سقوط نجوم الكرة.. تمثيلية كبيرة في مونديال جنوب أفريقيا

على الرغم من الجهود المضنية للفيفا بشأن معاقبة المخادعين

TT

صرخ مهاجم كوت ديفوار في ألم واضح، وغطى وجهه بكلتا يديه ثم سقط على الأرض بفعل ضربة تلقاها في نهاية مباراة فريقه أمام البرازيل أول من أمس (الأحد) التي انتهت بفوز البرازيل 3/1.

المهاجم عبد القدير كيتا لم يتلق ضربة بالكرة، أو صفعة على وجهه أو لكمة، ولكنه فقط تعرض إلى دفعة من نجم البرازيل كاكا، الذي لم يفعل شيئا سوى دفعة بسيطة بالكتف، بلصق مرفقه الأيمن بصدر كيتا.

كان هذا كافيا ليجعل كيتا يرتمي على أرض الملعب كما لو كان قد رش في وجهه رذاذ فلفل! وقد عاقب الحكم كاكا ببطاقة صفراء، كانت الثانية له في المباراة، وبالتالي طرد خارج الملعب ليكمل فريقه المباراة بعشرة لاعبين فقط.

الكثير ممن شاهدوا الإعادة تساءلوا: هل سقوط كيتا على أرض الملعب كان أحدث الأمثلة على ما يطلق عليه بعض المسؤولين ادعاء الإصابة؟ الكثير من محاولات الارتماء على الأرض والضرب والسقوط في مباريات كرة القدم أكثر وضوحا من السقوط الفعلي على الأرض من بعض اللاعبين في محاولة لخداع الحكم.

إذا نجح اللاعب فإنه قد يحصل على ضربة حرة من النقطة التي وقعت فيها الإصابة، وإذا حدث الاحتكاك داخل منطقة الجزاء فسيحصل على ركلة جزاء.

تشاهد الجماهير بالفعل الكثير من التمثيل السيئ كادعاء السقوط، في مباريات كأس العالم المقامة حاليا في جنوب أفريقيا على الرغم من الجهود المضنية التي يقوم بها الفيفا، الكيان المسؤول عن اللعبة حول العالم، لمعاقبة المخادعين. لكن بعض أبرز نجوم الكرة حول العالم يسقطون على الأرض من دون أن يمسهم أحد بهدف الحصول على ضربة جزاء، أو يتلوون كما لو كانوا يتألمون لإضاعة الوقت أو إعطاء زملائهم الفرصة لالتقاط أنفاسهم.

من جانبه، أعرب بول تامبرينو، المسؤول عن تطوير حكام كرة القدم الأميركيين، عن أسفه لحدوث مثل هذه الأعمال، قائلا: «تمنيت لو أن هذه الأفعال لم تحدث في المباريات، عندئذ سيقدم اللاعبون كل ما لديهم».

في أول مباراة له في البطولة، سقط لاعب خط الوسط بالفريق الألماني ميسوت أوزيل على الأرض كما لو أن جينات متخفية في أرضية ملعب ديربان قامت بعقد رباط حذائه في بعضها في المباراة التي جمعت فريقه بمنتخب أستراليا في الأسبوع الماضي. إنها اعتراضة بسيطة من المدافع، لم تكن كافية لتجعله يسقط على الأرض. بالفعل، لم يحصل على ضربة حرة، ولكنه عوقب ببطاقة صفراء.

سقطة أوزيل وتمثيلية كيتا لم تؤثرا على النتيجة النهائية للمباراتين، فقد استطاع كل من منتخب البرازيل وألمانيا تحقيق الفوز بسهولة. لكن مع قلة عدد مباريات كأس العالم، وفي بطولة عزت فيها الأهداف (بمعدل 1.97 هدف في كل مباراة في خلال 29 مباراة الأولى، وهو أقل بكثير من أقل معدل تهديف،2.21 هدف، المسجل في بطولة 1990)، فإن ضربة جزاء تعطى خطأ أو إيقافا غير عادل ربما يكون لهما دور حاسم.

في دور الـ16 في مونديال ألمانيا 2006، كانت إيطاليا وأستراليا متعادلتين من دون أهداف في الوقت الإضافي إلى أن اندفع فابيو غروسو إلى منطقة جزاء الفريق الأسترالي وخدع المدافع لوكاس نيل، وحصلت إيطاليا على ركلة جزاء، وفازت بهدف من دون مقابل وصعدت لتفوز بلقب البطولة، وأقصت ركلة الجزاء أستراليا.

وقال غروسو لمجلة «فوتبول بلاس»: «عندما انزلق المدافع شعرت بالالتحام فسقطت على الأرض».

ينص قانون الفيفا على «أن أي محاولة من جانب اللاعب لخداع حكم المباراة عبر ادعاء الإصابة أو التظاهر بارتكاب خطأ ضده يعاقب بالحصول على البطاقة الصفراء، لكن ذلك يكون صعبا، خاصة مع السرعة العالية، بالعين المجردة وفي ظل عدم وجود تسجيل فيديو يمكن الرجوع إليه في اللحظة نفسها، على الحكم لاكتشاف الفارق بين الإعاقة الفعلية والتظاهر.

