موقعة نارية بين الألمان والإنجليز تفوح منها رائحة الثأر

الشباب والحماس في مواجهة شرسة مع الخبرة والروح القتالية

TT

تتوجه الأنظار اليوم إلى ملعب «فري ستايت ستاديوم» في مانغاونغ الذي يحتضن موقعة نارية تفوح منها رائحة الثأر بين العملاقين الألماني والإنجليزي في الدور الثاني من مونديال جنوب أفريقيا 2010.

ومن المؤكد أن هذه المواجهة تعتبر بكل المعايير الأبرز على الإطلاق في الدور الثاني وتعتبر نهائيا مبكرا بين منتخبين عريقين جدا، لأن «مانشافت» الألماني يملك في خزائنه ثلاثة ألقاب، فيما توج منتخب «الأسود الثلاثة» الذي تعتبر بلاده مهد اللعبة الأكثر شعبية في العالم، باللقب مرة واحدة عام 1966 في أرضه وعلى حساب الألمان بالذات في مباراة مثيرة للجدل (4 - 2 بعد التمديد)، لكن الأخيرين حققوا ثأرهم بعد ذلك في أكثر من مناسبة بعدما أطاحوا بالإنجليز من الدور ربع النهائي لمونديال 1970 (3 - 2 بعد التمديد) ونصف نهائي مونديال 1990 (بركلات الترجيح بعد تعادلهما 1 - 1)، ثم في نصف نهائي كأس أوروبا 1996 (بركلات الترجيح بعد تعادلهما1 - 1).

كما تواجه المنتخبان في الدور الثاني (نظام المجموعات حينها) عام 1982 وتعادلا صفر - صفر والدور الأول من كأس أوروبا 2000 وفازت إنجلترا 1 - صفر وفي تصفيات كأس العالم 2002 عندما فازت ألمانيا في لندن 1 - صفر قبل أن تثأر إنجلترا بأفضل طريقة ممكنة عندما ألحق بـ«مانشافت» هزيمة نكراء 5 - 1 في ميونيخ.

أما المواجهة الأخيرة بينهما فكانت ودية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2008 وفاز الإنجليز في برلين 2 - 1 بفضل جون تيري الذي خطف الانتصار قبل 6 دقائق على النهاية، لتسترد بلاده اعتبارها بعد أن خسرت وبالنتيجة ذاتها المباراة السابقة بين الطرفين وكانت في 22 أغسطس (آب) 2007 في افتتاح ملعب ويمبلي في لندن، علما بأنهما تواجها 27 مرة، وتتفوق إنجلترا بـ12 انتصارا مقابل 10 هزائم و5 تعادلات.

ويتشارك المنتخبان في النسخة الحالية بواقع مشابه لأنهما انتظرا حتى الجولة الأخيرة ليحسما تأهلهما، حيث تغلبت ألمانيا على غانا في الجولة الأخيرة 1 - صفر بفضل مسعود أوجيل لتتصدر المجموعة، فيما تغلبت إنجلترا على سلوفينيا بالنتيجة ذاتها سجله جيرماين ديفو لتنهي الدور الأول في المركز الثاني خلف الولايات المتحدة بعد تعادلها مع الأخيرة (1 - 1) في الجولة الأولى ثم الجزائر (صفر - صفر) في الثانية، ما وضع مدربها الإيطالي فابيو كابيللو في وضع حرج للغاية خصوصا أمام الصحافة المحلية القاسية.

ولن يكون وضع كابيللو أفضل إذا فشل رجاله في الخروج فائزين من مواجهتهم مع الغريم الألماني لأن منتخب «الأسود الثلاثة» لم يرتق إلى مستوى توقعات المملكة والصحافة التي ترى فيه الفريق البطل الذي يعانده الحظ، لكن واقع الأمور والمعطيات تشير إلى خلاف ذلك لأن الإنجليز لم يحققوا شيئا يذكر إن كان على الصعيد العالمي والقاري باستثناء فوزهم بمونديال 1966 وقد يكون عليهم أن ينتظروا حتى 2018 لكي يرفعوا الكأس مجددا في حال نالوا شرف استضافة النسخة الحادية والعشرين من العرس الكروي العالمي.

ولا مجال للمقارنة بين ما حققه الألمان والإنجليز على الصعيدين العالمي والقاري، إذ توج «مانشافت» بلقب كأس العالم أعوام 1954 و1974 و1990 ووصل إلى النهائي أعوام 1966 و1982 و1986 و2002، وحصل على المركز الثالث أعوام 1934 و1970 و2006 والرابع عام 1958، ولم يغب عن النهائيات إلا مرتين عام 1930 بعد انسحابه و1950 بعد العقوبة التي فرضت عليه بسبب دور ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، كما توج بطلا لكأس أوروبا أعوام 1972 و1980 و1996 ووصل إلى النهائي أعوام 1976 و1992 و2008.

أما في الجهة المقابلة، فكل ما حققه منتخب «الأسود الثلاثة» إلى جانب تتويجه بطلا عام 1966، فهو وصوله إلى نصف نهائي 1990 ونصف نهائي كأس أوروبا عامي 1968 و1996. لكن هذه المعطيات لن تعني شيئا عندما يدخل الطرفان إلى ملعب «فري ستايت ستاديوم» لأن الاحتمالات متكافئة في مواجهة نارية تجمع بين عنصري الشباب والاندفاع والحماس من الجهة الألمانية، والخبرة والقتالية وحنكة مدرب من الجهة الإنجليزية.

