رغم الحزن.. الألمان متفائلون بجيل موهوب ينتظره مستقبل مشرق.. ولوف يرفض تأكيد بقائه

المانشافت لقن الإنجليز والأرجنتين درسا في فنون اللعبة وخرج بأمر الماتادور

TT

توقفت عجلة المنتخب الألماني عن الدوران في دور الأربعة للمرة الثانية على التوالي بالخسارة أمام إسبانيا في الدور نصف النهائي من نهائيات كأس العالم لكرة القدم المقامة حاليا في جنوب أفريقيا، لكن النسخة التاسعة عشرة من العرس العالمي هي بلا شك نقطة تحول في كرة القدم الألمانية التي ينتظرها مستقبل مشرق بجيل موهوب وطموح وواعد.

فبعد مرور 4 أعوام على إنهائه النسخة الثامنة عشرة التي استضافها عام 2006 في المركز الثالث بفوزه على البرتغال بعدما كان خسر في دور الأربعة أمام إيطاليا بعد التمديد، فشل المانشافت في الأمتار الأخيرة أمام منتخب إسباني رائع دافع عن سمعته بطلا للقارة العجوز وحجز بطاقته إلى النهائي الأول في تاريخه. لكن لن يجرؤ أحد في ألمانيا أو الاتحاد الألماني على اعتبار خروج الألمان من دور الأربعة في المونديال الأفريقي بمثابة فشل أو يطلب رأس المدرب يواكيم لوف، لأن الأخير نجح في أول بطولة عالمية في مسيرته الاحترافية في قيادة المانشافت إلى تقديم أحد أفضل العروض في تاريخ مشاركاته في الأعراس العالمية بمنتخب شاب أبلى البلاء الحسن منذ البداية وحتى دور الأربعة على الرغم من غياب قائده الفذ مايكل بالاك بسبب الإصابة.

حتى إن القيصر فرانس بكنباور أشاد بمنتخب بلاده قائلا: لم نلعب أبدا بهذه الطريقة!. الطريقة التي يلعبون بها وأسلوب لعبهم رائعان. الجميع يتحرك ويطلب الكرة، المنتخب يملك روحا معنوية رائعة... لا أحد في ألمانيا كان يتوقع أن يراهم يلعبون بشكل جيد جدا. اللاعبون يستحقون ما يحققونه». صحيح، لم يكن أشد المتفائلين بالمنتخب الألماني يتوقع هذا الظهور الرائع للمانشافت في مونديال جنوب أفريقيا أو حتى نجاح مدربه الذي واجه مشاكل جمة قبل انطلاق النهائيات بسبب سيل من الإصابات التي تعرضت لها الركائز الأساسية، بدءا من بالاك ورينيه إدلر وهايكو فيسترمان وكريستيان تراش، لكن لوف «50 عاما» راهن على فلسفته المرتكزة على اللعب الجماعي وأضفى عليها الأسلوب الهجومي مستغلا فنيات لاعبيه الشباب توماس مولر ولوكاس بودولسكي وباستيان شفاينشتايغر ومسعود أوزال وسامي خضيرة، وذلك على غير عادة الألمان الذين يمتازون بالواقعية. وكشر الألمان عن أنيابهم منذ المباراة الأولى بفوز ساحق على استراليا برباعية نظيفة، وعلى الرغم من الخسارة أمام صربيا 0/1 في الجولة الثانية فإن النتيجة لا تعكس سيطرة الألمان على المجريات وأكدوا ذلك أمام غانا في الجولة الثالثة الأخيرة وحجزوا بطاقتهم إلى الدور الثاني.

ولقن الألمان نظراءهم التقليديين الإنجليز درسا في فنون اللعبة بالفوز على نجومهم واين روني وستيفن جيرارد وجون تيري وفرانك لامبارد 4/1، وأضافوا الأرجنتين وأسطورتها دييغو أرماندو مارادونا وأفضل لاعب في العالم ليونيل ميسي إلى قائمة ضحاياهم في ربع النهائي برباعية أيضا لكنها كانت نظيفة، قبل أن تفرملهم إسبانيا في دور الأربعة على غرار ما فعلت أمامهم في نهائي كأس أوروبا 2008 عندما تغلبت عليهم بهدف وحيد أيضا وأحرزت لقبها الثاني في مسيرتها والأول منذ عام 1964.

لكن الجيل الألماني الحالي يملك مستقبلا زاهرا ومشرقا وسيقول كلمته سواء على المدى القصير في خلال بطولة كأس أوروبا المقررة في بولندا وأوكرانيا بعد عامين 2012، أو البعيد في النسخة العشرين من كأس العالم في البرازيل عام 2014.

وعلق لوف على مشوار المانشافت عقب الخسارة قائلا: أنا مدرب لا يركز على النتائج والترتيب. يمكن أن نكون سعداء جدا بالعروض التي قدمناها في هذه البطولة خصوصا أسلوب لعبنا. وأضاف: بالتأكيد نشعر بالاستياء لخروجنا من دور الأربعة، لكن تهانينا إلى المنتخب الإسباني لأنه لعب بطريقة جيدة جدا، إنه أفضل منتخب منذ عامين أو ثلاثة أعوام، إنه الأقوى. سيطر على مجريات المباراة وحرمونا من فرض أسلوب لعبنا على غرار مباراتينا الأخيرتين. من الصعب الفوز أمام هذا المنتخب الرائع الذي يلعب بطريقة جيدة ويمرر الكرات بين لاعبيه بأريحية كبيرة.

