أندية الدوري الإيطالي تنفق أكثر من مليار يورو على رواتب اللاعبين

الميلان يتجاوز الإنتر ويحتل الصدارة ويوفنتوس ثالثا وتشيزينا الأخير

TT

تنفق بطولة الدوري الإيطالي هذا الموسم أكثر من مليار يورو (نحو مليار و300 مليون دولار) على رواتب لاعبيها.

ويعني ذلك أن نفقات العشرين ناديا بدوري الدرجة الأولى قد تضاعفت تقريبا منذ عام 2006، عندما بلغت القيمة الإجمالية للرواتب 546 مليون يورو.

وعلى الرغم من أن رواتب البطولة تبلغ رسميا 802.5 مليون يورو، فإن الحوافز والمكافآت الإضافية تجعل الرقم يتجاوز حاجز المليار يورو. ويعد ميلان النادي الأكثر إنفاقا، فبعد ضمه السويدي زلاتان إبراهيموفيتش، نجم برشلونة السابق، (تسعة ملايين) والبرازيلي روبينهو (أربعة ملايين،) وصلت قيمة الرواتب التي يدفعها النادي إلى 130 مليونا. ويأتي في المركز الثاني بطل أوروبا إنتر ميلان، حيث يدفع حامل لقب دوري الأبطال في الموسم الماضي 121 مليون يورو في صورة رواتب للاعبيه.

بدوره، ينفق يوفنتوس 100 مليون يورو مقابل 82 لروما، وخلف الرباعي الكبير يأتي فيورنتينا بإجمالي 41.7 مليون ولاتسيو 41 مليونا، وجنوه 36.7 مليون.

في المقابل تبلغ قيمة رواتب نادي تشيزينا الصاعد هذا الموسم 8.3 ملايين يورو فقط.

لكن الأندية لن تؤكد هذه الأرقام أبدا، لأن التقديرات الأولية (بحسب العقود الأساسية للاعبين) لحجم الرواتب تبلغ 802.5 مليون يورو، وفي الظاهر، يعد ذلك أقل مما كان عليه في العامين الماضيين. من أجل فهم اللعبة لا بد من التطرق لقصة إبراهيموفيتش وإيتو، حيث تقاطع طريقاهما العام الماضي على مسار إنتر ميلان - برشلونة، وكان اللاعب السويدي يتقاضى أجرا، قيمته 12 مليون يورو سنويا، خالصة الضرائب في النادي الكتالوني، في حين يتقاضى اللاعب الكاميروني 10.5 مليون في الإنتر. وبعدها بعام واحد، وصل زلاتان إلى نادي ميلان براتب قدره 9 ملايين، وبالتالي انخفض راتب صامويل في الإنتر مباشرة إلى 8 ملايين. هل بالفعل قام نجما الكرة الإيطالية حاليا بخصم الضرائب الخاصة بهما من راتبهما؟ ما نصدقه هو أن هذه الأرقام موجودة في عقديهما بالفعل، والمشكلة تتمثل في معرفة كم من الأموال سيجدها اللاعبان في ظرف الراتب في نهاية الموسم، وماذا لو كان المبلغ 12 مليونا؟

إذن، كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ الأمر ليس صعبا، فكل شيء يتعلق بمرونة العقود، وهو التجديد الذي خلقته الصدفة، ووضعته أندية الدرجة الأولى في النقطة الأولى في طلباتها السبعة المقدمة لجمعية لاعبي الكرة من أجل العقد الجماعي الجديد. وفي انتظار أن تنخفض نسبة الجزء الثابت إلى أقل من 50 في المائة، هناك أمثلة كثيرة من اللاعبين الذين وقعوا على اتفاقات للتجديد من خلال حوافز ومكافآت شخصية لكل مشاركة أو تحقيق إنجاز، وهو ما يشبه قليلا ما يحدث في عالم العمل العادي، وخصوصا مع المسؤولين، فالمرونة تسمح للأندية بتنظيم استثماراتها الخاصة من دون الشعور بضغط من جانب المساهمين، وكذلك الرأي العام. ليكن ما يكون، فمن السهل هكذا توقع وصول إجمالي رواتب اللاعبين في الدوري الإيطالي إلى أعتاب المليار يورو، وإذا ما أضفنا إجمالي المكافآت، فمن الممكن أيضا أن يزيد الرقم على ذلك.

تبقى مسألة أن رؤساء الأندية عادوا إلى الإنفاق مرة أخرى، وأصبح عام 2010 هو عام التغييرات، حيث ستأتي أموال أكثر من بيع حقوق نقل المباريات إلى التلفزيون، وبذلك زادت الاستثمارات على سوق الانتقالات والصفقات الجديدة، وبالذات الموارد المخصصة لرواتب اللاعبين. إن اللاعبين الذين يقبلون المخاطرة من خلال التخلي عن جزء معين من أجورهم، يطلبون رفع قيمة أرباحهم النهائية، ما يحدث على كل المستويات، وليس فقط لفرق القمة، ومع ذلك فإن هذا الانتعاش الجديد لا يتوافق مع تطبيق قانون «اللعب النظيف ماليا»، الذي اقترحه ميشال بلاتيني، وأقره الاتحاد الأوروبي، ليدخل حيز التنفيذ في غضون عامين ويقتضي ألا تنفق الأندية أكثر مما تحصل عليه من أموال.

