الكرة «جابولاني».. مرعبة الحراس وشرارة الجدل «المونديالي» في طريقها إلى الملاعب السعودية

حارس إنجلترا وصفها بالمروعة.. وكاسياس نعتها بالفاسدة.. والفيفا اعترف بـ«جنونها»

TT

تشرع الأمانة العامة في الاتحاد السعودي لكرة القدم قريبا في توزيع كرة «جابولاني»، التي تمت الاستعانة بها في نهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا مؤخرا، على المكاتب الرئيسية التابعة للرئاسة العامة لرعاية الشباب في المناطق الرئيسية، قبل انطلاق دوري زين للمحترفين السعودي ودوري الدرجة الأولى.

ووصل سعر الكرة «جابولاني» في الأسواق السعودية التجارية إلى أرقام خيالية تفوق أسعار الكرات الأخرى (117 دولارا)، أي ما يعادل 439 ريالا. ومن المتوقع أن يزداد الطلب على هذه الكرة من قبل الأندية الممتازة وأندية الدرجة الأولى، للاستفادة منها في تدريبات الفرق. ونشير إلى أن الهلال خسر نحو 100 كرة من نوع «جابولاني» بسبب احتراقها مع أمتعته التي ذهبت هباء في الطائرة الألمانية التي احترقت قبل أيام في الرياض.

يأتي ذلك في الوقت الذي اعترف فيه الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» مؤخرا بأن كرة «جابولاني» التي تدور بين أقدام اللاعبين وفوق رؤوسهم خلال مونديال جنوب أفريقيا بها عدد من العيوب.

في حين دافعت شركة «أديداس» صاحبة الكرة عن نفسها، عندما أكدت أن هذه الكرة قد استخدامها خلال التصفيات المؤهلة للمونديال، ولم تكن هناك أي شكوى منها، كما رفض فريق الخبراء الإنجليزي المسؤول عن تصميم الكرة الاتهامات الموجهة إليهم، وقالوا إنها أكثر كرة قدم ثباتا ودقة على الإطلاق، وأوضح العالم آندي هارلاند، الذي ترأس الفريق المختص بتجربة وتصميم الكرة الجديدة، أنه إذا حادت الكرة عن هدفها لعدة مرات فذلك ليس لأنها «غير متوقعة»، لكن لأنها تسير بسرعة أكبر بمقدار خمسة في المائة عن الكرات السابقة. وأضاف هارلاند أنه بالتجربة سيستطيع لاعبو كرة القدم استخدام حساسية الكرة الجديدة لصالحهم.

يذكر أن اسم «جابولاني» الذي تحمله الكرة مأخوذ من لغة الزولو التي تعد واحدة من بين 11 لغة أخرى مستخدمة في جنوب أفريقيا، وتعني «لنبتهج».

وتقول شركة «أديداس» التي أنتجت الكرة إنها لديها قدرة أكبر على التحليق في الجو لأطول فترة مع إمكانية السيطرة عليها بشكل تام في ظل كل الظروف بسبب التجاويف الموجودة على السطح الخارجي للكرة.

واستعملت الشركة الألمانية 11 لونا في صنع هذه الكرة، تمثل 11 لاعبا في كل فريق، واللغات الـ11 الرسمية في جنوب أفريقيا، والقبائل الـ11 الموجودة في البلد المضيف والتي تظهر التنوع الإثني في القارة الأفريقية.

ولم تكن «جابولاني» الكرة الوحيدة في جنوب أفريقيا 2010، بل قدمت «أديداس» كرة أخرى خاصة فقط بالمباراة النهائية، وهي النسخة الذهبية من «جابولاني»، وأطلقت عليها اسم «جوبولاني».

وتسمية «جوبولاني» تعتبر تكريما لمدينة جوهانسبورغ المستضيفة للمونديال التي تعرف بـ«مدينة الذهب» و«جو بورغ»، وفي وقت حافظت فيه الكرة على تصميم «جابولاني» الإبداعي المستوحى من جنوب أفريقيا، فإن التغيير كان في اللون الذهبي لكرة «جوبولاني». وهذه هي المرة الثانية التي تصمم فيها «أديداس» كرة خاصة لنهائي كأس العالم، وكانت الأولى «تيمجايست برلين» الذهبية التي استخدمت في التاسع من يوليو (تموز) 2006 في نهائي مونديال ألمانيا بين إيطاليا وفرنسا. وتتميز كل من «جابولاني» و«جوبولاني» بتصميم جديد يزود أفضل لاعبي العالم بكرة تتمتع بثبات استثنائي عند انطلاقها في الهواء إضافة إلى التماسك المثالي.

