برانديللي يشيد بكاسانو: الآن لدينا قائد حقيقي لمنتخب إيطاليا

مدرب الآزوري يستعد للعب بثلاثة مهاجمين واختبار الطريقة أمام جزر الفارو غدا

TT

لن ينسى أنطونيو كاسانو قط أول كرة لعبها بالكعب، في مباراة فريق باري أمام الإنتر عام 1999، وكان حينها في السادسة عشرة من عمره. فقد استخدم كاسانو كعبه لإيقاف كرة تم تسديدها من مسافة 50 مترا. وتقدم حينها بلان بصعوبة بينما اضطرب بانوتشي وخدعت التسديدة فيرون بعد ذلك. لقد أثارت لعبة كاسانو انبهار الجماهير التي تساءلت: «من يكون هذا؟». وجاء الكعب قبل الأخير لكاسانو بطعم مرير، حيث لعب المهاجم الكرة بكعبه في مدينة جنوا خلال المباراة التي لعبها فريقه سمبدوريا أمام فريق فيردر بريمن في الدور التمهيدي الأخير لبطولة دوري أبطال أوروبا التي خرج منها فريق سمبدوريا. ولم يشفع الهدف الذي أحرزه كاسانو في هذا اللقاء لفريقه في الوصول لدور المجموعات بكبرى البطولات الأوروبية. لكن الكرة الأخيرة التي لعبها كاسانو بكعبه نهضت بمنتخب إيطاليا من عثرته. فقد هيأ أنطونيو كاسانو كرة سهلة بكعبه لبونوتشي الذي أحرز هدف الفوز لإيطاليا على منتخب استونيا مساء الجمعة الماضي في أولى مباريات التصفيات المؤهلة لبطولة الأمم الأوروبية 2012. إن كاسانو يمتلك علاقة رائعة بكعب قدمه اليمنى. فبمجرد أن يتاح له ذلك، تدق أجراس الخطر بالنسبة للمنافسين الذين يتساءلون أين الكرة؟ لعل إجادة كاسانو للعب بكعبه يرجع لأسباب جغرافية. فأصول كاسانو تعود لإقليم بوليا، ومن المعروف أن هذا الإقليم يمثل «كعب» إيطاليا من الناحية الجغرافية. فإيطاليا شبه جزيرة على شكل حذاء ويمثل هذا الإقليم بداية كعب الحذاء. ومع صنعه لهذا الهدف الثمين بكعبه يمكننا أن نقول إن كعب كاسانو هو كعب إيطاليا. ستلعب إيطاليا غدا مع جزر الفارو في ثاني مباريات التصفيات المؤهلة لبطولة الأمم الأوروبية 2012. وسيجري اللقاء في مدينة فلورنسا ومن المقرر أن يشاهد روبرتو باجيو، الرئيس الجديد للقطاع الفني بالاتحاد الإيطالي لكرة القدم، المباراة من المدرجات. ولم يكن لعب الكرة بالكعب هو اللعبة المفضلة لباجيو لكن اللاعب الإيطالي الفذ يكن كثيرا من التقدير لكاسانو. وقد صرح باجيو قبل فترة قائلا: «كاسانو يمكن أن يصبح خليفتي في الملاعب». ومن قبيل المصادفة الجيدة أن تقام المباراة القادمة للمنتخب في مدينة فلورنسا معقل نادي فيورنتينا، حيث كان يلعب في موسم 1984 - 1985 واحد من أمهر اللاعبين في لعب الكرة بالكعب وهو برازيليو سامبايو دي سوزا المعروف باسم سقراط. لقد كان ذلك اللاعب البرازيلي طويل القامة والذقن يلعب الكرة بكعبه باستمرار. وفي بعض الأحيان كان يستخدم كعبه لتمرير كرة في وسط الملعب إذا دعت الضرورة. وقد قال سقراط في هذا الصدد: «لقد كنت ألعب الكرة بالكعب من أجل التخلص منها مع أول لمسة. فقد كنت نحيفا ولم أكن أمتلك لياقة كبيرة أو أحتمل الالتحام مع المنافسين. وهكذا كنت أتخلص من الكرة بأول طريقة ممكنة، بالكعب أو الركبة أو حتى المؤخرة، من أجل تجنب أن يؤذيني أحد لاعبي خط وسط الفريق المنافس». فهل يعتبر هذا الاعتراف بمثابة نهاية أسطورة برازيلية، أم «الكعب» البارع الأخير من اللاعب «النحيف»؟

