أليغري يسير على نهج أنشيلوتي مع «شباب وعواجيز الميلان»

اعتمد على مبادئ المساواة والصراحة والوضوح مع لاعبيه فامتلك مفاتيح الفريق بين يديه

TT

يحرص ماسيمليانو أليغري على مباشرة تدريبات فريق الميلان بنفسه منذ أن تولى الإدارة الفنية في الفريق، متبعا أسلوبه الخاص في تمرين اللاعبين الذين يقضون ما يقرب من ساعة ونصف الساعة على أرض الملعب ما بين التدريبات البدنية والتكتيكية والجري، فضلا عن المباريات التجريبية. وما بين الحين والآخر، يتبادل أليغري الحديث مع لاعبيه لتوضيح وجهة نظره، وهو ما ساعد الجميع على فهم طبيعة المرحلة الجديدة التي يخوضها الميلان. وبالتالي، ارتفعت أسهم المدير الفني لدى اللاعبين خلال الفترة الماضية. وبعد مرور شهرين ونصف الشهر على قيادة أليغري للميلان، سنحاول رصد التغييرات التي قام بها المدير الفني طوال هذه الفترة.

يقال إنه في الشهر الأول من العمل، كان لاعبو الميلان يجدون صعوبة كبيرة في بذل أي مجهود بدني، حتى إنهم كانوا يشعرون بالتعب من صعود السلالم المؤدية إلى غرفهم، أو الجري وسط الحشائش في ميلانيللو على الرغم من اعتيادهم القيام بهذا الأمر في السابق، وجاء أليغري ليغير كل هذا من خلال إجراء سلسلة من التدريبات التي لا تقل عن ساعتين ونصف الساعة يوميا، واتبع المدير الفني سياسة العمل التحضيري، معتمدا على عنصرين مهمين للغاية، وهما السرعة والخشونة في اللعب، وهي الطريقة التي تؤتي ثمارها على المدى البعيد عندما يلجأ الميلان إلى الاستعانة بالموارد الاحتياطية التي يختزنها على مدار العام. وعلى الرغم من التعب الشديد الذي شعر به لاعبو الفريق خلال الشهر الأول، فإن أحدا منهم لم يشك أو يتذمر على تعليمات المدرب الجديد.

لابد أن هناك أحد الأسباب التي دفعت لاعبي الميلان إلى التحدث عن أليغري بهذه الطريقة الجيدة، فمن سيدورف إلى بيرلو، ومن غاتوزو إلى إنزاغي، لم يتردد أي لاعب في الفريق في الإشادة بالمدير الفني الجديد. ويرجع نجاح أليغري في التقرب من الفريق في هذه الفترة القصيرة إلى أوجه التشابه التي تجمع بينه وبين كارلو أنشيلوتي، حيث إن علاقته بالجميع واضحة ومباشرة، كما أنه يعي مدى أهمية وجود حالة من التناغم في الفريق من أجل الوصول للأهداف المنشودة.

ولا يلجأ أليغري عادة إلى تقديم التفسيرات للاعبين المستبعدين من التشكيل الأساسي للفريق في كل مباراة، ليس فقط لأنه لا يحب التحدث كثيرا، ولكنه لا يحتاج إلى ذلك، فعلاقته مع الفريق قائمة على الوضوح والاحترام من البداية. وفي أثناء المباريات، يبدو أليغري وكأنه اللاعب رقم 12 في الميلان، حيث يواصل تقديم النصائح والصراخ للاعبيه طوال المباراة. ومن هذا المنطلق، أحيا أليغري مسيرة بعض اللاعبين المخضرمين في الميلان، مثل غاتوزو وزامبروتا اللذين وجدا صعوبة كبيرة في التعامل مع ليوناردو، المدير الفني السابق. وخلافا لما فعله المدرب البرازيلي، نجح أليغري في طمأنة اللاعبين والتأكيد على أهميتهما في الفريق منذ اليوم الأول له في ميلانيللو. ولم يختلف الأمر كثيرا بالنسبة لإنزاغي الذي يتحدث عنه المدير الفني دائما بشكل جيد، على الرغم من أنه لم يحصل على مساحة كافية للمشاركة في المباريات المحلية الأخيرة.

ومن بين إحدى نقاط القوة التي يتمتع بها أليغري، أنه يتعامل مع كل اللاعبين بمساواة، فلم يميز مجموعة منهم على أنهم لا يمكن المساس بهم (مثلما فعل في أمستردام عندما استبعد رونالدينهو من الفريق في مواجهة أياكس)، ولم ينشئ حزبا للمخلصين وآخر للأعداء داخل الفريق، بل إنه يحرص على التأكيد على أهمية كل منهم في الفريق، وأن التغييرات ضرورية للغاية، وقد تكون أكثر أهمية من التشكيل الأساسي في بعض الأحيان. وأخيرا، كان أليغري في أول عهده بالميلان ينفي دائما تكرار طريقة اللعب السابقة، موضحا أن الفريق سيكون متاحا لأي تغييرات جديدة.

وبذلك، تحولت الخطة 4/3/3 على 4/3/1/2 في محاولة من المدير الفني لتحقيق أكبر قدر من التوازن. وما زال العمل مستمرا في الميلان.