ومنذ صنع كرة «تيلستار» التي اعتمدت ككرة رسمية لنهائيات المكسيك 1970، دأبت «أديداس» على تطوير تكنولوجيا كرة القدم عاما بعد عام، إذ شرعت في الإبداع والابتكار. وكانت كرة «تيلستار» تتألف من 32 قطعة جلدية باللونين الأبيض والأسود، مما جعلها الكرة الأكثر دائرية في عهدها.

كما كانت كرة تانغو التي جرت بها نهائيات الأرجنتين 1978 قمة في الإبداع والابتكار آنذاك، مما مهد الطريق نحو كرات أفضل في نهائيات كأس العالم اللاحقة.

وجدير بالذكر أن الفترة الماضية شهدت انقساما في الرأي حول هذه الكرة، لكنها في المجمل تعرضت لهجوم شديد لا سيما من جانب اللاعبين والحراس الذي وصفوها بأنها كارثية، حيث وصفها البعض بأنها كرة شاطئ.

وحينها كشف الفيفا أنه سيفتح تحقيقا موسعا في أسباب إخفاق كرة جابولاني التي صنعتها شركة أديداس المتخصصة في المعدات والملابس الرياضية خصيصا من أجل كأس العالم الحالية تلبية لتوقعات اللاعبين المشاركين في البطولة، الذين فشل أغلبهم في التحكم الجيد بالكرة المثيرة للجدل، رغم أنهم يعتبرون الأفضل في العالم.

وسجلت أربعة أهداف فقط من ركلات حرة مباشرة طوال البطولة (قبل مباراتي الترتيب والنهائي)، كان أولها للكوري الجنوبي بارك تشو يونغ، الذي سدد كرة لولبية رائعة خدعت الحارس النيجيري فينسنت إينياما، بعد مرور 35 مباراة من المونديال. أما الأهداف الثلاثة الأخرى فقد سجلها كل من اليابانيين إيندو وهوندا في مرمى الدنمارك، والأوروغواياني فورلان في مرمى غانا. لكن اللافت للنظر أن لاعبين متخصصين في تسديد الركلات المباشرة فشلوا في التسجيل منها خلال البطولة، مثل البرتغالي كريستيانو رونالدو والعاجي دروغبا.

وقد علق أحد لاعبي المونديال على قلة الأهداف المسجلة من ركلات حرة مباشرة في البطولة الحالية، فقال إن اللاعبين يجاهدون لتسديد الكرة بشكل حلزوني، لتلتف بجوار الحائط البشري أو من فوقه، لكنهم يفاجأون بأن الكرة تطير في السماء وليس إلى المرمى.

هذا الفشل دفع معظم اللاعبين إلى صب غضبهم على «جابولاني»؛ حيث حملوها مسؤولية إخفاقهم، لكن البعض كان أكثر واقعية في التعامل مع الكرة اللغز، مثل المهاجم الإسباني فرناندو توريس، الذي رفض تحميل إخفاقه في تسجيل ولو هدف واحد في المونديال حتى الآن لمراوغة «جابولاني».

وكان الكثير من اللاعبين والمدربين قد عبروا عن استيائهم، من بينهم الإنجليزي ستيفن جيرارد والبرازيلي خوليو بابتيستا وجيامباولو بيتزاني، كما أن مدرب الأرجنتين دييغو مارادونا لم يفوت الفرصة كالعادة، وانضم إلى قافلة المهاجمين، حين قال إن «جابولاني» لا تمنح الفرق فرصة الإفادة من الكرات العرضية اللولبية؛ لأن الكرة تطير بشكل مستقيم. وأضاف «إننا لم نشاهد أي تحركات جيدة في هذه النهائيات؛ لأنه لا يمكن للمرء أن يحصل على الكرة ويسيطر عليها في الوقت نفسه».

