تشيلي تسعى لاستكمال قصة نجاحها ولا تخشى البرازيل ونجومها

بأوراق مكشوفة وفي مواجهة أميركية لاتينية لا تعرف القسمة على اثنين اليوم

TT

ستكون موقعة البرازيل بطلة العالم خمس مرات وجارتها تشيلي التي ستدور رحاها على ملعب «أليس بارك» في جوهانسبورغ اليوم في الدور الثاني من مونديال جنوب أفريقيا 2010، مواجهة بين منتخبين يعرفان بعضهما بعضا جيدا، من خلال المواجهتين التي جمعت بينهما خلال التصفيات المؤهلة إلى العرس الكروي ولكونهما من منطقة جغرافية واحدة.

ويدخل المنتخبان المباراة في ظروف مختلفة تماما، خصوصا في ما يتعلق بالإصابات، ففي حين يعود إلى المنتخب البرازيلي صانع ألعابه المتألق كاكا، الذي غاب عن المباراة الأخيرة ضد البرتغال لوقفه إثر طرده في المباراة ضد كوت ديفوار، وروبينيو وإيلانو بداعي الإصابة الطفيفة، فإن تشيلي يغيب عنها قلبا دفاعها والدو بونسي وغاري ميديل، لنيلهما البطاقة الصفراء الثانية في الجولة الثالثة من الدور الأول، بالإضافة إلى طرد لاعبها ماركو استرادا في المباراة ضد إسبانيا، لكنها ستسترد خدمات كارلوس كارمونا ولاعب الوسط ماتياس فرنانديز.

وتشكل عودة الثلاثي البرازيلي قوة دفع هائلة، لأنهم جميعا يميلون إلى الهجوم وهذا ما افتقده المنتخب البرازيلي ضد البرتغال، حيث سقط في فخ التعادل السلبي للمرة الأولى في الدور الأول من نهائيات كأس العالم منذ تعادله مع البيرو (0/0) عام 1978، خصوصا أن هدافه لويس فابيانو افتقد خدمات هؤلاء في المباراة ضد البرتغال أمام زملاء كريستيانو رونالدو وكان معزولا تماما في خط المقدمة شأنه في ذلك شأن زميله نيلمار.

وتدخل البرازيل المباراة وتملك أفضلية معنوية على منافستها، لأنها هزمتها ذهابا وإيابا في التصفيات وبسهولة بالغة (4/2) في البرازيل، و(3/0) في عقر دار تشيلي. كما أن المنتخبين التقيا للمرة الأخيرة في نهائيات كأس العالم عام 1998 في الدور ذاته وفاز منتخب السامبا (4/1) بفضل هدفين من رونالدو وآخر لسيزار سامبايو.

ونجح المنتخب التشيلي المنظم في تحقيق الفوز في مباراتيه الأوليين على هندوراس وسويسرا بنتيجة واحدة (1/0)، وحقق على الأولى أول انتصار له في النهائيات منذ عام 1962 عندما استضاف البطولة وحل ثالثا بفوزه على يوغوسلافيا (1/0)، ثم خسر في الجولة الأخيرة أمام إسبانيا (1/2)، علما أنه سجل هدفه بعد أن طرد أحد لاعبيه أواخر الشوط الأول.

يمتاز المنتخب التشيلي بسرعة تحرك لاعبيه داخل المستطيل الأخضر، لكن مشكلته أن لاعبيه لا يضبطون أعصابهم ويرتكبون أخطاء فادحة في بعض الأحيان، نظرا لقلة الخبرة، مما يكلفهم الكثير من البطاقات وأهدافا كما حصل ضد إسبانيا عندما ارتكب حارسه خطأ فادحا بالخروج بعيدا عن مرماه، ليسجل ديفيد فيا الهدف الأول، ثم كرة خاطئة من غونزالو خارا في وسط الملعب تسببت في الهدف الثاني الذي حمل توقيع أندرياس أنييستا.

ويعترف مدرب تشيلي الأرجنتيني مارسيلو بيلسا بصعوبة المهمة التي تنتظر فريقه بالقول: «إذا أخذنا في عين الاعتبار ما تمثله البرازيل في تاريخ نهائيات كأس العالم، لا يمكنني التعليق. إنه فريق مرعب في كأس العالم دائما، وفي هذا المونديال أثبت مرة جديدة الخيال والإبداع الذي يتمتع بهما بالإضافة إلى الروح القتالية التي أضافها إلى ميزاته». وقال بيلسا إن فريقه سيبذل قصارى جهده لتفجير المفاجأة أمام المنتخب البرازيلي. وسبق لبيلسا أن خرج مع منتخب بلاده (الأرجنتين) من الدور الأول لمونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان رغم الشهرة الكبيرة والسمعة الطيبة التي يحظى بها بييلسا في عالم التدريب.

وقال بيلسا: «المنتخب البرازيلي فريق يجب أن تخشاه دائما، الفريق الحالي أضاف عنصري الفعالية والقوة إلى عنصر الابتكار الذي يتمتع به، كما أنه أصبح أكثر خطورة». وأضاف: «ولكننا سنفعل المستحيل لضمان عدم انتهاء الأمور بالنسبة إلينا بهذا الشكل السريع».

ويزداد الأمر صعوبة بالنسبة إلى تشيلي، لأن فريقها اعتاد الهجوم، وهو ما يضطر معه دفاعه إلى مواجهة مواقف صعبة، الأمر الذي ستتضاعف صعوبته أمام منافس مثل البرازيل، وهو ما اعترف به لاعبو تشيلي أنفسهم.

وقال قائد الفريق وحارس مرماه كلاوديو برافو: «البرازيل هي البرازيل، لا تمضي أمورنا معهم على نحو جيد».

وتلك حقيقة، فمنذ أن اجتاح التشيليون راقصي السامبا (3/ صفر) في تصفيات مونديال كوريا الجنوبية واليابان عام 2002، ولاعبو البرازيل يثأرون دون أن ترتوي رغبتهم في الانتقام. فخلال آخر أربع مباريات رسمية، بين بطولة كوبا أميركا وتصفيات أميركا الجنوبية المؤهلة للمونديال الحالي، أحرزت البرازيل 16 هدفا في مرمى تشيلي التي لم يسجل لاعبوها سوى ثلاثة أهداف فقط، مما يمثل اكتساحا حقيقيا.

وتبدو مباراة اليوم مواجهة من طرف واحد من الناحية النظرية لصالح المنتخب البرازيلي الفائز بلقب كأس العالم خمس مرات سابقة والمفعم بالنجوم في مختلف المراكز، لكن المنتخب التشيلي الذي حل ثانيا في جدول تصفيات قارة أميركا الجنوبية المؤهلة لمونديال 2010 بفارق نقطة واحدة خلف المنتخب البرازيلي ومتقدما على منتخبات أخرى أكثر عراقة - مستعد للتحدي وهو بالطبع يضع في حسابه أنه مني بالهزيمة (0/3) ذهابا و(2/4) إيابا أمام البرازيل في التصفيات، ولن يترك البرازيل تحقق الفوز الثالث لها على التوالي. ولجأ بيلسا إلى تغيير خطة اللعب الخاصة به في لقاء الإياب أمام البرازيل بالتصفيات لتصبح (4/4/2) بدلا من (4/3/3)، وذلك في محاولة للتصدي بقوة للهجوم البرازيلي القوي. ولكن الأهداف الأربعة التي استقبلتها شباك الفريق كانت دليلا على أن خطته الجديدة غير مجدية وأنه يجب أن يتبع خطة أخرى في مباراتهما اليوم. ولا يرغب التشيليون في تذكر الهزائم التي دائما ما لاحقت كرتهم، التي لم تتأهل إلى دور الستة عشر في بطولات كأس العالم سوى ثلاث مرات بالكاد. وقال اللاعب رودريغو ميار: «نريد أن نواصل التقدم. لابد من الفوز على البرازيل، لا يوجد حل آخر».

أما المنتخب البرازيلي، فلم يقدم عروضا تشبع رغبات أنصاره، أقله حتى الآن، وعانى كثيرا في الفوز على كوريا الشمالية (2/1)، علما أن المنتخب الآسيوي شرع مرماه تماما أمام البرتغال (0/7)، ثم أمام كوت ديفوار (0/3). وتحسنت الأمور في المباراة ضد كوت ديفوار وخرج فائزا (3/1) ليضمن بطاقة التأهل، قبل أن يتراجع مستواه ضد البرتغال، حيث خرج بتعادل سلبي باهت. ودائما ما يقدم مدربه كارلوس دونغا الأعذار بأن منتخبي كوريا الشمالية والبرتغال لعبا بطريقة دفاعية بحتة، بيد أن معظم المنتخبات التي ستواجه البرازيل ستنتهج أسلوبا مماثلا. تكمن المشكلة في المنتخب البرازيلي أنه لا يملك الخطة البديلة عندما يواجه دفاعا متكتلا، لأنه لا وجود للاعب يملك موهبة خارقة في خلخلة المدافعين كما كانت الحال مع رونالدو أو حتى رونالدينهو وريفالدو، كما أن لاعبيه لا يحصلون على ركلات ثابتة على مشارف منطقة الجزاء يستطيعون من خلالها إيجاد منفذ إلى الشباك وهم الاختصاصيون في هذا المجال.

ويقول دونغا الساعي لأن يحذو حذو مواطنه ماريو زاغالو والقيصر الألماني فرانز بيكنباور والفوز باللقب كمدرب بعد أن توج به كلاعب: «تبنت البرتغال خطة تكتيكية طبيعية جدا. أرادوا التعادل. في كل مرة يعتمد فيها الخصم على تكتيك دفاعي بحت ويضع جميع اللاعبين في وسط الملعب، تصبح المساحات ضيقة جدا ونوعية التمريرات تتأثر. حاولنا أن نلعب على الجناحين، لكن عزمنا على تحقيق الفوز قد لأثر ربما على تمريراتنا».

وقال البرازيلي جوليو باتيستا، لاعب خط وسط فريق روما الإيطالي، الذي حل مكان كاكا في المباراة الماضية: «ستكون الأمور أكثر صعوبة من الآن فصاعدا.. من المهم للغاية أن تسجل الأهداف وأن تضغط للأمام».

ويحول الشك حول مشاركة لاعب وسط الارتكاز فيليبو ميلو بعد إصابته بالتواء في كاحله إثر تدخل عنيف من مدافع البرتغال بيبي في مباراة المنتخبين الجمعة.

وكشف الطاقم الطبي للمنتخب البرازيلي: «يعاني ميلو من التواء في الكاحل الأيسر، يعاني الأوجاع ويجد صعوبة في المشي. نشعر بالقلق، لأنه لا يوجد وقت كاف من أجل التعافي».

أما في ما يخص إيلانو، الذي غاب عن مباراة البرتغال بسبب الإصابة القاسية التي تعرض لها في قصبة الساق خلال مباراة كوت ديفوار، فأشار طبيب المنتخب إلى أن لاعب الوسط سيكون جاهزا لمباراة اليوم أمام تشيلي، في حين أن روبينيو لا يعاني سوى أوجاع عضلية، مما دفع دونغا إلى إراحته أمام البرتغال كإجراء احترازي ليس إلا. والتقى المنتخبان 64 مرة في تاريخهما، ففاز المنتخب البرازيلي 46 مرة وخسر ست مرات فقط مقابل 12 تعادلا.