من جهة أخرى، نرى أن الجميع يشاهدون اعتماد فريق الميلان على إبراهيموفيتش وابتسامات رونالدينهو وتقدم روبينهو. لكن الميلان، مثلما ذكر أدريانو غالياني نائب رئيس النادي، لم يعد مدينة ملاه. إن الفريق يحتاج إلى واقعية وفاعلية، وهما ما يجب أن يظهرا أولا في خط الدفاع.

فمثلما يقال، يجب أولا ألا تدخل أهداف في مرمى الفريق، وعلى هذا النحو عند تحليل أداء خط دفاع الميلان في بطولة الدوري هذا الموسم نكتشف أن دفاع الميلان بدأ يستعيد التوازن الذي كان يفتقده في هذا الجزء من الملعب.

كفى هجمات مرتدة: إن اللقاءات الأولى للميلان هذا الموسم لم تكن تبعث الكثير من الاطمئنان في نفوس مشجعيه، ليس فيما يتعلق بعدد الأهداف التي دخلت مرماه (باستثناء مباراة تشيزينا التي تلقت فيها شباك الميلان هدفين) بقدر ما يتعلق بالتفاهم بين لاعبي خط الدفاع والربط مع خط الوسط. لقد تعرض الميلان حتى في مباراته على ملعبه مع فريق جنوا للكثير من الهجمات المرتدة التي ظهر خلالها دفاع الميلان مرتبكا ومفتوحا، ولولا أخطاء المنافسين لدخل مرمى الميلان عدد كبير من الأهداف في تلك الهجمات. والأسباب الرئيسية في ذلك الأمر تتراوح بين طريقة اللعب - التي تتميز بالنزعة الهجومية الكبيرة - والتمركز الخاطئ للاعبين في الضربات الثابتة لفريق الميلان (حيث يتقدم نيستا وتياغو سيلفا دائما في الضربات الثابتة داخل منطقة جزاء الخصم). وبالإضافة إلى ذلك، تم تغيير موقع بونيرا في بداية الموسم ليلعب كظهير أيمن، على الرغم من اعتياده لفترة طويلة اللعب في مركز قلب الدفاع، بينما لم تسفر تجربة سوقراطيس عن نتيجة جيدة. وبعد عودة ثنائي قلب الدفاع نيستا وتياغو سيلفا للعب معا، إلى جانب أنطونيني في الجانب الأيسر، وواحد من بين بونيرا وزامبروتا في الجانب الأيمن، استعاد دفاع فريق الميلان توازنه، بالإضافة إلى باقي الفريق.

الإحصائية: إن مرمى الميلان لم يتلقَ أي أهداف خلال آخر مباراتين في بطولة الدوري، حيث فاز الفريق على أرضه بنتيجة 0 - 1 على فريق جنوا، وفاز بنفس النتيجة خارج أرضه على فريق بارما. وبالتالي فقد ظلت شباك الميلان نظيفة لمدة 234 دقيقة، بدءا من الهدف الذي أحرزه كابوانو في مرمى الفريق خلال الدقيقة 27 من مباراة الميلان وكالياري (التي انتهت بنتيجة 1 - 1). وتعود آخر مرة حافظ فيها الميلان على نظافة شباكه لثلاث مباريات متتالية إلى عام ونصف العام، في موسم 2009 - 2008 عندما خرج الفريق دون تلقي أهداف من مباريات نابولي (التي لعبها خارج ملعبه، وانتهت بالتعادل السلبي) وليتشي (التي فاز بها على ملعبه 0 - 2) وكييفو (وفاز بها في مدينة فيرونا 1 - 0). وفي تلك الفترة ظلت شباك فريق الميلان نظيفة لمدة 378 (منذ هدف ماكاروني في الدقيقة 17 من مباراة سيينا - الميلان التي انتهت 5 – 1، وحتى هدف دي ناتالي في الدقيقة 35 من مباراة الميلان - تورينو التي انتهت 1 - 5). ومن أجل تحسين الرقم الذي تحقق في الموسم الحالي لن يكفي للميلان الحفاظ على شباكه عذراء أمام فريق كييفو الذي سيحل ضيفا على استاد سان سيرو بعد فترة توقف الدوري الحالية مباشرة، بل سيتعين على الفريق عدم التعرض لأي أهداف حتى الشوط الثاني من مباراة نابولي، التي ستقام يوم 25 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

أفضل من الماضي: وبغض النظر عن هذه الإحصائيات والأرقام، توضح الأهداف الأربعة التي تلقتها شباك الميلان في 6 مباريات (ولا يسبقه في ذلك سوى الإنتر فقط بـ3 أهداف فقط دخلت مرماه) أن دفاع الميلان يمر بحالة جيدة. إن الميلان منذ سنوات لم يهبط تحت الرقم 5 في خانة الأهداف التي دخلت مرماه في أول 6 جولات من بطولة الدوري، وبالتحديد في موسم 2006 – 2007، عندما تلقت شباكه هدفين فقط، (لكن رصيده في ذلك الحين كان نقطتين فقط)، بينما تلقت شباك الميلان في موسم 2004 - 2003 (3) أهداف فقط حتى الجولة السادسة، وكان الفريق يحتل المركز الثاني في ترتيب الدوري بـ16 نقطة (مثلما هو الحال هذا الموسم)، وانتهى ذلك الموسم بفوزه بالدرع، وهي آخر بطولة دوري حصل عليها الميلان.