وشكا مارادونا من أن الكرة الجديدة لا تدور حول نفسها بشكل جيد، مما يجعل من الصعب السيطرة عليها عند استقبال الكرات الطويلة.

مارادونا استغل مشكلات الكرة لينتقد خصميه الشهيرين بيليه وميشال بلاتيني قائلا «إن عليهما استخدام نفوذهما للحصول على كرة جديدة أفضل حالا وأكثر تطورا».

وكان ستيفن جيرارد قائد إنجلترا وجه أصابع الاتهام للكرة، وأكد أنها السبب في الهدف الغريب الذي دخل مرمى حارسه روبرت غرين، وتسبب في تعادل الفريق أمام أميركا.

كما انتقد رابح سعدان المدير الفني لمنتخب الجزائر «جابولاني»، وأشار إلى أن حارسه فوزي شاوشي لا يتحمل مسؤولية الهدف الذي دخل مرماه وتسبب في خسارة الخُضر أمام سلوفينيا.

ووجهت أصابع الاتهام من قبل الصحافة الجزائرية للكرة «جابولاني»، وقيل إنها هي السبب في خسارة المنتخب الجزائري رغم أنه كان يلعب طيلة 70 دقيقة بقوة بل وأفضل من الفريق الخصم «لكن الحظ حالف سلوفينيا وجعل تلك الركلة الخاطفة، لتصبح بمثابة رصاصة قاتلة في شباك شاوشي».

وذكرت وكالات أنباء وصحف عالمية أن الشيء الذي لا يعلمه الغالبية هو أسرار الكرة السحرية جابولاني، فقد تم تصميمها بطريقة عجيبة وتكنولوجيا متطورة، مما يجعلها تمتلك خصائص خارقة للعادة في عصرنا الحالي، رغم أن هذا ليس غريبا، فكل كرات كأس العالم السابقة كانت فريدة من نوعها في عصرها، لكن ليس بعد اليوم، فمثلا إحدى الكرات كانت أقوى كرة في العالم، وأخرى أكثر كرة قدم كروية، لكن الكرة اليوم ليست كذلك أبدا، فهذه الكرة أسرع كرة في العالم، ولا تحتاج لتصبح كذلك سوى ركلة اللاعب بطريقة مناسبة، لكن لا تكمن المشكلة في السرعة فحسب، بل حتى إن هذه الكرة تغير مسارها بالشكل المطلوب وغير المطلوب، فبنيتها تسمح لها بالابتعاد عن الأجسام المتحركة إذا كانت بسرعتها المناسبة، وهذا تماما ما حدث مع حارس المرمى فوزي شاوشي عندما طبق حركته العادية التي لطالما استخدمها بنجاح في إمساك كرات أبرع اللاعبين، لكن ليس مع الكرة «جابولاني»، فعندما وثب شاوشي على الكرة قامت بتغيير مسارها وفق مبادئ «الفيزياء الميكانيكية»، فقد أثر شاوشي على الكرة بالطاقة المتسربة من جسده عندما كان يقفز لإمساكها، وكانت هي أيضا محاطة بالطاقة التي أرسلها اللاعب الهداف، وتعارضت الطاقتان لتدفعا بالكرة بعيدا عن الحارس، تماما كما يحدث عند تقريب القطبين المتعاكسين، لكن لا يمكن أبدا أن نقول إن الخطأ يقع على الكرة فحسب، بل سيبقى واقعا على الحارس لأنه لو قفز في الوقت المناسب وبسرعة أكبر لكان بالتأكيد صد الكرة وأمسك بها وليس دفعها فحسب.

وكان حارس مرمى منتخب تشيلي كلاوديو برافو أول من انتقد «جابولاني»، معتبرا أنها تشبه تلك التي تستعمل في الكرة الطائرة و«مصنوعة لتعقيد مهمة الحراس».

ويشاطره الرأي الذي انتقده حارس مرمى الفريق الإنجليزي ديفيد جيمس، الذي وصف الكرة الجديد بالمروعة، كما نعتها الإسباني إيكر كاسياس بـ«الفاسدة». بينما أعرب حارس مرمى المنتخب الإيطالي العملاق جيانلويغي بوفون عن مخاوفه من الكرة «التي لا يمكن التنبؤ بحركتها»، مشيرا حينها إلى أنها قد «تدمر» بطولة كأس العالم.