خبراء الكرة في إيطاليا: ليبي شتت لاعبيه وأفقدهم توازنهم

الهجوم يتواصل على المدير الفني.. والمنتخب مهدد بالخروج من مصاف الدول العشر الأولى في تصنيف الفيفا

TT

أثار خروج الآزوري المبكر من المونديال حالة من الغضب والاستياء في إيطاليا، خصوصا بعد الصورة المخزية التي ظهر عليها اللاعبون في الدور الأول من المنافسة، وهو ما يعقب عليه روبرتو دونادوني، المدير الفني الأسبق للمنتخب الإيطالي من 2006 إلى 2008، قائلا: «لقد شاهدت المباراة أمام سلوفاكيا، وشعرت بالأسف الشديد لأداء اللاعبين، ولكنني ظللت محتفظا بالأمل في تسجيل هدف التأهل حتى اللحظات الأخيرة من المباراة. لقد ارتديت قميص المنتخب لسنوات طويلة، كما أنني توليت الإدارة الفنية لمدة عامين، ولذلك فأنا أدرك جيدا أن هؤلاء اللاعبين لديهم استعداد لبذل أرواحهم فداء للفريق. وأحيانا كثيرة أشعر بالحزن من أجل كانافارو وجاتوزو وزامبروتا الذين أنهوا مسيرتهم الدولية الحافلة بهذه المأساة، وأتعاطف أيضا مع كولياريلا الذي ضاع حلمه هباء. لقد أمضيت لحظات مماثلة عندما كنت لاعبا».

ويواصل دونادوني: «لقد لاحظت أن جميع من كانوا يطالبون بعودة ليبي إلى قيادة المنتخب الإيطالي هم أنفسهم من يحاكمونه الآن، وهو تصرف غير عادل بالنسبة لي. من جهة أخرى، لا يمكننا الحكم من بعيد على مجريات الأمور داخل المنتخب الإيطالي، فلا بد أن نعايش الموقف حتى نصدر عليه حكما صحيحا».

وبسؤاله إذا كان فريقه استقبل هدفا من ركلة ركنية على مدار مسيرته الكروية، قال دونادوني: «لا تسعفني ذاكرتي في ذلك، الأمر لا يخلو من مثل هذه الأشياء، ولكنها نادرة الحدوث في المنافسات الدولية».

من جهة أخرى، حدد أريغو ساكي، المدير الفني السابق في الآزوري في الفترة ما بين 1991 إلى 1996، أسباب فشل المنتخب الإيطالي في ثلاث نقاط، ألا وهي: غياب الدوافع، والحالة البدنية، ونقص الموهبة والإبداع، حيث قال: «يظهر المنتخب الإيطالي في أحسن حالاته عندما يكون لدى اللاعبين دوافع قوية للفوز، ولكن الفريق افتقدها تماما في مونديال جنوب أفريقيا، كما أن المدير الفني لم يحاول البحث عن بدائل للاعبي 2006، مانحا ثقته للحرس القديم، ولكنهم لم يترددوا في خيانة هذه الثقة. في الوقت نفسه لم يكن لدى الفريق أي رغبة تنافسية، فضلا عن الحالة البدنية السيئة للاعبين. لكن هل ترك ليبي خلفه أحد النجوم القادرين على إحداث الفارق؟ هذا ليس صحيحا، ولو أن لدينا لاعبا مثل مارادونا في الفريق لما نجح في ترميم هذا المنتخب المتهالك».

على صعيد آخر، طرحت جريدة «لا غازيتا» سؤالين على عدد من خبراء الكرة في إيطاليا، وهما: ما أسباب الكارثة المونديالية التي لحقت بمنتخب إيطاليا؟ وهل ما قاله ليبي صحيح حول عدم وجود لاعب فذ في إيطاليا؟ وقد جاءت إجابتهم على النحو التالي: يقول جوسيبى بيرغومي (بطل العالم عام 1982 ومحلل تلفزيوني): «بالنسبة إلى السؤال الأول، فأنا أرى أن الفريق عاني من عدم وضوح الأفكار، فضلا عن التغير المستمر في خطة اللعب والأساليب التكتيكية خلال المباراة الواحدة، وهو ما أدى إلى خلق مشكلات كبيرة للاعبين. أما بالنسبة إلى اللاعب الفذ الذي غفل عنه ليبي فهو ماريو بالوتيللي، كما غفل عن بيروتا في خط الوسط». وأجاب فرانكو باريزي (مدافع سابق في المنتخب الإيطالي ومدير في الميلان) قائلا: «لقد خلق ليبي حالة من الفوضى بين اللاعبين بدلا من إشاعة الطمأنينة في نفوسهم، وهو ما عجل بحدوث الكارثة الكبرى. أما عن اللاعب الفذ، فقد كان المدير الفني حريصا على تطبيق الخطة 4/2/3/1، أي أنه كان في حاجة إلى أنطونيو كاسانو لتغطية قلب الهجوم». من جهة أخرى، أجاب كلاوديو جنتيلي (بطل العالم 1982 والمدير الفني الأسبق في منتخب الشباب تحت 21 عاما) قائلا: «لقد احترم ليبي نجوم مونديال 2006، ولكن حالاتهم الفنية والبدنية المتدهورة أعاقتهم عن اجتياز هذه المرحلة السهلة للغاية. أما بالنسبة إلى غياب الموهبة الحقيقية عن صفوف الآزوري، فأنا أحترم اختيارات المدربين بشكل كبير ولا يمكنني التعليق عليها». وأخيرا، جاءت إجابة فولفيو كولوفاتي (بطل العالم 1982 ومحلل تلفزيوني) على النحو التالي: «خيارات فنية خاطئة، وعناصر تفتقد إلى الكفاءة، فضلا عن التغيير المستمر في الخطط. هكذا فقد الآزوري مقعده في ثمن النهائي. أما عن بالوتيللي وكاسانو فقد كان لا بد من الاستعانة بهما، وكذلك توتي لما يتمتع به من خبرة كبيرة ونجومية عالمية».

