ريال مدريد.. الروح الجماعية تحل محل النزعة الفردية في فريق النجوم

مورينهو نجح في توصيل أفكاره في مدريد مثلما فعل في العواصم الأخرى

TT

ربما كان يريد أن يكفر عن رحيله الخاطف، الذي أعلن عنه في استاد برنابيو، في قلب الاحتفال ببطولة دوري أبطال أوروبا التي فاز بها لتوه، وعن هروبه في سيارة فلورنتينو بيريز، رئيس نادي ريال مدريد ورئيس ناديه المقبل في ذلك الوقت. ولهذه الأسباب انقض جوزيه مورينهو مدرب نادي ريال مدريد على فريق الميلان في مباراة الفريقين في دوري أبطال أوروبا، الثلاثاء الماضي، بالغضب الذي يميز مباريات الديربي وأعاد للإنتر ناديه السابق خصما أقل ثقة في نفسه، وأكثر خوفا من قدراته.

لقد أظهر فريق ريال مدريد، بقيادة مورينهو، أنه إذا كانت المواهب الفردية التي تميز الميلان تكفي في الدوري الإيطالي أمام منافسين أقل تفوقا في الجانب الفني وفي الشخصية داخل الملعب، فإن هذا لا يعني بالضرورة أن يحدث الشيء نفسه في البطولات الأوروبية، حيث تواجه الفرق الإيطالية فرقا تعج بالنجوم وتمتلك جميعها لياقة بدنية أعلى من الفرق الإيطالية.

إننا نوجه أصابع الاتهام عند كل هزيمة في البطولات الأوروبية نحو اللاعبين الأجانب الذين يسرقون أماكن اللاعبين الإيطاليين الشباب في فرقنا، وإلى الأمهات التي لم تعد تنجب لنا اللاعبين الأفذاذ مثلما كان يحدث في الماضي. ولا يمكننا أن نفعل شيئا إزاء عدم إنجاب لاعبين أبطال في إيطاليا، لكننا على العكس نستطيع فعل الكثير إزاء اللياقة البدنية والحماس والجدية داخل المستطيل الأخضر. فيكفي التدريب بشكل جيد، ويكفي أن يتحلى اللاعبون «بالرغبة» في فعل المزيد داخل الملعب. هل من المعقول إننا بمجرد أن نضع أقدامنا خارج حدود إيطاليا (وانظروا ماذا حدث مع منتخب تحت 21) نجد أنفسنا أمام خصوم يبدون كخارقين لا يمكن مجاراتهم؟

لقد تفوق فريق بازل صاحب المستوي العادي الثلاثاء الماضي أيضا من الناحية البدنية على فريق روما، وهزمه في الاستاد الأولمبي بروما. وخرج رانييري مدرب فريق روما يشكو بعد اللقاء: «في الشوط الأول لم نرتكب خطأ واحدا، ولم نستحوذ على كرة واحدة من المنافس». وكان بإمكان أليغري مدرب الميلان أن يقول نفس هذا الكلام، فقد كان فريق ريال مدريد يتقدم في موجات كاسحة، وكان غاتوزو المثير للشفقة هو اللاعب الوحيد في الميلان الذي يفعل شيئا يشبه الضغط إلى حد ما. ولنتخيل مدى إحراج المتفرج أريغو ساكي، الذي علم العالم بأسره قبل سنوات على نفس هذا الملعب كيف يكون الضغط المنظم وكيف يمكن استخلاص الكرة من المنافس. وكان ساكي حينها يصرخ في لاعبيه: «تقدموا بكثافة». فلا يكفي انتظار أن ينهي المنافس الهجمة من أجل بناء هجمة مضادة. إن أي فريق متكامل «يلعب»، حتى عندما لا تكون الكرة بحوزته.

لقد كان فريق ريال مدريد المتكبر يخجل أن يفعل ذلك في الماضي، لكنه الآن، وبعد شهور قليلة من تولي مورينهو تدريب الفريق والعناية به، أصبح يمارس الضغط بشكل رائع للغاية. وتمكن المدرب المتميز من اجتثاث الكسل القديم المتأصل في أداء فريق ريال مدريد، وبث فيه نشاطا ولياقة كبيرين، كما بث روح وقيمة التنظيم الجماعي في فريق يعج بالكثير من النجوم الفردية. وأحد هؤلاء النجوم هو كريستيانو رونالدو، الذي أوضح قائلا عقب اللقاء: «عندما يتحدث مورينهو يطيع اللاعبون». وهذا هو بيت القصيد. لقد نجح المدرب القدير في توصيل أفكاره أيضا في مدريد، مثلما فعل في جميع الأماكن التي درب فيها من قبل.

ولهذا السبب يبدو واضحا أن النصر الذي تحقق في استاد برنابيو للفريق الإسباني يرجع بالدرجة الأولى إلى المدرب البرتغالي، مثلما حدث يوم 22 مايو (أيار) الماضي، عندما خرج مورينهو من نهائي بطولة دوري أبطال أوروبا في سيارة فلورينتينو بيريز مدرب نادي ريال مدريد.

إن الانتصارات في كرة القدم الإيطالية تخدع أصحابها. وهو ما حدث مع فريق روما الذي عاد لمعترك بطولة دوري أبطال أوروبا الصعب، بعد فوزه على فريق جنوا بنتيجة 1 – 2 في الدوري الإيطالي، وفي نفس الوقت تعرض فريق الميلان للشيء ذاته، بعد أن شاهد في مدريد أشباح خروجه من البطولة الماضية أمام فريق مانشستر يونايتد، وكان الميلان قبل مباراة مدريد قد حقق الفوز الثالث على التوالي في الدوري المحلي أمام فريق كييفو. ويؤكد هذا أن قيمة وقوة المنافس تلعب دورا أكثر أهمية من طريقة اللعب. ومن هذا المنطلق فإن فريق الميلان قد يكون قادرا على منافسة الإنتر على لقب الدوري الإيطالي، لأن بطولة الدوري لدينا ضعيفة المستوى، لكن الميلان لن يكون قادرا على تكرار إنجاز الإنتر في الموسم الماضي والفوز بلقب دوري أبطال أوروبا بعد التغلب على الفرق الأوروبية الكبرى، مثل ريال مدريد وبرشلونة وتشيلسي. ولم يكن إذن من قبيل المصادفة أن يجهض مورينهو أحلام الميلان في المجد والفوز، ويتغلب عليه بنتيجة 0 - 2 على نفس الملعب الذي سجل فيه ميليتو مهاجم الإنتر قبل بضعة أشهر هدفين في نهائي دوري أبطال أوروبا ليحقق اللقب الأوروبي الثالث للإنتر.

لكن الغريب في الأمر هو أنه هذه الهزيمة التي مني بها فريق الميلان، التي كانت في الأداء قبل أن تكون في النتيجة، يمكنها أن تسهم في تطوير أداء الفريق أكثر من لقاء الموسم الماضي الذي فاز فيه الميلان على ريال مدريد في إسبانيا بنتيجة 2 - 3، حيث كان الفريق الإسباني أقل قوة من الوقت الحالي، ولعب ذلك اللقاء في الموسم الماضي من دون نجمه الفذ كريستيانو رونالدو.