المنتخب الإسباني ينال جائزة أمير أستورياس للتميز الرياضي

حقق المعادلة الصعبة بالجمع بين الانتصارات والأداء الجمالي الذي يمتع الجماهير

TT

نال المنتخب الإسباني الذي توج في يوليو (تموز) الماضي بلقب بطل كأس العالم لكرة القدم للمرة الأولى في تاريخه، جائزة أمير أستورياس للتميز الرياضي لعام 2010 وذلك حسب ما أعلنته أمس لجنة الحكام الخاصة بهذه الجائزة.

وحصل الفريق المتوج بطلا لمونديال جنوب أفريقيا 2010 على الجائزة بإجماع أعضاء اللجنة الـ28، وتفوق في التصويت النهائي على متسلقة الجبال الإسبانية إدورني باسبان، والعداء الإثيوبي هايلي جبريسيلاسي اللذين حصل كلاهما على 12 صوتا.

وجاء خلف هذا الثلاثي كل من العداءة الإسبانية مارتا دومينجيز وحارس برشلونة والمنتخب الإسباني لكرة اليد ديفيد باروفيت، اللذين حصل كل منهما على صوتين.

واعتبرت لجنة الحكام خلال احتفال في مدينة أوفييدو الإسبانية (شمال البلاد) أن المنتخب الإسباني لكرة القدم سحر العالم بفنياته وأسلوب لعبه وأصبح مثالا يحتذى به في الكثير من البلدان، مشيدة بالقيم الروحية للفريق والبساطة التي تمتع بها، إضافة إلى التزامه بالقيم الرياضية.

وتمنح مؤسسة أمير أستورياس ثماني جوائز سنويا في مجالات الاتصالات والعلاقات الإنسانية، والبحث العلمي والتقني، والعلوم الاجتماعية، والفنون، والآداب، والتعاون الدولي، والوفاق، والرياضة، وتبلغ قيمة كل منها 50 ألف يورو، فضلا عن منحوتة للفنان الكاتالوني الشهير غوان ميرو.

وتعد هذه الجائزة الأرفع في إسبانيا، وقد انطلقت عام 1981. وكانت جائزة التميز الرياضي العام الماضي من نصيب بطلة القفز بالزانة الروسية يلينا إيسنباييفا. وكان نجم التنس الإسباني رافائيل نادال نال الجائزة عام 2008 وبطل العالم السابق في سباقات فورميولا 1 الألماني مايكل شوماخر عام 2007 والمنتخب الإسباني لكرة السلة عام 2006 بعد تتويجه بطلا للعالم.

وكان المنتخب الإسباني توج بلقب مونديال جنوب أفريقيا بفوزه في النهائي على هولندا 1 - صفر، ليصبح ثاني منتخب فقط يحرز لقب بطل كأس أوروبا (2008) ثم كأس العالم بعد عامين، وسبقه إلى ذلك المنتخب الألماني الغربي فقط عندما توج قاريا عام 1972 وعالميا عام 1974. وفي عصر براغماتي خالص، حتى في الرياضة، فتح المنتخب الإسباني الباب أمام شيء كان يبدو مفقودا، ألا وهو: من الممكن الجمع بين الانتصارات والأداء الجمالي، أو بتعبير آخر، تحقيق الألقاب مع إغراء الجماهير بتقديم كرة جذابة.

بدأ الطريق الجديد لإسبانيا عام 2008 وفي الوقت غير المتوقع، حيث جاء ذلك في وقت كان فيه لويس أراغونيس، المدير الفني للفريق آنذاك، هو أحد أكثر الأشخاص تعرضا للانتقاد في البلاد، حتى أكثر من رئيس الحكومة الإسبانية نفسه. ففريقه كان قد فشل بشكل غريب في مونديال ألمانيا 2006 والجماهير كانت تجاهر بالمطالبة برحيله من دون أن يحدث ذلك. وقاوم أراغونيس الضغوط الرهيبة، وجدد صفوف الفريق، وراهن على الكرة الجميلة وفي النهاية فاز بلقب بطولة الأمم الأوروبية في النمسا وسويسرا وسط إعجاب الجميع. ورحل أراغونيس عن منصبه بمجرد إحراز هذا اللقب، الذي كان الأول للمنتخب منذ عام 1964، وكان فيسنتي دل بوسكي هو المسؤول عن بدء المرحلة الجديدة.

لم يبتعد دل بوسكي، المدرب المعروف باعتداله وعقلانيته، عن أسلوب سلفه، رغم أنه انتهز الفرصة لإدخال تفاصيل جديدة والنزول بمعدل أعمار الفريق وإضافة بدائل خططية. كما هدأت العلاقات بين منصب المدير الفني للمنتخب والمحيطين به، بعد أن تدهورت تماما خلال عهد أراغونيس.

ولهذه الأسباب، فازت إسبانيا بمونديال جنوب أفريقيا 2010 وبطريقة ملحمية، بعد ذلك الهدف الذي سجله أندريس إنييستا قرب نهاية الوقت الإضافي للمباراة النهائية أمام هولندا. فقد كان هو الفريق الوحيد الذي ظهر على مستوى الحدث، الأمر الذي لم يفعله منافسون مثل البرازيل والأرجنتين وإنجلترا وإيطاليا. وبعد التحرك داخل صحراء لأكثر من أربعة عقود، تحولت إسبانيا إلى فريق منتصر. لكنها حققت إنجازا آخر: استعادت حب الجماهير.

وتلك القضية ليست أقل أهمية، حيث إن الجماهير الإسبانية عاشت لأعوام طويلة في تباعد كبير مع منتخبها. وبالفعل كانت نسبة مشاهدة مباريات الفريق الوطني أقل من نظيرتها المسجلة في مباريات الأندية. إلا أن الأمر لم يعد كذلك، فإلى جوار الأداء الجمالي، هناك مجموعة من اللاعبين تفاهمت معهم الجماهير تماما. فهم مجموعة من الشباب يبثون قيما مثل الصداقة والحب والاجتهاد.

لذا فإن لاعبين مثل إيكر كاسياس وأندريس إنييستا وتشافي وفرناندو توريس يعتبرون معشوقين حقيقيين في بلادهم وفي الكثير من مناطق العالم. غير أن كرة القدم لا تعيش على الذكريات وكل لحظات المجد هذه ستذوب بمجرد توالي الهزائم. لذلك دائما ما يكون من المستحسن وجود رياضي مثل دل بوسكي الذي صرح قبل مواجهة الفريق لنظيره الأرجنتيني وديا بقوله: «أسوأ ما قد يحدث للمجموعة هو أن يشعروا بأنهم ملوك الدنيا».