وتابع: لقد فازوا بكأس أوروبا 2008 بطريقة رائعة وأنا متأكد بأنهم سيتوجون أبطالا للعالم. إنهم لاعبو ريال مدريد وبرشلونة، تشافي وإنييستا لاعبان من الطراز الرفيع. «هذا المنتخب الشاب اكتسب الكثير من الخبرة، وهذا مهم جدا لهؤلاء الشباب في الاستحقاقات المقبلة» هذا ما قاله هداف المنتخب ميروسلاف كلوزه الذي يحتاج إلى هدف واحد لمعادلة الرقم القياسي في عدد الأهداف المسجلة في النهائيات والموجود بحوزة البرازيلي رونالدو (15 هدفا).

ورفض لوف تأكيد بقائه على رأس الجهاز الفني لمنتخب ألمانيا بعد نهائيات كأس العالم. وقال لوف «فيما يتعلق بمصيري سنناقش الأمر بعد البطولة». لكنه أضاف ملمحا إلى إمكانية عدم الاستمرار في منصبه وإمكانية التعاقد مع مدرب جديد وذلك للمرة الأولى بقوله «هذا المنتخب سيواصل تطوره مهما كانت هوية المدرب، إنه مستمر في عملية التطور». ويرغب الاتحاد الألماني في تجديد عقد لوف لسنتين إضافيتين لينتهي بعد نهائيات كأس أوروبا 2010 في بولندا وأوكرانيا، لكن لوف لم يبت مصيره بعد، علما بأن خلافا نشب بين الطرفين مطلع العام الحالي قبل أن تهدأ الأمور إفساحا في المجال أمام المانشافت للتحضير للعرس الكروي. ويعتبر لوف أنجح مدربي ألمانيا من حيث معدل الانتصارات، حيث فاز فريقه بإشرافه في 38 مباراة من أصل 55، وبلغ بقيادته نهائي كأس أوروبا عام 2008 وخسره أمام إسبانيا 0/1، ونصف نهائي مونديال جنوب أفريقيا 2010 وسقط أمام المنتخب ذاته بالنتيجة ذاتها.

وينتهي عقد لوف مع المنتخب بعد نهائيات كأس العالم الحالية مباشرة، وكان الاتحاد الألماني يود تمديد عقده لكن المفاوضات بين الطرفين وصلت إلى حائط مسدود بسبب أمور مادية وتأجلت لما بعد نهاية المونديال. ويطالب لوف بتوسيع مهامه والإشراف على منتخب الشباب من جهة ودفع منح إضافية لمعاونيه قبل التوقيع على العقد الجديد. وكان لوف (50 عاما) تولى المهمة خلفا للمهاجم الدولي السابق يورغان كلينسمان بعد نهائيات مونديال 2006 في ألمانيا حيث كان يعمل مساعدا له، وقد تم تجديد عقده للمرة الأولى بعد كأس أوروبا 2008 حتى نهاية مونديال 2010 في جنوب أفريقيا.

وقال أوليفر بيرهوف المهاجم الدولي السابق ومدير المنتخب الحالي: «بالنسبة للاعبين الذين خاضوا نهائيات 2006 والشبان، كنا نملك أملا كبيرا، اعتقدنا بحظوظنا حتى النهاية. إسبانيا كانت ببساطة الفريق الأفضل، لم ننجح بفرض طريقة لعبنا في هذه المباراة. رغم ذلك، نحن راضون كثيرا عن الشبان، ولو أننا تلقينا خسارة اليوم، أنا متأكد إذا نظرنا إلى الوراء، سنشعر بكثير من الفخر لما قدمناه في هذا المونديال».

وكان الحزن خيم على لاعبي منتخب ألمانيا بعد إقصائهم من نصف النهائي، وقال ميروسلاف كلوزه صاحب أربعة أهداف للمانشافت في هذه النهائيات: «كان يتعين علينا أن نجبر إسبانيا على ارتكاب الأخطاء، لكننا لم نقم بذلك. لا يمكننا سوى تهنئة إسبانيا. امتلكت الكرة كثيرا وركضنا خلفها بدون توقف».

وتابع كلوزه، الذي سيسعى إلى تسجيل هدفه الخامس عشر في النهائيات ومعادلة رقم البرازيلي رونالدو، عندما تواجه ألمانيا الأوروغواي في مباراة تحديد المركز الثالث غدا السبت: «لم ننجح في الضغط عليهم كفاية. كانت الخسارة أقسى من 2008. لكننا نملك فريقا شابا والمستقبل أمامه». وعبر الحارس مانويل نوير الذي اهتزت شباكه برأسية كارلوس بويول في الشوط الثاني عن حزنه قائلا: «خيبة الأمل كبيرة حاليا. لكننا نعرف أننا خضنا دورة جيدة. لم نهاجم كثيرا ولم نخلق الكثير من الفرص. قد نكون افتقدنا قليلا من الشجاعة. تقريبا في جميع المباريات سجلنا في الشوط الأول وهكذا كانت ثقتنا تتزايد. اليوم كان الوضع مختلفا، إسبانيا أمسكت الأمور بيدها وسنح لها الكثير من الفرص».

وقال الظهير الأيسر مارسيل يانن، الذي زج به المدرب يواكيم لوف بدلا من جيروم بواتنغ للحد من خطورة بدرو: «إسبانيا كانت أفضل، ربما تعين علينا أن نكون أكثر جرأة خصوصا في آخر ربع ساعة. يجب الآن إنهاء المونديال بعلامة جيدة».