الأفراح تعم هولندا.. والمدرب يقول لم نفز بشيء بعد

حلم الفوز بأول لقب اقترب من منتخب الطواحين

TT

في الوقت الذي عمت فيه الفرحة العاصمة أمستردام ومختلف المدن الهولندية عقب تأهل المنتخب الهولندي إلى المباراة النهائية لنهائيات كأس العالم لكرة القدم، اتسمت تصريحات مدرب المنتخب الهولندي بيرت فان مارفييك بالواقعية وطالب لاعبيه بالمحافظة على تركيزهم لأن التأهل إلى نهائي كأس العالم للمرة الأولى منذ 32 عاما لا يعني أن المنتخب الهولندي فاز بأي شيء.

وقفز الهولنديون في القنوات المائية وتسلقوا أعمدة الإنارة في الشوارع حيث احتفل مئات الآلاف منهم بتأهل منتخب البلاد الأول إلى نهائي بطولة كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا بعد الفوز على أوروغواي 3/2 في الدور قبل النهائي.

وبصرف النظر عن مواجهة أي فريق في نهائي البطولة يوم الأحد المقبل بجوهانسبورغ فقد أصبح حلم البلد كله واحدا وهو الفوز باللقب الأول في كأس العالم. وقال معلق تلفزيوني ملخصا مشاعر الجماهير الهولندية بشكل عام: «نعلم أن المدرب بيرت (فان مارفييك) ولاعبينا خرجوا في مهمة يريدون تنفيذها بأي ثمن، نريد أن نصبح أبطال العالم أخيرا».

وبدت هولندا وكأنها خرجت كلها للاحتفال بعد إطلاق صافرة نهاية المباراة، ويأمل جميع الهولنديين أن يحالف الحظ بلادهم أخيرا في محاولتها الثالثة لإحراز كأس العالم بعدما خسرت نهائيي مونديالي 1974 أمام ألمانيا و1978 أمام الأرجنتين. واحتفل نحو 80 ألف شخص في أكبر مهرجان جماهيري في هولندا بأمستردام بينما شاهد أكثر من 11 مليون شخص المباراة على شاشة التلفزيون مما يعني أن نحو 70 في المائة من الشعب الهولندي شاهدوا فريقهم وهو يفوز مع ولي العهد ويليام ألكسندر وزوجته الأرجنتينية الأميرة ماكسيما اللذين رقصا في مدرجات الاستاد بكيب تاون.

وكتبت صحيفة «دي تليغراف» أمس: «الآن انطلقوا واحصدوا الذهب». وعلى الرغم من أن الفريق الحالي يفتقد اللمسات الجمالية التي اتسم بها منتخب يوهان كرويف أو منتخب رود خوليت، فقد نجح لاعبو فان مارفييك حتى الآن في تحقيق المطلوب منهم في جنوب أفريقيا. وسيكون مسك الختام بالنسبة لهولندا في هذه البطولة هو الفوز في النهائي بعدما كان الهولنديون خسروا أمام المنتخب الألماني 1/2 في نهائي 1974 ثم خسروا أمامه من جديد في دور الـ16 من مونديال 1990 بإيطاليا عندما واصلت ألمانيا مشوارها بالبطولة نحو إحراز اللقب. ورأى البعض الفوز في مباراة أول من أمس كثأر لهزيمة عمرها 82 عاما عندما فازت أوروغواي على هولندا 2/ صفر في أولمبياد عام 1928 بأمستردام لتحرز الميدالية الذهبية. بينما رأى آخرون أن الفوز حققته هولندا على أرضها، فقد كان الهولندي يان فان رايبيك هو من رفع علم شركة «الهند الشرقية» الهولندية للتجارة بمدينة «كيب أوف جود هوب» عام 1651 مؤسسا أول مستعمرة أوروبية في جنوب أفريقيا.

وتلونت الصحف الهولندية الصادرة أمس بالأحرف البرتقالية العريضة مشيدة بإنجاز منتخب بلادها في التأهل إلى نهائي مونديال جنوب أفريقيا. وعنونت «تليغراف»: «النهائي!» إلى جانب أسد يزأر، وهو الرمز الوطني في هولندا، وصورة على نصف صفحة لروبن وهو يسجل الهدف الثالث. وتابعت الصحيفة: «أورانج (لقب المنتخب)، رائحة الذهب بدأت تفوح»، وتابعت: «انتظرت هولندا 32 عاما» مشيرة إلى نهائي عام 1978 الذي خسرته هولندا أمام الأرجنتين 1 - 3 بعد التمديد. وكتبت «إن آر سي» إلى جانب صورة روبن المحتفل: «وأخيرا... فوز واحد قبل تتويج أورانج بطلا».

من جهته طالب مدرب المنتخب الهولندي فان مارفييك لاعبيه بالمحافظة على تركيزهم لأن التأهل إلى نهائي كأس العالم للمرة الأولى منذ 32 عاما «لا يعني أننا فزنا بأي شيء». ويسعى المنتخب الهولندي إلى الفوز باللقب للمرة الأولى في تاريخه بعد أن كان قريبا من المجد في مناسبتين عامي 1974 و1978 عندما خسر أمام ألمانيا الغربية 1 - 2 والأرجنتين 1 - 3 بعد التمديد على التوالي. واعتبر فان مارفييك بأن على رجاله الفوز بالمباراة النهائية الأحد المقبل إذا أرادوا أن يدونوا أسماءهم في تاريخ الكرة الهولندية، مضيفا «ما حققناه بعد 32 عاما يعتبر فعلا أمرا مميزا، لكننا لم نحقق شيئا بعد وهناك مباراة أخرى نتطلع إليها».

