بوفون يودع المونديال مبكرا

ماركيتي الحارس البديل يطالب الجماهير الإيطالية بالثقة به

TT

سقطت إحدى أوراق مارشيلو ليبي الرابحة في المنتخب الإيطالي بإصابة حارس المرمى الأول في الفريق، جيجي بوفون، حيث كشفت فحوصات الرنين المغناطيسي التي خضع لها اللاعب بالأمس عن إصابته بفتق في فقرات الظهر التي تقع بين الفقرة القطنية الأخيرة والعجزية الأولى، مما يعني أن بوفون في حاجة إلى معجزة طبية للعودة إلى أرض الملعب قبل نهاية المونديال. ومن جانبه، لم يتردد كبير أطباء المنتخب الإيطالي، إنريكو كاستلاتشي، عن وصف الإصابة بالكارثية، في حين استقبل مسؤولي يوفنتوس الخبر وسط حالة من الحزن الشديد، وسرعان ما بدأ ماورتا، المدير الرياضي في السيدة العجوز، في البحث عن حارس مرمى جديد لخلافة بوفون في الفريق، حيث تتزايد احتمالات خضوع اللاعب للتدخل الجراحي في القريب العاجل.

من جهة أخرى، أرجع الطبيب كاستلاتشي إصابة بوفون إلى الضغط الشديد على عصب الساق اليسرى بعد تفتق الفقرات السفلى في الظهر أثناء قيام اللاعب بعملية الإحماء مساء الاثنين الماضي قبيل مواجهة باراغواي. وفي هذا الشأن يقول كاستلاتشي: «لقد كان للرطوبة وانخفاض درجة الحرارة تأثيرا سلبيا على تطور الإصابة. ولا بد له أن يحظى بقسط من الراحة وعدم القيام بأي حركات عنيفة لعشرة أيام على الأقل. لقد قررنا بقاءه معنا لتلقي العلاج وفقا لرغبة اللاعب ورغبتنا في الإبقاء عليه في جنوب أفريقيا حتى يتم شفاؤه. قد تكون فرص تعافيه من الإصابة ضئيلة للغاية، ولكننا لن نتوقف عن المحاولة. يستحيل علينا تحديد تاريخ عودة جيجي إلى صفوف الفريق، ولكن الشفاء لن يكون قريبا. أما بالنسبة إلى البرنامج العلاجي، فلن يمكننا الاستغناء عن عقار الكورتيزون، وقد حصلنا على موافقة الفيفا على ذلك نظرا لدخوله ضمن قائمة الممنوعات في قائمة الاتحاد الدولي لكرة القدم». وعن إمكانية خضوع اللاعب لعملية جراحية، عقب كاستلاتشي قائلا: «القرار سيكون في أيدي بوفون وإدارة يوفنتوس في حال عدم استجابة اللاعب للعلاج الطبيعي والأدوية. آمل ألا نضطر إلى ذلك».

لخصت الجملة الأخيرة للطبيب كاستلاتشي مأساة جيجي بوفون بأكملها، حيث إن التدخل الجراحي سيعرض اللاعب إلى المخاطرة بعمله كحارس مرمى. وتعيد إصابة بوفون إلى الأذهان ما حدث في مونديال 1998، حين ودع بيروتزي المونديال قبل انطلاق المنافسة بيوم واحد بعد إصابته بكسر مفاجئ.

وبإصابة بوفون وإيجاد بديل له نجد أنفسنا أمام حكاية غريبة. كان مهاجما «يسدد جيدا من خارج المنطقة»، وكان على وشك الموت في سن العشرين في حادثة سيارة، وكان حارس مرمى احتياطيا من المحتمل ألا يلعب دقيقة واحدة في المونديال. لقد تغيرت حياة فيديريكو ماركيتي حارس المرمى الثاني للمنتخب الإيطالي ثلاث مرات على الأقل في الماضي والآن بعد أن وجد نفسه فجأة حارس المرمى الأساسي للمنتخب الإيطالي فإنه مستعد للتشبث بكل ما يخبئه له القدر ويطالب الجماهير الإيطالية بالثقة به. ومن ناحية أخرى يعرف حارس المرمى، المولود في كاسولا (على بعد أقل من 10 كيلومترات من مدينة باسانو ديل جرابا)، وهو في سن السابعة والعشرين أن مسيرته كلاعب كرة قد وصلت لمرحلة تحول هامة، وليس فقط لأن نادي الميلان يسعى لضمه. ولو نظر فيدريكو ماركيتي خلفه لرأى تلك الومضات الخاطفة التي غيرت حياته. فقد اكتشف لاعب قلب الهجوم السابق ذات يوم قفازات حارس المرمى وعشقها. وبعد ذلك جاءت الحادثة المرعبة التي روى ماركيتي تفاصيلها قائلا: «لقد تعرضت لحادث تصادم مروع مع شاحنة على الطريق السريع واشتعلت سيارتي ولم أتمكن من النجاة إلا بعد كسر زجاج السيارة. وفي ذلك اليوم قررت أن أرسم على ذراعي وشما يمثل نوعا من الصلاة تعبيرا عن امتناني بالنجاة».

لكن هذه الصلاة لم تحل بين ماركيتي ومشوار صعب مع كرة القدم. فقد تنقل حارس المرمى بين أندية كروتوني وتريفيزو وتورينو (الذي أخفق اللاعب فيه) وبعد ذلك انتقل لنادي بيلليزي وأخيرا إلى نادي ألبينوليفي، وكان الأخير بمثابة نقطة التحول التي ذهبت به إلى سردينيا للعب في نادي كالياري. ولم يعد بوفون بالنسبة لماركيتي هو نجمه المفضل الذي التقى به في أحد مطاعم تورينو (وعن هذا الأمر يقول ماركيتي: «عندما حقق بوفون الفوز بالمونديال كنت أنا ألعب في نادي بيلليزي»)، بل أصبح زميلا له يقدره كثيرا. وبعد عام تقريبا من لعب ماركيتي أول مباراة له مع المنتخب الإيطالي (في 6 يونيو/حزيران عام 2009) جاءته فرصة المشاركة الفعلية في المونديال. وقد صرح ماركيتي قائلا في هذا الصدد: «لقد كنت مستعدا للعب أمام منتخب باراغواي لأن جيجي بوفون كان يشعر ببعض المتاعب بالفعل أثناء الإحماء، وقد نصحني فقط بالتزام الهدوء. والآن أتمنى أن أعتاد سريعا على كرة المونديال الجديدة، التي تتخذ مسارات غريبة. إن المونديال يختلف عن الدوري المحلى، لكنني أجيد التركيز على المباريات دون الالتفات لما يحيط بها من أجواء». إنها رسالة واضحة من حارس مرمى المنتخب الإيطالي الجديد: «ثقوا بي».