حكام كأس العالم يفضلون البقاء بعيدا عن الأضواء

الفيفا وضعهم في معسكر مغلق والخطأ الواحد يكلف الإبعاد

TT

وُضعت أدوات التدريب داخل الملاعب: صناديق «باور ريد»، وأكياس من النايلون بها كرات، وصندوق به سجاد، والأهم، عشرات الأعلام الصفراء والبرتقالية.

وفي تمام العاشرة صباحا، اشتعلت مكبرات الصوت وغمرت أصوات الفوفوزيلا أفنية مدرسة «أوديندال هاي»، حيث يوجد معظم الحكام، البالغ عددهم أكثر من 90 حكما وحكما مساعدا، والمنوط بهم ضمان اللعب النظيف خلال نهائيات كأس العالم 2010.

وجهت «الفيفا» دعوة إلى الصحافيين من مختلف أنحاء العالم لحضور جلسة تدريبية أول من أمس للحكام، وتمثل هذه فرصة نادرة لرؤية هذا العمل الذي يحظى بأهمية كبيرة، ولا سيما بعد إلغاء حكم هدفا كانت سيتقدم به المنتخب الأميركي على سلوفينيا يوم الجمعة الماضي.

ومنحت هذه الجلسة فرصة نادرة لتوجيه أسئلة عن الأفراد الذين يحظون بثاني أكبر قدر من التدقيق داخل الملاعب (بعد حراس المرمى)، وهم حكام الفيفا، الذين يلتزمون الصمت بحكم العرف والقواعد خلال اللعب، ويتخذون قرارات في جزء من الثانية وسط مباريات تمضي بسرعة البرق من دون توضيح الأسباب للمشجعين أو المشاركين، في الأغلب.

لا يقوم الحكام بتوضيح المخالفات بإشارة تفصيلية بأيدهم، ولا يعلنون قراراتهم من خلال ميكروفون، ولا يوقفون المباراة لاستشارة مراقب قبل اتخاذهم القرار.

وبالنسبة إلى الحكام المشاركين في نهائيات كأس العالم، فإن اليوم الجيد يوم عادي، فقراراته تكون سريعة للغاية، ولا يوجد مذيع تلفزيوني يصرخ، ولا توجد إعادة في لوحة الاستاد تظهره كأحمق وتثير الجمهور.

ويقول الإنجليزي هيوارد ويب، 38 عاما، وهو حكم تابع للفيفا منذ 2005: «نشارك في كل مباراة ونأمل ألا يتحدث عنا أحد في نهاية المباراة. وفي الواقع، نريد أن يتحدث الناس عن اللاعبين ومستوى كرة القدم».

ولم يكن كومان كوليبالي، الذي اتخذ القرار المثير للجدل ومنع عن المنتخب الأميركي فوزا محتملا ضد سلوفينيا يوم الجمعة الماضي، حاضرا في الجلسة. وفي وقت متأخر من يوم الاثنين، لم يدرج اسمه على قائمة الحكام المكلفين بالجولة المقبلة من المباريات، وهو الأمر الذي طرح احتمالية عدم مشاركة كوليبالي في المباريات الباقية من هذه البطولة.

ولم يعلق خوسيه ماريا غارسيا أراندا، المسؤول داخل الفيفا عن الحكام، على هذا الأمر، كما لم يعلق على قرار كوليبالي يوم الجمعة أو أي قرارات بعينها. ولكنه أكد للصحافيين أن الحكام المشاركين في كأس العالم تدربوا على نحو جيد، ولكنه أقر بأن بعض القرارات «نعتبرها غير جيدة بالقدر الكافي».

وكانت جلسة أول من أمس تتناول المحافظة على الحكام يقظين. وللوهلة الأولى كان المشهد داخل المدرسة العليا يشبه معسكرا رياضيا خياليا. وكان الرياضيون - حكام الفيفا في هذه الحالة - أكبر سنا من لاعبي كرة القدم المحترفين. (يتقاعد الحكام في الخامسة والأربعين طبقا للقواعد). وكان عدد كبير منهم أصلع، والقليل منهم لديه بطن كبيرة نوعا ما. ولكنهم كانوا لائقين على نحو يثير الإعجاب، ولديهم رئة قوية، وأصقلت لغة الإشارات التي يستخدمونها أعوام من الممارسة.

وداخل الملعب، كان يعدو مجموعة من الحكام، ويمارسون بعض التمارين وبعد ذلك بسطوا السجاد لممارسة بعض تمارين الضغط والبطن.

وفي الملعب المقابل، كان مجموعة من الصبية من نادي «توكس» لكرة القدم يلعبون، ويرتكبون مخالفات متعمدة، فيما كان عدد من حكام الفيفا يمارسون عملهم، وكان يجري تقييم مستوى دقتهم. ويقول أوبيا ساثيكغ (16 عاما): «يعطوننا سيناريوهات لأدائها مثل لمسات اليد وجذب قميص اللاعب والتسلل».

وبعد ذلك أجاب بعض الحكام على أسئلة الصحافيين، وكانوا متحمسين لتوضيح الأشياء المرتبطة بعملهم. وفي رده على سؤال حول القرارات الأصعب، قال ويب: «بالأساس، القرارات التي تغير مجرى المباراة، مثل القرارات المرتبطة بتسجيل أهداف أو إلغاء أهداف، والقرارات الخاصة بمنح ركلة جزاء أو عدم منح ركلة جزاء. والمخالفات التي تستوجب كروتا حمراء أو كروتا صفراء. وهذه هي القرارات الهامة التي تريدنا الفيفا أن نتخذها بالصورة المناسبة. ويتم تقييم أدائنا بناء على هذه النوعية من القرارات.

انفطر قلب الدولة المضيفة عندما أخرج ماسيمو بوساكا، من سويسرا، كارتا أحمر لحارس مرمى جنوب أفريقيا أتوميلينغ كهون. وكان كهون ينتحب وهو يمشي في خجل، في الوقت الذي خسرت فيه جنوب أفريقيا بثلاثة أهداف مقابل لا شيء لصالح أورجواي. وفي مثل هذه الحالات، يشرح بوساكا قراره للاعبين. ويقول: «نحن في نفس العائلة، ولذا من المهم في بعض الأحيان شرح ما حدث». ولكنه كان أقل تحمسا لتبرير القرارات للمشجعين أو الصحافيين. ويقول: «سأقول لسنا مستعدين لذلك، وسوف يتذمرون كثيرا».

ولدى ويب تحفظات كبيرة على الإعادة الفورية. ويقول: «عقلي منفتح أمام أي شيء يجعل قراراتنا أكثر دقة. ولكني أتحرك بسرعة لأن كرة القدم منتج جذاب لي وللملايين من الناس بسبب وتيرة اللعب السريع. ولذا يجب أن نراعي أننا لن نغير من طبيعة اللعب».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط».