الألمان يلقنون الإنجليز درسا قاسيا في ملحمة مونديالية تاريخية لا تنسى

المانشافت بلغ ربع النهائي برباعية في مرمى الأسود الثلاثة وهدف ملغى يعيد ذكريات 44 عاما

TT

لقنت ألمانيا منافستها إنجلترا درسا قاسيا حين اكتسحتها 4 - 1 أمس الأحد على ملعب «فري ستايت» في بلومفونتين لتبلغ ربع نهائي كأس العالم لكرة القدم في جنوب أفريقيا في إحدى الملاحم الكروية التي شهدت أيضا إصدار التاريخ حكما على إشكالية عمرها 44 عاما.. تجلت بهدف إنجليزي غير صحيح احتسب ضد ألمانيا في نهائيات مونديال إنجلترا 1966 كان عونا لفوز الإنجليز وبنتيجة (4/2) ومن ثم بالكأس... وهو الحكم الذي صدر أمس من حكام المباراة بعدم احتساب هدف إنجليزي تجاوز خط المرمى الألماني بوضوح، كان جديرا بأن يغير مسار المباراة لحدوثه في وقت مبكر منها! وسجل ميروسلاف كلوزه (20) ولوكاس بودولسكي (32) وتوماس مولر (67 و70) أهداف ألمانيا، وماثيو أبسون (37) هدف إنجلترا.

المواجهة كانت الثامنة والعشرين في تاريخ مواجهات المنتخبين، ورفع الألماني عدد انتصاراته على منافسه إلى 13 مقابل 10 هزائم وخمسة تعادلات.

لكنها كانت المواجهة الخامسة في نهائيات كأس العالم. المرة الأولى في المباراة النهائية الشهيرة عام 1966 التي حسمتها إنجلترا في مصلحتها 4 - 2 بعد التمديد، ثم التقى المنتخبان مباشرة في النسخة التالية في الدور الثاني وتقدمت إنجلترا 2 - صفر قبل أن تتفوق ألمانيا الغربية 3 - 2 بعد التمديد. تعادل المنتخبان سلبا في الدور الثاني من كأس العالم 1982 في إسبانيا، ثم فازت ألمانيا بركلات الترجيح في نصف نهائي كأس العالم عام 1990 في إيطاليا.

تفاوتت عروض ألمانيا التي تغلب العناصر الشابة على تشكيلتها الأصغر منذ عام 1934 في البطولة، فبعد أن اكتسحت أستراليا بأربعة أهداف نظيفة في المباراة الأولى، سقطت في الثانية أمام صربيا صفر - 1، قبل أن تحسم تأهلها إلى الدور الثاني بفوز صعب بهدف وحيد على غانا.

أما منتخب إنجلترا فلم يقنع أبدا في النهائيات التي دخلها كأحد المرشحين، فسقط في فخ التعادل 1 - 1 وصفر - صفر مع الولايات المتحدة والجزائر على التوالي، وانتظر حتى الجولة الأخيرة من الدور الأول أيضا لحسم تأهله بفوز صعب على سلوفينيا 1 - صفر.

كان الشك يحوم حول مشاركة لاعب وسط منتخب ألمانيا باستيان شفاينشتايغر بسبب ألم في عضلات الظهر لكنه حصل على الضوء الأخضر من الجهاز الطبي للمانشافت قبل ساعات فقط من المباراة وعاد إلى تشكيلة ألمانيا المهاجم ميروسلاف كلوزه بعد أن غاب عن المباراة الماضية أمام غانا بسبب الإيقاف.

من جهته، اعتمد الإيطالي فابيو كابيللو مدرب إنجلترا على التشكيلة نفسها التي حققت الفوز على سلوفينيا 1 - صفر وبقي ماثيو أبسون أساسيا بدلا من جيمي كاراغر على الرغم من تنفيذ الأخير عقوبة الإيقاف بغيابه عن المباراة السابقة، في حين كان الاعتماد في الهجوم على جيرماين ديفوي على حساب إميل هيسكي بعد أن نجح في تسجيل هدف الفوز على سلوفينيا، إضافة إلى واين روني هداف مانشستر يونايتد الذي كان يبحث عن هدفه الأول في البطولة.. ولن يتسنى له ذلك؟

استعادة ذكريات 1966: قدم المنتخبان شوطا أول جيد المستوى شهد محاولات عدة من الطرفين خصوصا من الألماني الذي كان الطرف الأخطر في نصف الساعة الأول مستفيدا من الارتباك في دفاع المنتخب الإنجليزي فسجل هدفين وكاد يضيف الثالث، في حين انتظر منافسه حتى ربع الساعة الأخير ليشكل خطورة جدية على مرمى منافسه فسجل هدفين، الأول احتسب والثاني كان بعيدا عن أعين حكمي الساحة والراية حين اجتازت كرة فرانك لامبارد خط المرمى.

جاء ربع الساعة الأول متكافئا وبطيئا في الوقت ذاته شهد سيطرة متبادلة على الكرة لكن في غياب الفرص الحقيقية على المرمى باستثناء واحدة كانت ألمانية حين تلقى مسعود أوزيل كرة داخل المنطقة فحاول مباغتة الحارس ديفيد جيمس لكن الأخير أبعدها في اللحظة المناسبة عند الدقيقة الخامسة.

ركز المنتخب الألماني انطلاقاته على الجهة اليمنى التي يشغلها مسعود أوزيل بمساندة فيليب لام لكن سرعة أشلي كول حالت دون وصول المحاولات الألمانية إلى مبتغاها.

سعى المنتخب الإنجليزي إلى الرد أكثر من مرة عبر الجهة اليمنى أيضا بواسطة جيمس ميلنر الذي تألق في المباراة السابقة أمام سلوفينيا لكن اليقظة الألمانية كانت موجودة لعدم إتاحة الفرصة أمامه لتمرير الكرة جيدا إلى المنطقة الخطرة.

كسر الألمان إيقاع المباراة في الدقيقة العشرين بهدف مباغت حين أرسل الحارس مانويل نيوير الكرة بعيدة إلى المنطقة الإنجليزية تلكأ المدافعان جون تيري وماثيو أبسون في الانقضاض عليها لتجد كلوزه الذي كان أسرع من أبسون إليها قبل أن يضعها في الزاوية اليسرى لمرمى جيمس.

وهو الهدف الثاني عشر لكلوزه في نهائيات كأس العالم (سجل 5 أهداف في مونديال 2002 و5 أهداف في مونديال 2006، وهدفا في مرمى أستراليا في الدور الأول للمونديال الحالي)، وبات على بعد هدفين من الرقم القياسي الألماني المسجل باسم المدفعجي غيرد مولر، وثلاثة أهداف من الرقم القياسي لأفضل هداف في تاريخ كأس العالم وهو البرازيلي رونالدو.

حاول منتخب إنجلترا السيطرة على المجريات بعد الهدف أملا في الرد سريعا لكن من دون خطة واضحة أو فرص جدية على المرمى، فكانت محاولات من حين إلى آخر منها كرة من خارج المنطقة سددها غاريث باري سيطر عليها نيوير (26).

كادت ألمانيا تسجل الهدف الثاني مستغلة ضعف الدفاع الإنجليزي، فمرر فيليب لام كرة إلى توماس مولر الذي حضرها في داخل المنطقة إلى كلوزه الذي انسل خلف المدافعين وحاول وضعها في المرمى كما فعل في الهدف الأول لكن ديفيد جيمس أبعدها بقدمه اليمنى (30).

لكن الهدف الثاني لم يتأخر وجاء بعد دقيقتين فقط ليؤكد الخلل الكبير في الدفاع الإنجليزي، فانطلقت الكرة من الجهة اليمنى حين مررها كلوزه إلى داخل المنطقة حيث المتابع مولر الذي حضرها بدوره إلى الجهة المقابلة إلى بودولسكي فأرسلها في الشباك من بين قدمي الحارس.

المحاولة الإنجليزية الأكثر خطورة منذ انطلاق المباراة جاءت في الدقيقة 35 إثر كرة من الجهة اليمنى أبعدها الحارس نيوير من أمام فرانك لامبارد في المرة الأولى ثم أبعد المدافع بير ميرتيكر الخطر (35).

وقلصت إنجلترا الفارق بعد دقيقتين حين رفع غاريث باري الكرة من الجهة اليمنى ارتقى لها أبسون ووضعها برأسه في المرمى لحظة خروج نيوير للتصدي له.

شاءت الأقدار أن يتكرر مشهد أعاد ذكريات نهائي مونديال إنجلترا عام 1966 بين إنجلترا وألمانيا بالذات حين سجل جف هيرست هدفا مثيرا للجدل ساهم بإحراز إنجلترا اللقب للمرة الوحيدة في تاريخها حين أطلق كرة اصطدمت بالعارضة ثم ارتطمت بخط المرمى لكن الحكم في حينها احتسبها هدفا.

أما اليوم، وبعد ثوان من هدف تقليص الفارق، أطلق فرانك لامبارد كرة قوية أيضا ارتطمت بالعارضة ثم اصطدمت بالأرض خلف خط المرمى معلنة هدفا أكيدا لكن الحكم الأوروغوياني خورخي لاريوندا لم يحتسبه.

كاد بودولسكي يباغت مرمى إنجلترا بعد ثوان أيضا بهدف ثالث حين سدد كرة قوية مرت قريبة جدا من القائم الأيسر.

انهيار إنجليزي بدأ المنتخب الإنجليزي الشوط الثاني مهاجما بحثا عن التسجيل فكانت له محاولة أولى عبر ستيفن جيرارد قريبة من المرمى (49)، ثم أطلق لامبارد كرة صاروخية أخرى من نحو 35 مترا اصطدمت بالعارضة (52).

ولم يسمح الألمان لمنافسيهم بالسيطرة على المجريات وكانت لهم محاولاتهم أيضا خصوصا عبر مولر الذي اخترق وسجل كرة مرت على يسار مرمى جيمس (60)، اتبعها شفاينشتايغر بواحدة قوية جدا على بعد سنتيمترات قليلة من القائم الأيمن (63).

دفع كابيللو بجو كول بدلا من ميلنر لتنشيط خط الوسط وزيادة السرعة في أداء فريقه لكن «المانشافت» قضى على أحلام الإنجليز بنسبة كبيرة إثر هجمة مرتدة سريعة حيث تلقى مولر كرة متقنة من شفاينشتايغر فأكملها ببراعة في المرمى على الرغم من محاولة جيمس التصدي لها لكنها استقرت في الزاوية اليسرى (67).

وأفلت مرمى إنجلترا من هدف رابع عبر مولر بعد دقيقة واحدة حيث مرت كرته قريبة جدا من القائم الأيسر، لكن مولر نجح بعد ثوان قليلة إثر هجمة مرتدة أخرى بعد انطلاقة من أوجيل من الجهة اليسرى فمرر كرة رائعة إلى مولر المتابع وضعها في المرمى ببراعة.

وانهار منتخب إنجلترا تماما ولم يقو على السيطرة على الكرة في حين توالت الهجمات الألمانية وكأن النتيجة تشير إلى تفوق الأول الذي عاد إلى زيارة المنطقة المقابلة في الدقائق الأخيرة من المباراة فقط خصوصا عبر كرة قوية للامبارد التقطها الحارس على دفعتين في الدقيقة قبل الأخيرة.