كاسانو يرد الجميل لبرانديلي.. وينقذه من الإحراج

أحرز الهدف الأول وأهدى الثاني لبونوتشي بعد تقدم استونيا في افتتاح التصفيات الأوروبية

TT

حقق المنتخب الإيطالي فوزا مهما في أولى مباريات التصفيات المؤهلة لبطولة الأم الأوروبية 2012. وتغلب «الآزوري» خارج أرضه على منتخب استونيا بنتيجة 1-2. وكان منتخب استونيا قد تقدم بهدف في الدقيقة 31 من الشوط الأول، وتعادل كاسانو لمنتخب إيطاليا في الدقيقة 15 من الشوط الثاني قبل أن يحرز بونوتشي هدف الفوز للضيوف في الدقيقة 18 من الشوط الثاني.

وهكذا رد انطونيو كاسانو الجميل لمدربه تشيزاري برانديلي ومنح إيطاليا فوزها الأول عام 2010. وكان برانديلي يخوض مباراته الرسمية الأولى مع الآزوري بعد استلامه المنصب خلفا لمارتشيلو ليبي الذي ترك المنتخب بعد المشاركة المخيبة في كأس العالم قبل شهرين حيث تنازل الإيطاليون عن اللقب الذي توجوا به قبل أربعة أعوام بخروجهم المخيب من الدور الأول.

وغاب كاسانو عن التشكيلة التي شارك بها ليبي في جنوب أفريقيا لكن برانديلي استعان به بعد استلامه المنصب وأعاده إلى الآزوري فرد له مهاجم سمبدوريا الجميل بإنقاذ منتخب بلاده من الهزيمة بعدما وجد نفسه متخلفا في الدقيقة 31 بهدف سجله سيرغي زينجوف بعدما تابع ركلة حرة سددها زميله قنسطنطين فاسيليف في مرمى الحارس سالفاتوري سيريغو.

وأدرك كاسانو التعادل في الدقيقة 60 بكرة رأسية بعد ركنية من القائد اندريا بيرلو ثم أضاف مدافع يوفنتوس الجديد ليوناردو بونوتشي هدف التقدم والفوز للإيطاليين بعد ثلاث دقائق إثر ركلة ركنية نفذها بيرلو وحولها كاسانو بكعبه إلى زميله الشاب.

لقد كان أنطونيو كاسانو نجم اللقاء بلا منازع. فعندما يكون اللاعب يحمل بداخله روح لاعب جيد، فإن ذلك لا بد أن يظهر في الملعب. لقد كان الجميع ينتظرون أن تحمل المباراة الرسمية لبرانديلي بصمة أنطونيو كاسانو، الذي يعتبر الوريث الشرعي لمجموعة من المهاجمين الأفذاذ الذين منحوا منتخب إيطاليا بطولات وأمجادا. لكن رياح البلطيق القوية قلبت الطاولة وخلطت تلك الأوراق طوال الشوط الأول. وكان من تألق في هذا الشوط مهاجما يحمل الرقم 10، لكنه لم يكن كاسانو، بل سيرغي زينجوف مهاجم منتخب استونيا، الذي يلعب رغم مهارته الفائقة في نادي كاراتي لفيف بأوكرانيا.

من غواميريس إلى تالين: لكن كاسانو لم يكن ليقبل بأن يترك التألق للمنافس طوال اللقاء ولم يكن ليسمح للمهاجم الأستوني الشاب أن يفسد تلك الليلة بالنسبة لمنتخب إيطاليا. وعلى هذا النحو تمكن كاسانو في الشوط الثاني من تعويض الهدف بمساعدة لاعب فذ آخر هو بيرلو. وجاء هدف التعادل من ضربة ركنية رفعها بيرلو ليضعها كاسانو داخل الشباك. لكن المهاجم الإيطالي الفذ لم يكتف بهذا، وبعد مرور 3 دقائق فقط تم احتساب ضربة ركنية أخرى لصالح المنتخب الإيطالي. ولعب بيرلو الكرة لكاسانو الذي لعب الكرة بكعبه لبونوتشي الذي أحرز هدف الفوز للآزوري. وفي غرفة الملابس وجه كاسانو الشكر لبيرلو على تمريراته الرائعة. لقد كان الأمر سهلا. وهي نفس السهولة التي ميزت مسيرة كاسانو مع كرة القدم في يوم 22 يونيو (حزيران) عام 2004 في مدينة غويمارايس بالبرتغال، عندما كانت إيطاليا تبحث عن الفوز بلقب بطولة الأمم الأوروبية الغائبة عنها منذ عام 1968. لقد كان كاسانو يبلغ من العمر حينها 22 عاما وكان يقود منتخبا قويا ومجهدا. وفي ذلك اليوم أحرز كاسانو هدفا في مرمى بلغاريا ليكتشف بعد ذلك أن هذا الهدف لم يجد شيئا، حيث خرجت إيطاليا من البطولة وخرج كاسانو من الملعب ودموعه تملأ عينيه. وشهد مستوى اللاعب بعدها انهيارا غير متوقع مع المنتخب. فقد استلزم الأمر مرور 6 سنوات حتى يحرز كاسانو هدفا آخر مع المنتخب. إن الفتي البالغ من العمر 22 عاما لم يعد موجودا، فقد ترك خلفه أحلامه واحتياجاته وعاد للمنتخب في تلك الفترة من حياته التي تبدو أكثر قتامة من فترة النضج. ولهذا السبب تمكن كاسانو من التخلص من جميع الأشباح وأهدي مدربه برانديلي الحلقة الأولى في سلسلة نجاحات نتمنى أن تدوم طويلا. لقد كان كاسانو في حاجة لاستعادة علاقته الجيدة بالتهديف وقد تمكن من تحقيق ذلك. ومن الآن فصاعدا سيتغير مستقبل اللاعب.

