من قمة العالم إلى الباب الخلفي.. ماذا حدث للمنتخب الإيطالي في 4 سنوات؟

إخفاق الفريق القومي انعكاس لفشل الكرة المحلية

TT

غادر المنتخب الإيطالي جنوب أفريقيا وعاد إلى أرض الوطن بعد إخفاقه المخزي في التأهل لدور الـ16 من منافسات كأس العالم. ومع وصول لاعبي الآزوري إلى مطار جوهانسبورغ استعدادا لاستقلال طائرة العودة، تتابعت في أذهاننا صور مونديال 2006، والاستقبال الحار الذي حظي به لاعبو المنتخب الإيطالي عند عودتهم بكأس العالم، والاعتراف الذي أدلى به جورجيو كيلليني آنذاك حين توجه إليه فابيو كانافارو قائلا إنه الوريث الأمثل للجلوس على عرش الدفاع الإيطالي من بعده، وهو ما عقب عليه كيلليني قائلا «ليتني أستطيع العودة إلى إيطاليا حاملا كأس العالم بعد أربع سنوات من الآن». وها هو يعود حاملا الشعور بالخزي والفشل بدلا من كأس العالم. وعلى الرغم من الأخطاء التي وقع فيها مارشيللو ليبي، فإننا لا نحمله المسؤولية كاملة عن هذا الإخفاق، فالفريق القومي ما هو إلا انعكاس مباشر لكرة القدم المحلية، كما أن الخروج المبكر من المونديال لم يكن سوى أحد مظاهر الأزمة التي تعاني منها كرة القدم في إيطاليا. والآن، تحين اللحظة المناسبة للوقوف على أهم الأسباب التي عجلت بخروج إيطاليا بهذا الشكل المخزي من المونديال.

1 - تدهور المستوى الفني للفريق وغياب اللاعب الفذ:

اعترف فابيو كانافارو بأن الفريق كان يفتقد إلى لاعبين مثل توتي وديل بييرو، مما يعني أن الدوري الإيطالي أصبح عاجزا عن صناعة النجوم والاستفادة من المواهب المحلية. لقد خلت الإحصاءات العالمية المختصة برصد أسماء وإنجازات النجوم المرشحين للفوز بالجوائز العالمية عام 2009 من الإيطاليين، ولا نستبعد حدوث الشيء نفسه عام 2010، فمستوي الكرة الإيطالية يشهد حالة من التدهور المستمر، ولن نفاجأ إذا فقدت إيطاليا مكانا في مسابقة أبطال أوروبا اعتبارا من عام 2012. من جهة أخرى، لا يمكننا إلقاء اللوم على ليبي وحده، حيث يقع القدر الأكبر من المسؤولية على عاتق اللاعبين، أما المدير الفني، فهو لم يقترف أي خطأ حين استعان بـ23 لاعبا لم يفز أي منهم بدرع الدوري أو كأس إيطاليا، بل إن أحدا منهم لم يصل إلى ربع نهائي دوري الأبطال مع فريقه. وبالنظر إلى مستوى المنتخب الإيطالي في مونديال 2002، ومنافسات كأس الأمم الأوروبية عامي 2004 و2008، سنجد أن فوز إيطاليا ببطولة العالم 2006، لم يكن سوى معجزة سماوية واستثناء كرويا لن يتكرر، فيما جاء الفوز بكأس العالم 1982 كثمرة لجهود بيرزوت في تأسيس فريق قوي قبل انطلاق المنافسة بأربع سنوات.

2 - وجود عدد كبير من اللاعبين الأجانب في دوري الدرجة الأولى:

إذا كان المنتخب القومي هو مرآة الكرة المحلية، فالإنتر هو رمز كرة القدم الحديثة التي لا تعرف حدودا لجنسية اللاعبين. لقد خلا تشكيل الإنتر في نهائي دوري الأبطال أمام بايرن ميونيخ من أي لاعب إيطالي عدا ماتيرازي الذي نزل إلى الملعب في الوقت بدل الضائع. بالإضافة إلى ذلك، لم يتجاوز عدد اللاعبين المحليين المشاركين في دوري الدرجة الأولى 134 لاعبا فقط، فيما تصل نسبة اللاعبين الأجانب إلى 42.9%. جدير بالذكر أنه في عام 1966، بعد الهزيمة التاريخية أمام كوريا الشمالية، قررت الأندية الإيطالية إغلاق أبوابها أمام اللاعبين الأجانب، وبعدها نجحت إيطاليا في الفوز بكأس الأمم الأوروبية واحتلت المركز الثاني في منافسة كأس العالم التالية.

3 - عدم منح الثقة والوقت الكافي للمواهب الشابة:

والسبب في ذلك هو الغزو الأجنبي للكرة الإيطالية، فالبعض يفضل شراء لاعب برازيلي حتى إن كان كبيرا في السن على انتظار لاعب شاب يتمتع بموهبة كبيرة. هذه هي العقلية الإيطالية التي يصعب إنكارها وتبريرها في الوقت نفسه. وهنا تجدر الإشارة إلى البداية المبكرة لتوتي وبيرلو في دوري الدرجة الأولى الإيطالي، فالأول لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره عندما هبط إلى أرض الملعب للمرة الأولى، فيما كان الأخير في الثامنة عشرة من عمره. بالإضافة إلى ذلك، يغفل الكثيرون عن إنجازات المنتخب الإيطالي تحت 21 عاما على مدار السنوات الماضية.

4 - غياب ثقافة الإمتاع الكروي ومنح الأولوية للفوز:

قد تكون أسعد لحظات المشجع الإيطالي هي فوز فريقه بمباراة الديربي في اللحظات الأخيرة من المباراة عن طريق هدف خاطئ سجله أحد لاعبي الفريق المنافس في شباكه. وفي الوقت نفسه، لا يشعر المدربون المهتمون بتقديم كرة قدم ممتعة بالتقدير والاهتمام الكافي في حال غياب النتائج المطلوبة، فالجميع يبحثون عن الفوز من أجل إنقاذ فرقهم من الهبوط في قائمة التصنيفات أو الحفاظ على عملهم كمديرين فنيين. وهكذا أصبحت الثقافة السائدة لدى الجميع، بما في ذلك الإعلام الإيطالي، هي تحقيق الفوز بغض النظر عن مستوى الفريق، ثم يأتي الأداء في المرتبة الثانية، أو قد لا يلتفت إليه أحد على الإطلاق، وهو ما دفع البعض إلى تشجيع الفرق المنافسة لفريقهم كما حدث في مباراة لاتسيو مع الإنتر. كما ساعد ذلك على تفشي ظاهرة التشكيك في قرارات التحكيم وانتشار شاشات الإعادة التلفزيونية في كل مكان في إيطاليا.

5 - الملاعب الجديدة:

تعد مشكلة تهالك الملاعب الإيطالية واحدة من أكبر العقبات التي تعرقل تقدم الكرة الإيطالية. وتشغل هذه المشكلة بال الكثير من رؤساء الأندية في إيطاليا، عدا إدارة اليوفي التي تمضي قدما في تأسيس ملعب جديد على أحدث طراز. ومن المؤكد أن وجود الملاعب في حالة جيدة وحديثة سوف يساعد الأندية على تحقيق عائد أكبر من الإيرادات والتعاقدات التلفزيونية. وما زلنا في انتظار خطة تجديد الملاعب بعد رفض ملف إيطاليا لاستضافة منافسة أوروبا 2016.