ومن المقرر خلال هذين العامين أن يطلب الاتحاد الأوروبي كشف حساب من الأندية التي لا تلتزم بضبط حساباتها، وللأسف، لا تزال الكرة الإيطالية تقع في الأخطاء المعتادة.

ومنذ عامين، كان للدوري الإيطالي الصدارة المحزنة، حيث تنفق الأندية 70 في المائة من إيراداتها، ومن هذه النسبة سيكون صعبا تغيير مسار هذه النزعة. كما أن كرة القدم الإيطالية تعتمد دائما على عوائد التلفزيون، وتبذل جهدا كبيرا لزيادة دخول ذات طبيعة أخرى (الاستادات، التسويق، وغيرها)، وهذه هي الفجوة الحقيقية مع الدول المتقدمة الأخرى. لا شك أن ما أشعل التحدي في مدينة ميلانو كان ضربتي فريق الميلان الجديدتين، إبراهيموفيتش وروبينهو، بعدما كان أدريانو غالياني نائب رئيس النادي ممسكا بالميزانية في بداية الصيف، محاولا الادخار على كل الجبهات، من رحيل ديدا وراتبه 4 ملايين يورو خالصة الضرائب، إلى تسوية عقدي أودو وغاتوزو. وعلى العكس، تغيرت سياسة الميلان من الحرص على الصرف بصفقتي برلسكوني المتتاليتين، مما جعل حجم استثمارات ميلان في عهد برلسكوني 150 مليون يورو. وبهذه الطريقة، عاد الميلان ليكون النادي الأكثر إسرافا في إيطاليا، بقيمة إجمالية للرواتب قدرها 130 مليون يورو سنويا، منتزعا الصدارة من نادي موراتي، إنترناسيونالي، الذي توقف عند 121 مليونا. بعدهما في الترتيب، يأتي يوفنتوس أندريا أنييللي، الذي انخفض إجمالي الرواتب فيه من 115 إلى 100 مليون يورو.

ما أثار النقاش والتعليقات في نهاية سوق الانتقالات اختيار ماسيمو موراتي رئيس الإنتر «الامتناع» عن إجراء الصفقات الجديدة. المنتقدون بصفة خاصة هم أولئك الذين رأوا هجوم الميلان كهزيمة. وبالأحرى لا بد من تحليل سبب هذه الاستراتيجية. ادخر ماركو برانكا مستشار سوق الانتقالات في الإنتر بعض الأموال من خلال بيع كواريزما، بورديسو وجيمينيز، كما أطلق بعض العناصر الشابة، مخففا من تكلفة الفريق، كما أن الاستثمار الأغلى تمثل في رانوكيا. الفكرة هي تخفيض حجم الإنفاق وتدعيم الفريق بدماء جديدة تدريجيا، ولابد أن نتذكر أن موراتي ادخر بعض الأموال أيضا مع المدربين، حيث رحل مورينهو ورفع عن كاهل النادي 16 مليون يورو، لكن الريال من أجل التعاقد معه دفع 10 ملايين يورو، وبفارق الأموال يتم دفع راتب رفائييل بينيتيز الآن.

من جهة أخرى، كان لمكافآت الفوز بالدوري (خمس مرات متتالية) تأثير كبير، وعلى العكس، فقد تم دفع مكافآت الفوز بدوري أبطال أوروبا عن طريق خزينة الاتحاد الأوروبي الكريمة. لكن من الواضح تقريبا أنه في نادي الإنتر قد انتهى زمن الإنفاق دون حساب، حتى وإن كان صعبا بعد ذلك غلق الصنابير. بالتوازي مع الاستثمارات الكبيرة التي قامت بها أندية القمة، فإن ما قام به جنوا، بقيادة بريتسيوزي، جدير بالاهتمام، فرئيس النادي كان سخيا، سواء في البحث عن الأفضل دائما أو في دفع رواتب لاعبيه، وتمثل الأربعة ملايين يورو خالصة الضرائب للوكا توني ترفا حقيقيا، ومعه فقد حملت الصفقات الأخرى نفقات ضخمة.

وعلى عكس هذه النزعة، هناك نادي فيورنتينا، فقد احتفظت عائلة ديللا فاللي، المالكة للنادي، برواتب اللاعبين كما هي. الأمر ليس سهلا، لكنه يعد دليلا على السعي لرفع مستوى الفريق، من خلال منح الوقت اللازم للعناصر الشابة من دون تدعيمات من أي نوع. وفي هذا الإطار، علينا أن ننظر إلى سياسة نادي باليرمو زامباريني، القادر على الحفاظ على أجور اللاعبين منخفضة، أيضا لأنهم يقدمون الشباب، وهي السياسة التي يتبعها فريق أودينيزي منذ سنوات. إذن، من الممكن التطوير مع احتواء النفقات، من دون اللجوء إلى قفزات وهمية وخطيرة إلى الأمام، لكن شريطة ألا نسير خلف النجوم.