغ لمشاهدة كأس العالم.. هنا ندرك أن حجم قطر سيساعدنا كثيرا.. ويعزز من عملنا كمنظمين وسيمنح «فيفا» القدرة على تفعيل كل لجانه.. أيضا وهو الأهم، هو شأن سيسهل الناحية الأمنية.. وبصراحة، فالموضوع في هذا الشأن هو في صالحنا.. وهي أسبقية سنثبت نجاحها إذا ما نظمنا.

* كأن لديكم رسالة تريدون إيصالها من خلال هذه البطولة؟

- رسالتنا رسالة سلام ومحبة نبعثها من «الشرق الأوسط» إلى العالم كله بصفة عامة والغربي منه بصفة خاصة.. نريد أن نريهم الصورة الحقيقة لمنطقتنا، لكي لا يسمح لأي أحد أن يرسم الصورة التي يريدها هو وكيفما يريد.. ندعوهم للحضور والمشاهدة والمعايشة.

* هناك رؤية قطرية هدفها عام 2030.. لكن كأس العالم 2022 تسبقها؟

- هي رؤية شاملة لكل مناحي الحياة في قطر، والرياضة جزء منها.. والأساس أن الرؤية ستكتمل قبل 2030، وكأس العالم حين تنظيمها تتناغم مع هذه الرؤية وتدعمها.. وأصدقك القول بأن تنظيم كأس العالم استثمار استراتيجي، يعزز الرؤية ويدفع بها إلى آفاق أكبر.

* محمد بن همام شخصية كروية عالمية نافذة.. ما دوره؟ وكيف تعولون عليه؟

- في النهاية محمد بن همام رجل يحمل من الخبرة الشيء الكثير، وبلا شك خبرة لمصلحة بلده قطر.. ولا ننس أنه أخ أكبر لنا، نستفيد من خبراته ووجهة نظره.. وحقيقة هو من أكبر الداعمين للملف، وذلك ليس غريبا على هذا الرجل الذي يحظى بمكانة عالمية وقارية، وهو أحد أركان كرة القدم فيها.

* قال بلاتر إنه ليس هناك مقايضة بينه وبين بن همام بشأن سحب الأخير ترشحه لرئاسة «فيفا» مقابل دعم الأول لملف قطر؟

- الأكيد أن إثارة مثل ذلك لا يهمنا.. لأننا ندرك أن الحقيقة هي ما أشار إليه بلاتر من عدم وجود مقايضات، لأن ذلك من صنع الإعلام ليس إلا. ما نحن متأكدون منه أن الملف الجيد هو من سيكسب، ونحن نعكف على أن نعمل لإيجاد ملف متكامل قادر على استيعاب كل شيء لكي نحظى بالتنظيم.. وفيما يخص بلاتر، فقد قال حديثا جيدا عن ملف الدوحة، وأبدى تفاؤلا به.. وبصفة عامة، فمؤشرات ملفنا إيجابية جدا، ونحن متفائلون من أننا سنكون فرس الرهان.

* قمتم بجولات وزيارات كثيرة لأجل الترويج للملف.. لكن لم يشمل الأمر أميركا الجنوبية، لا سيما أنها أحد أركان القرار التنفيذي لاختيار منظم المونديال؟

- ما زلنا في إطار العمل وفي المستقبل لدينا عمل كبير أيضا.. نحن نركز الآن على الملف المتضمن المواصفات والمتطلبات الذي سنقدمه يوم الرابع عشر من الشهر الحالي لـ«فيفا» في زيورخ، ومن ثم سنواصل عملنا، لأننا مؤمنون وهم أصدقاؤنا والمطلعون على واقعنا، بأننا نستحق تماما تنظيم مونديال 2022.