ورأى مدرب فيينورد روتردام السابق أن فريقه يتمتع بروح جماعية قوية، رافضا أي تلميح بشأن أنانية أو تعجرف اللاعبين ومؤكدا أنهم يفكرون حصرا بالمباراة التالية التي تنتظرهم، مضيفا «ما حصل قبل وصولي لا أعيره اهتماما مع فائق احترامي. قمت بالأشياء على طريقتي، نلعب كرة جيدة وفي بعض الأحيان كرة جميلة، لكن في الماضي كنا نفوز ثم نبالغ في ثقتنا بالنفس. سأحاول أن أقول للاعبي فريقي بأنه سيكون هناك دائما مباراة تالية. أحاول أن أمنحهم المزيد من الثبات من خلال تعليمهم كيفية الدفاع بطريقة صحيحة، أعشق الكرة الهجومية، لكن يجب أن نستحوذ على الكرة».

ويقدم المنتخب الهولندي بقيادة فان مارفييك أداء مختلفا تماما عن أسلوب الكرة الشاملة لأن الفريق أصبح أكثر برغماتية بعد أن دفع ثمن ذلك في بطولات كبيرة مؤخرا وأبرز دليل على ذلك كأس أوروبا 2008 بقيادة مدربه ونجمه السابق ماركو فان باتسن حيث تعملق على حساب فرنسا 4 - 1 وإيطاليا 3 - صفر ورومانيا 2 - صفر قبل أن يسقط أمام روسيا (بقيادة هولندي آخر هو غوس هيدينك) في ربع النهائي 1 - 3 بعد التمديد.

اما في المونديال الحالي، فإن المنتخب الهولندي يبرع بنظامه وانضباطه داخل الملعب أكثر من اعتماده على الكرة الجميلة والاستعراضية، وقد أعطت هذه الخطة ثمارها ونجح منتخب «الطواحين» في الوصول إلى النهائي بعد غياب 32 عاما.

وأكد فان مارفييك أنه بدأ العمل على أسلوب اللعب وروحية المنتخب منذ عامين، وأشاد بلاعبيه الذين لم يفقدوا رباطة جأشهم على الرغم من نجاح الأوروغويانيين في تقليص الفارق في الثواني الأخيرة من اللقاء، مضيفا «بدأنا بشكل جيد وكنا منظمين بشكل ممتاز، ثم أصبحنا أكثر ثقة وتمكنا من اللعب بتحرر أكبر وبشجاعة أكبر. خسرنا السيطرة في وسط الملعب لكننا صححنا هذا الأمر خلال استراحة الشوطين. كان الوضع سيئا بين فترة وأخرى لكننا أخذنا المبادرة بشكل أكبر وعندما سجلنا هدف التقدم 2 - 1، أصبحت واثقا بشكل تام».

وأشرف فان مارفييك على بوروسيا دورتموند الألماني سابقا ويبدو أنه تأثر كثيرا بالواقعية الألمانية وروح الانضباط، وهذان العاملان لعبا بشكل مؤكد دورا أساسيا في أن يصبح «البرتقالي» على بعد 90 دقيقة من المجد الذي كان قريبا منه مع مدربه الشهير الراحل رينوس ميكلز صاحب الفضل في تعريف العالم بأسلوب الكرة الشاملة.

وبدوره قال قائد المنتخب مارك فان بومل «لا أستطيع أن أصدق ما يحصل. بلغنا المباراة النهائية، إنه أمر رائع. لقد فزنا بمبارياتنا الست، وبجميع مبارياتنا في التصفيات، إنه فعلا أمر مميز. لم تكن المباراة كبيرة لكننا في النهائي. في المرة الأخيرة التي خاضت فيها هولندا المباراة النهائية كنت أبلغ من العمر عاما واحدا. من أجل تحقيق الفوز كان يتعين علينا أن نحافظ على هدوئنا. هذه المرة نجحنا في إخراج الكرة بسرعة من الخطوط الخلفية. لقد شاهدنا في الشوط الأول ماذا يمكن أن يحصل عندما نتراخى. استعدنا توازننا في الشوط الثاني وقدمنا كرة قدم متماسكة. عندما يجد روبن المساحات أمامه، ندرك جيدا ماذا يستطيع أن يفعل. لقد تعلمت الكرة الهولندية الانضباط».

أما ويسلي شنايدر الذي سجل هدف التقدم الثاني (2 - 1) رافعا رصيده إلى خمسة أهداف حتى الآن، فقال «كانت مباراة صعبة جدا، لكن نسينا ما حصل ونحن الآن في النهائي. الأمر الأهم الآن هو الفوز. نحن قريبون جدا (من اللقب الأول). لا يوجد هناك شيء أكبر من كأس العالم. إنه أمر مذهل تماما، أمر رائع».