من جهة أخرى ومثلما يحدث مع ألبوم قديم انتهى بيعه، باتت إيطاليا أيضا على وشك الخروج من مصاف الدول العشر الأولى في تصنيف الاتحاد الدولي (الفيفا) الذي سيصدر عقب انتهاء مونديال جنوب أفريقيا.

لا تزال إيطاليا حتى يومنا هذا تحتل المركز الخامس في التصنيف العالمي، لكن المدرب الجديد برانديللي قد يتولى تدريب منتخب في مركز بين 12 و15، والذي يعتمد على مواجهات خروج المهزوم المباشرة في مونديال جنوب أفريقيا 2010. بالطبع الباراغواي ستشهد قفزة كبيرة، وكذا سلوفاكيا التي تنظر إلى أعلى بينما السقوط الأكثر دويا من سقوط إيطاليا هو الخاص بالمنتخب الفرنسي، والذي سيتراجع إلى ما بعد المراكز العشرين الأولى.

إذن هناك تدهور مخيف، فقبل خوض مونديال ألمانيا 2006 كانت إيطاليا في المركز الثالث عشر، ثم صارت الأولى عالميا بعد نهائي برلين، ومنذ ذلك الحين لم يتراجع الآزوري عن المركز الخامس قط.

هناك من يقول إنه تصنيف عديم الأهمية، لكنه ليس هكذا بالضبط، فهو يعتبر المعيار الوحيد لتحديد رؤوس المجموعات في نهائيات كأس العالم بالنسبة إلى الاتحاد الدولي، وهو السبب وراء تراجع فرنسا في اللحظات الأخيرة وعن استحقاق لصالح هولندا. إذن الخطر يكمن في إمكانية عدم وجود إيطاليا على رأس المجموعة في النسخة المقبلة لمونديال 2014.

بخلاف كل شيء، هذا ليس هو الترتيب الذي كنا عليه من قبل، وهو أمر يصعب فهمه، كما أنه من المعقد أن يفهم الناس العاديون هذا، بينما ترجح كفة القارات «الصغرى»، فأميركا في مركز متقدم دائما من دون تحقيق نتائج كبيرة.

لقد أعاد سيب بلاتر رئيس الفيفا النظر في النظام الذي يحكم التصنيف العالمي بعد مونديال 2006 من خلال تبسيط المتغيرات وتقليص فترة الحساب من 8 إلى 4 سنوات، وكانت النتيجة هي أن التصنيف أصبح صورة يمكن الوثوق بها بالقدر الكافي، والتي تجسد الموقف الموجود. حتى وإن كانت أميركا الجنوبية، بالنظر إلى نتائج منتخباتها في جنوب أفريقيا، قد ترفع من قيمة العامل المضاعف لها، فهي اليوم 0.98 بينما أوروبا 1.

أفضل تصنيف حققته إيطاليا كان المركز الأول، والذي تحقق مع أريغو ساكي في نوفمبر (تشرين الثاني) 1993، وبعده ليبي عقب الفوز بمونديال ألمانيا. ومن ذلك الحين تأرجح ترتيب إيطاليا، فعلى سبيل المثال تراجعت مع ساكي إلى المركز السادس عشر (وهو أسوأ مركز حققته إيطاليا في تاريخها إلى الآن)، وأسوأ ترتيب لمارتشيللو ليبي إلى الآن هو المركز الرابع عشر، لكن ما زال هناك خطر الوصول إلى أبعد منذ ذلك.