لقد تغير كاسانو، مثلما يؤكد الجميع ومن بينهم شيزاري برانديللي مدرب المنتخب الإيطالي الذي صرح قائلا: «في هذه الأيام لم يتصرف كاسانو بشكل جيد فقط بل جيد للغاية. وقبل بداية التدريبات كان يأتي إلى الجهاز الفني ليقترح بعض التدريبات الخططية. ولم يكن كاسانو يفعل ذلك في الماضي، فقد كان يتميز بالعبقرية والخيال الخصب وحسب. لقد أدرك كاسانو أخطاء الماضي وأصبح لاعبا مسؤولا، وبفضل الزواج حصل على الاستقرار والهدوء». ويضيف برانديللي: «يجب على كاسانو أن يضغط بشكل أكبر من الجانب الأيسر إلى المنتصف وأن يدخل إلى منطقة الجزاء. إن كاسانو يمتلك حاسة التهديف في جيناته ويمكنه أن يصبح رأس حربة ثانيا شديد الخطورة».

ثمة مدربون يغضبون عندما يلعب اللاعبون الكرة بالكعب، لأنهم يعتقدون أن الكرة تضيع من فريقهم في 90% من تلك الكرات، ولأنهم يخشون تعرض من يلعب الكرة بكعبه للإصابة. وهناك خلاف بين الأطباء حول هذا الأمر. فبعضهم يعتقد أنه لا توجد أية علاقة بين لعب الكرة بالكعب والتعرض للإصابة، والبعض الآخر يؤكد العكس ويرى أن لعب الكرة بالكعب يزيد من احتمالات الإصابات. وقد صرح البروفسور أنطونيو دال مونتي المتخصص في الطب الرياضي ذات مرة قائلا: «عندما يلعب أحدهم الكرة بكعبه فإنه يقوم بحركة غير طبيعية قد تؤدي إلى إصابة في العضلات». وقد تعرض اللاعب الهولندي روبين لخطر الغياب عن المونديال الأخير بسبب كعب قاتل قام به في مباراة هولندا الودية أمام الكرة. لكن اللاعبين على أية حال لا يستطيعون مقاومة رغبتهم في لعب الكرة بالكعب. خلاصة القول إن المنتخب الإيطالي يمثل مشروعا حقيقيا للتطور، ويشرح المدير الفني شيزاري برانديللي ذلك بكثير من التحليل التكتيكي بعد الفوز على أستونيا حيث قال: «لدي رغبة في جعل المنتخب يلعب بثلاثة مهاجمين صريحين، الأمر يتعلق بإيجاد الآليات السليمة للقيام بذلك وتنظيم وضع لاعبي الوسط جيدا وبعدها من الممكن إطلاق العملية»، خطة المدير الفني من المفترض أن تشمل كلا من ماريو بالوتيللي، في الجهة اليمنى (حينما يتعافى من إصابته في الركبة اليمنى)، وجامباولو باتزيني (أو ألبرتو جيلاردينو) في القلب وأنطونيو كاسانو في الجهة اليسرى، فيما سيجتهد في وسط الملعب كل من مونتوليفو، وبيرلو، ودي روسي.. «إنها ليست مغامرة، فنحن نعمل الآن من أجل هذا الهدف»، هكذا علق برانديللي.

لقد أصبح لدى المدير الفني ثلاثة أشياء مؤكدة، حيث يضيف: «لعبنا الكرات الأرضية بشكل جيد، ورأيت منتخبنا يتسم بالشخصية الواضحة والشجاعة، أريد الاحتفاظ بالسعادة التي رأيتها في غرفة خلع الملابس فهذه هي اللحظات التي يصنع فيها الفريق ويصبح أكثر قوة. عموما، لقد بدأ اللاعبون يفهمون كيف ينبغي عليهم قراءة المباريات». ونضيف أنه معجب بتجربة مثلث وسط الملعب الذي كان يلف بشكل دائري، فمرة نجد بيرلو في الوسط، والمرة التالية يأتي دور دي روسي وبعدها مونتوليفو، فلم يكن لدى الخصم نقطة مرجعية ثابتة. ويقول المدير الفني: «دي روسي في تحسن واضح، وفي مرحلة من مسيرته ينبغي فيها تحمل المسؤولية وقد أدرك ذلك. إنني مؤمن كثيرا بثلاثي وسط الملعب هذا والدليل سيكون أمام جزر الفارو غدا». واختتم برانديللي حديثه قائلا: «ستكون هناك بعض التغييرات، لا بد أولا أن أقيم الاختبارات البدنية، وأريد أمام جزر الفارو رؤية الرغبة في بناء الهجمات وفرض الأسلوب والشجاعة. أتمنى إمتاع جماهير فلورنسا وستكون أمسية خاصة بالنسبة إلي».