وفي لقاء أميركا وسلوفينيا، الذي أقيم يوم الجمعة وانتهى بالتعادل 2/2 احتسب الحكم كومان كوليبالي ركلة حرة لصالح مهاجم فريق الولايات المتحدة جوزي التيدور في الدقيقة الخامسة والثمانين من المباراة، ليمنح الفريق الأميركي ضربة حرة أدت إلى هدف مثير للجدل - لكن التصوير البطيء للكرة أظهر حدوث التحام بسيط قبل سقوط ألتيدور على الأرض.

وقال أليساندرو ديل بيرو زميل غروسو مؤخرا في المنتخب الإيطالي: «بصورة شخصية، أنا ضد أي نوع من الادعاء، لكنها كانت في صالح المنتخب الإيطالي وأنا سعيد بذلك، ولو أنها كانت ضدنا لأحزنني ذلك».

وبالفعل كان ديل بيرو ورفاقه في المنتخب الوطني غاضبون في 2002 عندما خرجت إيطاليا من كأس العالم في كوريا الجنوبية على يد الفريق الضيف بعدما تعرض فرانشيسكو توتي للطرد بعد حصوله على البطاقة الصفراء الثانية عقب محاولته الادعاء.

ويقول الحكام إنه من الصعب احتساب ركلة جزاء للاعب للادعاء لأنها أشبه بوصفه بالمخادع.

وحذر تامبرينو: «إذا كنت ستحذر اللاعب من الادعاء في ظل حدوث التحام، يجب أن يكون هذا التظاهر واضحا تماما».

أحيانا ما يكون ادعاء الإصابة واضحا حتى يبدو من يرتكبه أشبه بممثل منه بلاعب كرة قدم عالمي.

فبينما كان ريفالدو لاعب البرازيل في عام 2002 يستعد لتنفيذ ركلة جانبية سدد هاكان أونسال لاعب الفريق التركي الكرة فيه من دون أن يراه، مما دفع ريفالدو إلى أن يسقط على الأرض وكأنه تعرض لإطلاق نار وغطى وجهه أمام الحكم المساعد، ليحصل أونسال على بطاقة حمراء ويطرد من الملعب، لكن ريفالدو تعرض للحرج عندما أعيد تسجيل المباراة وكشف زيف ادعائه، ووقع عليه الفيفا فيما بعد غرامة بلغت 7,350 دولار.

وقال تامبيرينو: «سواء أكانت تلك ضربة قوية أو خفيفة، أحيانا ما تكون مثيرة للضحك، فأحيانا قد لا ترغب في الضحك لكنك قد تبتسم في بعض الأحيان».

يجب أن يكون حكم المباراة قريبا من الكرة ويقف في الزاوية الصحيحة ورؤية أوضح لاتخاذ القرار الصحيح. ويتطلب الأمر تمركزا جيدا وتواصلا بين الحكم ومساعديه على كلا الجانبين. قبل ثلاث سنوات بدأ الفيفا برنامجا تدريبيا لمساعدي الحكام لتدريبهم على اكتشاف ادعاء السقوط. وقبل كأس العالم زودت لجنة الدراسة الفنية في الفيفا الحكام ومساعديهم بتقارير تضمنت مقاطع فيديو تبرز الفرق الشهيرة بادعاء تعرضها لخطأ للحصول على ركلة جزاء.

كون اللاعب جيدا في السقوط على الأرض قد يساعده في الحصول على ركلة حرة، لكن عندما يشتهر بين الحكام بادعاء الإصابة يصعب محو ذلك من أذهانهم.

كريستيانو رونالدو واحد من أسرع وأخطر المهاجمين في العالم، غالبا ما يكون هدفا للإعاقات المتعمدة أو ضحية للمدافعين المتحمسين.

وقال بعد مباراة كوت ديفوار يوم الثلاثاء: «يجب على الحكم حماية اللاعبين الأكثر مهارة عندما ترتكب ضدهم أخطاء من قبل الفرق المنافسة، فأحيانا ما أنال ركلة حرة بصعوبة لأن الحكام يعتقدون أنني أدعي السقوط».

هم يعتقدون ذلك لسبب وجيه وهو أن رونالدو اشتهر بادعاء الإصابة عندما كان ناشئا. فتسديداته المباشرة قاتلة ودائما ما يستمتع باستعراض مهاراته بالتسديد من مسافة بعيدة، ولكن نظرا لأنه أصبح الآن واحدا من أفضل اللاعبين الذين يتعرضون للإعاقة من قبل المدافعين الأكثر بطئا والأقل مهارة، لذا فهو لا يحصل على الكثير من الضربات الحرة.

وقال كارلوس كويروز، مدرب البرتغال: «إنهم لا يهتمون على الإطلاق بحماية المواهب، أنا أود أن أرى القوانين تطبق على الجميع».

ويقول اللاعبون والمدربون إنهم يعلمون أي اللاعبين الذين يسقطون بسهولة، لكنهم يترددون في تحديدهم.

وقال اوغوتشي أونييوو، الذي يبلغ طوله ستة أقدام وأربع بوصات ووزنه 210 رطلات، والهدف السهل بالنسبة للمهاجمين المخادعين الذين يحاولون الاستفادة من الاعتقاد بأن اللاعبين الضخام يرتكبون أخطاء أكثر: «أنا أعتقد أن كل المهاجمين قادرون على القيام بذلك. وأعتقد أن الحكام يتخذون الإجراء الصحيح الآن أكثر من ذي قبل للقضاء على هذا النوع من المبالغة».

* خدمة «نيويورك تايمز»