عواصف الغضب تحاصر كابيللو من جديد

مدرب منتخب إنجلترا يقع صيدا للأخطاء والإعلام لا يرحمه

TT

الصورة التي وصل بها قبل عامين والاحتفاء به طوال فترة التصفيات المؤهلة إلى مونديال 2010 تختلف تماما عن الصورة الحالية التي أصبح يراها الإيطالي فابيو كابيللو المدير الفني لمنتخب إنجلترا من الجماهير والإعلام على اختلاف ميوله.

وبعد الخروج الهزيل من مونديال جنوب أفريقيا أصبح ما يجمع بين منتخب إنجلترا والإيطالي فابيو كابيللو مثل زواج غير مبني على الحب، فلا يوجد بينهما لا حب ولا تعلق ولا تفهم حقيقي لنفسية ولغة كلا الجانبين.

كان يجب أن يقع الطلاق بعد انهيار العلاقات بينهما في مونديال جنوب أفريقيا لكن اتحاد كرة القدم الإنجليزي لم تكن لدية الحنكة الكافية والقادرة على تحمل التكلفة لفسخ عقد المدير الفني. لذلك يستمر العد التنازلي للانهيار النهائي في تصفيات بطولة أمم أوروبا (يورو 2012) المزمع إقامة نهائيتها في بولندا وأوكرانيا أو حتى قبل ذلك.

ويتعثر منتخب إنجلترا وسط أرض قاحلة لأن من يقوده يتلقى راتب قدره 6 ملايين جنية استرليني سنويا، ويبدو غير مكترثا. لقد أساء إلى حملة اللعب النظيف التي أطلقها أرباب عمله بالاتحاد الإنجليزي عندما هنأ مهاجمه واين روني بصورة علنية على البطاقة الصفراء التي تلقاها بعد عرقلته للاعب منافس من منتخب مونتينغرو (الجبل الأسود) الذي كان يقود هجمة مضادة خلال مباراة يوم الثلاثاء الماضي. وقد وصف كابيللو ما قام به روني «بالأمر الجميل جدا جدا».

وسوف يشعر مدربو الشباب بالصدمة من ارتباط كابيللو بالخيانة. ونحن نعلم أنها مستمرة، فقط لا تحاول التفاخر بها، خاصة إذا كنت مديرا فنيا لمنتخب إنجلترا ورئيس رابطة مدربي الدوري الممتاز. لقد وقع منتخب إنجلترا في يد شخص بارد وأناني.

وفي أعقاب صيف هزيل، أعتقد البعض أن علاقة الحب قد تبدأ من جديد لكن خريف واعد ضد بلغاريا وسويسرا أسقط العلاقة في براثن شتاء بارد.

وفي يوم الثلاثاء الماضي، فشل كابيللو فشلا ذريعا في السيطرة على مجريات المباراة ولم يكن لتبديلاته أي تأثير حيث قام باستبدال المثيل بالمثيل (فقد استبدل بشون ريت فيليبس أشلي يونغ، وبكيفين ديفز بيتر كراوتش) ولم يشجع قلب الدفاع ريو فيرديناند على التقدم إلى وسط الملعب، ورفض باستمرار استغلال دهاء جاك ويلشير وسحب غاريث باري، وهو لاعب مجتهد لكنه لم يكن موفقا في هذه المباراة وإلا فلماذا تم استجلب ويلشير من منتخب إنجلترا تحت 21 عاما؟.

الاستنتاج الرئيسي في ويمبلي هو أن المدرب الذي يعتبر من أعظم مدربي الأندية خلال الثلاثة عقود الماضية خدع تكتيكيا بشخصية تعرف في بريطانيا بـ«نيكو كرنجكار»، فقد ملء زلكاتو كرنجكار (مدرب مونتنيغرو) العقل والقلب أكثر مما فعل كابيللو.

مع كل المشكلات التي استمرت لفترات طويلة والنقص في اللاعبين ذوي المستوى المرتفع، فإن المشكلة الحقيقية التي واجهها منتخب إنجلترا عام 2010 هي مدرب إيطالي عمره 64 عاما يتلقى راتبا يوميا مرتفعا للغاية ومضمونا، وكابيللو لا «يشعر» بإنجلترا ولا يدرك أحلام الجمهور ولا نقاط ضعف والحالة العصبية للاعبين.

مما لا شك فيه أنه سيعود إلى إيطاليا بعد نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2012 على افتراض تأهل إنجلترا - وقد حصل على 20 مليون جنية استرليني من خزائن الاتحاد الكرة الإنجليزي، سيعود وهو يهز رأسه عجبا من هذه الأمة المحبة لكرة القدم التي تركها خلفه والعاجزة عن تحقيق إي إنجاز. إن كابيللو لم يفهم قط أن لاعبي انجلترا الدوليين ليسوا روبوتات، بل بشر يحتاجون إلى الطمأنينة.

وطريقة عمل كابيللو، أبعدته عن اللاعبين، على الرغم من أنها ساعدته كثيرا على مر السنين خلال تدريبه للأندية ولكن ليس مع المنتخب الإنجليزي. إن كابيللو يحتاج إلى ضبط مزاجه كما يحتاج إلى إطار تكتيكي. عندما واجه كابيللو مواقف تتطلب حساسية في التعامل، كان غالبا ما يقع في الخطأ. فقد خلقت الطريقة التي حدد بها من سيكون حارس المرمى الرئيسي للمنتخب في بطولة كأس العالم حالة من القلق والشك.

وموقفه المربك حيال تحديد قائد منتخب إنجلترا حيث رفع آمال اللاعب ستيفن جيرارد في الاحتفاظ بشارة قيادة الفريق، ثم سحبها منه مما أصاب لاعب خط الوسط بـ«خيبة أمل» وجعل أداءه ينخفض عن الأداء الذي قدمه في المباريات الثلاث التي كان يحمل خلالها شارة قيادة المنتخب.

لقد اشتهر كابيللو برداءة مستوى مهاراته في التواصل والاتصال بالآخرين. على سبيل المثال، نجد أن ماثيو أبسون أحرز هدفا في نهائيات كأس العالم، وتقدم عن طيب خاطر بسد الثغرات التي بدا لاعبو خط الوسط الآخرين عاجزين عن التحرك لسدها، وشارك بصورة كاملة في المبادرات القليلة على صعيد الأعمال الخيرية التي أطلقها المنتخب ويعد واحدا من اللاعبين المحترمين في الدوري الإنجليزي الممتاز، لكن هل تواصل كابيللو؟.

من ناحية أخرى، وبغض النظر عن وجهة النظر حيال مدى جدوى ديفيد بيكام مع المنتخب، فإنه يبقى جديرا بمعاملة أفضل عن إخطاره عبر مقابلة صحافية بأنه ليس بحاجة لخدماته في المنتخب.

ورغم خبرته وحنكته بالمجال الكروي، لا يبدو أن كابيللو ينظر إلى اللاعبين كبشر من لحم ودم، يملكون أحاسيس ومشاعر.

إن العلاقة غير الودودة بين الطرفين تؤكد أن الطلاق وشيك بين منتخب إنجلترا والمدرب الإيطالي.