تلاشي الفردية وتفوق الكرة الجماعية أبرز مكتسبات كأس العالم 2010

مارادونا: كرة القدم الحالية باتت مختلفة تماما عن السابق

TT

في بطولة شهدت تحول الفرق، التي كان من المتوقع أن تتصدر عناوين الأخبار إلى مجرد الوجود على الهامش، ثبت أن اللعب الجماعي القديم هو العامل الأساسي بالنسبة للمنتخبات التي شقت طريقها لمراحل متقدمة في نهائيات كأس العالم لكرة القدم.

وحظي ديفيد فيا، ودييغو فورلان، وميروسلاف كلوزه، وارين روبن، وويسلي شنايدر، وباستيان شفاينشتايغر، وتوماس مولر، بنصيبهم من الأضواء، لكن الأمر الذي ميز البطولة هو الافتقار للاعبين أصحاب المهارات الاستثنائية.

ومنتخب إسبانيا هو أفضل مثال في البطولة، مقارنة بأي فريق آخر؛ إذ يملك كل لاعب قدرا عاليا من المهارات الفنية والتركيز والإدراك، وهو ما يمكِّنهم من صنع أنماط من التمريرات، من المحتمل ألا تكون فاقتها أي دولة أخرى سابقا.

وبيا هو اللاعب الذي ينهي أغلب هذه التحركات، بينما أدى هذا الأسلوب إلى انتصارات بفروق ضئيلة من الأهداف، لكنها جاءت مقنعة.

وامتلك أندريس إنييستا وتشابي ألونسو وسيرجيو بوسكيتس القدرة على تبادل مراكزهم جميعا تقريبا، في المتاهة التي صنعوها للمنافسين في وسط الملعب.

وعندما استبعد المهاجم فرناندو توريس من التشكيلة الأساسية لمباراة الدور قبل النهائي، حل بيدرو مكانه، واستمرت الماكينة في العمل من دون أي خلل.

وقال إيكر كاسياس، حارس مرمى إسبانيا، «يظهر ذلك أن الفريق لا يتلخص في لاعب واحد. يستطيع لاعب أن يقود منتخب بلاده للفوز بالبطولة، مثل الأرجنتين مع دييغو مارادونا (في 1986)، لكن في النهاية يتوقف كل شيء على العمل الجماعي».

وتأهلت هولندا للمباراة النهائية باتباع الأسلوب ذاته. ويجذب روبن الانتباه، لكن المنتخب الهولندي فاز به ومن دونه. ويعتبر روبن فان بيرسي هو الاسم الكبير في الهجوم، لكن الانطلاقات التي لا تشوبها الأنانية من ديرك كاوت، هي التي صنعت الخطر الأكبر.

وكان شنايدر هو نقطة ارتكاز المنتخب الهولندي، محرزا خمسة أهداف رائعة، كما حصل على لقب رجل المباراة أربع مرات، لكن ثنائي الوسط مارك فان بومل ونايجل دي يونغ، بذلا جهدا فائقا في اقتناص الكرة من المنافسين، ليصنعا مساحة كافية لصانع اللعب.

وقام الدفاع الهولندي أيضا بدور رائع، رغم بعض الأخطاء، بينما أبقى الإنقاذ الرائع من الحارس مارتن ستيكلنبرغ لتسديدة كاكا، التي حرمت البرازيل من التقدم 2/صفر في مباراة الفريقين بدور الثمانية على هولندا في البطولة تقريبا.

وشكلت ألمانيا بالطبع نموذجا للعمل الجماعي لسنوات مضت، وضمنت بشكل كبير وجود جيل جديد من اللاعبين يعرفون أدوارهم بدقة في جنوب أفريقيا. وكانت الإصابة التي أدت لابتعاد الاسم الأكبر في منتخب ألمانيا، مايكل بالاك، في صالح الفريق، إذ شارك مكانه لاعبون أصغر سنا ليحملوا مسؤولية أكبر. وعزز لاعبو الوسط مسعود أوزيل ومولر وشفاينشتايغر جميعا سمعتهم، بينما تألق المهاجمان كلوزه ولوكاس بودولسكي، اللذان مرا بموسم مروع على صعيد الأندية.

وتحتاج الهجمات المرتدة إلى طاقة كبيرة، وثقة في أن الزميل سيلعب الكرة بشكل صحيح، ليكافئ انطلاقة لاعب آخر لمسافة 70 مترا. وكانت ألمانيا مثالية في ذلك بجنوب أفريقيا.

وتفوقت الخيارات الصحيحة عند لاعبي ألمانيا على الخيارات الخاطئة، وعندما كان الإرهاق يحل بالفريق ويتعين عليه تهدئة اللعب، كان اللاعبون يبذلون جهدا أكبر للمساندة.

وقال يواكيم لوف، مدرب ألمانيا، إنه بدلا من اختيار أفضل اللاعبين للعب بشكل تلقائي، فإنه كان يملك نظرة في الطريقة التي سيلعب بها فريقه، واختار من يعرف أنهم يستطيعون تأدية ما يريده. وبنت منتخبات أوروغواي وباراغواي وغانا تقدمها في البطولة على اللعب الجماعي، لكن فرقا أشهر تخبطت، بعد أن عقدت آمالها على لاعبيها الكبار، وأخفقت البرتغال (كريستيانو رونالدو)، وإنجلترا (وين روني)، والبرازيل (كاكا وروبينيو)، والارجنتين (ليونيل ميسي)، في مرحلة أو أخرى، ويعود ذلك جزئيا إلى عدم قدرة اللاعبين الكبار بهذه الفرق على تقديم ما هو متوقع منهم.

واكتشف مارادونا أن الزمن الذي كان بمقدور اللاعب النجم الفوز بكأس العالم بمفرده قد ولى تقريبا. وقال مارادونا: «كنا أكثر أنانية كلاعبين. كنت أريد القيام بكل شيء، لكن كرة القدم مختلفة تماما هذه الأيام».