وإذا كان كاسانو قد تألق خلال الـ80 دقيقة التي لعبها (حيث تم تغييره في الدقيقة 35 من الشوط الثاني) فإن الفوز قد تحقق في الشوط الثاني من ضربتين حرتين لعبهما بيرلو ووضع عليهما كاسانو لمسته الساحرة. وهو ما حاول المهاجم الفذ فعله في الشوط الأول دون جدوى.

لقد سار الشوط الأول بأسوأ طريقة يمكن تخيلها. فرغم امتلاك المنتخب الإيطالي للكرة وتنفيذه للكثير من الهجمات، لم يشكل أي خطورة حقيقية على مرمى استونيا، بينما أخطأ فريق استونيا في معظم تمريراته وترك امتلاك الكرة للفريق الإيطالي (53% نسبة الاستحواذ لإيطاليا و47% لاستونيا). ورغم ذلك خرج منتخب استونيا من الشوط الأول متقدما بهدف رغم أنه لم يسدد سوى 3 كرات على مرمى سيريجو مقابل 10 تسديدات لمنتخب إيطاليا. لقد أجاد منتخب استونيا مفاجأة إيطاليا في المساحات الخالية. ورغم دقة تمريرات إيطاليا (226 تمريرة دقيقة مقابل 30 تمريرة خاطئة فقط)، فإن الآزوري افتقد إلى سرعة تنفيذ الهجمات، وهو ما سمح لمنتخب استونيا بتنظيم دفاعاته وإغلاق الطريق إلى مرماه. وكان منتخب إيطاليا يحتاج إلى ابتكار من لاعبيه وإلى الاعتماد على تمريرات بيرلو بدلا من استلام كاسانو للكرة وتخلصه من المدافعين وتمريره الكرة لباتسيني. ولعل كان هذا هو سبب غياب التهديف في الشوط الأول. فقد لعب كاسانو في هذا الشوط 10 تمريرات (منها 4 خاطئة) ورفع 5 كرات عالية. وكان يبحث دائما عن باتسيني دون أن يجده. وشهد الشوط الثاني جهدا مضاعفا لكاسانو الذي مرر 21 كرة (18 منها دقيقة) ومن بينها الكرة التي مررها بكعبه لبونوتشي وجاء منها هدف الفوز. لقد كانت تمريرة حاسمة أهدت الفوز لإيطاليا.

الأفضل؟ وبالإضافة إلى كاسانو، لعب بيرلو أيضا دورا حاسما في هذا الفوز. فقد كان هو من لعب الضربتين الركنيتين اللتين جاء منهما هدف الفوز. لقد كان بيرلو يضع الكرة على دائرة الضربة الركنية وينظر إلى زملائه وكأنه يقول لهم إنني آخذ بأيديكم وسأمنحكم دفعة قوية ولكن عليكم القيام بالباقي. وقد تحقق هذا مرتين في 3 دقائق فقط. وبالنظر إلى الأرقام نجد أن أفضل لاعبي المنتخب كان ماتيا كاساني الذي كان يتقدم من جهة اليمين وأنهى المباراة بنسبة عالية من التمريرات الدقيقة بلغت 90% (40 تمريرة دقيقة من 44 تمريرة قام بها). وجاءت نسبة التمريرات السليمة للمنتخب الإيطالي بأكمله نحو 81%. وجاء نزول فابيو كوالياريللا بمثابة تميمة الحظ للآزوري حيث أحرز الفريق هدفين متتاليين عقب نزوله مباشرة، رغم أنه لم يلعب دورا حاسما في الوقت الذي لعبه (31 دقيقة، سدد خلالها كرة واحدة وقام بـ5 تمريرات جيدة من 6 تمريرات لعبها).