«نحن الآن نتطلع لموقعة دور ثمن النهائي، ستكون مباراة نارية. ربما رأيتم لاعبينا الشباب يعانون من أجل التعامل بشكل إيجابي مع الضغط، لكنها كانت واحدة من المباريات التي يجب أن نفوز فيها»، هذا ما قاله مدرب ألمانيا يواكيم لوف بعد الفوز الصعب والحاسم على غانا في الجولة الأخيرة من الدور الأول، مضيفا «حققنا الهدف المنشود، وأنا سعيد بذلك».

وتابع لوف «نحن سعداء لمواجهة إنجلترا، ستكون مباراة صعبة للغاية وسيشهد عليها التاريخ»، محذرا من خطورة الإنجليز وخصوصا مهاجمهم واين روني المطالب بإظهار مستواه الحقيقي بعد أن قدم أداء متواضعا جدا في المباريات الثلاث التي خاضها في الدور الأول ما دفع كابيللو إلى استبداله في الشوط الثاني من مباراة سلوفينيا.

من المؤكد أن مواجهة الإنجليز ستعطي صورة حقيقية عن قدرة «دي مانشافت» أو المنتخب الألماني بنسخته الأصغر منذ 76 عاما على التعامل مع المباريات الكبرى، بعد أن قدم أداء ملفتا في الدور الأول حتى في المباراة التي خسرها أمام صربيا (صفر - 1) لأنه قدم مستوى مميزا بعشرة لاعبين وحصل على الكثير من الفرص وبينها ركلة جزاء أضاعها لوكاس بودولسكي. وقد علق القائد فيليب لام على الموقعة المرتقبة اليوم، قائلا «كل مواجهة مع إنجلترا تكون تاريخية، ونحن نتطلع إليها. سندخل المباراة بتفاؤل كبير على الرغم من أننا ندرك بأنه علينا تحسين بعض الأمـور».

أما في المعسكر الإنجليزي، فيأمل كابيللو أن يكون الفوز الذي حققه لاعبوه على سلوفينيا في الجولة الأخيرة قد حررهم من الضغوط التي واجهتهم وجعلتهم مكبلين في مباراتيهما أمام الولايات المتحدة وسلوفينيا ما دفع المدرب الإيطالي حينها إلى انتقاد عناصر المنتخب قائلا «ليس هذا هو الفريق الذي أعرفه»، ثم دفع بوسائل الإعلام البريطانية للتحدث عن مدرب ميلان وريال مدريد قد يستقيل من منصبه. وواجه المدرب الإيطالي الكثير من الانتقادات بعد الصورة التي ظهر المنتخب الإنجليزي الذي دخل إلى النهائيات كأحد المرشحين للفوز باللقب، ولم تكن «النقمة» على كابيللو محصورة فقط بوسائل الإعلام البريطانية بل ببعض لاعبي المنتخب وعلى رأسهم قائد تشيلسي جون تيري الذي انتقد سياسات مدربه ثم اضطر بعدها إلى الاعتذار بعدما وجد نفسه وحيدا في محاولة العصيان.

لكن النبرة تغيرت بعد التأهل وقد رأى كابيللو أن فريقه لعب بحرية ما سمح له بالخروج فائزا في مباراته مع سلوفينيا، مضيفا «هذا هو فريقي الذي أمتعني في التصفيات، لقد لعبنا بحرية وكان هذا الأمر مفتاح الفوز في المباراة». وأضاف «كان يتوجب علينا الفوز ونجحنا في تحقيقه. قدم فريقي أداء جيدا، سنحت لنا الكثير من الفرص لم نستغلها، فعشنا أوقاتا عصيبة في نهاية المباراة. هذه هي كرة القدم، يمكن أن تتعادل أو تخسر بحركة واحدة». أما عن استبداله روني منتصف الشوط الثاني فقال «كان يعاني من مشكلة في كاحله، فأخرجته».

وبدوره علق لاعب وسط تشيلسي فرانك لامبارد على الموقعة الألمانية معتبرا أن على منتخب بلاده أن لا يخشى أي خصم بعد أن استعاد أخيرا معنوياته ومستواه الاعتيادي، مضيفا «إذا لعبنا كما فعلنا أمام سلوفينيا مع بعض التحسين فسنملك حينها فرصة كبيرة (للفوز). أظهرنا مع العزم والروح القتالية ما بإمكاننا فعله. لا أعتقد أنه يهمنا من سنواجه بعد الآن، لأن جميع المباريات ستكون صعبة من الآن وصاعدا. أي فريق نواجهه سيكون صعبا». وواصل «البطولة تنطلق الآن لأننا وصلنا إلى الأدوار الإقصائية. الطريقة التي لعبت فيها خلال دور المجموعات لا تمنحك الفوز بأي شيء، ومن المؤكد أنها لا تؤخذ في الحسبان إذا ودعت من الدور الثاني. كل شيء يبدأ الآن».